كانت فرحتنا كبيرة ونحن نحضر احتفالية قريتنا بالمولد النبوي الشريف.. الشوارع تتزيَّن، ويُحيى الاحتفالية أشهر مُنشدٍ فى جنوب الصعيد، وهو الشيخ الراحل أحمد برين كلما هبَّت نسمات الاحتفال بمولد خير البشرية الرسول «عليه الصلاة والسلام» أتذكَّر أيام الزمن الجميل بقرى الجنوب، مصر حكومةً وشعبًا تُحسن الاحتفال بمولد النبي.. مازلت أتذكَّر حينما كنا صغارًا، كانت فرحتنا كبيرة ونحن نحضر احتفالية قريتنا التى يحف النيل حدودها.. الشوارع تتزيَّن، ويُحيى الاحتفالية أشهر مُنشدٍ فى جنوب الصعيد، وهو الشيخ الراحل أحمد برين، أغانيه من التراث الشعبى، وبعضها من الأساطير وكرامات أولياء الله، يُضاف إليها بعض القصص التى تُسعد مَنْ يسمعها، كنا نعتبر حضورنا لحفل أحمد برين أشبه بأيام العيد الكبير، فرغم أن الله حَرمه من نعمة البصر، إلا أن له صوتا مميزا، يبدأ حفله بالصلاة على النبى، فى هذه الحفلة روى قصة «الولية» التى اختطف التمساح ابنها، وجرت مُسرعةً تطلب الغوث من الشيخ إبراهيم الدسوقى، وكلماتها تقول «جت الولية تبكى ودمعها سيَّال، قالت له يا سيدى، ولدى وضنايا خطفه التمساح، الشيخ قالها يا ولية خُشى الضريح ارتاحى، واتحرك الشيخ فى الخلوة وسره فاح، وشاور على النيل بإيده طلع الولد راكب التمساح»، ومع عودة الصبى لأمه سالمًا عمّت الفرحة مَنْ سمع الحكاية، وهتف من هتف «الله أكبر، مدد من غير عدد»، والدموع تُصاحب الحضور، فالصبى -حسب غناء المُنشد- أكله التمساح، والأم تبكي حزينة. حين استقام عودى قليلا أحببت أن أعرف وأفهم قصة الولد اللى أكله التمساح، وعلمت أنها كرامة من كرامات القطب إبراهيم الدسوقى، ومرَّت الأيام وكلما أسمع كلمة دسوق، أتذكَّر قصة الولد اللى خطفه التمساح وأعاده الدسوقى حيًا على ظهر التمساح. في ثمانينيات القرن الماضى حضرت حفلا لأمير المداحين ياسين التهامى، الذى تُربك حفلاته مديريات الأمن بسبب الأعداد الغفيرة التى تحضرها. وبعد العشاء اتجهت مع أصحابي لمكان الحفل، كان فى أرضٍ فارغة من الزراعة مساحتها لا تقل عن خمسة أفدنة، مريدو التهامى لا يجلسون طوال الحفل، طابور كبير يزيد عدده على ألف مُحبٍ ناحية يده اليمنى، ومثلهم ناحية اليد اليسرى، يُشكلون دائرةً حوله، لا يتوقفون عن الذكر طالما صوته يُغرِّد. قبل الفجر انصرفت بصحبة أصدقائي، وبعد عدة ساعات كنا فى الزراعات التى امتصت الشمس منها قطرات الندى التى كانت تُعانق أوراقها، ومنذ ذلك الوقت وصرت مُغرمًا بحضور موالد آل البيت، أرى هناك وجوهًا لا أراها كثيرًا فى محطات الحياة، أهل الزهد والشكر، حالهم لا يُسعد الناظر إليهم، ولكن ألسنتهم دائمة النطق بالحمد لله. ◄ قلب العدالة في يوم واحد كانت هناك قرارات بها شق إنسانى، سامعها تتساقط دموعه بعد أن تيقَّن بأن للعدالة قلبًا يتفهم الظروف الإنسانية التى تجعل لصاحب القرار أن يُطوِّع القانون لخدمة الظروف الإنسانية، وزارة الداخلية سمحت للأجهزة الأمنية بتأمين خروج نزيل بأحد مراكز التأهيل لحضور مراسم دفن والده، قرار تمكين الابن من حضور دفن والده كان له أثرٌ طيب، فى لافتة إنسانية لا تُطبق إلا فى الدول التى تُراعى وتُحافظ على حقوق الإنسان. فى نفس اليوم أصدر المستشار سامى عبد الحليم، رئيس محكمة جنايات الزقازيق، قرارًا بإخلاء سبيل متهم لحضور مراسم تشييع جثمان والده الذى توفى على سلم المحكمة لحضور جلسة ابنه المتهم فى قضية سرقة حيث تم تأجيل محاكمته. قرارات إنسانية فى