لم يبعث النبى الكريم صلى الله عليه وسلم إلا ليتمم «مكارم الأخلاق»، فأصيب بعض أمته بمساوئ الأخلاق، وأراد إنقاذ البشرية من الجاهلية، فيرتكب بعضهم ما هو أسوأ من الجاهلية، واتبع كثير من أبناء أمة الإسلام الكذب والغدر والخداع، رغم أن الرسول الكريم حثهم على الصدق والأمانة وعدم الخيانة. أكثر من يسىء إلى الإسلام هم بعض المسلمين أنفسهم، بإصرارهم على أن ينسبوا لديننا الحنيف أشياء ليست فيه، فالمسلم الحق يتحلى بأخلاق رسول الله، المبعوث ليتمم مكارم الأخلاق، وأولى صفاته الصادق الأمين، والصدق عكس الكذب والأمانة عكس الخيانة، وهاتان المشكلتان أساس البلاء الذى يلم بأمتنا، ويشوه صورة الإسلام الصحيح أمام الآخرين. أما الابتلاء فهو توظيف الدين الحنيف لمطامع وأغراض لم تكن ابدا من مقاصده ومراميه، فمن يريد النصب على الناس، لا يتورع عن ان يضفى على افعاله مسحة دينية، ومن يبحث عن الشهرة الكاذبة، يفعل مثل كثير من المدعين الذين يقومون بالسطو على الإفتاء، ولو نظرنا حولنا لرأينا آلاف النماذج والأمثلة، لمن يسيئون للإسلام ويلحقون الضرر بالمسلمين. لم ينس البعض حتى الآن «سفك مدخراتهم» القليلة فى مهزلة توظيف الاموال، وضاع شقا العمر وعرق السنين فى دهاليز النصب باسم الاديان، وتتكرر المأساة من حين لآخر على ايدى من يسمون «المستريحين» ومفردها مستريح، وينفذون الى عقول وجيوب البسطاء بحيل دينية. لم تتحقق عظمة الإسلام بالسيف والقسوة، وإنما بالعقل والرحمة، وتثبيت الأخلاق الكريمة ونشر التعاليم الصحيحة، وهذا عكس ما يحدث الآن فى الدول التى تسيطر عليها الجماعات الارهابية، فتتراجع للخلف بدلا من السير للأمام، وتهيئ أنفسها للمستقبل، بالعودة إلى الكهوف المظلمة. والابتلاء الأكبر هو توظيف الدين ليكون وسيلة للوصول إلى الحكم، ولم يدخل هذا الداء بلدا إلا أفناه، وفجر بين أبنائه بحورا من الدماء، فكل المتقاتلين يزعمون أنهم ينفذون شريعة الإسلام، ويذبحون ويقتلون ويعتدون على المال والأعراض باسم الدين، مع أن جوهر الأديان هو صون الحياة والهداية ونشر المحبة والسلام، وليس القتل وإراقة الدماء. وعندما يرتفع فى السماء عاليا نداء «لا اله الا الله» فهى دعوة من المولى عز وجل بأن تتوحد القلوب وتتطهر المشاعر، ليس بأن تزعم جماعة أنها صاحبة وكالة السماء، وأن اتباعها هم المسلمون وغيرهم كفار، رغم انهم يشهدون أن «لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله». مكارم الاخلاق ليست استغلال فقر الناس والمتاجرة بآلامهم وأوجاعهم، وإنما نشر الرحمة والتكاتف والتعاطف، وأن يكون الغنى عونا للفقير والقادر سندا للمحتاج، فلا فضل الا بالتقوى والعمل الصالح، وما احوج بلادنا الى استنهاض روح الامة والعودة الى جوهر ديننا الحنيف، فلا دنيا لمن لم يحى دينا، ولا صلاح الا باستنهاض الاخلاق، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بُعث من اجل هذه الرسالة «مكارم الاخلاق».