بقدر تميزنا سننال مكانتنا في عالم المستقبل الذى لن يحتفى بالمقلدين والزائفين، لذا تبدو أصالة تراثنا، وفرادة شخصيتنا، وخصوصية ملامحنا قوام تفوقنا، فالأمم التى لا تمتلك عراقة تاريخ، وتميز سمات لا تستطيع أن تدعى الأصالة، ومصر هى الأمة التى بإمكانها أن ترفع صوتها - بكل ثقة - لتقول إننى جئت أولاً ثم جاء التاريخ من بعدى، كما قال أديبنا العالمي نجيب محفوظ مجسدًا عراقتنا، وتفرد شخصيتناً، ولهذا جاءت مبادرة صنايعية مصر لتترجم هذه المعانى، وتلك الحقائق إلى ثمرات يانعة ملموسة على أرض الواقع، وبهدف الحفاظ على التراث والحرف التراثية اليدوية، تلك الثروة التى تذخر بها مصر، وتحول سحر أصالتنا إلى منتجات تعبر عن رونقه الذى ليس له مثيل بين تراث العالم، وحين أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي دعوته فى عام 2019 إلى تبنى هذه المبادرة لتكون معبراً إلى دنيا المستقبل حاملة أصالة تراثنا، وعبق تاريخنا، لقيت دعوته أصداءً مشجعة أثمرت نتائج باهرة، ونجاحات ملموسة حققها الإعداد العلمى الجيد الذى خططت له وزارة الثقافة المصرية ممثلة في قطاع صندوق التنمية الثقافية، الذى تصدى لتنفيذ المبادرة من خلال خطة مدروسة يجرى تطويرها عاماً بعد آخر، ومن مرحلة إلى أخرى حتى وصلت إلى محطتها الرابعة التى أحرزت مزيداً من النضج. وفي تمام السابعة مساء الخميس المقبل بقصر الأمير طاز، وتحت رعاية الفنان د.أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، يحتفل قطاع صندوق التنمية الثقافية برئاسة د. وليد قانوش، بتخريج الدفعة الرابعة من «مبادرة صنايعية مصر» ومبديعيها الأصلاء الذين خضعوا طوال الفترة الماضية لبرامج تدريبية صقلت مواهبهم، ونمت كفاءاتهم، وعبر السطور التالية تقوم «الأخبار» برحلة شيقة فى آفاق المبادرة، وتلتقى بالمشاركين فيها من مدربين ومتدربين وفنيين وحرفيين، إلى جانب المسئولين والمشرفين عن ذلك المشروع الطموح الذى تطرق به مصر الجديدة أبواب المستقبل المشرق . ◄ رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية: قريبًا .. مشروع قومي للحرف اليدوية والتراثية فى تصريحات خاصة ل «الأخبار» تحدث د.وليد قانوش، رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، عن مبادرة «صنايعية مصر» وما شهدته من اهتمام وتطور منذ انطلاقها، وحتى وصولنا إلى الدفعة الرابعة التى سنحتفل قريباً بتخرجها، أكد أنه على مدار الدورات الثلاثة الماضية كانت مبادرة «صنايعية مصر» تحمل الكثير من حسن النوايا، والتى انطلقت لأول مرة بدعوة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2019، وتبنتها وزراة الثقافة المصرية من خلال قطاع صندوق التنمية الثقافية برئاسة د.فتحى عبد الوهاب، لكن نظراً لأن الحرف التقليدية والتراثية فى مصر هى - حالياً - مستهدف دولة، صدرت توجيهات رئاسية لتوسيع نطاق المبادرة للاستفادة من تجربة مبادرة «صنايعية مصر» الصغيرة فى مركز الفسطاط للحرف التقليدية، لتصبح مبادرة على مستوى الجمهورية، فمنذ أكثر من عام ونصف العام نعمل وفقاً لتوجيهات رئاسية بتوسيع نطاق المبادرة، ومشاركة كل الجهات المعنية، وذات الاتصال فى كل أنحاء مصر، وأضاف د. وليد قانوش: وبناء عليه جرى عقد عدة اجتماعات كان آخرها فى يناير الماضى برئاسة د.مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، للاطمئنان على سير المشروع، وكيفية تكامل الجهود بحيث تكون الحرف اليدوية والتراثية بشكل عام داعمةً للاقتصاد المصرى من خلال دعم الحرفيين فى كل المجالات. ■ د. وليد قانوش وقال د.«وليد»: هذه اللجنة تشارك فيها كل الجهات المعنية: وزارات: الثقافة، والتضامن، والتجارة والصناعة، والتعليم الفنى، والتخطيط، إلى جانب المجلس القومى للمرأة، والبنك المركزى المصرى، ومصلحة الجمارك، وكل من له اتصال بهذا المشروع، ممثل فى هذه اللجان، وقد جرى عقد إجتماعات كثيرة، ومتنوعة ودراسات، كان آخرها تشكيل لجنة مصغرة من أربعة أعضاء، هم وزارات: الثقافة، والتضامن، والتجارة، إضافة إلى جهاز تنمية المشروعات، لإعداد خطة تنفيذ يجرى فيها تحديد دور كل الجهات فى مصر، لتوزيع عمل المبادرة لتكون على نطاق جميع أنحاء مصر، وحالياً هناك إحدى الشركات المتخصصة - بتكليفات من جهاز تنمية المشروعات - تعمل على وضع الإستراتيجية الوطنية للحرف اليدوية فى مصر، وإعداد الخطة التنفيذية لها، وخلال الشهر المقبل سيجرى الكشف عنها، ومن خلالها سيتحدد دور كل قطاع، فالشركة حالياً تقوم بعقد لقاءات منفردة مع كافة الجهات المشاركة للتعرف على إمكانيات كل جهة فى الوزارات المختلفة، وأضاف د.«وليد»: قمت بالتنسيق بين الشركة، وأعضائها، وجرى عقد لقاءات مع مسئولى الحرف التقليدية فى قطاع الفنون التشكيلية، ومسئولى الحرف اليدوية والتراثية فى هيئة قصور الثقافة، كان أحدثها الأسبوع الماضى، استعرضنا فيه ما جرى التوصل إليه فى الإستراتيجية، وخلال فترة وجيزة سيجرى الإعلان عن الخطة القومية للحرف التى ستشارك فيها كل الوزارات، كل فيما يخصه، بحيث تتكامل الجهود لتحويل الحرف التراثية والتقليدية، ومبادرة صنايعية مصر، وبرعاية رئاسية إلى مشروع قومى حقيقى يساعد فى زيادة التصدير بشكل أساسى، فضلاً عن الحفاظ على الحرف، والثروة التراثية، وتنميتها فى كل أنحاء مصر، وتوفير فرص عمل ودعم لهؤلاء الحرفيين، وسيكون ذلك تتويجاً لجهود مبذولة منذ أكثر من عام ونصف العام، واقتربنا من النهاية، وتعتبر مبادرة صنايعية مصر التى ينظمها قطاع التنمية الثقافية، هى النواة الرئيسية التى انطلق منها هذا المشروع الضخم، وعندما ننتهى تماماً سيجرى إحالة النتائج إلى مجلس النواب الذى يولى إهتماماً كبيراً إلى هذا المشروع من خلال لجنة الحرف بالمجلس، التى حضرت معنا إجتماعات كثيرة، فالحقيقة المؤكدة أن هناك اهتماماً متزايداً من مؤسسة الرئاسة، ومجلس الوزراء، ومجلس النواب، وستكون الدورة الخامسة من مبادرة صنايعية مصر جزءاً من هذا المشروع القومى للحرف بمفهومها الأشمل، ومن بينها الحرف التراثية. ◄ اقرأ أيضًا | رواد الإذاعة والتليفزيون .. راوية راشد مذيعة «خلف الأسوار» ترجم حوارها مع نجيب محفوظ ل13 لغة ◄ المدربون وأسرار نقل الخبرات| الحلى تخضع للموضة .. الورق قبل القماش في الخيامية .. والشهران الحاسمان في النحاس نقل الخبرات بإخلاص مهمة ليست باليسيرة لذلك يحرص المدربون الاكفاء فى مبادرة