منذ انتصار أكتوبر 73 مرورًا بيناير 2011 ويونيو 2013 وحتى يومنا هذا لم تنقطع مشاهد البطولة التى يقدمها جيش مصر العظيم، فهو لم يتوان يومًا عن الدفاع والسعى بكل قوة للحفاظ على استقرار الوطن وهويته ومقدرات شعبه ضد أى قوة تحاول الهدم سواء من الداخل أو الخارج .. 1- عشية الثالث من يوليو من العام 2013 وقفت الدولة المصرية بكامل قواها الوطنية مُعلنةً إجلاء تنظيم الإخوان . لم يكن إجلاء عن مقاليد الحكم فقط، بل كان عن الوجدان المصرى . نداء الجلاء كان استجابة ضرورية لعودة الوعي، ولكامل الغريزة الفطرية. أبدا لم يكن صراعاً سياسياً بين شرعية مزعومة بُنيت على باطل وبين آخر طامح لسلطة، بل كان صراعا وجوديا فُرض على الأمة المصرية بين الدولة واللا دولة. بيد أن من فرض الصراع غفل عن إدراك حقيقة وقيمة الدولة الوطنية فأوغل فى الخصومة دونما إدراك للعواقب فارتد كيده إلى نحره، وانقلب بصره خاسئا وحسير . حالة التوحد الصلبة زادت من قوة الدولة المصرية التى استطاعت فرض إرادتها فى كل محفل كان قد سارع إليه المُرجفون بفعل المقاطعه البغيض ، لكن إرادة المصريين كانت من إرادة الله . لقد كان الموعد فى مصر التى قبضت على لحظات الزمن لتكتب مصيرها بيدها .. لا بأيدى كهنة التنظيم . 2- نجحت عملية تحرير الدولة الوطنية من المحتل الإخوانى الذى جاء سفاحا إلى سدة الحكم محمولا على قاعدة معلومات وتمويلات أجهزة أجنبية أرادت توظيفه لتفكيك أقدم دولة فى التاريخ .. ضَعُف الطالب والمطلوب . ونجحت عملية الإجلاء بعدما دفع المصريون ثمنا باهظا لأثارها الإرهابية الإخوانية، لكن المساحات المحررة فى عقول ووجدان المصريين يجب ألا تترك ابدأ خالية ، بل تستلزم فرض عين وطنى حال بإعادة الإعمار السريع لما تم تدميره ، لنكون أمام فريضة وطنية يجب ألا تغيب لإطلاق أكبر عملية إزاحة ثقافية فى تاريخ الدولة المصرية الحديثة . لا يجب ترك المساحات فى وجدان وعقول الشعوب خالية. ما تم تحريره من دنس الإخوان داخل تلك المساحات لابد من أن تشغله خطة سريعة لإعادة انتشار الدولة الوطنية فى كل شبر محرر . عملية تمركز الدولة يجب أن تتم وفقا لخريطة طريق تحدد أماكن التمركزات السابقة للتنظيم، والتى كان يستثمرها لإيجاد حاضنة شعبية تتحول فيما بعد لظهير انتخابى خُدع بشعارات متأسلمة . 3- نحن أمام فرض حال لتواجد الدولة من خلال مشروع للعطاء القومى العاجل بالقطاعات التالية : 1- المساجد 2- الجامعات 3- الجمعيات الأهلية 4- النقابات المهنية العطاء هو خير وسيلة للتواصل ، فإذا كان الشعب المصرى بالنسبة للتنظيم الإخوانى «وسيلة» فإنه بالنسبة للدولة المصرية «غاية» تسعى الأجهزة على رعايتها . فكريا تقوم العقيدة الإخوانية على التمييز والاستعلاء ، وبالتالى لابد أن تكون المواجهة مستهدفة لعقول النشء لتحصينه من عملية الاغتصاب الإخوانى لبراءته، لابد من المبادرة بإدراك تلك الأجيال فى مرحلة التعليم الأساسى لغرس قيم المساواة والتعايش والتسامح . فى تلك المرحلة العمرية تكون العقول والنفوس خصبة، فلا يجب أن تُترك فريسة ليد الشر الإخوانية التى لا تزرع إلا الشوك فى كل سبيل إلى الوطن. 4- نحن أمام أحد ملفات الأمن القومى الحيوية التى يجب إدراكها ووضع خطة تُمكن الدولة من الإحاطة بهذا النشء - حتى خلال فترة الإجازات الصيفية - من خلال اتفاق ترعاه الدولة بين وزارتى التربية والتعليم والشباب والرياضة . الاحتياجات المُلحة لهذا النشء يجب ألا تترك للاشباعات الإخوانية . تمتلك الدولة كنزا حقيقيا عنوانه «قصور الثقافة» المنتشرة فى كل الربوع . منصات دفاع شعبى حقيقيه تتواجد بالفعل ولا تحتاج إلا إلى إرادة لإعادة إعمار ثقافى لها من أجل تحقيق الإتاحة الثقافية للمواطن . مقرات تلك القصور من الممكن أن تتحول لمُجمّع متكامل للخدمات بالشراكة مع منظمات العمل الأهلى والقطاع الخاص وفقا لما يتيحه القانون، لتتمكن الدولة من الاستمرار فى تقديم خدماتها ومنتجاتها الثقافية المجانية، بالتوازى مع تقديم خدمات تجارية للجمهور العام كأحد الموارد المشروعة التى تستغل عوائدها فى عملية التطوير والتشغيل ورفع العبء المالى جزئيا عن كاهل الدولة . على امتداد جبهة المواجهة سنجد مراكز النيل التابعة لهيئة الاستعلامات منتشرة كمحطات للرصد والتحليل للمزاج العام ، والتى يجب ربطها بشبكة إلكترونية مُتصلة بمجلس الوزراء لتحقيق السرعة فى إدراك مكامن الخطر فى مرحلة مبكرة وقبل أن تتحول الظواهر إلى فعل جماهيرى مادى أو إلكترونى على مواقع التواصل . نحن أمام إمكانيات متاحة لا تحتاج إلاّ إلى إعادة تفعيل ووضع صيغة تكاملية بينها لتتحول إلى شبكة مواجهة قومية ممتدة بطول القطر . من قبل نجحت الدولة فى رعاية وإدارة مشروع للقضاء على الكبد الوبائى لحماية أجساد المصريين ، والآن نحن فى حاجة مُلّحة لمشروع قومى للقضاء على الوباء الإخوانى لحماية عقولهم . فى مقدمة المواجهة يأتى دور المؤسسة الدينية بكامل روافدها لتطلق على الفور مبادرة لإعادة التقييم الشرعى للفكرة الإخوانية وإعلانها صراحة للجمهور العام لفضح مكامن الانحراف الدينى لجماعة الإخوان التى وصلت إلى درجة من التجرؤ على صحيح العقيدة . حتى لا يعود الإخوان لابد من تحصين الجهود الرسمية بحالة وعى شعبى حقيقى لندرك يقينا أن خطر الإخوان ليس خطرا سياسيا على وضعية النظام الحاكم ، بل خطر وجودى عام وخاص ، وأن تبنى التنظيم لأى مطلب شعبى ماهو إلا استمرار للخداع الإخوانى الذى لم يتورع عن اتخاذ الشعب المصرى درعا بشريا فى صراعه على السلطة باسم الشعب والدين معا.