تتجه مصر خلال السنوات العشر الماضية تحت قيادة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي نحو تطوير شامل لمنطقة الأهرامات وربطها بالمتحف المصري الكبير، في خطوة طموحة لتعزيز التراث الثقافي والتاريخي للبلاد. وشهدت منطقة الأهرامات، أحد أهم معالم التراث العالمي في مصر، اهتمامًا بالغًا من الدولة في السنوات الأخيرة، بهدف تعزيز قيمتها السياحية والثقافية. أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، في تصريحات خاصة ل«بوابة أخبار اليوم»، أن الدولة تولى رعاية بشكل غير مسبوق منذ عام 2014 لتطوير شامل لمنطقة الأهرامات وربطها بالمتحف الكبير الذى ينتظر العالم افتتاحه، والذي يعد من أكبر متاحف العالم للآثار المصرية. ويأتى هذا من منطلق حرص القيادة السياسية على وضع المنطقة المسجلة تراث عالمى منذ عام 1979 فى وضعها اللائق دوليًا باعتبارها محط أنظار العالم علاوة على كونها قيمة عالمية استثنائية باعتراف اليونسكو . اهتمام عالمي وأهمية تاريخية ويشير الدكتور ريحان إلى أهمية مدينة منف المسجلة تراث عالمى فى اليونسكو عام 1979 وهى المنطقة من الأهرامات إلى دهشور وتضم الهرم الأكبر الذي يعد الأعجوبة الوحيدة الباقية من عجائب الدنيا السبع القديمة. كذلك تشمل منطقة منف الأثرية 38 هرمًا في الجيزة وسقارة وأبو صير ودهشور، وأكثر من 9000 أثر ومقبرة من فترات مختلفة منذ عصر الأسرة الأولى حتى العصر اليوناني الروماني. منع المظاهر السلبية وتحسين الخدمات ومن هذا المنطلق تعمل الدولة على تيسير الزيارة لهذه المواقع بتزويدها بالخدمات ومنع كل المظاهر السلبية بها والذى يشتكى منها الزوار وهم ما يطلق عليهم فى المواقع السياحية " الخراتية" الذين يلحون بشكل غير لائق على السياح لبيع منتجاتهم التراثية حيث تضمنت تعديلات قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 بالقانون رقم 91 لسنة 2018 عقوبات لما يطلق عليهم " الخراتية" ونصها "يعاقب بغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه كل من يتعرض للسائحين والزائرين أثناء وجودهم بالمواقع الأثرية أو المتاحف بإلحاح رغمًا عنهم بقصد التسول أو ترويج أو عرض أو بيع سلعة أو خدمة لصالحه" مع مراقبة شديدة من شرطة السياحة والآثار لهذه السلوكيات. مشروع تطوير مبنى الزوار وينوه الدكتور ريحان إلى أن مشروع التطوير العظيم بمنطقة الأهرامات فقد تم تنفيذ مبنى لاستقبال السائحين والزائرين وفقًا لأحدث النظم العالمية مع مراعاة البعد التاريخي والأثري لمنطقة الأهرامات، والذى سيكون من أفضل مراكز استقبال السائحين بالمناطق الأثرية على مستوى العالم بهدف تجهيز السائح لزيارة منطقة الأهرامات، بحيث يضم قصصًا للملوك معلقة على الحوائط، وجداريات تتضمن شرحًا وافيًا للمنطقة، ودور سينما لعرض أفلام وثائقية عن قصة بناء الأهرامات بصوت عالم الآثار المصري دكتور زاهي حواس والممثل العالمي كيفن كوستنر، كما تم بناء مبنى VIP للزيارات، كما إنشاء حافلات كهربائية صديقة للبيئة مزودة بشاشات معلومات، وتنظيم أماكن لركوب الجمال والخيل. وجاري