يوم واحد تُظهر أن هناك تفهمًا من قِبل القانون للظروف الإنسانية، وتأتى القرارات وسط حالة الجدل والاختلاف حول قانون الإجراءات الجنائية الذى تتم مناقشته فى الأيام الحالية، ولا يُزعجنى اعتراض نقابتى المحامين والصحفيين على بعض مواد القانون، فالجدل والنقاش أراهما ظاهرة صحية، لأنها أمورٌ تقودنا إلى خروج قانون يُرضى كل الأطراف، قانون نحن بحاجة إليه، بديلا للقانون الذى صدر من 74 عامًا، قانون الإجراءات السابق من 460 مادة بعضها سيبقى والقانون الجديد من 540 مادة، النقاش حول المواد المختلف عليها سيقودنا لنص قانونى تتفق عليه كل الأطراف. ◄ جرائم الذكاء الاصنطاعي شرفت بحضور مناقشة رسالة دكتوراة بكلية الحقوق جامعة القاهرة، الرسالة عنوانها جديد ومناسب لعصرنا الحالى «المواجهة الجنائية لجرائم الذكاء الاصطناعى»، للباحث محمود مسعد، اللجنة المشرفة استغرقت ثلاث ساعات فى النقاش مع الباحث، فى حوار ثرى مهم لكيفية تصوره فى تحديد المسئولية الجنائية على أدوات الذكاء الاصطناعى، وقررت اللجنة المكونة من أ .د عمر محمد سالم الوزير الأسبق للمجالس النيابية، وأ.د طارق أحمد فتحى سرور رئيس قسم القانون الجنائى، والمستشار د. محمد سمير أبوطه نائب محكمة النقض.. منحه الدكتوراة بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف . ◄ التجربة المغربية حصدت المغرب ثمار خطتها التى وضعتها من سنوات ليست بعيدةً، لم يكن هدف الخطة التفوق فى صناعة الساحرة المستديرة والمنافسة على البطولات، بل كان هناك هدفٌ غير معلن، وهو تصدير نجومها للملاعب الأوروبية والعربية.. التجربة اعتبرت اللاعب مصدرًا من مصادر الدخل القومى، وبعد سنوات العمل الجاد جاءت مرحلة جنى الثمار، المنتخب المغربى فى كأس العالم بقطر أذهلنا بعروضه، لو سانده التوفيق لكان طرفًا فى المباراة النهائية، وفريقها الأوليمبى حصد الميدالية البرنزوية فى أولمبياد باريس، وكان قريبًا جدًا من أن يكون طرفًا فى المباراة النهائية. المحترفون فى الملاعب العربية عددهم يتخطى 100 لاعب، معظمهم فى الدوريين الإماراتى والقطرى، ويُشارك فى الدورى المصرى تسعة محترفين، الطريف أنها صدَّرت مُحترفين لكل الدوريات، أما الهند فلها خمسة محترفين، ومحترف بإيران واثنان بالسودان. حتى نُحاكى التجربة يجب فتح أبواب الاحتراف أمام اللاعبين لتحقيق فائدة للاعب والدولة، الساحرة المستديرة فى كل العالم صناعة، وجود محترفين بالملاعب الأوروبية والعربية مصدر للعملة الصعبة، سفرهم أفضل من الاحتفاظ بهم للمشاركة فى بطولات محلية أو قارية عوائدها المالية قليلة. ◄ اللواء أحمد كساب اللواء أحمد كساب واحد من المصادر الراقية التى تعاملت معها خلال وجوده مسئولا عن الإعلام والعلاقات العامة بأكاديمية الشرطة، دراسته للإعلام جعلته واعيا بطبيعة العمل الصحفي، بخلاف خبرته الحياتية وعمله فى عدد من الأقسام التى يرد لها كل أصناف البشر منحته خبرة الحياة. رغم مهام عمله المرهق أصر على استكمال دراسته العليا، بإذن الله خلال أسابيع قليلة سيكون على موعد لمناقشة رسالة الدكتوراة بجامعة القاهرة، الرسالة كان مفترضًا أن يكون المشرف عليها الراحل أ.د محمود علم الدين، الذى أشرف له على رسالة الماجستير. اللواء كساب يميزه الرحمن بقلب يشع بالمحبة لمن حوله، شخصية نقية، متصالح مع نفسه، يتخذ من حديث الرسول نبراسا له، «أفضل الناس أنفعهم للناس»، هو مع الجميع طالما تتحقق المصلحة العامة للبشرية.