د. طارق فهمى ويشير اختيار يحيى السنوار إلى أن الحركة اختارت التصعيد والاستمرار فى تبنى خيار المقاومة وعدم الإقدام على تقديم أية تنازلات فى الفترة المقبلة مع اختيار يحيى السنوار رئيسًا للمكتب السياسى لحركة حماس خلفًا لإسماعيل هنية ما يشير الى أن الحركة اختارت عدم الانتظار، وعملت على ملء الفراغ بصورة عاجلة بسبب غياب هنية، حيث تم الاختيار من داخل المجموعة القيادية للحركة وتحديدًا فى الجناح العسكرى للحركة فى الداخل، وليس فى الخارج أو فى الأقاليم ويحمل اختيار يحيى السنوار دلالات رمزية أكثر منها واقعية. ويشير اختيار يحيى السنوار إلى أن الحركة اختارت التصعيد والاستمرار فى تبنى خيار المقاومة وعدم الإقدام على تقديم أية تنازلات فى الفترة المقبلة ويتمتع السنوار بعلاقات جيدة مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، مما يمكنه من تنسيق الجهود والمواقف لتحقيق أهداف الحركة فى الفترة المقبلة، كما ستكون الغلبة للجناح العسكرى فى الداخل، وليس للمكتب السياسى فى الخارج والأقاليم، ومن ثم فإن قوة المكتب السياسى فى الخارج والأقاليم ستضعف فى الفترة المقبلة، كما ستكون رئاسة المكتب السياسى الحقيقية ممثلة فى شخص خليل الحية لبعض الوقت ما يؤكد أن هناك توازنات ستحكم مسار الحركة واتجاهاتها فى الداخل الفلسطينى سواء فى القطاع أو الضفة الغربية. فى هذا السياق من التطورات ستعمل الحركة على إعادة تجميع مستوياتها السياسية من الخارج، وهو أمر متاح وقد يكون ذلك من خلال إيران وتركيا والجزائر وروسيا وقطر مع إعادة بناء مواقف وتوجهات جديدة فى سياق ما يجرى أما مستوياتها الداخلية وقدراتها فمن الصعوبة بمكان إعادة العمل فى القطاع والرهان على الداخل سيواجه بصعوبات حقيقية لوجود القوات الإسرائيلية على الأرض، واستمرار احتلال القطاع، وعدم السماح لحماس بمراجعة حضورها العسكرى إذ سيكون على رأس المطالب الإسرائيلية نزع سلاح الفصائل وليس فقط حركة حماس ما يؤكد أن إسرائيل ستركز على هذا الأمر، ومن ثم فإن ما يجرى من تطورات داخل حركة حماس فى الوقت الراهن يحتاج بالفعل إلى مراجعات كاملة. سيبقى الهدف الإسرائيلى المعلن إقصاء حركة حماس من المشهد الفلسطينى، وبرغم تصور إسرائيل أنها فككت هيكل القيادة والتحكم الرئيسى لحماس فى وسط وشمال غزة، لكن لاتزال هناك جيوب لها فى مناطق أخرى، وتبقى أربع كتائب تعمل بشكل كامل فى رفح، وهو السبب الذى تبرر به إسرائيل رغبتها فى استمرار العمل العسكرى وعدم الإعلان رسميا عن إنهاء العمليات العسكرية، وإن كان إجمالا التشكيل العسكرى المنظم لحماس لم يعد موجودًا، كما أن الغارات النوعية التى تشنها القوات الخاصة التابعة للجيش الإسرائيلى على المناطق التى يعيد فيها عناصر المقاومة تجميع صفوفهم ستكون النموذج للقتال فى الوقت الراهن والمستقبل، وهو يشابه ما تقوم به إسرائيل فى الدخول إلى مخيمات اللاجئين فى الضفة الغربية، هو بالضبط ما ستفعله فى قطاع غزة لسنوات مقبلة. ستتحكم إذن قوة حركة حماس العسكرية بالفعل فى المسار الذى يمكن المضى فيه سواء من خلال مراجعات أو تقييمات تعمل عليها أجهزة المعلومات الإسرائيلية خاصة جهاز الأمن الداخلى شاباك الذى يرى أن بقاء قوة حماس العسكرية ستظل أكبر مهدد مباشر لأمن إسرائيل ما يتطلب إعادة ترتيب الحسابات العسكرية فى التعامل وليس فقط السياسية التى قد تأخذ وقتا فى إدارة حكم القطاع الذى ما زال غير متفق بشأنه فى إسرائيل فى الفترة الراهنة والمتوقعة وفى ظل التأكيد على أن إسرائيل ستبقى فى حكم القطاع كدولة احتلال مع إمكانية القبول بوجود قوة رمزية تعمل إلى جوار إسرائيل، وإن كانت صلاحياتها ودورها سيبقى فى اطارها المحدود على أن تتولى الأمور الإجرائية، أما إدارة القطاع أمنيا فسوف تكون لإسرائيل بالتنسيق مع بعض مكونات الداخل الفلسطينى سواء العشائر أو بعض ممثلى الأجهزة الأمنية بعد الكشف عن الأسماء ومراجعة مواقفهم بالتنسيق مع لجان الارتباط الأمنية التى لم تتوقف بين الجانبين، وفى إطار من التنسيق الأمنى، حيث تطرح الحكومة الإسرائيلية عدة شروط محددة أهمها عدم إتاحة الفرصة لعناصر حركة حماس بالعودة إلى القطاع أو القيام بدور -ولو غير رسمى- فى القطاع إداريا ومدنيًا وأن تتوافر فى البديل الفلسطينى قدرات متميزة ودعم عربى ودولى لممارسة دوره فى المرحلة الانتقالية وأن يكون البديل الفلسطينى مدخلًا إلى إيجاد قيادة جديدة كسلطة بديلة ومتماسكة للسلطة الفلسطينية فى المدى المتوسط والطويل الأجل فى قطاع غزة. ولكن يبقى السؤال هل بالفعل تستطيع إسرائيل تدمير البنى التحتية للحركة، وإن تم فحماس اليوم ليست حماس ما قبل الحرب لكن الأفكار التى تعمل عليها حماس لا يمكن القضاء عليها، وقد يتغير اسم حماس وتتبنى مسمى جديدا فى مرحلة معينة مع قيادات صاعدة.