سعر صرف الدولار في البنك المركزي المصري والبنوك المصرية (آخر تحديث)    «حياة كريمة» تقدم أنشطة رياضية وتوعوية لأهالي قرية بسنتواي بالبحيرة    حالة الطقس اليوم.. بيان بآخر مستجدات الأمطار والتقلبات الجوية    قافلة المساعدات رقم 95 تتحرك إلى غزة لدعم المتضررين بالأغذية والأدوية    عائشة بن أحمد تحسم موقفها من دراما رمضان 2026 وحقيقة الجزء الثاني من «الغاوي»    نقيب المهن الموسيقية: فصل عاطف إمام جاء بعد تحقيق رسمي    عمرو أديب لمحمد صبحي: هيئة الترفيه لا علاقة لها بفيلم «الست».. هل الدولة ستتآمر على نفسها؟    ماكرون: نمضي قدما نحو سلام راسخ ودائم في أوكرانيا    حالة الطقس ودرجات الحرارة اليوم الثلاثاء في مصر    جمارك مطار أسيوط تضبط تهريب كمية من مستحضرات التجميل    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    بعد حادث حاويات قطار طوخ، مواعيد قطارات «القاهرة – الإسكندرية» اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025    بتكلفة 2.5 مليون جنيه.. إنشاء أكبر شلتر للكلاب الضالة بمدينة 15 مايو    وزير قطاع الأعمال العام: عودة منتجات «النصر للسيارات» للميني باص المصري بنسبة مكون محلي 70%    انهيار سد فى وشنطن.. تغطية خاصة لليوم السابع حول أهم الأخبار والأحداث    قاتل النساء الصامت.. RSV الخطر الذي يهدد حياة الرضع    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    إدارة ترامب: بناء قاعة الرقص بالبيت الأبيض متعلق بالأمن القومي    وكيل صحة الغربية يعلن افتتاح وحدة التصلب المتعدد والسكتة الدماغية بمستشفى طنطا العام    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    انهيار ضريح وظهور رفات الجثامين يثير موجة غضب في المنوفية    لإجراء الصيانة.. انقطاع التيار الكهربائي عن 21 قرية في كفر الشيخ    وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة بالغربية    لقاح الإنفلونزا.. درع الوقاية للفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الشتاء    إنقاذ قلب مريض بدسوق العام.. تركيب دعامتين دوائيتين ينهي معاناة 67 عامًا من ضيق الشرايين    ثماني دول أوروبية تناقش تعزيز الدفاعات على الحدود مع روسيا    العربية لحقوق الإنسان والمفوضية تدشنان حوارا إقليميا لإنشاء شبكة خبراء عرب    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    كأس العرب، حارس مرمى منتخب الأردن بعد إقصاء السعودية لسالم الدوسري: التواضع مطلوب    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    مصرع طفلين وإصابة 4 أشخاص على الأقل فى انفجار بمبنى سكنى فى فرنسا    شيخ الأزهر يهنئ ملك البحرين باليوم الوطني ال54 ويشيد بنموذجها في التعايش والحوار    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    الكونغو: سجن زعيم المتمردين السابق لومبالا 30 عامًا لارتكابه فظائع    التموين تواصل افتتاح أسواق اليوم الواحد بالقاهرة.. سوق جديد بالمرج لتوفير السلع    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    تحطم زجاج سيارة ملاكي إثر انهيار شرفة عقار في الإسكندرية    نهائي كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب ضد الأردن والقنوات الناقلة    منتدى «السياحة والآثار» وTripAdvisor يناقشان اتجاهات السياحة العالمية ويبرزان تنوّع التجربة السياحية المصرية    في جولة ليلية.. محافظ الغربية يتفقد رصف شارع سيدي محمد ومشروعات الصرف بسمنود    غزل المحلة يطلب ضم ناصر منسى من الزمالك فى يناير    السعودية تودع كأس العرب دون الحفاظ على شباك نظيفة    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    الأهلى يوافق على عرض إشتوريل برايا البرتغالى لضم محمد هيثم    الأمر سيصعب على برشلونة؟ مدرب جوادلاخارا: عشب ملعبنا ليس الأفضل    العمل: طفرة في طلب العمالة المصرية بالخارج وإجراءات حماية من الشركات الوهمية    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    الإدارية العليا ترفض الطعون المقدمة في بطلان الدوائر الانتخابية في قنا    اللمسة «الخبيثة» | «لا للتحرش.. بيئة مدرسية آمنة» حملات توعية بالإسكندرية    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    وزير التعليم: تطوير شامل للمناهج من رياض الأطفال حتى الصف الثاني الثانوي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالح الغازى: الحافلة مأوى الأسرار والحكايات|حوار

ولد صالح الغازى فى المحلة، ثم سافر إلى السعودية والكويت للعمل فى مجال النشر، هذه معلومة مهمة لفهم العالم السردى لروايته «الباص»، الصادرة عام 2023 عن دار ذات السلاسل، وتدور أحداثها حول مغترب مصرى فى الكويت، وتتراوح بين المحلة ومدينته الجديدة، ليسلط الضوء على معنى الاغتراب والوحدة فيما يرسم الحياة الخليجية من وجهة نظر الغريب.
