لو استمع شباب اليوم لأغنية محمد عبد الوهاب الرائعة «وعشق الروح مالوش آخر، لكن عشق الجسد فانى» ماذا يكون رد فعلهم؟ وماذا يكون تعليقهم إذا قرأوا عبارة أخرى، لشكسبير «المرأة كوكب يستنير به الرجل فى الظلام»، وأناتول فرانس «المرأة أنشودة المطر فى السماء»، وبلزاك «المرأة أقرب الكائنات إلى الكمال، إنها وسط بين الرجل والملاك». وطاغور «لم يخلق الله المرأة من عظام أقدام آدم حتى لا يدوسها، ولا من رأسه حتى لا تسيطر عليه، وإنما من ضلوعه لتكون قريبة من قلبه».. ومارك توين «عندما تكره المرأة رجلاً لدرجة الموت فاعلموا أنها كانت تحبه لدرجة الموت». وفى التراث الغنائى المصرى ظلت المرأة معجونة بالإبداع، وعندما تشدو أم كلثوم «ولما أشوفك يروح منى الكلام وانساه»، فهى تلخص مشاعر إنسانية سامية، تصعد بالعشق والعاشقين إلى فضاء الروحانية والتفانى والجمال، ويصعد الإبداع قمته «والست» تشدو لأحمد رامى وألحان زكريا أحمد «عن العشاق سألونى»، «وخلينا بعيد بعيد أحسن». وفى قصيدة «أراك عصى الدمع» مقطع تقول فيه «فقلت كما شاءت وشاء لها الهوى قتيلك.. قالت: أيهم فهم كُثُر»، وبحثت عن هذه المرأة التى عذبت كاتب القصيدة أبا فراس الحمدانى، وقالت له هذا الكلام المهين، وهو الشاعر العظيم وقائد عسكرى وأمير الدولة الحمدانية المتوفى عام 968م وقتل فى إحدى المعارك.. فمن تلك المرأة التى تحتقر هذا القائد العظيم؟. وعندما أستمع لأغنية أهل الهوى، خصوصاً مقطع «أهل الهوى يا ليل سابوا مضاجعهم واتجمعوا يا ليل صحبة وأنا معهم» تذكرنى بالشتاء، والمقهى الزجاجى الشهير فى شارع عماد الدين الذى كان يجمع أم كلثوم وعبد الوهاب وكامل الشناوى وغيرهم من نجوم الفن والصحافة وانقلب شارع الفن العظيم إلى محلات لبيع إكسسوارات وقطع غيار السيارات. وأم كلثوم التى غنت للملك فاروق «يا ليلة العيد أنستينا»، هى نفسها التى كانت صوت ثورة 23 يوليو، لتثبت للجميع أن الفنان هو رسول التصالح والإنسانية، يوحد ولا يفرق، ويطير عالياً فوق الخلافات السياسية «السياسة تفرّق والفن يوحد». أتذكر حكاية عن فاتنة السينما الراحلة كاميليا، عندما دخلت عليهم فى المقهى، فقالت أم كلثوم لكامل الشناوى «ألم ينزل عليك وحى الشعر بسبب جمال كاميليا»، فكتب الشناوى على رخامة المقهى إحدى قصائده وأمسك عبد الوهاب بالعود، وظلت أم كلثوم تغنى حتى الصباح. شكسبير «شاعر إنجليزى».. أناتول فرانس «روائى فرنسى».. بلزاك «كاتب فرنسى».. طاغور «شاعر بنغالى».. مارك توين «كاتب أمريكى» .