منذ آلاف السنين، ظلت الأهرامات المصرية، وخاصة الهرم الأكبر في الجيزة، أعجوبة هندسية تشهد على براعة المصريين القدماء، ولكن مع مرور الزمن، ظهرت العديد من النظريات التي تحاول تفسير كيفية بناء هذه الهياكل الضخمة، وكان من أبرز هذه النظريات تلك التي تنسب بناء الأهرامات إلى النبي إدريس. في هذا التقرير ، سنفحص هذه الادعاءات من خلال الأدلة الأثرية والعلمية، وسنستعرض الدور الحقيقي الذي لعبه المهندسون المصريون القدماء في بناء الأهرامات. 1- الدلائل الأثرية على بناء الأهرامات الهرم الأكبر بني حوالي 2580-2560 قبل الميلاد في عهد الملك خوفو من الأسرة الرابعة، تشير النقوش الأثرية إلى أن المهندسين المصريين القدماء استخدموا تقنيات متقدمة لنقل الأحجار الضخمة. اقرأ أيضا | تقارير غربية تكشف الفخ الإسرائيلى لاختراق حزب الله المهندس المصري حم إيونو هو الذي أشرف على تصميم وبناء الهرم الأكبر، اكتشاف مقابر العمال المصريين بالقرب من الأهرامات يؤكد أن المصريين هم من بنوا الأهرامات، ويشير إلى أن هذا العمل كان وطنيًا خالصًا، وليس مرتبطًا بشخصية دينية مثل النبي إدريس. 2- التأريخ بالكربون المشع تقنية التأريخ بالكربون المشع التي أُجريت على المواد العضوية المكتشفة في الهرم الأكبر مثل قطع الخشب والحبال، أظهرت أن زمن بناء الهرم يتوافق مع الفترة الزمنية للأسرة الرابعة في مصر القديمة، وهو ما يقارب 2600 قبل الميلاد، هذه النتائج تضع بناء الأهرامات في فترة زمنية بعيدة عن أي ارتباط تاريخي محتمل بالنبي إدريس. 3- التاريخ المعروف للنبي إدريس النبي إدريس، المعروف بالحكمة والعلم في التراث الإسلامي واليهودي-المسيحي، لم يُذكر بأي صلة ببناء الأهرامات، النصوص الدينية، سواء في القرآن الكريم أو التوراة، لا تشير إلى أي دور للنبي إدريس في هذا الإنجاز المعماري، بل الأدلة التاريخية تشير إلى أن إدريس عاش في زمن بعيد عن فترة بناء الأهرامات. 4- الفارق الزمني بين النبي إدريس وبناء الأهرامات هناك تباين زمني كبير بين الفترة التي يُعتقد أن النبي إدريس عاش فيها وبين زمن بناء الأهرامات. بينما يرجع بناء الأهرامات إلى حوالي 2600 قبل الميلاد، يُعتقد أن النبي إدريس عاش في فترة سابقة بآلاف السنين، هذا التفاوت الزمني يجعل من المستبعد أن يكون لإدريس أي دور في بناء الأهرامات. 5- الأساطير والخرافات حول بناء الأهرامات تنتشر العديد من الأساطير التي تربط بين بناء الأهرامات وشخصيات دينية أو كائنات خارقة، ولكن هذه الادعاءات لا تستند إلى أدلة أثرية أو علمية، كافة الأدلة تشير إلى أن المصريين القدماء هم من بنوا الأهرامات باستخدام تقنيات متقدمة، وليس هناك حاجة لافتراض تدخل خارجي أو ديني في هذه العملية. 6- الهرم الأكبر وأهداف بنائه الهرم الأكبر بُني في الأساس كمقبرة للملك خوفو، وهو جزء من مجمع جنائزي يضم معابد ومقابر أخرى، كانت الأهرامات جزءًا من المعتقدات الدينية المصرية المرتبطة بالحياة الآخرة، لكن ليس لها علاقة مباشرة بشخصيات دينية مثل النبي إدريس. 7- النقوش التاريخية والمصادر المصرية القديمة النقوش المصرية القديمة على جدران المعابد والبرديات تؤكد أن بناء الأهرامات كان تحت إشراف كهنة ومهندسين مصريين، المهندس حم إيونو هو الشخصية الرئيسية المسؤولة عن تصميم وتنفيذ بناء الهرم الأكبر، لا يوجد أي ذكر في هذه النقوش للنبي إدريس أو أي دور له في بناء الأهرامات. 8- الأدلة الأثرية الحديثة الحفريات الحديثة والمقابر المكتشفة حول منطقة الأهرامات تدعم بشكل قاطع أن العمال الذين بنوا هذه الهياكل كانوا من المصريين، وأن بناء الأهرامات كان جزءًا من مشروع قومي هائل، الأدلة تؤكد أيضًا أن التكنولوجيا المتقدمة التي استخدمها المصريون القدماء كانت كافية لرفع الأحجار الضخمة وبناء الهياكل المعمارية. 9- دور العمالة المصرية في بناء الأهرامات بخلاف النظريات التي تفترض تدخل قوى خارقة أو خارجية، تؤكد الأدلة الأثرية أن العمال المصريين كانوا هم القوة الأساسية وراء بناء الأهرامات، هؤلاء العمال كانوا من مختلف الطبقات الاجتماعية، وعملوا في مشاريع وطنية تخلدت في التاريخ، وتُظهر مقابرهم أنهم كانوا يحظون بالتقدير والاحترام. 10- الفهم الحديث للأهرامات اليوم، يُعتبر بناء الأهرامات إنجازًا هندسيًا ومعماريًا متقدمًا، حيث استخدم المصريون القدماء أدوات بسيطة ولكن بتقنيات ذكية لرفع الأحجار الضخمة وبناء هذه الهياكل الضخمة. الأبحاث الأثرية والدراسات الحديثة تساعدنا على فهم كيفية تحقيق هذا الإنجاز بدون الحاجة إلى الاعتماد على النظريات الخارقة. من خلال الأدلة الأثرية والعلمية المتاحة، يتضح أن بناء الأهرامات كان نتيجة جهد مصري خالص في فترة الأسرة الرابعة، بالرغم من انتشار بعض الأساطير والخرافات التي تربط بين النبي إدريس وبناء الأهرامات، إلا أن التاريخ يؤكد أن المصريين القدماء هم من أنجزوا هذا العمل العظيم. كان بناء الأهرامات جزءًا من مشروع قومي يرتبط بالمعتقدات الدينية والجنائزية، وهو يعكس قدرة المصريين على تحقيق إنجازات هندسية مذهلة تتحدى الزمن.