بين ليال متوترة وأيام مشتعلة بالأحداث المضطربة عانت بريطانيا من أسبوع صادم اشعل احداثه جماعات اليمين المتشدد التي قرر أفرادها بين ليلة وضحاها التخلص من المسلمين في كافة أنحاء بريطانيا وتخويفهم وإرهابهم حتى وإن تطلب الامر مواجهة الشرطة والاعتداء على عناصرها ومواجهة رافضي العنصرية وإرهابهم ايضا لدفاعهم عن حرية وحقوق غيرهم. مازالت الشرطة البريطانية تطارد وتتعقب مئات المتهمين ممن أشعلوا الاحتجاجات عبر الخطابات المناهضة للمسلمين والمهاجرين في المدن الانجليزية من مانشستر إلى هال ومن ميدلسبره إلى بليموث عبر ارتكاب أعمال الشغب وإحراق ملاجئ وفنادق المهاجرين وتعقبهم والاعتداء عليهم في سلسلة من الحوادث الفردية والجماعية بالإضافة إلى الهجوم على الشرطة بالطوب والزجاجات والنار، وبالفعل مثل بعضهم امام المحاكم والبعض الآخر ترصده كاميرات مراقبة الشوارع لتحديد هويتهم وإلقاء القبض عليهم. جماعة إرهابية تتناول التقارير الأمنية والإعلامية احداث ما بعد الازمة لوضع حلول حاسمة تدفع بريطانيا إلى إدراج شباب اليمين المتطرف ضمن المتهمين بالإرهاب، وكذلك تسعى إلى تصنيف جماعة «رابطة الدفاع الإنجليزية» كمنظمة إرهابية بعد اندلاع أعمال الشغب في ساوثبورت إثر انتشار معلومات مضللة عبر الإنترنت عن هوية المشتبه به في جريمة قتل ثلاث فتيات، وادعاء انه شاب مسلم إرهابي مما ادى إلى اندلاع الاحتجاجات واعمال العنف ضد المسلمين في المدن البريطانية. أحرجت جماعات اليمين المتطرف حكومة كير ستارمر بعد اقل من شهر من توليه منصب رئيس الوزراء؛ لتصبح اولى تعهداته بأن يواجه المتهمين في تلك الاحداث القوة الكاملة للقانون دون تراخي، واعتلت رابطة الدفاع الانجليزية قائمة جماعات اليمين الأكثر خطورة في بريطانيا وهى المنظمة التي تم حلها فيما سبق طبقا لقوانين الإرهاب في المملكة المتحدة واثارت مخاطر تلك الجماعة تساؤلات حول خطوات الحكومة نحو تلك الجماعة؛ حيث اشارت نائبة رئيس الوزراء البريطانية أنجيلا راينر إلى دور وزيرة الداخلية إيفات كوبر والنظر فيما إذا كان من الممكن حظر رابطة الدفاع الإنجليزية بموجب القانون البريطاني للوقوف امام تلك الاحداث العنيفة. شعارات العنصرية تأسست رابطة الدفاع الإنجليزية عام 2009 وبدأ نشاطها الفعلي في عام 2011 بعد تأسيسها في لندن، واصبح تومي روبنسون واسمه الحقيقي ستيفن ياكسلي لينون الزعيم الفعلي للمجموعة بعد فترة وجيزة من تأسيس الرابطة، وهو عضو سابق في الحزب الوطني البريطاني، تركزت مبادئ جماعة الدفاع الانجليزية على رفض فكرة تواجد المسلمين في بريطانيا باعتبارهم مواطنين انجليز، وتروج للإسلام باعتباره تهديد للقيم الأوروبية وسبب في التراجع الملحوظ في الثقافة الإنجليزية وارتفاع معدلات الهجرة. شكلت الرابطة أدوات الحماية من العقوبات القانونية حيث ترفع شعار «ليس عنصريا، وليس عنيفًا، ولكن ليس صامتًا» وزعمت أنها تدافع عن العرق الانجليزي