بدأ صالح كشاعر عامية فى التسعينيات مع ديوان «طالع نازل زى عصاية كمنجة» ثم «الروح الطيبة»، ثم تنوع إنتاجه بين الشعر والقصة، فنشر مجموعتى «تلبس الجينز» و»الرقة للبنات فقط»، وديوان «شايف يعنى خايف» ومؤخرًا «المتوحش اللى جوايا»، ثم رواية «الباص».
هنا حوار معه عن روايته الجديدة المرشحة لجائزة كتارا.
بعد مجموعات قصصية وشعرية، تأتى روايتك الأولى «الباص». حدثنى عن هذه الكتابة فى أنواع أدبية مختلفة، وهل تظن أن كتابة الرواية جاءت متأخرة؟
نشرت الشعر من التسعينيات ولى 5 دواوين شعرية، ونشرت أيضًا فى القصة مجموعتين ونشرت مئات المقالات، ولى مشاريع ثلاث روايات لم تكتمل، كنت أشعر أنه يجب إعادة النظر فيها.
عامة أحب التجريب وكل نوع أدبى له جمالياته ولا أتعامل مع الأنواع الأدبية على أنها قوالب أو وصفات، فلا يوجد شكل صحيح وشكل خطأ فى الكتابة الإبداعية، إنما أحاول أن أضيف من روحى للكتابة بإخلاص وصدق ولا أكتب إلا ما أستوعبه، ولا أنشر إلا ما يمثلنى وأعتقد أن فيه جديداً. الشعر جعلنى أرى أن الاحتفاء بإيقاع الحالة بمعناه الواسع هو الأساس فى الإبداع.. وأظن أن كتابتى الرواية جاءت فى وقتها وبما يناسبها وكتبت رواية «الباص» فى قرابة 4 سنوات.
تتناول رواية «الباص» واحدًا من الموضوعات الهامة التى قليلًا ما كُتِب عنها، وهو قصة المهاجرين أو المغتربين فى دول الخليج. حدثنى عن اختيار هذا الموضوع بالذات.
تقيم فى الخليج جنسيات مختلفة من مصريين وهنود وباكستانيين وفلبينيين وبنغاليين وجنسيات أخرى كثيرة. والحياة هناك لها طبيعة مختلفة سواء طبيعة حياة المقيمين أو المواطنين.
كما أن المصريين فى الخليج بالملايين، ولا نجد أدبًا يعبر عنهم أو يمثلهم، حتى السينما والمسرح تسببت فى صورة ذهنية غير حقيقية، والعجيب أيضًا أن الذى لم يجرب السفر لديه صور وأفكار مغلوطة ومشوهة عن العاملين بالخارج وعن طبيعة الحياة.
لاحظت أن الموضوع يندر تناوله فى الرواية، ربما لأنه حساس من وجهة نظر البعض، لكنى تعاملت معه من باب الإبداع الإنسانى وكيف تقهرنا جميعًا سطوة الوحش الاستثمارى وهيمنة الكيانات الاقتصادية التى لا تميز بين مواطن ومقيم.
