في أعماق البحر المتوسط، وبين الأمواج والكنوز المدفونة، اكتشفت أثار تاريخية تحمل في طياتها عظمة حضارة قديمة، تروي أطلال مدينة هيراكليون قصة عظمة وإرث حضاري لا يُضاهى، اكتُشفت هذه المدينة الغارقة في خليج أبي قير، لتصبح مفتاحًا لفهم فترة من التاريخ المصري الحافل بالأساطير والأحداث الهامة. اقرأ أيضا| حكايات| النيل يبوح.. الآثار المصرية الساحرة تُدهش العالم ومن بين الاكتشافات المذهلة في هيراكليون، هما تمثالين للملكة بطلمية، ريما أرسينوي الثانية، التي لعبت أدوارًا سياسية ودينية بارزة، وعن تمثال لملك بطلمي يُعتقد أنه بطلميوس الثاني، ينتمي هذا التمثال إلى فترة تاريخية شهدت تمازجاً فريداً بين الثقافة اليونانية والمصرية، حيث كانت الأسرة البطلمية من نسل أحد قادة الإسكندر الأكبر. يبرز هذا التمثال الروابط العميقة بين الحضارات وتأثيرها المتبادل، مما يعزز الفهم العميق للتراث الثقافي العالمي. تقع مدينة هيراكليون في خليج أبي قير، على بعد حوالي 6.5 كيلومتر من شاطئ الإسكندرية، كانت هيراكليون، المعروفة أيضًا بتونيس، واحدة من أهم الموانئ المصرية القديمة، أسسها قدماء المصريين في الألفية الأولى قبل الميلاد، وكانت مركزًا تجاريًا ودينيًا هامًا، عُرفت المدينة بكونها نقطة التقاء للحضارات والشعوب، حيث لعبت دورًا حيويًا في التجارة بين مصر والبحر المتوسط. في عام 2000، تم اكتشاف المدينة الغارقة بواسطة فريق بقيادة عالم الآثار البحرية الفرنسي فرانك جوديو، خلال عمليات التنقيب، عُثر على مجموعة مذهلة من الآثار، بما في ذلك تماثيل ضخمة، معابد، قطع نقدية، ومجموعة متنوعة من الأدوات اليومية التي تقدم لمحة فريدة عن الحياة في هيراكليون. قصة التمثال البطلمي: من بين الاكتشافات البارزة في هيراكليون، تم العثور على تمثال لملكة بطلمية، ربما أرسينوي الثانية، المصنوع من الجرانيت الأحمر. عُرف عن الملكات البطلميات دورهن البارز في السياسة والدين خلال فترة حكمهن (حوالي 305-30 ق.م)، أرسينوي الثانية، التي كانت زوجة بطليموس الثاني، عُرفت بنفوذها السياسي الكبير ودورها الديني كإلهة حامية البحارة، بعد وفاتها، تم تقديسها في معظم المعابد المصرية، وتُعبد كإلهة حامية. تاريخ المدينة وأهميتها: كانت هيراكليون مركزًا دينيًا مهمًا، حيث احتضنت معبد آمون، الذي كان واحدًا من أقدم المعابد المصرية، وكانت المدينة موطنًا للعديد من الآلهة المصرية القديمة، مما جعلها مقصدًا للحجاج والزوار من مختلف أنحاء العالم القديم، لكن مع مرور الزمن، ومع عدة كوارث طبيعية، غمرت المياه المدينة بالكامل، واندثرت تحت سطح البحر. الآثار الغارقة والأبحاث الحالية: ما زالت الأبحاث مستمرة في موقع هيراكليون، حيث يواصل العلماء كشف المزيد من الأسرار المدفونة، تقدم هذه الآثار نظرة عميقة على الحياة اليومية والتجارية والدينية في المدينة، وتساعد في فهم العلاقات الثقافية والتجارية بين مصر وبقية العالم القديم. في النهاية، تظل مدينة هيراكليون رمزًا للعظمة والتاريخ المصري، تروي قصصًا عن ملوك وملكات وأناس عاديين عاشوا في فترة زمنية غابرة، وتبقى هذه المدينة الغارقة شاهدًا على عظمة الحضارة