صنايعية مصر على إقامة جسور إنسانسة بينهم وبين المتدربين، وقد حدثنا عدد من هؤلاء الذين تفانوا فى تعليم المتدربين مهارات وتقنيات وأسرار حرفهم كل فى مجال تخصصه .. ■ نورهان جميل ■ د. وهاد سمير وتصحبنا مدربة الحلى د. وهاد سمير، الأستاذ بمعهد الفنون التطبيقية، وعضو لجنة اختيار المتدربين فى مبادرة صنايعية مصر الدفعة الرابعة، والمشرف على تدريب حرفة الحلى، إلى قلب التجربة المثيرة شارحة بقولها: أنشأت قسم الحلى عام 2005، وقد اختلف التدريب فى الدفعة الرابعة عن الدفعات السابقة بالنسبة إلى الحلى، حيث أدخلنا تقنيات لم تكن موجودة فى السابق، فقد اتفقنا أن نعمل على إحياء التراث، لكن مع ربطه بالموضة، وبعد زياراتنا إلى متاحف الحضارة، والمصرى، والإسلامى، والشعبى، والقبطى، أطلعنا على الحلى والعمارة أيضاً، فأنا أحب أن استوحى الحلى من العمارة، وربط كل ذلك بالموضة، وستلاحظ أن منتجات هذا العام من الحلى ذات أحجام ضخمة، وقمت بتدريس أسس التصميم ومراحله والشبكات للمتدربين، وأدخلنا أيضاً «التكفيت» فى الحلى، وهو عبارة عن مزج بين الفضة والنحاس، ونظراً لارتفاع أسعار الفضة، استبدلناها بالألمونيوم لتخفيض التكلفة، حتى يستطيع المتدربون تنفيذ منتجاتهم، وتسويقها بأسعار منخفضة. ■ آية الله حسين ■ أيمن سمير أما أيمن سمير محمد ، مدرب الحفر على الخشب، فى المبادرة، فيقول: أحاول تنمية مهارة المتدربين، بنقل الخبرات السابقة لهم، وتعريفهم بمراحل العمل، بداية من الرسم، والتصميم على قطعة الخشب حتى الوصول إلى الشكل النهائى، ويكون العمل يدوياً فى كل مراحله. ■ محمد عادل فى حين يوضح محمد عادل، مدرب فن التطعيم بالقشرة، قائلاً: يبدأ عملنا من مرحلة اختيار من يصلح للتدريب من خلال اللجنة المشكلة لذلك، ونختار من لديه استعداد أن يتعلم، بعدها نعلمهم مبادىء الحرفة، وأسماء القشرة، وأنواعها، ثم أسس التصميمات، والتقنيات اللازمة للحصول على منتجات عالية الجودة، معبرة عن التراث المصرى الأصيل. ■ عبدالرحمن طه ويؤكد عبد الرحمن طه، فنى الخيامية، على حرصه على نقل الحرفة بكافة تفاصيلها إلى المتدربين ليساعدهم فى تكوين خبرة كبيرة فيها، ويقول : نهتم بتعليمهم كافة مراحل إنتاج الخيامية، بداية من اختيار قطعة القماش، والرسم على الورق، ونقله إلى القماش، وحجم الغرزة، كل التفاصيل حتى يصبح ملماً بكافة مراحل إنتاج القطعة الفنية التى يعمل عليها. ■ أحمد عبدالعال بينما يقول أحمد عبد العال معزوز، فنى ومدرب النحاس: أعمل فى مبادرة صنايعية مصر من أول دفعة، واشتركت فى مبادرة سابقة لها بعنوان «إكسب حرفة جميلة»، ونحن نحرص على جدية المشاركين واختيار من يستطيع الاستمرار معنا حتى نهاية فترة التدريب، ثلاثة أيام فى الأسبوع من الساعة 3 إلى الساعة 6 مساءً، حتى لا تضيع جهودنا بلا جدوى، وفى البداية يجرى تعريفهم بالحرفة، ما النحاس وأنواعه، وتقنيات العمل به؟