في ظل التغيرات الجيوسياسية المتسارعة والتحولات في السياسة الأمريكية، تواجه أوروبا تحديات غير مسبوقة في علاقتها مع الولاياتالمتحدة، فبغض النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، يبدو أن القارة العجوز بحاجة ماسة إلى إعادة تقييم استراتيجيتها تجاه حليفها عبر الأطلسي. هذا ما يكشفه تكشفه مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، والذي يسلط الضوء على ضرورة تبني أوروبا لنهج موحد وواضح في تعاملها مع واشنطن. اقرأ أيضًا| هاريس تتقدم في الولايات المتأرجحة وتستعد لأول مقابلة تليفزيونية تحديات متعددة تشير مجلة فورين أفيرز إلى أن التحديات التي تواجه العلاقات الأوروبية الأمريكية متعددة ومعقدة، فمن ناحية، هناك مخاوف من عودة محتملة للرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والذي صرح مؤخراً بأن روسيا يمكنها أن تفعل "ما تشاء" مع الدول الأعضاء في حلف الناتو التي لا تنفق ما يكفي على الدفاع. ومن ناحية أخرى، حتى في ظل إدارة الرئيس جو بايدن الحالية، فإن التركيز الأمريكي المتزايد على الصين يثير القلق في أوروبا. وتوضح المجلة أن "الشهية العالمية لتحمل الولاياتالمتحدة للمسؤوليات العالمية آخذة في التناقص، في حين أن الفوضى متعددة الأقطاب في تصاعد. وفي الوقت نفسه، يميل الأمريكيون بشكل متزايد إلى الانكماش والحمائية، ويبدو أن السياسيين الأمريكيين أكثر اهتماماً بالصين منهم بروسيا." ضرورة استراتيجية أوروبية موحدة في ضوء التحديات المتزايدة التي تواجه العلاقات الأوروبية الأمريكية، تؤكد مجلة فورين أفيرز على ضرورة أن تتبنى أوروبا استراتيجية موحدة في تعاملها مع الولاياتالمتحدة، مشيرة أن هذه الاستراتيجية يجب أن تركز على عدة أولويات رئيسية تعكس المصالح الأوروبية الحيوية. من بين هذه الأولويات، تبرز أهمية العمل المشترك مع الولاياتالمتحدة لردع روسيا وتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط، إذ ان التهديد الروسي، كما يتضح من الحرب في أوكرانيا، يمثل تحدياً مباشراً للأمن الأوروبي، مما يستدعي تنسيقاً وثيقاً مع واشنطن لضمان استمرار الدعم الغربي لكييف وردع أي عدوان روسي محتمل في المستقبل. كما تشدد المجلة على ضرورة أن تتضمن الاستراتيجية الأوروبية آليات للدفاع عن الازدهار الاقتصادي للقارة وحرية عملها في ظل المنافسة المتصاعدة بين الولاياتالمتحدةوالصين، فمع تزايد التوترات بين القوتين العظميين، تجد أوروبا نفسها في موقف دقيق يتطلب منها الموازنة بين مصالحها الاقتصادية وعلاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن. وتؤكد فورين أفيرز أن التعاون مع واشنطن لمواجهة التحديات العالمية يجب أن يكون محوراً أساسياً في الاستراتيجية الأوروبية الجديدة، فقضايا مثل التغير المناخي والأمن السيبراني والتحولات في النظام المالي العالمي تتطلب جهوداً منسقة بين ضفتي الأطلسي لتحقيق نتائج ملموسة. وتختم المجلة بالتأكيد على أن "الاتفاق على مجموعة من المصالح لتعزيزها والدفاع عنها، بما في ذلك كيفية تقاسم المسؤوليات مع الولاياتالمتحدة بشكل أفضل، هو السبيل الوحيد لتجنب لعب دولة أوروبية ضد أخرى والتنقل بين تقلبات السياسة الأمريكية." فوحدة الموقف الأوروبي، في نظر فورين أفيرز، هي الضمانة الأساسية لحماية مصالح القارة وتعزيز نفوذها في العلاقة مع الحليف الأمريكي. تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية من بين النقاط المهمة التي يسلط عليها تقرير فورين أفيرز الضوء، ضرورة قيام الدول الأوروبية بتعزيز قدراتها الدفاعية. وتقول المجلة: "يجب على الدول الأوروبية إجراء استثمارات دفاعية مستهدفة لسد الثغرات في قدراتها، مما سيقلل من اعتمادها على الولاياتالمتحدة - على سبيل المثال، في الطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي والتزود بالوقود جواً وأي مجالات أخرى تعتمد فيها الجيوش الأوروبية على القدرات الأمريكية." وتضيف المجلة أن "تعزيز الركيزة الأوروبية لحلف الناتو من خلال تحمل المزيد من العبء سيجهز التحالف بشكل أفضل لمواجهة التغيرات السياسية في الولاياتالمتحدة، كما سيقوي صوت أوروبا تجاه شريكها الأمريكي الأقدم." حماية المصالح الاقتصادية الأوروبية تشدد فورين أفيرز على ضرورة حماية أوروبا لمصالحها الاقتصادية في علاقتها مع الولاياتالمتحدة. وتقول المجلة: "يجب على أوروبا ضمان ألا تأتي القدرة التنافسية الأمريكية على حساب الازدهار الأوروبي. يجب على الحكومات والمؤسسات الأوروبية السعي إلى شراكات مفيدة للطرفين مع الشركات الأمريكية والعمل مع واشنطن لتعزيز النمو الشامل في الغرب وخارجه." وتضيف المجلة أنه "إذا فرضت الولاياتالمتحدة تعريفات جمركية عالمية أو ضوابط تصدير ثانوية أو ممارسات منافسة غير عادلة، فيجب على أوروبا استخدام الأدوات التجارية المتاحة لها لتأمين مصالحها.