شهدت الساحة الدولية مؤخرًا نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا بعد زيارات وزير الخارجية الأمريكي، «أنتونى بلينكن»، إلى بريطانيا وكييف وبولندا، وتأتى هذه الزيارات فى وقت حرج بالنسبة للحرب المستمرة فى أوكرانيا، حيث تسعى الولاياتالمتحدة إلى تعزيز دعمها للأخيرة، حيث تنظر واشنطن إلى الصراع من خلال عدسة التنافس الاستراتيجى الأوسع مع روسيا، وتتمتع منطقة أوروبا الشرقية، وخاصة أوكرانيا، بأهمية جيوسياسية كبيرة بسبب موقعها الاستراتيجى بين أوروبا الغربيةوروسيا، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه التحركات على العلاقات مع روسيا. ◄ الصحافة الصينية: واشنطن ولندن وراء تأجيج الصراع واستمرار الحرب ◄ الدعم الغربي يؤدي لتراجع السلام وتزايد الخسائر الأوكرانية ■ بوتين خلال زيارته إلى بريطانيا، أكد بلينكن على التزام الولاياتالمتحدة الثابت بدعم حلفائها الأوروبيين فى مواجهة التحديات الأمنية، مع التركيز على تعزيز الدعم العسكرى والاقتصادى لأوكرانيا. جاء هذا التصريح فى وقت تتواصل فيه المواجهات العسكرية بين القوات الأوكرانية والروسية، مما يعكس تزايد القلق بشأن استقرار المنطقة. كما أن زيارة بلينكن إلى بولندا، أحد أعضاء الناتو الرئيسيين، تعكس أيضًا الاهتمام الأمريكى بالاستقرار الأمنى فى شرق أوروبا. بولندا، التى تشارك حدودًا طويلة مع أوكرانيا، تشهد تصاعدًا فى التوترات الناتجة عن الصراع، وقد تكون هذه الزيارة بمثابة إشارة إلى دعم واشنطن للأمن الإقليمى واستعدادها للتعاون الوثيق مع حلفائها لمواجهة أى تهديدات قد تنشأ. ◄ دعم كامل وفى كييف، جدد بلينكن التأكيد على الدعم الأمريكي الكامل لأوكرانيا، مشيرًا إلى تقديم المزيد من المساعدات العسكرية، بما فى ذلك الأسلحة المتقدمة والتدريب للقوات الأوكرانية. هذا الدعم يشمل أيضًا تعهدات بتعزيز التعاون الاستخباري واللوجستى لمساعدة أوكرانيا فى التصدى للهجمات الروسية. بالإضافة إلى تعهد بلينكن، إلى جانب وزير الخارجية البريطانى «ديفيد لامى»، بتقديم ما يقرب من 1.5 مليار دولار كمساعدات إضافية لأوكرانيا، بما فى ذلك أكثر من 700 مليون دولار من الولاياتالمتحدة بهدف تعزيز البنية التحتية للطاقة قبل شتاء صعب، وفقًا ل«لوموند» الفرنسية مع وكالة «فرانس برس». ومنذ أبريل الماضى، التزمت الولاياتالمتحدة بأكثر من 51 مليار دولار من المساعدات الأمنية لأوكرانيا مع بداية الحرب مع روسيا. بينما سلمت المملكة المتحدة مجموعة واسعة من المعدات العسكرية بما فى ذلك الدبابات والمروحيات والأسلحة المضادة للدبابات وصواريخ الدفاع الجوى وأنظمة الصواريخ والمركبات المدرعة والطائرات بدون طيار والذخيرة. كما دربت المملكة المتحدة أكثر من 35 ألف جندى أوكرانى. كما قدمت الدول الأوروبية والاتحاد الأوروبى أكثر من 100 مليار دولار كمساعدات لأوكرانيا منذ فبراير 2022، بما فى ذلك أكثر من 45 مليار دولار كمساعدات أمنية، وفقًا لدراسة أجراها مركز أبحاث الكونجرس بعنوان «حرب روسيا على أوكرانيا: السياسة الأمريكية ودور الكونجرس». لا تزال واشنطن مترددة بشأن طلب أوكرانيا الحصول على أسلحة متقدمة، وخاصة أنظمة الصواريخ التكتيكية للجيش. وأعرب بايدن عن تحفظات بشأن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ ستورم شادو بريطانية الصنع لأهداف داخل روسيا. وأكد مجلس الأمن القومى الأمريكى أنه لن يكون هناك تغيير فى السياسة بشأن استخدام أوكرانيا للأسلحة بعيدة المدى ضد الأراضى الروسية. ■ لامي وزيلينسكي وبلينكن ◄ اقرأ أيضًا | بالصور| الإعصار «هيلين» يضرب الساحل الجنوبي للولايات المتحدة ويخلّف قتلى ◄ تصريحات بلينكن وتعكس تصريحات بلينكن وزياراته استراتيجيات واشنطن لتعميق شراكتها مع أوكرانيا وتعزيز موقفها فى مواجهة الروس. ولكن، يمكن أن يكون لهذا الدعم تأثيرات كبيرة على العلاقات الأمريكية - الروسية. من المحتمل أن تشعر روسيا بزيادة فى التهديدات المباشرة بسبب تعزيز الدعم العسكرى الأمريكى لأوكرانيا، مما قد يؤدى إلى تصعيد التوترات فى المنطقة. ووفقًا لصحيفة «جلوبال تايمز» الصينية، لقد تسارعت وتيرة تحركات الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة لتأجيج الصراع الدائر بين روسياوأوكرانيا. وتأتى هذه الزيارة المشتركة النادرة وسط اعتقاد الحلفاء الغربيين بأن الصراع يدخل «لحظة حرجة»، لا تهدف إلى إحلال السلام. ويشير الخبراء إلى أن هذه الزيارة تعكس موقفا سياسيا واضحا للولايات المتحدة والمملكة المتحدة. فالطرفان يريدان ضمان تبنى أوكرانيا موقفا متشددا لا هوادة فيه واستنزاف روسيا عسكريا من خلال المساعدات الغربيةلأوكرانيا. وبالنسبة لواشنطن ولندن، فإن محادثات السلام ليست حتى خيارًا؛ فإن نيتهم الحقيقية هى تأجيج نيران الحرب، وضمان استمرار أوكرانيا فى العمل كبيادق فى هذا الصراع المطول. ومن خلال دعم أوكرانيا، تهدف الولاياتالمتحدة إلى تقويض النفوذ الروسى فى أوروبا الشرقية ومنع إعادة تأكيد الهيمنة الروسية، التى قد تهدد حلف شمال الأطلسى والبنية الأمنية الغربية الأوسع.