تعجبنى عبارة شهيرة للزعيم الهندى غاندى تقول: «حارب عدوك بالسلاح الذى يخشاه، لا بالسلاح الذى تخشاه أنت». والسلاح الذى يخشاه رئيس الوزراء الإسرائيلي، ويثير ذعره هو الفضيحة التى ألمت به بعد عرض الفيلم الوثائقى «ملفات بيبي» فى مهرجان تورينتو السينمائي، والضجة التى أحدثها العرض الأول العالمي. رغم محاولات نتنياهو استصدار قرار يحظر عرضه، والتقدم بطلب عاجل إلى المحكمة المركزية فى القدس، إلا أن القاضى رفض الطلب. يتضمن الفيلم مقاطع لفيديوهات، وتسجيلات، وشهادات لشخصيات مرموقة، تُعرض لأول مرة بعد تسريبها من تحقيقات الشرطة التى طالته وزوجته وابنه وأصدقاءه وموظفين فى منزله، حول قضايا فساد تتعلق بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، ومدى تأثير تلك المحاكمات على قراراته السياسية. وما ترتب عليها من خطة لإضعاف جهاز القضاء، وإطالة أمد الحرب الوحشية المدمرة فى غزة، لتجنب السجن، ولا يصور فقط «بيبى نتنياهو» السياسى الفاسد الذى يستخدم سلاح القوة والحرب والبطش، لفرض سيطرته وتحقيق مطامعه، وإنما يسلط الضوء على زوجته «سارة» المولعة بحياة الترف والهدايا الثمينة، والمرأة المفرطة فى شرب الخمر، متقلبة المزاج، ويظهرها وابنها «يائير» وهما يتطاولان على المحققين بألفاظ قاسية، لذلك مازال «نتنياهو» يسعى بكل الوسائل لمنع عرض الفيلم الذى يعد بمثابة قنبلة سياسية تهز المجتمع الإسرائيلي. الأمر المثير للاهتمام أن العمل الذى اعتبره المهرجان من أفضل أعمال الصحافة الوثائقية، إنتاج مشترك للأمريكى الإسرائيلى «أليكس جيبني»، الحائز على جائزة الأوسكار، والصحفى الإسرائيلى رافيف دروكر، وإخراج اليهودية الأمريكية أليكسيس بلوم، والفيلم عُرض فى مهرجان تورينتو بكندا باعتباره عملا قيد التنفيذ، لمشاهدته بشكل عاجل، بينما تتزايد أعداد القتلى فى غزة، وكذلك بهدف البحث عن شركاء توزيع فى سوق المهرجان، على أمل إصدار الفيلم فى أسرع وقت ممكن لكى يراه العالم. ويظل السؤال الذى يحيرني.. أليس هناك رجل حكيم من بين مئات الأثرياء العرب، والموزعين السينمائيين الكبار، يبادر بدعم هذا الفيلم، ويشارك فى توزيعه على أوسع نطاق، ليرى الجميع وجه نتنياهو شديد القبح، والنوايا الخبيثة من الحرب الوحشية التى لا تتوقف على غزة، والاعتداءات المستمرة فى الضفة الغربية؟!