(لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ ، وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) «النساء 148» توقفت أمام هذه الآية الكريمة وتساءلت.. لماذا يحب البعض الجهر بالسوء من القول والنطق به على الملأ معلناً ما كان يخفيه ويؤذيه فى شرفه أو عرضه ؟! وحين يتم عتابه يقول لأنه متصالح مع نفسه! وهل التصالح مع النفس هوَ أن أفشى سراً يتعلق بالعرض والشرف والقيم الدينية والأخلاقية؟! لقد سمح الله بالجهر بالقول من السوء لمن ظلم فقط فيجوز للمظلوم ويحق له أن يجهر بظلامته ويُعلن عن ظلم الظالم ويدعو عليه حتى وإن شتم، (وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيل) الشورى 41. لنفترض أنك تعرضت لإساءة الضيافة من صديق لك فلا يحق لك أن تُعلن ذلك على الملأ، فهو يدخل فى باب الجهر بالسوء فما بال من يجهر بالسوء معلناً أسرارًا فى حياته تمس الشرف والعرض وكأنها شيء عادى! فهو بذلك يؤذى نفسه ويشيع الانحلال الأخلاقى فى المجتمع بترويجه للسلوكيات والمعايير التى تتنافى مع الدين والقيم المجتمعية خاصة إذا جاء الجهر بالسوء من أحد مشاهير المجتمع وعبر وسائل الإعلام والبرامج الترفيهية. إن الله غفور رحيم يتوب على الذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون إليه كما جاء فى قوله.. (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ)، و(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون). ومن ستر مسلماً ستره الله فى الدنيا والآخرة فما بال من يستر نفسه ويطلب الستر من الله سبحانه وتعالى، اللهم اجعلنا جميعاً ممن يُحسن القول ولا تجعلنا ممن ضل سعيهم فى الحياة الدنيا.