والطبقة العاملة البيضاء فقط، ولكن الهتافات العنصرية لم تتوقف في مسيرات رابطة الدفاع الإنجليزية، حيث يشير اعضاء الرابطة أن مجرد الانضمام لها يجعل افرادها يشعرون بالانتماء، وبالفعل ارتفعت مكانة الرابطة الدفاع الإنجليزية بين عامي 2010 و2013، حيث استغلت عدد من الاحداث منها مقتل الجندي البريطاني لي ريجبي على يد اشخاص تابعين للداعية المتطرف انجم شودري لتشن حملات ضد المسلمين في كافة انحاء بريطانيا الا انها سرعان ما بدأت تفقد اهميتها بسبب الصراع الداخلي بين المجموعات المتنوعة في الرابطة. ارتبطت الرابطة الانجليزية بعدد من العمليات الارهابية منها الحادث الذي ارتكبه اليميني المتطرف النرويجي أندرس بيرينج بريفيك، الذي شن سلسلة من الهجمات بالقنابل وإطلاق النار في يوليو 2011 أسفرت عن مقتل 77 ضحية، وفي ديسمبر 20111 أدين اثنان من افراد الرابطة بالتخطيط لتفجير مسجد كبير في انجلترا. بحلول عام 2013، كان عدد الأعضاء الذين يحضرون التجمعات في انخفاض وخاصة بعد تأكيد زعيمها روبنسون مخاوفه لعدم قدرته على اتباع المجموعة الأكثر عنفًا، وظلت الرابطة تتصدر عناوين الاخبار عبر التخطيط لمسيرات وإلغاء مسيرات اخرى لكنها كانت مجرد أعداد محدودة من التجمعات. حظر صعب صدمت الأحداث الأخيرة البريطانيين بسبب عودة الرابطة التي ادعى زعيمها روبنسون في احد منشوراته أن أعمال الشغب تصدر من السكان المحليين ولا علاقة لها برابطة الدفاع الإنجليزية التي انتهى نشاطها منذ أكثر من عقد من الزمان ليؤكد أن تلك الاحتجاجات مجرد مشاعر الغضب من المهاجرين. ادعاء تفكك الرابطة تسبب في بحث وزيرة الداخلية البريطانية في هذا الأمر الذي يبدو صعبًا نظرا لان الجماعة غير نشطة رسميًا، ولكن إذا اعتقدت الحكومة أن رابطة الدفاع الإنجليزية تعمل تحت اسم مختلف، فيمكن حظرها وحظر أى جماعة تابعة لها، وبموجب قانون الإرهاب لعام 2000، يجوز لوزير الداخلية حظر منظمة إذا كان يعتقد أنها مختصة بالإرهاب، وبتعريف القانون فإن الإرهاب يتضمن التهديد بعمل ينطوي على عنف خطير ضد شخص، أو إلحاق أضرار جسيمة بالممتلكات، أو تعريض حياة شخص للخطر أو خلق خطر على الحياة، أو التأثير على الحكومة أو ترهيب الجمهور. اتهام إكس يشير تقرير لواشنطن بوست إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في تسريع الغضب والاحتجاجات ونشر المعلومات المضللة، وهو ما اكدته إيفيت كوبر، وزيرة الداخلية البريطانية؛ لتصف منصات التواصل الاجتماعي بمثابة الصاروخ في تأجيج الاضطرابات مؤكدة أن بعض المنصات مثل ميتا وجوجل وتيك توك استجابت سريعا لإزالة المعلومات المضللة والمنشورات المحرضة على العنف، إلا أن منصة إكس X التي يمتلكها الملياردير إيلون ماسك، اشتبكت بشكل واضح مع حكومة ستارمر عبر نشر المعلومات المضللة السامة، بل ظهر وكأنه يشجعها، مما أدى إلى تعزيز هستيريا اليمينيين المتطرفين وعززها ايضا بمقولته «الحرب