هناك شخص موهوب وعنده حلم تقتله الوحدة فيلجأ لاختراق القوانين ويتورط فى جرائم، هناك من يعيشون فعليًا فى مكان بينما حيواتهم وأحلامهم فى مكان آخر. هناك أشخاص أتعامل معهم يوميًا ولا أعرف أنهم فى محنة كبيرة.
فى المقابل هناك أفراد من كل الجنسيات يستغلون كل من حولهم ويخططون ويدبرون ويتواطأون. ثمة أدوار غائبة فى الشركات الكبرى التى لا ترى إلا الربح وهو ضرورة وجود إدارات ونظم واضحة تعمل على راحة الموظف وخاصة إذا كان الموظف من خارج البلاد كما هو الحال فى الخليج.
ولماذا انطلقت من الحافلة بالذات لقراءة المجتمع؟
الحافلة أو كما يطلقون عليها فى الكويت الباص هى المحرك الأساسى لكتابة هذه الرواية، حين زرت الكويت أول مرة أول ما لفت نظرى هو الباص وشعرت بالود تجاهه والونس والألفة.
كنت أنتظر الفرصة كى أركبه، حتى حدث ذلك واستطعت أن أستقله عدة مرات، وحين قابلت أصدقاء كويتيين وحدثتهم أن الباص مختلف اندهشوا من كلامى فالأمر له بُعد آخر فى اعتقادهم! وحتى أصدقائى من الجنسيات الأخرى يتجنبون ذكره، مع أن الآلاف من جنسيات مختلفة يستعملونه، بينما يتجنبه الكويتيون أنفسهم.
حين صدرت الرواية كشف لى الكثير من الأصدقاء الكويتيين أنهم تفاجأوا بما تحتويه لأنهم لم يركبوا الباص ولا يعرفون ما يدور به، كأن الباص من الأشياء المسكوت عنها! يلجأ الركاب للباص من قسوة الأحوال الجوية حيث العواصف الرملية أو البرد الشديد أو الحر الملتهب، إنه مأوى يعرف أسراراً لا تتخيلها، وفيه عرفت حكايات وأنماطًا بشرية تستحق الرصد والوقوف عندها بمزيد من التأمل. وأظن أن العمل يلقى ترحيبًا أكبر فى الكويت ودول الخليج.
تنطلق الرواية من وصول البطل، أحمد صابر، إلى الكويت، وتسرد الحياة هناك لتؤكد على صعوبة الغربة. هل تظن من واقع تجربتك أن الرواية المصرية المكتوبة فى الخليج تختلف عن الرواية المصرية المكتوبة فى مصر، باعتبارها تدور فى سياق ثقافى واجتماعى مختلف؟
هذا أمر يحتاج إلى بحث أكاديمى، وقد يفيدنا أحد النقاد. كل كاتب أو مبدع فله ثقافته وخبرته ورؤيته ووعيه، وبالتأكيد له سياقه الثقافى، لكن إذا كان الروائى يكتب مثلا رواية تاريخية فلن يختلف كثيرا وجوده هنا أو هناك.
إنما لو رواية موضوعها الحياة المعاصرة فى منطقة ما، عن طبيعة الحياة أو مشاعر الغربة فسيختلف طبعا منظوره وخبرته وثقافته وطبيعة تناوله وانتماؤه وهدفه.
طيب بما أن الباص هو وسيلة التعرف على الحياة الغريبة، حيث الانتقال من البيت للعمل ومصادفة جنسيات مختلفة، وهو بطريقة ما بوتقة تضم بداخلها لغات وثقافات متعددة من المهاجرين. برج بابل هذا، هل تظن أنه أعادك إلى سؤال الهوية؟ فى داخل هذا التنوع الثقافى، كيف رأيت نفسك كمهاجر؟
بداية يقابل الباص عبر الرواية برج الساعة فى المحلة الكبرى، والساعة هى مسلة مصرية تقف شامخة كأنها تراقب المدينة الصناعية الكبرى، تراها فى مباريات المحلة عبر البث التلفزيونى، ويسمع صوتها كل أهل المحلة ونظرا لعلوها يرونها من أى مكان، لكن الباص يخترق شوارع الكويت ويرتاده أغلب المقيمين فى المشاوير اليومية.