، وفى أول أربعة أشهر يكون التعريف بأن حرفة النحاس مرتبطة بالنقش و«الروباسيه»، بعدها ندخل فى الأربعة أشهر الأخرى وهى مرحلة التجميع، وفيها يتعلم المتدرب طريقة العمل على الأدوات المختلفة، ثم تخصيص شهرين لإنجاز مشروعات التخرج، وهما أكثر وقت يستفيد فيه المتدرب، حيث يطبق حصيلة ما تعلمه طوال فترة التدريب. ◄ المشرف على مركزالحرف التقليدية بالفسطاط: نعمل على توفير الدعم اللوجستي للمتدربين «منذ إنشاء مركز الحرف التقليدية بالفسطاط وحتى وقتنا الحالى، وهدفنا الرئيسى هو الحفاظ على تراثنا من الحرف القديمة حتى لاتندثر، وتختفى، لذا كان لدينا باستمرار التوجه بالحفاظ على التصميمات القديمة، وطرق تشكيلها، وتجهيز المنتج اليدوى بالخامات الحديثة، وأن يظل منتجنا يحمل هويتنا، وتراثنا المصرى، بهذه الكلمات بدأ الفنان أحمد وحيد، المشرف على مركز الحرف التقليدية بالفسطاط، حديثه معنا. ■ أحمد وحيد وأضاف: المركز مفتوح باستمرار، ويستقبل كل من يحتاج إلى أية استشارة، أو عقد ورشة عمل بسيطة، وتقديم المعونة والدعم، وعندما بدأت مبادرة صنايعية مصر أصبح هدفنا الأساسى المحافظة على الحرف التراثية المصرية، ومساعدة الشباب على معرفتها وتعليمهم الأساليب القديمة للحرف، وكيفية عمل التصميمات الخاصة للمنتجات اليدوية، ونبدأ دائماً بتعريفهم الحرفة وأدواتها، ثم كيفية إنتاجها، وتوجيههم بالاستعانة بزملائنا من المدربين والحرفيين الذين يتمتعون بمستوى عال جداً من المهارة فى الحرف المختلفة، بداية من التصميمات، وتنفيذها ثم تسويقها حسب احتياجات السوق، وأكد المشرف على مركز الحرف قائلاً: نوفر باستمرار كل المعدات، والخامات اللازمة لعملية التدريب، وإنتاج المشروعات، سواء للمتدربين والمدربين، أوالفنيين الحرفيين، فى كل المشروعات، فالمبادرة هدفها الأساسى ليس الوصول إلى منتج فقط، ولكن تحقيق منتج ذى مواصفات جيدة تواكب السوق واحتياجاته. ◄ هجرت المحاماة من أجل «نفرتاري»! ■ آية يحيى تبدأ الفنانة آية يحيى، كلامها قائلة: تخرجت فى كلية الحقوق لكنى لم أعمل بمهنة المحاماة، واخترت ممارسة هوايتى التى أحبها، فانضممت إلى مبادرة صنايعية مصر قسم الحلى، من سنتين، مما أتاح لى فرصة كبيرة جداً لأتعلم تقنيات كثيرة جداً فى النشر، و«الربوسيه»، و«التكفيت»، وساعدنى فى ذلك زياراتنا المتعددة إلى المتاحف، ومشاهداتنا لتصميمات مختلفة من التراث الإسلامى، والقبطى، والفرعونى، والشعبي، وقررت أن يكون مشروعى للتخرج من التراث المصرى القديم، واخترت تاج الملكة «نفرتارى»، فأنا عاشقة لهذه الملكة فائقة الجمال، وأنتجت تصميم حصلت على ملكيته الفكرية، وتعلمنا فى المبادرة أيضاً، كيف نقوم بتسويق منتجاتنا، وبدأت تطبيق ما درسناه، وبالفعل هناك من طلب الحصول على تصميمى لتاج «نفرتارى» مقابل 1000 دولار. ◄ إبداعات المتدربين البارزة| مرايا.. وأطباق.. وفوانيس.. وكراسي مستوحاة من حامل المصحف ■ إيمان أشرف تغير مجرى حياتهم حين التقوا بهذا الحلم الذى تحقق على أرض الواقع حين تحول من مجرد فكرة طموحة إلى مشروع كبير استطاع أن يلفت إليه الأنظار، حيث نجحت مبادرة صنايعية مصر فى احتضان مواهب العديد من الباحثين عن متنفس لإبداعاتهم الدفينة، وقد التقينا بعدد من الفنانين المنضمين إلى المبادرة، فحدثونا عن تجاربهم من البداية حتى التحقق، وإبداع المنتجات التى لفتت إليها أنظار المهتمين.. ■ منى محمود ◄ سلاسل وخواتم وحلى منقوشة تقول الفنانة منى