العمل فى استكمال خدمات الزوار من خدمات تقديم طعام ومشروبات وتشجيع الحرف والصناعات المصرية من خلال بازارات لبيع نماذج أثرية طبق الأصل ولها حقوق ملكية فكرية وتزويد المنطقة بحافلات كهربائية صديقة للبيئة بداخلها شاشات تعرض معلومات عن منطقة الأهرامات الأثرية، وأيضا ملصقات داخل الحافلة مدون عليها معلومات سريعة عن الأهرامات، وإعداد أماكن لاستيعاب أنواع مختلفة من الفعاليات داخل المنطقة رياضية، ثقافية وفنية، وهناك خطة لشبكة تليفريك بين الأهرامات والمتحف الكبير لن تتم قبل موافقة اليونسكو . تنظيم ركوب الجمال والخيل وأردف الدكتور ريحان بأن المشروع تضمن تنظيم عمليات ركوب الجمال والخيل والتى كانت تؤرق الموقع بشكل مستمر وتخصيص أماكن نظيفة محددة لها مع وجود وحدات إطفاء مركزية، وبوابات جديدة للطاقة الاستيعابية لتنظيم دخول الحافلات السياحية، وماكينات الخدمات الذاتية لشراء التذاكر الإلكترونية، ودورات مياه فندقية وقاعات سينما ومركز طبي ومركز جولف . خدمات متكاملة للزائرين هذا علاوة على عددًا من الخدمات الخاصة بالزائرين منها مكتب للاستعلامات، وخدمة إنترنت Wi-Fi وماكينات شحن الأجهزة الذكية، وتطبيق إلكترونى للمحمول، ومجموعة من المقاعد المظللة للجلوس، ومنافذ لبيع الهدايا والمشروبات والمأكولات السريعة، ومناطق مخصصة للأطفال، ومواقع مخصصة للتصوير، وكذلك ماكينات صرف آلى، وذلك فى الأماكن التى حددها ووافق عليها المجلس الأعلى للآثار. بوابات جديدة وتابع الدكتور ريحان أن المشروع يشمل بوابات مركز الزوار على طريق الفيوم، والتى ستكون البوابات الرئيسية لدخول المنطقة الأثرية، وستتم عملية تنظيم دخول الحافلات السياحية من البوابات الجديدة والطاقة الاستيعابية المقدرة لساحات الانتظار المخصصة لها والتى تسع لما يقرب من 1000 سيارة وحافلة بما يضمن استيعابها للحافلات خلال أوقات الذروة بالموسم السياحى. وتتضمن منظومة الحافلات الكهربائية وجود 7 محطات رئيسية للزيارة مزودة بخدمات متكاملة للزائرين، وساحة انتظار للسيارات والحافلات والسيارات الكهربائية الصديقة للبيئة، ووجود ساحة انتظار بمحطة مركز الزوار والتى تسع لما يقرب من 1000 سيارة وحافلة؛ بهدف خدمة زائرى المنطقة، حيث يمكنهم مشاهدة المواقع الأثرية المختلفة بالمنطقة، من خلال تلك الحافلات والسيارات الكهربائية، والتى ستأخذهم فى جولة بمسار منطقة الزيارة من خلال 7 محطات رئيسية تبدأ من محطة مركز الزوار مرورًا بمحطة بانوراما 1، ثم محطة منكاورع ومحطة خفرع ثم محطة خوفو، ثم محطة أبو الهول، لتنتهى عند محطة بانوراما 4 قبل العودة لمركز الزوار. مراعاة ذوي القدرات الخاصة وتابع الدكتور ريحان أن المشروع يتضمن مراعاة ذوي القدرات الخاصة بداية من شباك التذاكر حيث تم تخصيص مكان لهم، كما يستهدف لأول مرة توظيف شباب من ذوي الهمم الذين لديهم القدرة على استقبال السائحين وتقديم معلومات عن الرحلة داخل الأهرامات، بعد إجراء اختبارات لهم والتأكد من قدرتهم على تنفيذ هذا الدور. افتتاح المتحف المصري الكبير يستعد المتحف المصري الكبير