سادت حالة من الجدل الممزوج بالقلق مواقع التواصل الاجتماعي، مع تنامي الحديث عن توقعات بحدوث ما يُسمى ب«تسونامي البحر المتوسط»، وتعددت الآراء حول حقيقة هذا الأمر، ومدى احتمالية حدوثه وتأثيراته المحتملة على المدن الساحلية، خاصة بعد قرار غلق بعض الشواطئ، بالتزامن مع تحذير أطلقه عالم الزلازل الهولندي فرانك هوجربيتس، بشأن الزلازل التى يتوقع وقوعها حول العالم، خصوصًا فى دول حوض البحر المتوسط. ◄ المد والجزر ظواهر طبيعية لا علاقة لها بالتسونامي ◄ غلق الشواطئ إجراء احترازي لسلامة المواطنين ■ انحسار مياه البحر المتوسط العالم الهولندي فرانك هوجربيتس، يتوقع وقوع تسونامي بمنطقة البحر الأبيض المتوسط، والبعض يرى أنه تحذير جدى يستدعى الاستعداد والتخطيط، بينما رآه آخرون مجرد مبالغة أو شائعة تهدف لإثارة القلق.. وفى هذا السياق، تسلط «آخرساعة» الضوء على أهم المعلومات والتفسيرات المتعلقة بهذا الأمر، لتقدم صورة واضحة ومدعومة بآراء الخبراء حول مدى جدية وتأثير «تسونامى البحر المتوسط». ◄ توقعات وهمية يرى الدكتور على عبد النبى، خبير الطاقة النائب السابق لرئيس هيئة المحطات النووية، أن التوقعات التى يثيرها الهولندى فرانك هوجربيتس بشأن وقوع تسونامى فى منطقة البحر المتوسط لا يجب النظر إليها كونها تكهنات بلا أساس علمى، هدفها جذب الانتباه ليس إلا، وهذه التوقعات تستند إلى الزلزال الذى وقع فى جزيرة كريت اليونانية بقوة 5.3 ريختر، وهو ما أثار الذعر بين الناس، خاصة مع ظاهرة المد والجزر التى شهدتها بعض الشواطئ الساحلية. وأضاف أن ظاهرة المد والجزر، التى أجبرت الجهات المختصة على إغلاق بعض الشواطئ ومنع المصطافين من النزول إلى البحر، ليست سوى ظواهر طبيعية بالإضافة لسرعة الرياح وارتفاع الأمواج، والتى تحتاج لأخذ بعض الاحتياطات لتجنب وقوع أى حوادث غرق لا قدر الله، وأكد أنه بمجرد التأكد من استقرار حالة البحر المتوسط، تم فتح الشواطئ مجدداً. ◄ التسونامي والحقائق العلمية وأشار الدكتور عبد رب النبي إلى أن حدوث تسونامي يتطلب زلازل بقوة تتجاوز 7 ريختر، كما حدث فى عام 365 ميلادية عندما تسبب زلزال بقوة 8.6 فى تسونامى أثّر على حوض شرق البحر المتوسط وهدم فنار الإسكندرية، لكن زلزال جزيرة كريت لا يستدعى القلق، فالحقائق العلمية تؤكد أن التسونامى يتطلب زلازل أقوى بكثير مما تم تسجيله مؤخراً، منوها إلى أن الجهات المختصة فى حالة تأهب دائم وتتابع حالة البحر باستمرار لضمان سلامة المواطنين والتعامل مع أى طوارئ قد تحدث واتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة. وأوضح أن الزلازل تحدث نتيجة لحركة الصفائح التكتونية المستمرة التي تحمل القارات تحت الأرض مع الانصهارات الموجودة فى مركز الأرض. أما ظاهرة المد والجزر فتحدث نتيجة لجاذبية الأرض مع القمر. وأكد نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقاً، على أهمية الثقة في مسئولي السواحل والالتزام بالإجراءات والتعليمات التي تصدرها السلطات للحفاظ على سلامة المواطنين، وحث المواطنين على عدم المجازفة بحياتهم والالتزام بالتوجيهات الرسمية. ◄ اقرأ أيضًا | خبير مناخ يحذر من حالة واحدة تؤدي لحدوث تسونامي وغرق مدن على البحر المتوسط ◄ فكرة التسونامي وفي هذا الصدد، يتحدث الدكتور محمود حنفى، أستاذ علوم البحار بجامعة السويس، عن فكرة حدوث التسونامى، والتى تنتج عن تحرك إحدى الصفائح التكتونية لترتفع واحدة وتنخفض الأخرى، مما يؤدى لإزاحة كمية هائلة من الماء ويترتب على ذلك مد مرتفع فى البحر يسبب التسونامى. ويشرح الفرق بين المد والجزر والتسونامى، فالمد والجزر يعتمدان على القمر والشمس ووضعهما بالنسبة للأرض، أى عندما يدور القمر حول الأرض ويصل إلى نقطة معينة، يجذب الماء، مما يحدث جزرا فى المنطقة ومدا فى النقطة المقابلة للكرة الأرضية. هناك أيضاً ما يعرف بالمد الربيعى، حيث يحدث جزر ومد عالٍ عندما تكون الشمس والقمر على خط واحد، مما يزيد من قوة الجذب للماء. ويضيف أن التسونامى غالبًا ما يحدث في المحيطات الشائعة، لأن حركة كتل الماء تكون ضخمة جداً، مما يسبب تأثيراً مدمراً على الساحل، فى حين أن البحار الضيقة غالبا لا تشهد تسونامى بنفس القوة كما يحدث فى المحيطات. ◄ ظواهر مختلفة من جانبه، يؤكد الدكتور شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومى للبحوث الفلكية، أنه لا يوجد أى علاقة بين ظاهرة المد والجزر وظاهرة التسونامى. فالمد والجزر ظاهرة طبيعية تعتمد على تغير المناخ والتغير الموسمي، بينما التسونامى يعتمد على حدوث الزلازل فقط، بشرط أن تكون قوتها أكبر من 7 ريختر كما ذكر سابقا وأن يكون عمقها قريباً من السطح. ويوضح الهادى أن حدوث التسونامى يستغرق حوالى 20 دقيقة فقط للوصول للشواطئ، مؤكداً أن الشائعات حول غلق الشواطئ لاحتمالية حدوث تسونامى خلال الأيام القادمة لا أساس لها من الصحة، مشيرا إلى أن التسونامى يتطلب شروطاً قاسية جداً لحدوثه، وهو ما يجعله نادراً ويحدث كل مئات السنين. ويشير رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومى للبحوث الفلكية، إلى أن موجات التسونامى تحتاج لبعض الوقت للوصول إلى الشواطئ، وهو وقت كافٍ لإنذار المواطنين وإخلاء الشواطئ. واختتم حديثه بطمأنة المواطنين بأن تسونامي البحر المتوسط، كما تروج له بعض الشائعات، بعيد الاحتمال، وأن الإجراءات المتخذة من قبل السلطات لضمان سلامة الشواطئ والمصطافين كافية لحمايتهم من أى مخاطر محتملة.