فيه تنوع ثقافى مدهش وحكايات عديدة ملهمة. لكن الهيمنة الاقتصادية والسوشال ميديا لا تترك فرصة للتحاور وبالفعل تستطيع سحق الهوية. كل شىء قريب وواضح، لكنه غيابنا عن بعضنا وعن أنفسنا رغم التجاور.
وفى الرواية يظهر تنوع الهوية، يجعلك تتخيل كأنك هناك فى هذه اللحظة وأحيانا تجد أشخاص يبرزون هويتهم الثقافية بكل الطرق، وأنماط البشر واضحة فلا أحد يعرف الآخر وبالتالى لا يحتال ولا يموه، سماته وحركاته تنبئ عنه. صراع الهوية جانب أساسى فى دراما الرواية، يتمثل فى تجسس البطل على هواتف الآخرين للتعرف على حياتهم وأفكارهم وأيضا فى إعجاب البطل المصرى بالفلبينية نورما والتعاطف معها بالإضافة لجريمة قتل يرتكبها العامل البنغالى، وينسحب ذلك على الحكايات الأسطورية التى تضمنتها سواء المستوحاة من التراث الشعبى الفلبينى أو العربى أو الكرة الصغيرة التى تنقلنا عبر الأماكن والمستوحاة من حكايات ألف ليلة وليلة.
وحتى شكليا مثلا فى التزام بعض الهنديات بارتداء السارى فى المناسبات وارتداء الباكستانيين لزيهم الرسمى.. إلخ. هذا الصراع الهوياتى لا يعبر عنى شخصيًا، إنما هو صراع البطل. لدى أصدقاء وصديقات من الفنانين والأدباء والباحثين، وأحضر الديوانيات ولقاءات فى الجاليريهات ونوادى الأدب والمراكز الثقافية سواء كمنظم أو مشارك، وتعرفت على ثقافاتهم البحرية والبدوية والحضرية ولدينا مساحات تواصل وتعاطف مشتركة واحترام كل منا لثقافة ووضع الآخر.
أخيرًا، اخترت للرواية تكنيك هو أقرب لليوميات مع تقاطعات تبدو سيَرية، وهى منطقة سردية خطيرة بقدر ما تبدو حميمية وقريبة للقارئ، واخترت أن تركز على أسئلة الفرد وسط جماعة غريبة عنه، ورغم أن الخليج أرض الأحداث، إلا أنك فضلت أن تحكى عن الفرد المهاجر هناك أكثر من تناول أسئلة البلد نفسه. كيف ترى، أولًا، تكنيك الإيهام بالسيرة فى عمل روائى؟ وهل تعمدت أن تتجنب أسئلة المكان لصالح أسئلة الفرد أم أن السؤال الشخصى فرض نفسه؟
ركزت على فترة قصيرة جدًا من حياة البطل، لهذا الرواية تشكل لها هذا التكنيك والملامح السردية كما أشرت، لكن المؤكد أنها ليست سيرة شخصية وأعجبنى مصطلحك (الإيهام بالسيرة) قد يكون ذلك لأنى أعطى من روحى للكتابة بإخلاص وصدق ولا أكتب إلا ما أستوعبه ولا أزيف ولا أخاف من طرح رؤية وحالة ولا أشارك فى صور ذهنية مشوهة، ورغم حساسية الموضوع لكننى كتبته بشكل إنسانى بود وتعاطف.
وعن أسئلة المكان رأيت أن حالة الفرد وملابسات حياته وما رصدته عن أحوال الغرباء يعكس ويبيِّن طبيعة المكان والقوانين ويعكس ثقافة أهل البلد والمناخ الاقتصادى والثقافى، ولم أركن للمباشرة لإعلاء الإبداع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.