ورق البردي، هو أحد أهم الاختراعات التي أنتجها القدماء المصريون، والذي لعب دوراً محورياً في تطور الحضارة المصرية القديمة، تعتبر صناعة ورق البردي من أقدم وأهم الصناعات التي تميزت بها مصر القديمة، حيث كانت تعتمد على نبات البردي المتوفر بكثرة في دلتا النيل. وتعاني هذه الصناعة اليوم، من الانقراض في العديد من المناطق، لكنها لا تزال صامدة في قرية قرموص بمحافظة الشرقية، حيث يعمل عدد قليل من العائلات في هذه الصناعة، محافظين على هذا التراث الثمين الذي كاد أن يندثر. تعريف ورق البردي واستخداماته في مصر القديمة: - نشأة واستخدامات ورق البردي: ورق البردي هو مادة تم صناعتها من نبات البردي الذي ينمو في المستنقعات ودلتا نهر النيل، عرف القدماء المصريون كيفية تحويل سيقان هذا النبات إلى ورق منذ حوالي 3000 قبل الميلاد، كانت أوراق البردي تستخدم في كتابة النصوص الدينية والإدارية والعلمية والأدبية، كما كانت تُستخدم في صناعة القوارب والحبال والحصير والسلال والأحذية. - عملية تصنيع ورق البردي: كما تتضمن عملية تصنيع ورق البردي عدة خطوات تبدأ بقطع سيقان النبات إلى شرائح رقيقة تُنقع في الماء لفترة معينة، ثم تُرص بشكل متقاطع وتُضغط لإزالة الماء الزائد، بعد ذلك، تُترك الشرائح لتجف وتصبح ورقة بردي جاهزة للاستخدام، كانت هذه العملية تتم بحرفية عالية مما يضمن جودة الورق ومتانته. - استخدامات ورق البردي عبر التاريخ: ولعب ورق البردي دوراً رئيسياً، على مر العصور، في نقل المعرفة والثقافة، استخدم الكهنة والكتّاب ورق البردي لكتابة النصوص الدينية مثل "كتاب الموتى"، ولتسجيل الأحداث التاريخية والحسابات الإدارية والوثائق التجارية، بفضل ورق البردي، تمكنت الحضارة المصرية القديمة من حفظ تراثها ونقله للأجيال القادمة، كما استخدمه الإغريق والرومان لاحقاً في تسجيل أفكارهم وأعمالهم الأدبية والعلمية. - صناعة ورق البردي في قرية قرموص: نبذة عن قرية قرموص: قرية قرموص تقع في محافظة الشرقية في مصر، وهي قرية صغيرة تمتاز بتاريخها العريق في صناعة ورق البردي، في الماضي، كان معظم سكان القرية يعملون في هذه الصناعة، حيث كانت تعد مصدر رزق رئيسي لهم. - عملية تصنيع ورق البردي في قرموص: اليوم، لا يزال عدد قليل من العائلات في قرية قرموص يمارسون هذه الحرفة القديمة، محافظين على تقاليدها وأساليبها التقليدية، عملية التصنيع تبدأ بجمع نبات البردي من حقول النيل القريبة، يتم قطع سيقان النبات إلى أطوال معينة ثم تُقشر وتُقطع إلى شرائح رقيقة، تُنقع الشرائح في الماء لفترة تتراوح بين يومين وأسبوع، حسب سمك الشرائح ونوع الورق المطلوب، بعد ذلك، تُرص الشرائح بشكل متقاطع وتُضغط باستخدام مكابس خشبية تقليدية لإزالة الماء الزائد، تُترك الشرائح لتجف تحت الشمس لتصبح جاهزة للاستخدام. - تحديات تواجه الصناعة في قرموص: تعاني صناعة ورق البردي في قرموص من عدة تحديات تهدد باندثارها؛ من بين هذه التحديات التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى انتقال العديد من سكان القرية إلى مهن أخرى، كما أن الطلب على ورق البردي التقليدي تراجع بشكل كبير مع انتشار الوسائل الحديثة للكتابة والطباعة، بالإضافة إلى ذلك، تواجه الصناعة صعوبات في الحصول على المواد الخام اللازمة، نتيجة تدهور حالة المستنقعات والأراضي الرطبة حيث ينمو نبات البردي. - جهود الحفاظ على صناعة ورق البردي: - مبادرات محلية ودولية: رغم التحديات الكبيرة، هناك جهود متواصلة للحفاظ على هذه الصناعة التقليدية، تعمل بعض الجمعيات المحلية والدولية على دعم الحرفيين في قرموص من خلال توفير المواد الخام وتقديم الدعم الفني والمالي، كما تم تنظيم ورش عمل تدريبية لتعليم الجيل الجديد كيفية صناعة ورق البردي بأساليب تقليدية، للحفاظ على هذا التراث الحرفي من الاندثار. صناعة من زمن فات| قرية بالشرقية تغزو العالم بورق البردى - دور السياحة في دعم الصناعة: تلعب السياحة دوراً مهماً في دعم صناعة ورق البردي في قرموص، يجذب القرية العديد من السياح الذين يأتون لرؤية عملية تصنيع ورق البردي وشراء المنتجات اليدوية المصنوعة منه، هذا الدعم السياحي يساعد في تعزيز الاقتصاد المحلي ويشجع العائلات على الاستمرار في هذه الحرفة التقليدية. - مستقبل صناعة ورق البردي في قرموص: التحديات والفرص: مستقبل صناعة ورق البردي في قرموص يعتمد على قدرة المجتمع المحلي على التكيف مع التحديات واستغلال الفرص المتاحة. من بين التحديات الرئيسية هو إيجاد وسائل لزيادة الطلب على ورق البردي التقليدي في السوق المعاصر، هناك فرص كبيرة يمكن استغلالها من خلال الترويج لهذه الحرفة كجزء من التراث الثقافي المصري وجذب المزيد من السياح والمهتمين بالفنون التقليدية. - الابتكار والتجديد: يمكن للابتكار والتجديد أن يلعبا دوراً مهماً في الحفاظ على صناعة ورق البردي، من خلال تطوير منتجات جديدة تجمع بين التقاليد القديمة والتصاميم الحديثة، يمكن جذب شريحة جديدة من المستهلكين، على سبيل المثال، يمكن استخدام ورق البردي في صناعة الديكورات المنزلية الفريدة أو المنتجات الفنية اليدوية التي تحظى بشعبية في الأسواق العالمية. - التوعية والتثقيف: التوعية بأهمية صناعة ورق البردي والتراث الثقافي المرتبط بها تعتبر عاملاً مهماً في الحفاظ عليها. يمكن تنظيم حملات توعية وتثقيفية في المدارس والمجتمعات المحلية لتعريف الأجيال الجديدة بأهمية هذه الحرفة التقليدية وتشجيعهم على تعلمها وممارستها، بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام وسائل الإعلام الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعي للترويج لهذه الصناعة وتسليط الضوء على قصص الحرفيين المحليين في قرية قرموص. صناعة ورق البردي في قرية قرموص هي جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي المصري، وتمثل حلقة وصل بين الماضي والحاضر، على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها، إلا أن هناك جهوداً متواصلة للحفاظ عليها وتطويرها، من خلال الابتكار والتجديد، وزيادة الوعي والتثقيف، يمكن لهذه الصناعة أن تستمر وتزدهر، محققة استدامة اقتصادية وثقافية للمجتمع المحلي في قرية قرموص، وحافظة على إرث الأجداد الذي يشهد على عظمة الحضارة المصرية القديمة.