منح البرلمان الإيرانى الثقة للحكومة الجديدة، بعد لحظات من خطاب الرئيس مسعود بزشكيان، الذى طالب المشرعين بالموافقة على حكومته، مشيراً إلى تأييدها من قِبل المرشد على خامنئي. ويرى البعض أن استغلال الرئيس لدعم المرشد من أجل الحصول على الثقة من البرلمان كان خطأً كبيراً لأنه إذا لم يحصل الوزراء على الثقة، فسيضع البرلمان فى مواجهة مع خيار المرشد، وإذا حصلوا على الثقة، فلن يكونوا مسؤولين عن أدائهم فى المستقبل، ومع ذلك، فإن تصريحات بزشكيان منحت جميع وزرائه المرشحين ثقة البرلمان. اقرأ أيضًا | مخاوف من فوضى سياسية فى اليابان تواجه الحكومة الجديدة تحديات صعبة جدًا ومتراكمة على الصعيدين الداخلى والخارجي. ومن أهم المشاكل التى تعانى منها إيران اليوم، الانخفاض الحاد فى دخل الفرد، اختلال توازن الطاقة، اختلال توازن النظام المصرفي، الجفاف، اختلال التوازن فى صناديق التقاعد، البطالة وأزمة هجرة النخب والمتخصّصين. لهذا يجب على الحكومة الجديدة توجيه البوصلة نحو حل مشاكل البلاد والتعاون والوفاق الوطني، لتجاوز التحدّيات المصيرية التى تحيط بإيران من كل جانب. هذا وتتجه الأنظار إلى وزير الخارجية الإيرانى الجديد عباس عراقتشى بعد نيله الثقة من البرلمان، حيث سيقود دفة الدبلوماسية الإيرانية فى ظل منطقة تشهد تحولات متسارعة تلعب إيران فيها دورًا مؤثرًا مع انخراط محور المقاومة الذى تقوده فى مواجهة بمستويات مختلفة فى حرب مع إسرائيل منذ ما يزيد على عشرة أشهر. تعتبر السياسة الخارجية الإيرانية جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيتها الشاملة للدفاع، ورغم أهمية منصب الوزير، إلا أن هناك خطوط عامة للنظام لا يمكن تجاوزها. ومن هنا تكمن صعوبة هذا المنصب، لما يحتاجه الوزير من تدوير الزوايا للتمكن من العمل بدبلوماسية بالتوازى مع تنفيذ الخطوط العريضة للنظام. لذلك، فإن خطة العمل التى وضعها عراقتشى، والتى أعلن عنها خلال كلمة له أمام البرلمان قبل التصويت على الثقة بأيام، تستند إلى الأسس التى وضعتها القيادة الإيرانية فى السنوات الأخيرة. هذه المحاور تشمل « دبلوماسية المقاومة»، وتعزيز العلاقات مع الحلفاء، وإدارة الصراعات مع القوى العالمية الكبرى. ومن توترات المنطقة إلى التعاون مع المحيط، حيث يرى عراقتشى ان سياسة حسن الجوار، تعتبر ركيزة أساسية فى السياسة الخارجية الإيرانية للحكومة الجديدة. وهى كذلك السياسة التى انتهجتها حكومة الرئيس الراحل إبراهيم رئيسى خلال سنواتها الثلاث. وتأتى هذه السياسة فى إطار الجهود الرامية إلى خفض التوترات الإقليمية وتحسين العلاقات مع الدول المجاورة وتحديدًا دول الخليج. وبالتوازى، أكد عراقتشى ضرورة «توسيع الشراكات الاستراتيجية»، من خلال تعزيز علاقاتها مع الحلفاء التقليديين للنظام، وهى الدول التى وقفت إلى جانبها خلال فترات العقوبات، مثل الصين وروسيا، أمرًا أساسيًا. كما ستتبنى الحكومة الجديدة سياسة مزدوجة تتمثل فى «إحباط العقوبات» والعمل على رفعها فى نفس الوقت. ويبدو أن إيران لن تتعجل فى العمل على رفع العقوبات ولن تقع فى فخ التفاوض الاستنزافى، ترى الحكومة الجديدة فى إيران أن تحسين العلاقات مع الدول الأوروبية يمثل فرصة مشروطة أمام الجمهورية الإسلامية، خاصة بعد الانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووي. وتأتى هذه الرؤية فى إطار السياسة الإيرانية التى تفرق بين الولاياتالمتحدة وأوروبا، حيث تعتبر طهران أن هناك فرصة للتعاون مع أوروبا إذا ما التزمت بالمبادئ المشتركة وأوقفت دعمها للعقوبات الأمريكية. يبدو أن عراقتشى ومن خلفه حكومة بزشكيان ستتحرك وفق ما تسمح له الخطوط العريضة للقيادة فى إيران، وقد تعهد عراقتشى بسياسة خارجية «شاملة وفعالة ومؤثرة» فى مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، وعدم الانحياز إلى أى تيار أو فصيل سياسي، كما تعهّد بمتابعة 3 مهام رئيسية؛ تأمين المصالح الوطنية و«تعزيز الأمن القومي، والحفاظ على تعزيز كرامة ومكانة البلاد.