المصرية وإرثها الذي لا يزال يبهر العالم حتى اليوم. تمثال الملك البطلمي تعد الأسرة البطلمية واحدة من أبرز السلالات الحاكمة في مصر القديمة، وقد أسسها بطلميوس الأول، أحد قادة الإسكندر الأكبر، كانت هذه الأسرة تحكم مصر بتأثير مزدوج من التراث اليوناني والمصري، كانت السياسة البطلمية تعتمد على دمج الثقافات، حيث كان الملوك البطالمة غالباً ما يصورون أنفسهم كحكام مصريين على جدران المعابد، ويمارسون العبادات المحلية بجانب تقديس الآلهة اليونانية. اكتشف هذا التمثال الضخم بالقرب من المعبد الكبير للإله آمون في مدينة هيراكليون، وهو موقع أثري مهم يُظهر عمق التأثير الديني والثقافي للبطالمة. يكشف هذا التمثال ليس فقط عن الفن والنحت في تلك الفترة، بل أيضاً عن التأثيرات الدينية والتاريخية التي شكلت هوية الأسرة البطلمية. إن العثور على هذا التمثال في قاع البحر الأبيض المتوسط يعتبر اكتشافاً أثرياً مهماً، حيث يعيد إلى الأذهان الفترات الزاهرة من تاريخ مصر القديمة ويبرز التأثير الكبير للحضارة البطلمية، يمثل هذا التمثال رمزاً للتكامل الثقافي والتاريخي الذي ميز فترة حكم البطالمة، مما يجعله قطعة أثرية فريدة تعكس تلاقح الحضارات وتأثيراتها المتبادلة. اكتشاف مدينة "ثونيس - هيراكليون" يعتبر مدينة "ثونيس" بالمصرية أو "هيراكليون" باليونانية. كانت هذه المدينة القديمة ميناءً رئيسيًا للسفن القادمة إلى الإسكندرية، عاصمة مصر البطلمية، وقد تأسست على مجموعة من الجزر المحاطة بالقنوات، ازدهرت هذه المدينة لأكثر من ألف عام قبل أن تتسبب الزلازل وارتفاع منسوب مياه البحر في غمرها تحت الماء، لتظل طي النسيان حتى اكتشافها الحديث. تعد مدينة "ثونيس - هيراكليون" واحدة من أروع المدن الأثرية التي تروي قصة الحضارة البطلمية في مصر، تأسست هذه المدينة على مجموعة من الجزر المحاطة بالقنوات المائية، مما جعلها مركزًا تجاريًا واستراتيجيًا هامًا. كانت المدينة بمثابة بوابة الدخول للسفن القادمة من جميع أنحاء البحر المتوسط إلى الإسكندرية، مما يعكس أهميتها الكبيرة في ذلك العصر. ازدهرت المدينة لأكثر من ألف عام، حيث كانت مركزًا للنشاط التجاري والثقافي، وملتقى للحضارات المختلفة التي مرت عبرها، ولكن مع مرور الزمن، تعرضت المدينة للعديد من الزلازل وارتفاع منسوب مياه البحر، مما أدى إلى غرقها تدريجياً تحت مياه البحر الأبيض المتوسط، لتحمل معها أسرارًا وقصصًا لا تُحصى. إن اكتشاف هذه المدينة الغارقة يمثل إنجازًا علميًا وأثريًا بالغ الأهمية، حيث أتاح للباحثين الفرصة لاستكشاف البقايا المغمورة والتعرف على تفاصيل الحياة اليومية والثقافية والتجارية في تلك الفترة. يشمل الاكتشاف العديد من المعابد والتماثيل والمباني التي تعكس روعة الفن والهندسة المعمارية البطلمية. تمثل مدينة "ثونيس - هيراكليون" رمزًا للتاريخ الغني والمتنوع لمصر القديمة، وتسلط الضوء على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي والإنساني، إن إعادة اكتشاف هذه المدينة تحت الماء يعيد إحياء قصة حضارة عظيمة كانت تربط بين الشرق والغرب، وتساهم في فهم أعمق للتاريخ القديم وأثره على الحضارات اللاحقة.