لافتتاحه كأكبر متاحف العالم للآثار المصرية، ويضم مجموعة ضخمة من القطع الأثرية، بما في ذلك مقتنيات الملك توت عنخ آمون. يشمل المتحف مركزًا لترميم الآثار، والذي نجح في ترميم المركب الثانية للملك خوفو بالتعاون مع اليابان. لذلك أشار الدكتور ريحان إلى استعدادات الدولة لافتتاح المتحف الكبير أكبر متاحف العالم كيفًا وكمًا للآثار المصرية علاوة على أنه المتحف الوحيد فى العالم الذى تعد كل آثاره من حضارته أى حضارة واحدة هى أعظم وأقدم حضارات العالم فى متحف واحد تتضمن حكاية ملوكها العظام فى مصر القديمة من خلال عرض نحو 56 ألف قطعة أثرية، وفقُا لتدرج الحقب الزمنية، من عصر ما قبل الأسرات وحتى العصور اليونانية والرومانية، هذا بالإضافة إلى المجموعة الكاملة لمقتنيات الملك توت عنخ آمون التي تبلغ نحو 5398 قطعة، من بينها المقاصير والتوابيت الذهبية التي مثلت التحدي الأكبر في مراحل النقل والترميم لتفاصيلها المعقدة في التركيب. كما يضم المتحف المصري الكبير أكبر مركز لترميم الآثار في منطقة الشرق الأوسط، وقد نجح في ترميم المركب الثانية للملك خوفو ضمن مجموعة مراكب الشمس بتعاون مصري ياباني. الممشى السياحي وفى هذا الإطار أوضح الدكتور ريحان أن الدولة تقوم بعمل ممشى سياحي يربط بين هضبة الأهرامات والمتحف الكبير، يمتد الممشى بطول 1.270 كم ومقسم إلى 3 أجزاء، ويتراوح عرض الممشى ما بين 11.5 م وحتى 27.5 م، مع إخلاء نادى الرماية، وقد يكون فى مكان النادى خشبة المسرح الخاصة بالفعاليات، ويتم التنسيق مع الجهات المعنية لربط مشروع هضبة الهرم وبعض الفنادق المهمة بالموقع. يتم تنفيذ الممشى بالتعاون القائم بين مصر واليابان في هذا الصدد عبر وكالة جايكا، التى توفر كافة الخبرات والإمكانات والتكنولوجيا اليابانية اللازمة لإنجاز المتحف بشكل نهائي في صورته الحالية على مدار الفترة الماضية، وسيضمّ الممشى السياحي العديد من المرافق والخدمات، منها حدائق خضراء ومراكز ثقافية لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية تُثري تجربة الزوار ومناطق مخصصة للترفيه ليتمتع الأطفال والعائلات بقضاء وقت ممتع ومرافق تجارية، مما يسهم في إبراز التراث المصري وتعزيز مكانته على الساحة الدولية. تحسين تجربة الزيارة كما وضع فى الحسبان شبكات ربط بين المناطق من خلال "التليفريك"، على طول 10 محطات يتم التنقل من خلالها، وأيضًا وصول مترو الأنفاق إليها إلى جانب وجود مطار قريب من المتحف الكبير ومنطقة الأهرامات وهو مطار سفنكس على بعد يتراوح من 6 إلى 7 كيلومترات. مرافق وخدمات متميزة تشمل المرافق الحديثة دورات مياه فندقية، قاعات سينما، مركز طبي، ومركز جولف، إلى جانب خدمات استعلامات، إنترنت Wi-Fi، ماكينات شحن الأجهزة الذكية، ومناطق مخصصة للأطفال. تم تجهيز بوابات مركز الزوار على طريق الفيوم لتنظيم دخول الحافلات بسعة تصل إلى 1000 سيارة وحافلة. تعكس هذه الجهود رؤية مصر 2030 لتعزيز السياحة الثقافية وإبراز التراث المصري الغني للعالم، مؤكدة على التزام الدولة بتطوير وحماية مواقعها الأثرية الفريدة.