زاد الجدل مؤخرًا حول ما يُعرف ب«مشروبات الغلابة»، وهى المشروبات الشعبية التى اعتاد الكثيرون تناولها كبديل اقتصادي للمشروبات الفاخرة، وأبرزها عصير القصب والتمر الهندى والسوبيا، وعلى الرغم من شعبيتها وانتشارها الواسع بين مختلف شرائح المجتمع وخاصة فى نار حر الصيف، إلا أنها تعرضت لهجوم شديد من بعض الخبراء الذين يحذرون من أضرارها الصحية المحتملة. يتأرجح الجدل بين الفوائد الصحية لهذه النوعية من المشروبات، والأضرار التي قد تنجم عن مكوناتها وطريقة إعدادها. ومن هنا تسلّط «آخرساعة» الضوء على الجوانب المختلفة لهذه المشروبات، لمعرفة الحقيقة الكاملة وراءها وكيفية تناولها بأمان بعد استطلاع آراء المختصين فى مجال التغذية وعلوم الأطعمة. ■ د. رضوى شاهين توضح الدكتورة رضوى أحمد شاهين، مدرس مساعد التغذية وعلوم الأطعمة فى كلية التربية النوعية بجامعة عين شمس، أن عصير القصب يُعتبر من المشروبات الصيفية الأكثر انتشارًا، إلا أنه يُعد أيضًا من أول المتهمين بتسببه فى أضرار صحية. فعلى الرغم من كونه خيارًا اقتصاديًا مقارنة بالمشروبات المعلبة والغازية، فإن هناك جدلًا كبيرًا حول الأضرار المحتملة بسبب طريقة تحضيره. ◄ فوائد ونصائح يعتمد عصير القصب على عصر عيدان نبات قصب السكر باستخدام مكابس أو عصارات ضغط لاستخراج العصارة الطازجة، وقد يتراكم داخل العصارة الأتربة أو الصدأ، كما قد لا يتم تقشير الأعواد جيدًا أو كحت الطبقة الخارجية لإزالة الحشرات والذباب واليرقات التي قد تعلق بها، مما يعرض العصير لمخاطر صحية كبيرة على الكبد بسبب السموم الفطرية. وتشير إلى ضرورة شرب العصير فور عصره لأنه سريع التأكسد، حيث يتغير لونه وطعمه بسرعة نتيجة تفاعل الأكسجين مع بعض عناصره الغذائية. في غضون 15 دقيقة من عصره، يتحول لون العصير إلى الأسود ويتحول إلى كحول إيثيلي، مما يجعله غير صالح للاستهلاك. كما أن مخاطر الثلج الملوث، الذى غالبًا ما يُضاف إلى عصير القصب من مصانع غير صحية، تزيد من احتمال تلوث العصير بالبكتيريا. من ناحية أخرى، يتمتع عصير القصب بخصائص صحية عديدة، منها تحسين صحة البشرة ومظهرها، تحسين وظائف الكلى، تعزيز جهاز المناعة وتخفيف أعراض الاكتئاب، تنظيم مستويات السكر في الدم لغير مرضى السكر، تحسين صحة الكبد والمساعدة فى الهضم، الوقاية من السرطان ومنع تخثر الدم، وحماية القلب والأوعية الدموية من الأمراض. وللاستفادة من فوائد عصير القصب، من المهم اختيار المحلات التى تحرص على اتباع الطرق السليمة فى عملية العصر، وتجنب الشرب فى أكواب زجاجية غير معقمة، واستخدام أكواب أو أكياس بلاستيكية للاستعمال الشخصى مرة واحدة. ويجب التأكد من تخزين عيدان القصب فى أماكن نظيفة، وعدم تناول العصير إذا تغير لونه. من الأفضل تناول عصير القصب فى المنزل بعد غسله جيدًا وتقشيره، سواء من خلال مضغه أو عصره بالعصارات المنزلية الحديثة. وأخيرًا، يجب تجنب الإفراط في تناول عصير القصب لاحتوائه على كميات كبيرة من السكر. ◄ اقرأ أيضًا | لتحسين وظائف الكبد.. فوائد تناول «عصير القصب» ◄ السوبيا والتمر أما السوبيا والتمر فهما مشروبان تقليديان يتمتعان بشعبية كبيرة بفضل نكهتيهما المميزتين وفوائدهما الصحية. ومع ذلك، فإن تحضيرهما وتناولهما بشكل صحيح ضرورى للحصول على هذه الفوائد وتجنب الأضرار المحتملة. وتقول الدكتور رضوى إن السوبيا يُحضر بطرق مختلفة فى مناطق متنوعة، فعلى سبيل المثال فى السعودية، يُصنع من الخبز الأبيض أو الشعير، ما يمنحه نكهة مميزة، وفى مصر، يُحضر عادة من الأرز ومسحوق جوز الهند، وأحيانًا يضاف إليه الحليب والفانيليا، وعلى كل الأحوال فالنسخة الأصلية من السوبيا تُعتبر مفيدة جدًا للصحة، حيث تحتوى على مكونات طبيعية مثل الحليب، الغنى بالكالسيوم والبروتين، مما يساعد فى تقوية العظام وحمايتها من الهشاشة. بالإضافة إلى ذلك، السوبيا تُعزز جهاز المناعة وتحسن صحة القلب والأوعية الدموية بفضل احتوائها على المغنسيوم، كما أنها تحتوى على ألياف تساعد فى تحسين الهضم وتقليل مشاكل الجهاز الهضمى مثل الإمساك والانتفاخ. لكن فى الوقت نفسه، النسخة الصناعية