محمود، تخرجت من كلية التجارة قسم اقتصاد، وأحب الفن والرسم بصفة خاصة، ولم تتح لى فرصة ممارسة ما أحب حتى قادتنى الصدفة إلى التدريب على صنع المشغولات و«الإكسسوارات» من سلك النحاس، وبعدها نصحتنى إحدى صديقاتى بالانضمام إلى مبادرة صنايعية مصر، وبالفعل دخلت قسم الحلى، وهنا تعلمت أشياء كثيرة بطريقة متقنة، وكيف تستطيع أن تحول قطعة نحاس صلبة إلى عمل فنى ومشغولات جميلة مثل الحلق والخاتم والسلسلة، أما فى مشروع التخرج فأنتجت «كوليه»، وخاتماً وحلقاً مستوحى من الفن الإسلامى، وأضفت إليه نقشاً مع الحلى. ■ نورهان جميل أما الفنانة نورهان جميل فتقول إنها حاصلة على بكالوريوس تربية نوعية، شعبة تربية فنية، ودبلوم دراسات عليا تخصص أشغال معادن، وحالياً تعد رسالة للماجستير فى أشغال المعادن، وعن تجربتها مع مبادرة «صنايعية مصر»، تضيف: تعرفت على المبادرة من صديقتى، وقررت أن أصقل موهبتى ودراستى، وبالفعل جرى قبولنا، وبدأنا التدريبات، وتعلمنا تقنيات كثيرة منها: النشر، واللحام، وأيضاً «الربوسيه»، والنقش، و«التكفيت»، تعلمنا كيف نستطيع إنتاج ذلك فى المنزل بدلاً من النزول إلى أماكن الورش، كما كان يحدث قبل انضمامنا إلى المبادرة، وأما مشروعى للتخرج فهو مزيج مستوحى من التراث المصرى، قطعة «كوليه»، «الكردان» من الفن الشعبى، والجعران من الفرعونى. ■ رنين عبدالرحمن ◄ دنيا المشغولات النحاسية وتحدثنا المهندسة رنين عبد الرحمن عن تجربتها قائلة: تخرجت فى كلية الفنون الجميلة قسم عمارة، وانضممت إلى المبادرة فى قسم النحاس، وتعلمت تقنيات لم يكن لدى أية فكرة عنها، فلم أعرف شيئاً عن المعدن، وهنا تعلمت «الأركيت» والنقش و «الروباسيه»، ومن خلالها نستطيع إنتاج مشغولات كثيرة كالمرايات، والأطباق، والفوانيس، كما اصطحبنا المدربون فى زيارات ميدانية للتعرف على الأماكن التى نشترى منها الخامات المستخدمة فى الإنتاج كالأزهر مثلاً. ■ فاطمة الزهراء أما الفنانة فاطمة الزهراء أحمد، فتقول إنها تعرفت على مبادرة صنايعية مصر من مواقع التواصل «الفيسبوك»، وأنها من البداية تعمل فى منتجات الجلد الطبيعي، وكانت تحلم بالدمج بين النحاس، والجلد الطبيعى لإضفاء قيمة عالية للمنتج، وبالفعل أنضممت إلى المبادرة، وتضيف الفنانة قائلة: أنا هنا منذ سنتين، وتعلمت أشياء كثيرة جداً، كالتصميمات، والزخرفة، والنقش، و»الروباسيه»، وتعلمت الدمج بين النحاس، والجلد بنفسى دون الحاجة إلى أية مساعدة، كما كان يحدث من قبل، حيث كنت أستعين بمساعدة فى اللحام، الآن الأوضاع اختلفت، فأنا أنتج أعمالى كاملة، كالمرايات، و»التابلوهات»، والفوانيس، وبعد انتهاء الدورة تواصل معى المركز للاستعانة بى، والاستمرار معهم للاستفادة من مهاراتى، وتفوقى. ■ مريم رضا الشنواني في حين تؤكد المهندسة مريم رضا الشنواني، خريجة الفنون التطبيقية، تخصص حلى ومعادن، أنها كانت حريصة على الالتحاق بالمبادرة، وتعلم حرفة النقش على النحاس لعدم توافر فرص تعلمها فى الخارج لقلة عدد اللذين يجيدونها، وتوضح «مريم» قائلة: أحب المعدن بشكل عام، وعلمونا فى المبادرة التركيز على التصاميم الإسلامية، وفى مشروع تخرجى أنتجت «ترابيزة» على الطراز