يعلم الاحتلال أن لبنان ليست غزة وحزب الله ليس حركة حماس أو المقاومة الفلسطينية، لذلك يستمع الآن جيدا لنصائح البنتاجون منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة فى السابع من أكتوبر، وجدت بيروت نفسها فى قلب الحدث، الدوافع عديدة ولكن أهمها هو الثبات على موقف. كان واضحًا من بداية الأحداث الدامية أن حزب الله اللبنانى لم يكن يرغب فى دخول فى حرب واسعة وشاملة مع الاحتلال الإسرائيلي، لذلك حافظ على قواعد الاشتباك على مدار أحد عشر شهرًا، ولكنه كان يدرك أن الحرب قد تفرض عليه رغبة من قبل الاحتلال فى إكمال ما لم يكمله فى عام 2006م ، وبدأ بجمع معلومات عبر المسيرات عن الاحتلال الإسرائيلى ليكون لها تأثير فى أى مواجهة قادمة. الاحتلال الإسرائيلى الذى سئم من قواعد الاشتباك وحرب الاستنزاف التى اعتمدها حزب الله، وأبعد بذلك أكثر من مائتى ألف إسرائيلى يعيشون فى مدن ومستوطنات فلسطين من أماكن سكناهم، أقدم على الانتقال من مرحلة الاستنزاف إلى مرحلة الاشتباك والحسم، ولأنه يعلم أن الحسم يحتاج حربا برية واسعة، وهذا أمر يصعب تنفيذه فى الوقت الحالي، ويحتاج وقتا طويلا خاصة أن جيشه مرهق من حرب غزة ، لذلك أقدم على تفجير أجهزة اتصال خاصة بحزب الله مصنفة بالأكثر أمانا ليدفع حزب الله لحالة من الإرباك ومطالبته بتدخل وساطات لوقف الاعتداء الإسرائيلي، وليزيد الضغط على حزب الله، أقدم على تنفيذ عمليات اغتيال من العيار الثقيل لا تقل عن عملية اغتيال الشهيد فؤاد شكر فى الحادى والثلاثين من يوليو الماضى للضغط أكثر على حزب الله . حزب الله الذى تلقى ضربات قاسية وثقيلة أعاد توازنه بشكل سريع وقصف مدن الاحتلال من الشمال حتى المركز ممثلة فى تل أبيب ، ورفض أى فصل بين الهدنة فى غزة والهدنة فى لبنان . الاحتلال الإسرائيلى فى مشهد يشابه ما فعله فى غزة قام بقصف مدن وقرى لبنانية تمتد من جنوبه إلى وسطه حتى المشافى لم تسلم من غدر طائراته ، وكأن مشهد قطاع غزة يعاد من جديد وتجاوز عدد شهداء الشعب اللبنانى إلى أكثر من ألف شهيد جلهم من المدنيين. وتواقح الاحتلال الإسرائيلى الذى اخترق شبكة الاتصالات اللبنانية وبدأ بإرسال رسائل لمواطنين لبنانيين لترك منازلهم حتى لا يتعرضوا للموت لأن مدنهم وقراهم مناطق قتال . فى حرب غزة لم يستمع بنيامين نتنياهو لنصائح القيادة السياسية والعسكرية الأمريكية بعدم الدخول فى حرب برية على غزة إلا بعد أن ينهك المقاومة بسلاح الجو والمدفعية، ولكن نتنياهو أراد تحقيق نصر سريع فدخل الحرب البرية على قطاع غزة بعد عشرة أيام من بدء الحرب والقصف الجوى والبري. يعلم الاحتلال أن لبنان ليست غزة وحزب الله ليس حركة حماس أو المقاومة الفلسطينية، لذلك يستمع الآن جيدا لنصائح البنتاجون، خاصة أنه شاورهم قبل تفجير أجهزة الاتصال التابعة لحزب الله وقبل اغتيال الشهيد إبراهيم عقيل القيادى فى حزب الله، رغم نفى الأمريكان للأمر، إلا أن الدلائل تؤكد تورط الولاياتالمتحدةالأمريكية فى كل الأحداث خاصة تصريح الرئيس الأمريكى جو بايدن بتعهده الشخصى لإعادة سكان دولة الاحتلال لأماكن سكناهم فى جنوب وشمال فلسطين . الاحتلال الإسرائيلى وبناء على نصيحة البنتاجون الأمريكى يستمر وسيستمر لفترة طويلة فى القصف الجوى والمدفعى للمدن والقرى اللبنانية، وتنفيذ عمليات اغتيال لقيادات المقاومة اللبنانية كلما سنحت الفرصة لذلك، على أمل إرهاق المقاومة وإضعافها ليتمكن بعد ذلك من الانقضاض على لبنان وفرض شروطه بإبعاد حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني، وبالتالى إبعاد تهديد المقاومة لسكان الشمال . وبمحاكاة لما حدث فى قطاع غزة ، بدأت الدبلوماسية الأمريكية بالمراوغة حول الرفض الإسرائيلي. الهدف الأمريكى واضح، إجهاض أى جهد دولى لوقف الحرب، وإعطاء الاحتلال الإسرائيلى الوقت الكافى لتنفيذ عملياته العسكرية ضد لبنان حتى يصل الاحتلال الإسرائيلى إلى مبتغاه. فى ظل هذا الوضع الدولى المهترئ فقد لا نشهد وقف الحرب قريبا لا على الجبهة اللبنانية ولا على الجبهة الفلسطينية، ورغم ذلك استبعد تحول الحرب إلى حرب إقليمية واسعة.. فى شكل واضح لمحاكاة ما يحدث فى لبنانوغزة ، المسارات واحدة والحل واحد ، هو انتهاء الاحتلال .