إيران ترسم مستقبلاً.. خيوطه أوهن من خيوط العنكبوت. لبنان إلى أين؟ سؤال اعتقد إنه من الضرورى الإجابة عنه خاصة مع تزايد خطورة اندلاع حرب أهلية تمثل تصعيداً خطيراً قد يجر المنطقة كلها لحرب إقليمية. دعونا نقول بكل الصراحة والوضوح إن إسرائيل قد نجحت لحد كبير فى تحريك حالة الركود التى تعانى منها الساحة اللبنانية والتى تشهد تصدعات كثيرة. كانت البداية هى القضاء على قيادات حزب الله فى عدة عمليات عسكرية كشفت مدى هشاشة الوضع الداخلى فى لبنان وتصاعد تيار الرفض لاستمرار هيمنة وتحكم حزب الله فى مجريات الوضع الداخلى هناك والتى وصلت إلى حد إعاقة وجود رئيس للدولة اللبنانية يكون ممثلاً شرعياً لها، ففى ظل غياب مؤسسة الرئاسة صال حزب الله وجال فى رسم خيوط للمستقبل سرعان ما تبين أن خيوطها أوهن من خيوط العنكبوت.. ويؤسفنى القول إن حزب الله ظن أنه بديل للدولة اللبنانية بكل مؤسساتها وساعده فى ذلك حالة الهيمنة والسيطرة التى تعامل بها مع كل المؤسسات اللبنانية محتمياً فى ذلك بالمد والدعم الإيرانى والذى ثبت تماماً أنه تجاوز فى قوته واقع وحال الدولة الإيرانية التى تعانى نوعاً من الضعف والهشاشة حاولت أن تخفيه بمظلة إعلامية من الادعاء والكذب،اعتقدت إيران أن «زفة» الصواريخ على إسرائيل ستكون شفيعاً لها بعد أن طال انتظار العالم لما يمكن أن تقوم به أخذاً للثأر بعدما استباحت إسرائيل سيادتها واغتيال العديد من قادتها تزامناً مع اغتيال اسماعيل هنية ومن بعده حسن نصر الله والمئات من قادة وكوادر حزب الله . تحولت الضربة الإيرانية إلى فضيحة بعد أن فشلت فى الحاق أى أضرار بإسرائيل باستثناء التسبب فى إرهاق الإسرائيليين خلال توجههم للمخابئ !!وأكدت كل الأوساط العسكرية فشلها ، وأعلنت إسرائيل أنها سوف ترد عليها بقوة واعتقد أن الرد الإسرائيلى قد يشمل البنية التحتية للمنظومة النووية . لكن يظل السؤال حائراً وهو لبنان إلى أين؟! والإجابة تأخذنا إلى نظرة موضوعية وواقعية للموقف والذى تتصاعد وتيرته بسبب التداخلات الخطيرة هناك سواء من أطراف داخلية أو خارجية تعتقد أنها اللحظة المناسبة لتحقيق مصالحها الخاصة، إسرائيل أو الأفعى التى تنفث سمومها فى كل اتجاه حققت أهدافها فى القضاء على قوة حزب الله واختفاء كل قياداته التاريخية وصاحبة الخبرة الطويلة فى القتال، وهى الحقيقة المرة التى لاتزال بعض قيادات حزب الله من الصفين الثالث والرابع ترفض الاعتراف بها. تفعل إسرائيل ذلك وقد تحول نتنياهو إلى بطل قومى بمقاييس القتلة والسفاحين والذى استطاع بحربه على حزب الله إخفاء هزائمه وسقوطه المريع فى غزة. تفعل إسرائيل ذلك وهى تجد الدعم والمساندة لأقصى مدى من جانب واشنطن والعديد من الدول التابعة لها والتى تعيش اليوم فرحة الانتصار على رجالات حزب الله بالإضافة لمشاركتها فى التصدى لزفة الصواريخ الإيرانية وتهديدها بالمشاركة فى ضرب إيران. هنا دعونا نقول بكل الوضوح إن إيران قدمت حزب الله على طبق من ذهب لإسرائيل وهى صفقة تعد عربوناً لمقبل الأيام والتى تسعى فيها إيران لتحسين علاقاتها مع واشنطن وإسرائيل فيما يخص الملف النووى الإيرانى بعد أن سقطت عنها ورقة التوت فى لعبة المصالح، لعبة الرد الإيرانى ثم لعبة الرد الإسرائيلى فى حرب يبدو واضحاً أنها تم الاتفاق عليها مسبقاً !! . لم يعد خافياً على أحد حقيقة التصدع الذى حدث فى بنية حزب الله والذى يجب أن يدعم كل الجهود المبذولة لتقوية الدولة البنانية والقبول بإجراءات قيام المؤسسات اللبنانية الشرعية بدورها خاصة المؤسسة العسكرية لا أن يكون معرقلاً لها، قيام شرعية الدولة فى لبنان هو المخرج الوحيد لوقف انهيار الموقف وما يمكن أن تقبله إسرائيل اليوم حتماً سوف ترفضه غداً. وهو الأمر الذى يستدعى أيضا سلوكاً جديداً من إيران التى تحرك معظم قوى المقاومة سواء فى لبنان أو غزة أو العراق أو سوريا أو اليمن ، لقد تجاوز عدد الشهداء والجرحى فى غزة 200 ألف وقد يتكرر ذلك فى لبنان وسط حالة من الفوضى والعنف والتوتر لايعلم مداها إلا الله ،وكم أتمنى أن يدرك الإسرائيليون أن بقاء دولة إسرائيل لن تضمنه القوة والقنابل وحمامات الدم بقدر مايضمنه شعور الناس بالسلام والأمن والطمأنينة .