الإسلامى. ■ بسمة خليل ◄ الحفر على الخشب «الأويما» أما الفنانة بسمة خليل، خريجة كلية الآداب، شعبة ديكور وأزياء، فتقول إنها تعمل فى الحرف اليدوية، وتصميم عمارة إسلامية، وتحلم أن تمتلك ورشة نجارة، وأن تتقن حرفة «الأويما»-الحفر على الخشب-ولذلك التحقت بمبادرة صنايعية مصر حتى تكتمل فكرتها، ومشروعها، وتؤكد «بسمة»: لم يبخل أى مدرب، أو «أسطى» فى نقل معلوماته أو خبراته إلينا، وبعد انتهاء فترة التدريب التى استمرت 6 أشهر إضافية للعمل بالمركز تفرغت لعملى الخاص، وكان مشروع تخرجى «نجفة» مستوحاة من قصر محمد على.. بينما تحكى آية الله حسين، الحاصلة على ليسانس حقوق، تجربتها قائلة: لم أعمل فى مجال دراستى مطلقاً، لأنى أحب الرسم منذ الصغر، وبدأت تعلم «الجرافيك» بعد تخرجى، ثم بدأت انجذب إلى الصناعات اليدوية، والتحقت بالمبادرة فى البداية عبر قسم القشرة، ثم تحولت إلى قسم «الأويما»، حيث تعلمت أولاً على خشب «الكونتر»، ثم خشب الزان، وكان مشروعى للتخرج، ساعدة مضيئة، مزجت فيها بين الحفر على الخشب، والإضاءة وساعدتنى فى ذلك زميلتى بسمة. ■ رحاب خالد ◄ «رحاب» وقشرة الخشب وعلى صعيد حرفة قشرة الخشب إلتقينا بالفنانة رحاب خالد، خريجة تربية فنية، التى حكت لنا عن تجربتها الفريدة قائلة: بعد التخرج من كلية التربية الفنية كنت أعد ماجستير عن المعادن، وكنت أود إضافة مواداً مختلفة غير المتعارف عليها مثل، العظم، والصدف، والخشب، فالتحقت بمبادرة صنايعية مصر التى عرفتها عن طريق صندوق التنمية الثقافية، وتعلمت تقنيات كثيرة جداً، ومشروعى للتخرج عبارة عن كرسى مستوحى من حامل المصحف، مزين بزخارف إسلامية.. أما إيمان أشرف، المتخرجة من كلية التربية النوعية، فقد عرفت بالمبادرة عن طريق مواقع التواصل «الفيسبوك»، وبعد انضمامها إلى المركز بدأت التدريب بشكل احترافى أكثر، وتشرح «إيمان» قائلة: فى الجامعة كنا نتعلم بطريقة تقليدية عادية، ففى البداية تعلمت كيفية عمل تصميم من القشرة، ثم عمل أشكال هندسية، وبعدها كيفية صنع منتج متكامل من النجارة، والقشرة معاً، بتقنيات أفضل من التى كنت أعرفها، وأيضاً، درسنا كيفية تسويق منتجاتنا، وكيفية عمل منتج خاص بى، وكان مشروع التخرج «جزامة» وساعة، وحاملة مفاتيح. ■ أحمد حامد ◄ الخزف والفخار تخرج الفنان أحمد حامد، فى كلية التجارة، ويعمل فى حرفة الخزف والفخار منذ فترة طويلة جداً، لكنه أراد أن يطور أدوات عمله، وعندما حضر إلى مركز الحرف التقليدية بالفسطاط، وجد إعلاناً عن مبادرة صنايعية مصر، فقرر الإلتحاق بها لتنمية مهاراته، واكتساب الشق الأكاديمى بجانب التراثى، وتحقق له ما أراد، وأصبح على دراية كبيرة بتركيب الخامات، والألوان بالإضافة إلى إتقان التصميمات الهندسية سواء الإسلامية أوغيرها، وتعلم الخطوط المختلفة، وإستخدامها فى المنتج، وأضاف «أحمد» بقوله: جهاز تمويل المشروعات نظم لنا دورة دراسية لتعلم كيفية التسويق لمنتجاتنا، وعمل دراسة جدوى للمشروعات، وحساب المكسب، وتجنب الخسارة، وكان مشروعى للتخرج عبارة عن أطباق رسم نباتى، ورسم فاطمى. ■ أماني جمال ◄ عالم الخيامية وعلى صعيد آخر حدثتنا أمانى جمال، الحاصلة على بكالوريوس خدمة