من السوبيا المنتشرة فى الأسواق المصرية غالبًا ما تحتوى على مكونات صناعية مثل مسحوق الكريمة المخفوقة والآيس كريم، التى قد تسبب أضرارًا صحية، فهذه المكونات تُزيد من مخاطر الإصابة بالسمنة، وارتفاع نسبة السكر فى الدم، وتزيد من احتمال الإصابة بأمراض مثل السكرى والسرطان على المدى البعيد. وعن التمر الهندى، فهو يتميز بطعمه الحامض والمنعش، والنوع الأصلى من التمر الهندى غنى بمركبات البوليفينول والفلافونويد، التى تلعب دورًا مهمًا فى تعزيز صحة القلب والجهاز المناعى، وتساعد فى مكافحة الالتهابات وتقليل مخاطر الإصابة بالسرطان، كما يُعزز صحة الجهاز الهضمى ويُحسن نضارة البشرة. ومع ذلك، التمر الهندى الصناعى، الذى يُباع على شكل بودرة، يحتوى على مواد صبغية ومكسبات طعم صناعية، ويفتقر إلى أى فوائد غذائية حقيقية. بالإضافة إلى ذلك، يحتوى على كميات كبيرة من السكر، ما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكرى من النوع الثانى ومشاكل صحية أخرى. ◄ العرقسوس وعن العرقسوس فهو مشروب لا يقاوم، حيث يتردد صوت بائعه فى شوارعنا ليجذب الجميع بمذاقه الحلو والمميز، ويُستخرج هذا المشروب الشهير من جذور نبات العرقسوس، ويُعرف بقيمته الطبية العالية، حيث يستخدم فى الطب التقليدى حول العالم، وكذلك فى صناعة المستحضرات الغذائية والمشروبات. ويحمل العرقسوس فوائد صحية عديدة، إذ يُستخدم بشكل أساسى لعلاج اضطرابات الجهاز الهضمى وأمراض الفم والكبد، مما يعزز الصحة الهضمية بشكل شامل، وتشير الدراسات إلى أن العرقسوس يحتوى على مواد فعالة مضادة للأكسدة، مضادة للالتهابات، ومضادة للميكروبات، مما يجعله وقائيًا ضد العديد من الأمراض مثل السمنة، السكرى، قرحة المعدة، والسرطان. إلى جانب ذلك، يساعد فى الوقاية من تسوس الأسنان، الشفاء من الربو، تعزيز الذاكرة، وتحفيز نمو الشعر، ويعتبر أيضًا مفيدًا لصحة القلب والشرايين، كما أنه يحتوى على نسبة عالية من الحديد والمنجنيز والكوبالت، مما يزيد من قيمته الصحية. وعلى الرغم من فوائده المتعددة، يجب الحذر عند تناول العرقسوس بكميات كبيرة أو لفترات طويلة. حيث يمكن أن يسبب بعض الأضرار الصحية مثل زيادة خطر الولادة المبكرة عند الحوامل، نقص بوتاسيوم الدم، ارتفاع ضغط الدم، الصداع والكسل، احتباس السوائل والصوديوم فى الجسم، فقدان الوزن غير المرغوب، عدم انتظام ضربات القلب. لذلك، يُفضل استهلاك العرقسوس بكميات معتدلة للاستفادة من فوائده وتجنب مخاطره، فضلا عن أهمية إعداده فى المنزل لتجنب تلوثه فى الشارع. ◄ مخاطر بالجملة من جانبها تحذر المهندسة رقية حسن، اختصاصية علوم وتكنولوجيا الأغذية، من العصائر «البودرة» المتاحة فى الأسواق، وتشير إلى أنه عند قراءة مكونات هذه العصائر على العبوة، ستجدون بعض المكونات الضارة التى يجب الانتباه إليها، فكثير من الملونات الصناعية مستخرجة من قطران الفحم، وهو محظور استخدامه فى عدة دول مثل النرويج وألمانيا والدنمارك وسويسرا والسويد وفرنسا والنمسا وبلجيكا، والسبب وراء هذا الحظر هو ارتباطه بزيادة خطر الإصابة بسرطان المثانة لدى فئران التجارب. بالإضافة إلى ذلك، ترتبط هذه الملونات بزيادة النشاط الحركى للأطفال، خاصةً عند مزجه مع بنزوات الصوديوم. ■ المهندسة رقية حسن ونوهت إلى أن هذه الألوان الصناعية تستخدم أيضًا فى العصائر مثل السوبيا والتمر والخروب. إلى جانب الألوان، تحتوى هذه العصائر على محليات صناعية مثل السكر، حمض الستريك، الطعم الصناعى، واللون الصناعى. المشكلة الحقيقية تكمن فى العصائر التى تُباع عند العطارين ويتم إذابتها بواسطة عربات العصير ومحلات العصير. وغالبًا ما تُصنع هذه العصائر فى ورش صغيرة غير مرخصة، ما يعنى عدم وجود معايير دقيقة لنسب إضافة اللون والطعم، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على الصحة، والجسم قد لا يكون قادرًا على التخلص من الكميات الزائدة من هذه المواد، مما يزيد من خطر الإصابة بأمراض الكلى والكبد والسرطان. بالإضافة إلى ذلك، تؤدى هذه المواد إلى زيادة حموضة الدم، مما يجعل الكلى غير قادرة على التعامل معها بكفاءة.