الأهلية حتمية» في بريطانيا، كما اتهم المسئولين البريطانيين بالتعامل بقسوة مفرطة مع المحتجين اليمنيين المتطرفين. تلقى إيلون ماسك المزيد من الانتقادات والاتهامات بسبب إعادة تنشيط مجموعة من الحسابات المحرضة والعنصرية في كثير من الأحيان، وهو ما تسبب في المزيد من التحريض في الاحداث الاخيرة، ففي العام الماضي، أعادت منصة X تنشيط حساب الناشط اليميني المتطرف في المملكة المتحدة ومؤسس رابطة الدفاع الإنجليزية تومي روبنسون الذي نشر تعليقات ومقاطع فيديو متواصلة عن أعمال الشغب عبر المنصة، وتم حظر روبنسون من تويتر في عام 2018 لانتهاكه سياساته المتعلقة بالكراهية. العقل المدبر ألقى الاعلام البريطاني الاضواء على تومي روبنسون زعيم رابطة الدفاع الانجليزية باعتباره العقل المدبر للاحداث الاخيرة، وهو ناشط أربعيني لام ايرلندية واب انجليزي له سجل جنائي حافل وقضى أحكامًا سابقة بالسجن، وبدأت إدانته الجنائية منذ تخرجه عام 2003، حيث عوقب بالسجن لمدة سنة بسبب اعتدائه على ضابط شرطة وهو تحت تأثير الكحوليات، و بعد خروجه من السجن اعلن روبنسون اهتمامه بالسياسة وتشكلت لديه نزعة ضد الإسلام، او ما يدعيه «التهديد الإسلامي» مستغلا حوادث ارهابية سابقة تورط فيها اشخاص مسلمين، وتنوعت الإدانات والاتهامات حيث ألقي القبض عليه عام 2011، بسبب قيادة جماعة تضم نحو 100 شخص تسببوا بأعمال شغب، وفي عام 2013 القى القبض عليه لمحاولته استخدام جواز سفر مزور يعود لشخص آخر لدخول الولاياتالمتحدةالأمريكية، وسجن 10 أشهر، وفي عام 2014 حُكم عليه بالسجن عام ونصف بتهمة النصب للحصول على قروض، وفي عام 2017 أدين بتهمة ازدراء المحكمة عقب إطلاقه بث مباشر أمام المحكمة للتعليق على قضيته، وخلال البث وجه الكثير من الشتائم والانتقادات للمحكمة، وفي عام 2018، حذفت حساباته من مواقع التواصل الاجتماعي بسبب خطابه الذي يحرض على العنف والكراهية. أحكام قضائية وفي أكتوبر 2018، ظهر روبنسون بتصريحات ضد طفل مراهق سوري يدعى جمال حجازي تعرض للضرب من زملائه لينتقد روبنسون الطفل مما عرضه واسرته لتهديدات تسببت في تغيير منزله، وبعد اشهر من المحاكمة أدانت المحكمة روبنسون بتهمة التحريض ضد الطفل وطالبته بتعويض لصالحه بأكثر من 100 ألف جنيه إسترليني وحين اكد روبنسون انه لا يمتلك المال قام مؤيدوه بجمع التبرعات وتغطية نفقاته القانونية وتلقى روبنسون خلال سنوات محاكماته وسجنه المتكررة أكثر من مليوني جنيه إسترليني على شكل رعاية وهدايا معظمها من مؤيديه خارج بريطانيا ومازالت محاكمات روبنسون مستمرة ومازال هاربًا خارج بريطانيا حيث ظهر مستلقيا في احد فنادق قبرص وهو يرسل سلسلة متواصلة من المنشورات التحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي من ملجأه الخارجي أثناء هربه وقضائه إجازة مع عائلته تزامنت مع صدور مذكرة اعتقال ضده. اقرأ أيضا : رجل يطعن طفلة وسيدة في ساحة ليستر بلندن| صور