اجتماعية، عن تجربة التحاقها بمبادرة صناعية مصر من خلال إحدى زميلاتها، ونظراً لحبها البالغ لأشغال الخيامية، انضمت إلى المبادرة وتعلمت فيها كيفية صناعة المنتج الخاص بها، وكان مشروع تخرجها هو معلقة الأسد المأخوذة من الفن الشعبى. ◄ قشرة الخشب أخذتها من الصحافة ■ إسراء التركي تحكى الفنانة إسراء التركي، خريجة إعلام، قسم صحافة، أنها لم ترغب فى ممارسة مهنة الصحافة، وتقول: كنت بعيدة تماما كل البعد عن الحرف التراثية وتفاصيلها، وأردت أن أتقدم إلى المبادرة لأنها قريبة من بيتى، ولدى وقت فراغ كبير أريد أن أشغله بتعلم أشياء يدوية جديدة تساهم فى تفريغ الطاقة النفسية بداخلى، هكذا بدأ اهتمامى وتدريبى داخل مركز الحرف، حيث جرى التركيز أكثر على القشرة والتطعيم بالصدف، وأيضاً داخل مصنع النديم للأخشاب الذى تعلمنا فيه فن النجارة العربى، وجرى تدريس فن التسويق فى محاضرات نظرية وأيضاً تعلمنا كيف نحسب تكلفة المشروع ودورة رأس المال من خلال عمل دراسة جدوى، أما مشروع تخرجى فعبارة عن ركنة خشبية. ◄ رئيس لجنة اختيار المتدربين: نجحنا في تحقيق أهدافنا ■ د.أشرف رضا تشكلت لجنة اختيار المتقدمين للدفعة الرابعة من المبادرة برئاسة الفنان التشكيلى د.أشرف رضا، الأستاذ بكلية الفنون الجميلة ومدير مجمع الفنون بجامعة حلوان، وناقشت اللجنة فى اجتماعها الأول عدة محاور أهمها: تطوير مفهوم العمل بالمبادرة ليتعدى تنمية الموهبة للمتدرب إلى تخريج صناع محترفين، وذلك عن طريق تطوير مناهج، وأسلوب، وعدد ساعات الدراسة، ليصبحوا قادرين على تطوير الحرفة، وتدريب جيل جديد من الحرفيين قادرين على المشاركة الإيجابية فى سوق العمل، من هنا توجهت إلى د.أشرف لسؤاله عن مدى تحقق ذلك بعد انتهاء تدريبات الدفعة الرابعة، وقد أكد لى أنه بالفعل تحقق النجاح فى ذلك، وأضاف: وصل عدد المتدربين إلى ما يقارب المائة شخص فى كل الحرف التى جرى التدريب عليها مثل: الخزف والفخار، والخيامية، وقشرة الأخشاب، والحلي، والنحاس، والأويما، وشاركت معنا أعداد كبيرة فى التدريب، وهناك من فتحوا أبواب مصانعهم للتدريب أيضاً على سوق العمل، كل ذلك من أجل الحفاظ على حرف تقليدية، وصناعات تراثية قاربت على الإندثار، لأنه مع الأسف انتهى مبدأ تعليم أبناء المعلمين الكبار، لأن الأولاد الذين يطبقون الآن مقولة «لن أعيش فى جلباب أبي»، أصبحوا غير راغبين فى العمل فى حرفة الآباء، ويفضلون الأعمال السهلة التى تدر عليهم الأرباح الكبيرة دون بذل جهد، و يترك هذه المهنة، أو الحرفة التقليدية المهمة التى تعد من ضمن صناعة القوى الناعمة فى مصر، وقد نجحنا فى تعليم المتدربين فى هذه الدورة فنون التصميم، والابتكار بشكل جديد غير تقليدى. وبسؤاله عن الجديد الذى يمكن تقديمه فى الدفعة المقبلة «الخامسة» للمبادرة، أجاب: طبعاً لا بد أن نفكر فى حرف أخرى، إلى جانب تدعيم الحرف الحالية. ◄ رئيس «ريادة الأعمال» بجهاز تنمية المشروعات: النجاح مضمون في ضوء إرشاداتنا ■ د. محمود زين العابدين يشارك جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر فى البرنامج التدريبى لمبادرة «صنايعية مصر»، بإقامة دورة ريادة الأعمال والتسويق