ارتدى المدير ملابس المرضى لكى ينجو من الهجوم على المستشفى ! فجأة حدث الهجوم المباغت من أقارب أحد المرضى فى المستشفى وبدأوا فى تحطيم الأجهزة والمعدات والاعتداء على الأطباء وطاقم التمريض بقسم الطوارئ، أسرع الأطباء ورجال التمريض والإدارة بالهروب أمام هذا الهجوم والذى كان سببه سوء حالة المريض رغم كل الجهود التى بذلها الأطباء لإنقاذ حياته.. على طريقة الأفلام الأمريكانى بدأت عملية المطاردة بين أقارب المريض وطاقم المستشفى وبدأت رحلة البحث عن مدير المستشفى والتهديد بقتله!! كان المدير قد توارى خلف أحد الأبواب ومع اقتراب الهجوم تفتق ذهنه إلى حيلة كانت هى السبب الوحيد فى إنقاذ حياته فقد خلع البالطو الأبيض الذى يرتديه وارتدى ثياب المرضى أزرق اللون ونام على أحد الأسرة فى غرفة للعناية المركزة بعد أن قام بتركيب أحد أجهزة التنفس على وجهه ووضع أنبوب داخل فمه وغطاء على الرأس. مرت الدقائق بسرعة واقترب الهجوم وبالفعل اقتحموا الغرفة فوجدوا مريضا على أحد الأسرة وقد أغمض عينيه واقتربوا منه وسمع أحد المهاجمين يقول له.. ربنا يشفيك.. ثم تركوا الغرفة واستكملوا عملية البحث عن كبش الفداء.. مدير المستشفى والتى لم يوقفها سوى أصوات بعض المواطنين الذين كانوا يمرون أمام المستشفى واستغاث بهم بعض العاملين بالمستشفى الذين تمكنوا من الفرار فى لحظات الهجوم الأولى. فى مستشفى آخر دخلت إحدى السيدات الحوامل وتم توقيع الكشف الطبى عليها وأخبرها الطبيب وكان كبيراً للاخصائيين أن حالتها جيدة وأن الولادة ستتم مساء نفس اليوم وتم تخصيص أحد الأسرة لها. بعد مرور ما يقرب من ساعة حضر زوجها وكان موظفا بأحد أجهزة الحكم المحلى وقدم نفسه للطبيب وبطريقة استفزازية طلب منه التوجه للكشف على زوجته للإطمئنان عليها وأخبره الطبيب أنه يتابع الحالة وطالبه بعدم القلق. وعلى الطريقة المصرية.. أنت ماتعرفش أنا مين.. بدأ حوار عبثى انتهى بجملة من التهديدات للطبيب ومساعديه، الموظف ذهب لرئيسه فى العمل ونسج له من الخيال أن الطبيب أساء معاملته ولازم يأخذ حقه وانتقلت القصة للمحافظ. فى اليوم التالى صدر قرار من وكيل وزارة الصحة بنقل كبير الأطباء ومساعده إلى إحدى المدن البعيدة بمحافظته وعندما تدخل بعض الأطباء قال لهم «أنا أمشى بنظرية اربط الحمار». أكثر من 25 عاماً مرت على هذه الوقائع ولكنها لاتزال تحدث وتتكرر بطريقة أو بأخرى.. ثقتى كبيرة فى الجهود التى يقوم بها الأستاذ الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان والذى يسعى جاهداً لتطوير منظومة الحماية الصحية وتحقيق العدالة فى حقوق المريض وحقوق الأطباء والعاملين بالصحة، ثقتى كبيرة فى قدرته على إعادة الهيبة للأطباء والذين يتعرضون لضغوط كثيرة وأصبحوا محلاً للنقد الجارح والإساءة والإهانة من كل حدب وصوب. فى قاموس أخلاقيات العمل بمصر ومع أى تشكيل أو تغيير للمحافظين يبدأ المحافظ عمله بزيارة لبعض المستشفيات أو المراكز الصحية. وتنتهى الزيارة بتوقيع بعض الجزاءات أو التحقيق فى بعض أوجه القصور، يحدث ذلك رغم أن المحافظ «سيد العارفين» بمدى النقص الذى تعانيه المنظومة الصحية والظروف القاهرة والصعبة التى تواجه عمل الأطباء وتعرضهم لكل أنواع الظلم ولكن أصبح أى تقصير ولو ضئيل هو الموضوع الذى تسلط عليه جولة المحافظ. اعتداء المرضى وأقاربهم على الأطباء حتما سوف يؤثر على جودة الخدمة الطبية وكفانا الأرقام المزعجة لهجرة الأطباء للعمل بالخارج والتى قد لا يكون العائد المادى الأعلى هو السبب فيها بقدر مناخ الإحباط وإحساس الأطباء أنهم الحيطة المايلة. أيضا لابد أن تكون هناك قواعد وضوابط للزيارات المفاجئة التى يقوم بها المحافظون للمرافق الصحية وأن يكون هدفها حل المشاكل وتوفير البدائل لا توقيع الجزاءات ومجرد الاستعراض. كذلك منع دخول المرافقين للمرضى باستثناء مرافق واحد لكل مريض. وألف ألف سلامة لكل أطباء مصر.