من العصر الفرعونى مارًا بجميع العصور حتى وصل أوج قوته فى زمننا الجميل حيث كان يؤدى مهمة قومية تجلب الخير والسعادة لبيوت القرية المصرية، وما أن وصل إلى عصر الآلة الحديثة حتى بدأت محاولات الضغط على «الغربال» لتنحيته عن عمله الأصلى استغلالاً لشهرته، حيث كان مضربًا للأمثال بداية من شدات «الغربال» المختلفة التى كان لها وقع السحر وقوة الأمثال الشعبية المتداولة التى نراها على أرض الواقع. كما أن ثقوب الغربال الضيقة أصبحت مضرب المثل لقياس مدى التمتع بالعين الثاقبة التى تكشف دقائق الأشياء. ورغم محاولات الضغط على «الغربال» فى عصر آلة الطحن الحديثة، يظل الغربالان «المانع والفارط» ينالان ثقة الأهل فى قرانا، فما زال الغربالان يؤديان مهمتهما فى قرانا حتى اليوم حيث الاعتماد على طحن القمح وصناعة الخبز «الشمسى» داخل المنزل، كل غربال منهما مكمل للآخر فالغربال «الفارط» يحمل ثقوبًا واسعة يخرج منها الدقيق مختلطًا بنسبة كبيرة جدًا من مشتقاته لذلك فهو لا يعطيك دقيقًا صافيًا، عكس الغربال «المانع» الذى يتمتع بثقوب ضيقة تعالج ما تركه «الفارط» حيث يخرج الدقيق من ثقوبه صافيًا وخاليًا تمامًا من كل ما تبقى فيه من شوائب ليصبح جاهزًا لإنتاج رغيف لامع كقرص الشمس. معظم قرانا ما زالت تعيش على رائحة زمن فات مستخدمين ما نقشه الآباء داخلهم قبل الممات فى محاولات اختراق ما زرعه «النت» من آفات حتى إنهم يبذلون المجهودات فى البحث عن هيبة المدرس التى فقدت جزءًا منها -على غير طبيعة القرية- لكنهم لم يفقدوا الأمل فى عودتها كاملة فهى من المؤكد لم تفعل ذلك بمفردها لكنها خرجت مع أصدقاء السوء من الشوائب، لكنها تبدو أمامهم واضحة وضوح «الشمس» لعل الغربال «المانع» خير.