الإلكترونى، ولإلقاء مزيد من الضوء والتوضيح للدور الذى يؤديه الجهاز فى المبادرة، التقينا بالدكتور محمود زين العابدين، رئيس قطاع ريادة الأعمال بالجهاز الذى تحدث قائلاً: تهتم إدارة ريادة الأعمال بكيفية صناعة رواد أعمال لنشر الإبداع والارتقاء بالمجتمع المصرى، وتحويل ثقافة الشباب إلى الاتجاه إلى العمل الحر، وإقامة المشروعات من أجل زيادة الناتج القومى، وتوفير الواردات وزيادة حجم الصادرات وأيضاً تطوير المشروعات القائمة، وأضاف د.محمود: منذ إطلاق المبادرة ونحن نشارك مع وزارة الثقافة ممثلة فى صندوق التنمية الثقافية فى توفير الدعم الإدارى للشباب وتأهيلهم لكيفية إدارة المشروعات الخاصة بهم، والبداية تكون بالتعرف على قدرات المتدربين - من يصلح منهم ليكون رائد أعمال أو لا يصلح - ويجرى ذلك من خلال ورشة عمل لمدة ثلاث ساعات، بعدها ننتقل إلى ورشة أخرى لتنمية المهارات التى يجب توافرها فى رائد الأعمال، تليها ورشة عمل لمدة يومين ببرنامج تدريب معتمد من منظمة العمل الدولية، ولا بد أن يكون المدرب فيها معتمدا من المنظمة الدولية، وهذا البرنامج يهدف إلى تعليم الشباب كيفية تحديد فكرة مشروعه، واختيار الأفضل حتى يستطيع أن يحقق فيه النجاح، بعدها ننتقل لمرحلة تدريبية أخرى لمدة خمسة أيام تحت مسمى «ابدأ مشروعك»، وفيها يتم الوصول إلى خطة عمل متكاملة قابلة للتنفيذ والتحقق على أرض الواقع. ◄ خبير اقتصادي: المساهمة في توفير العملات الأجنبية ■ د. أحمد سعيد يرصد الدكتور أحمد سعيد، استاذ القانون التجارى الدولى وخبير التشريعات الاقتصادية، الأبعاد الاقتصادية لهذه المبادرة الطموحة، حيث يؤكد أنه بعد الثورة الصناعية اعتمد العالم الحديث بشكل أساسى على الماكينات فى الإنتاج لما تقدمه من وفرة إنتاجية ودقة فى إنتاج كميات متماثلة المواصفات من ذات المنتج، إلا أن المستهلكين حول العالم بقيت لديهم رغبة ملحة فى استهلاك منتجات لها مواصفات فنية تمنحها التفرد، مثل، صناعات: الأثاث الخشبي، والسجاد، والزجاج اليدوي، والفخار، والحلي، والمصوغات الذهبية والفضية، كل هذا كان هو الدافع للدولة المصرية تجاه تشجيع هذه الصناعات اليدوية المتخصصة، ويوضح الخبير الاقتصادي قائلاً: إن الطلب العالمي على المنتجات اليدوية المصرية كان دافعاً للدولة المصرية لتدشين العديد والعديد من المبادرات القائمة على تطوير وتشجيع صناع المنتجات اليدوية، وقد حملت أكثر المبادرات طموحاً اسم «صنايعية مصر»، حيث تقوم الدولة من خلال هذه المبادرة بتدريب صغار الصناع على تنمية مهاراتهم الفنية اليدوية، وتعريف الصناع بالرغبات المتطورة فى الأسواق لمنتجاتهم وتدريب صنايعية مصر على طرق التسويق الإلكترونى لمنتجاتهم، بل والأهم من كل هذا هو تنظيم المعارض المحلية والدولية، مثل معرض «تراثنا» من أجل تشجيع صنايعية مصرعلى عرض منتجاتهم عالمياً، وهو الأمر الذى سوف يكون له اثر مباشر فى التطور الإيجابى لحياة الصنايعى المصري، من حيث زيادة مبيعاته المحلية وزيادة صادراته للعالم الخارجي، وهو ما سيترتب عليه زيادة دخله والارتقاء بمستوى معيشته، وكذلك الأثر الأهم فى زيادة الناتج القومى لمصر، خاصة الدخل من العملات الأجنبية.