في محيط الصحراء القاحلة التي تغمر الأفق المصري، تنشط الحكومة المصرية في مواجهة تحديات متعددة في قطاعاتها الحيوية. تتصدر هذه التحديات قائمة من أربع مشكلات تهدد الاستقرار الاقتصادي والبيئي للبلاد. أولاً: نقص الوقود، حيث يتزايد الطلب على الطاقة بوتيرة متسارعة فيما تواجه مصر صعوبات في تلبية هذه الاحتياجات الداخلية. ثانياً: الارتفاع المستمر لفاتورة استيراد الأعلاف، مما يضع ضغطاً كبيراً على الاقتصاد المصري نتيجة ارتفاع تكلفة تلك الأعلاف الحيوانية الأساسية. وثالثاً: تحدي توفير السماد، حيث تسعى مصر بجدية لاستصلاح مليون ونصف مليون فدان في الصحراء، ما يتطلب كميات هائلة من السماد لتحقيق نجاح هذا المشروع الضخم. ورابعاً: تحدي معالجة وتنقية مياه الصرف، حيث تحتاج البلاد إلى محطات معالجة متطورة بتكلفة باهظة لمعالجة المياه بشكل ثلاثي. وفي الوقت الذي ربما يتجادل فيه الباحثون والمتخصصون حول جدوى استخدام ورد النيل كحصائر عائمة تقلل من كمية المياه المفقودة عن طريق البخر، يجمع المتخصصون على أن حسن استغلال نبات «ورد النيل» الذي يتواجد بكثافة في مجاري نهر النيل عندنا يبرز كحل منشود لهذه التحديات الأربعة، حيث إن قدرته على تحويل المشاكل إلى فرص لا يمكن تجاهلها. إذ يمكن لاستغلال ورد النيل بطريقة مبتكرة أن يُسهم في توفير مصادر الطاقة المستدامة، وتقليل فاتورة الاستيراد من خلال توفير بديل محلي للأعلاف الحيوانية، بالإضافة إلى توفير السماد الضروري لاستصلاح الملايين من الأفدنة في الصحراء المصرية، فضلاً عن استخدامه كفلتر للمياه المعالجة من المعادن الثقيلة. من هنا، يتجلى دور ورد النيل كحل مبدع ومستدام، قد يكون مفتاحاً لتخطي هذه التحديات الاقتصادية والزراعية العصيبة التي تواجهها مصر. في هذا السياق، تبرز تجربة كينيا في استخدام ورد النيل كوقود حيوي كمثال يحفز على التفاؤل والابتكار. فقد قررت إحدى الشركات الناشئة في كينيا استغلال الإمكانيات الهائلة لورد النيل كمصدر للوقود الحيوي. بدأت الشركة باستخراج وتجميع ورد النيل، الذي يزدهر بكثافة في مياه النهر والمستنقعات في البلاد. من خلال معالجته وتحويله، نجحت الشركة في تحويل ورد النيل إلى وقود حيوي بواسطة عملية التحلل الحيوي، مما يمثل نموذجاً ناجحاً للاستفادة من مورد طبيعي لتوليد طاقة نظيفة ومستدامة. ومن الوقود إلى الزراعة، تظهر دراسة للباحث الدكتور محمود عبد الصبور إمكانية استخدام ورد النيل في تسميد التربة الرملية، مما يعزز الخصوبة والإنتاجية الزراعية. كما يمكن استخدام ورد النيل كفلتر لتنقية مياه الصرف من المعادن الثقيلة، مما يجعله حلاً مستداماً لتلك المشكلة البيئية. علاوة على ذلك، تشير الدراسات إلى فاعلية استخدام ورد النيل كعلف للماشية، حيث يظهر نبات ورد النيل كمصدر غذائي فعّال وآمن للحيوانات الأليفة، شرط توفر بيئة المياه التي ينمو فيها بكونها نظيفة من المعادن الثقيلة. في نهاية المطاف، يبرز ورد النيل كمورد طبيعي متعدد الاستخدامات، يمكنه أن يكون الحل المبتغى لتحديات مصر الاقتصادية والبيئية. وقد حان الوقت أمام الحكومة المصرية لتعزيز الاستثمار في البحوث العلمية والتكنولوجية المتعلقة بورد النيل، وتشجيع الابتكار في هذا المجال، توفير الحوافز والتسهيلات للشركات والمستثمرين الخاصين للاستثمار في مشاريع توظيف ورد النيل في مجالات مثل الطاقة المتجددة والزراعة ومعالجة مياه الصرف، والبحث عن شراكات دولية مع الدول والمؤسسات ذات الخبرة في استخدام ورد النيل كمورد طبيعي متجدد، وذلك لتبادل الخبرات والتكنولوجيا وتعزيز التعاون في هذا المجال.