يبدو أن منطقتنا قد دخلت الآن مرحلة العواقب الوخيمة.. وربما يكون السبب أن الضربة الإيرانية لإسرائيل قد أسفرت عن خسائر غير بشرية لإسرائيل ليست بالقليلة. ليست مصادفة أن يتشارك كل من نتانياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية وسوليفان مستشار الأمن القومى فى وصف تداعيات الهجمة الصاروخية الإيرانية لإسرائيل بأنها عواقب وخيمة !.. فقد خرج نتانياهو غاضباً بعد الضربة الصاروخية الإيرانية لإسرائيل ليقول إن إيران ارتكبت خطأً كبيراً سوف تدفع ثمنه.. بينما وصف سوليفان الضربة الصاروخية الإيرانية بأنها تعد تصعيداً خطيراً يستدعى تكثيف التنسيق الأمريكى الإسرائيلى، وكشف بايدن الغرض من هذا التنسيق وهو الرد الإسرائيلى على هذه الضربة الإيرانية، وقال إنه سوف يبحث هذا الأمر مع نتانياهو تليفونياً وهكذا اتفقت كل من أمريكا وإسرائيل على أنه سيكون هناك رد إسرائلى على الضربة الصاروخية الإيرانية.. والمثير أن هذا الاتفاق حدث رغم أن كلاً من أمريكا وإسرائيل قللت من خسائر تلك الضربة.. فقد أعلنت إسرائيل أنها تمكنت من التصدى لمعظم الصواريخ الإيرانية التى تجاوز عددها ضعف عدد صواريخ ضربة أبريل الماضى لأراضيها، ولذلك لم تسفر سوى عن سقوط شخص فلسطينى وأن المصابين الإسرائيليين أصيبوا أثناء التدافع لدخول الملاجئ!.. أما أمريكا فبعد أن أعلن بايدن أنه لا يعرف خسائر الضربة بالنسبة لإسرائيل عاد بعدها ليقول إن الضربة كانت بلا خسائر بشرية!. إذن يبدو أن منطقتنا قد دخلت الآن مرحلة العواقب الوخيمة.. وربما يكون السبب أن الضربة الإيرانية لإسرائيل قد أسفرت عن خسائر غير بشرية لإسرائيل ليست بالقليلة، خاصة وأنها استهدفت ثلاث قواعد عسكرية إسرائيلية.. لكن الأغلب أن الخسارة المعنوية لإسرائيل ولنتانياهو بشكل خاص كانت أكبر وأفدح.. فبعد الضربات التى وجهتها إسرائيل لحزب الله بدءاً من عملية تفجير أجهزة البيجر وحتى اغتيال الأمين العام للحزب فى تفجير ثمانى بنايات بالضاحية الجنوبية لبيروت، انتعش نتانياهو كثيراً وقدم نفسه للإسرائيليين بوصفه بطلاً مغواراً وزعيماً منتصراً، ولذلك اتجهت أسهمه الانتخابية للصعود فى استطلاعات الرأى الإسرائيلية بعد أن كان يعانى طوال عام مضى منذ السابع من أكتوبر الماضى من هبوط أسهمه الانتخابية.. غير أن الذعر الذى أصاب الإسرائيليين بسبب الضربة الصاروخية الإيرانية لإسرائيل أصاب فى ذات الوقت صورة البطل المغوار والزعيم المنتصر التى استمتع بها نتانياهو بعضاً من الوقت ولم يهنأ بها طوال الوقت. وذات الشىء ينطبق على أمريكا التى أطربها توجيه نتانياهو ضربة موجعة لإيران بالضربات الشديدة التى وجهها لحزب الله ولذلك وافقت له على القيام بعملية اقتحام برى للأراضى اللبنانية وصفت بأنها محدودة رغم أن واشنطن تغنى طوال الوقت أغنية وقف التصعيد فى المنطقة وتسوق لنا رغبتها فى التوصل إلى هدنة فى لبنان على غرار ما فعلت الشهور الأخيرة بالنسبة لهدنة غزة!.. فإن واشنطن أرادت استثمار هذه الضربات الإسرائيلية الموجعة لحزب الله فى لبنان فى مفاوضاتها مع إيران الخاصة بمشروعها النووى، وذلك بتقديم الإيرانيين تنازلات فى هذه المفاوضات التى كانت تجرى فى سلطنة عمان.. بينما جاءت الضربة الصاروخية الإيرانية لإسرائيل لتسترد بها إيران صورة الدولة القوية فى المنطقة التى لا تنسى ثأرها حتى وإن لم تسفر هذه الضربة سوى عن خسائر بشرية كما يقول الإسرائيليون ولذلك.. يبحث الأمريكان والإسرائيليون الرد الإسرائيلى على هذه الضربة الصاروخية الإيرانية لإسرائيل كما قال بايدن.. والأمر يحتاج بالطبع للبحث والدراسة.. كيف يكون الرد؟.. ومتى؟.. وماذا سيطال؟.. وهل يكون المشروع النووى الإيرانى هدفاً للرد الإسرائيلى أم المنشآت البترولية كما تتحدث تسريبات إعلامية ؟.. وهل سيكون هناك رد إيرانى على الرد الإسرائيلى؟. وإذا كانت كل هذه الأسئلة تحتمل كل الإجابات المختلفة والاحتمالات المتنوعة فإن المؤكد الآن هو أن التصعيد الذى حذرنا مبكراً منه قد حدث فى منطقتنا وأنها دخلت الآن مرحلة العواقب الوخيمة التى سيكون فيها للجميع نصيب!.