ممدوح إسماعيل عميدًا لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة    وزير الخارجية: منتدى الاستثمار والتجارة المصري الخليجي منصة مهمة للحوار والتعاون    عمرو أديب: نجاح أحمد الشرع يثير التعجب.. وعندي رغبة قوية لمقابلته في دمشق    رئيس نابولي: استقالة كونتي قصة خيالية عبر الإنترنت    «الأرصاد»: أمطار متفاوتة تبدأ الأربعاء وتستمر حتى السبت مع برودة ملحوظة في الطقس    محافظ الغربية يتفقد موقع انهيار مصنع بالمحلة.. وارتفاع المصابين إلى 8 أشخاص    إصابة سيدة صدمتها سيارة يقودها طفل بالعمرانية    مهرجان القاهرة السينمائي ال46.. 21 فيلما كلاسيكيا مصريا مرمّما للعرض للجمهور    مصطفى كامل ينعى إسماعيل الليثي: فقدت إنسانا طيبا ترك أثرا في قلبي    لجان الرقابة بوزارة الرياضة تصل لمحافظة كفر الشيخ    ترامب يطالب مراقبي الحركة الجوية بالعودة للعمل بسبب حالات إلغاء الرحلات    أحمد التايب ل هنا ماسبيرو: مشاركتك الانتخابية تجسد إرادتك في بناء مستقبل أفضل لبلادك    فيديو.. سيد علي نقلا عن الفنان محمد صبحي: حالته الصحية تشهد تحسنا معقولا    «هنو» فى افتتاح مهرجان «فريج» بالدوحة    وكيل صحة القليوبية يتفقد مستشفى الحميات ويتابع تسليم مستشفى طوخ الجديدة    تبرع ثم استرداد.. القصة الكاملة وراء أموال هشام نصر في الزمالك    ضبط لحوم دواجن في حملة تموينية بشبرا الخيمة    ترامب يصدر عفوا عن شخصيات متهمة بالتورط في محاولة إلغاء نتائج انتخابات الرئاسة 2020    نقيب موسيقيي المنيا يكشف اللحظات الأخيرة من حياة المطرب الراحل إسماعيل الليثي    وزارة السياحة والآثار تُلزم المدارس والحجوزات المسبقة لزيارة المتحف المصري بالقاهرة    العراق يرفض تدخل إيران في الانتخابات البرلمانية ويؤكد سيادة قراره الداخلي    الأمم المتحدة: إسرائيل بدأت في السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة    الاتحاد السكندري يفوز على سبورتنج وديًا استعدادًا للجونة بالدوري.. ومصطفى: بروفة جيدة    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    قريبًا.. الذكاء الصناعي يقتحم مجالات النقل واللوجستيات    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    وزير الصحة يستقبل نظيره اللاتفي لتعزيز التعاون في مجالات الرعاية الصحية    ابدأ من الصبح.. خطوات بسيطة لتحسين جودة النوم    طريقة عمل الكشرى المصرى.. حضري ألذ طبق علي طريقة المحلات الشعبي (المكونات والخطوات )    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    في أول زيارة ل«الشرع».. بدء مباحثات ترامب والرئيس السوري في واشنطن    العمل تسلم 36 عقد توظيف للشباب في مجال الزراعة بالأردن    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    "ملكة القطن" يحصد جائزة أفضل فيلم روائي طويل بمهرجان سالونيك السينمائي الدولي    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    تأجيل محاكمة 23 متهمًا ب خلية اللجان النوعية بمدينة نصر لجلسة 26 يناير    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    الاتحاد الأفريقي يدعو لتحرك دولي عاجل بشأن تدهور الوضع الأمني في مالي    التعرف على هوية الصياد الغريق في حادث مركب صيد بورسعيد    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    هبة عصام من الوادي الجديد: تجهيز كل لجان الاقتراع بالخدمات اللوجستية لضمان بيئة منظمة للناخبين    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    تأجيل محاكمة «المتهمان» بقتل تاجر ذهب برشيد لجلسة 16 ديسمبر    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحليم قنديل يكتب: أخطر أيام «القيصر»

صعد الرئيس الروسى "فلاديمير بوتين" إلى أزهى أيامه ، وحقق فوزا كاسحا فى الانتخابات الروسية الأخيرة، وحصل على 76 مليون صوت بنسبة تناهز 88% من إجمالى المصوتين، وصار الأطول عمرا على مقعد القيادة الروسية فى المئتى سنة الأخيرة ، وتجاوز سنوات رئاسة القائد الروسى الأشهر فى القرن العشرين "جوزيف ستالين".
وقد نسبت إلى ستالين ذى المولد الجورجى فظاعات مرعبة ، لكنه كان البانى الأعظم لدولة الاتحاد السوفيتى ، التى تفككت أوائل تسعينيات القرن العشرين ، دخلت روسيا بعدها فى نحو عشر سنوات متصلة من الهوان المفزع ، كان عنوانها الرئيس المخمور دائما "بوريس يلتسين" ، الذى استقال فجأة فى أوائل 1999، ليصبح بعدها "بوتين" رئيسا بالإنابة ، ثم أصبح رئيسا رسميا لفترتين متتاليتين حتى عام 2008 ، انتقلت الرئاسة بعدها لفترة أربع سنوات إلى "ديمترى ميدفيديف" صديق "بوتين" وظله الشخصى ، وخلالها جرى تعديل دستورى ، زاد مدة الرئاسة إلى ست سنوات ، حكم فيها "بوتين" مجددا حتى عام 2018 ، وفى فترة رئاسته الرابعة ، أجرى "بوتين" تعديلا دستوريا مضافا عام 2020 ، كفل له فرصة الترشح لمرتين إضافيتين ، فاز أخيرا بأولاها حتى عام 2030 ، وعمره 71 سنة ، ولديه فرصة ترشح سادسة حتى عام 2036.
وقد يقال لك، أن الانتخابات الروسية ليست حرة ولا نزيهة ، وأن نسبة المشاركة فى التصويت البالغة نحو 77% ، كلها "أرقام مخترعة" بحسب تعليقات الدوائر الغربية ، ومعها دوائر معارضة صغيرة هاربة إلى عواصم الغرب، من نوع أنصار المحامى المعارض "إلكسى نافالنى" ، الذى توفى فى محبسه قبل أسابيع من الانتخابات الأخيرة ، وأعرب القيصر "بوتين" فى "خطاب النصر" عن حزنه لوفاته ، وقال أنه كان مستعدا للإفراج عنه مقابل مساجين روس فى عواصم الغرب ، وإن سخر مما يقال عن قوة المعارضة المقموعة ، وقال بأنه لم يكن لها تأثير محسوس فى التصويت ولا فى النتائج ، رغم شن أجهزة مخابرات غربية لعشرات آلاف الهجمات "السيبرانية" خلال الانتخابات ، وقد صار معتادا ، أن تتبادل موسكو مع واشنطن وعواصم الغرب الأخرى الاتهامات بمحاولات التأثير على الانتخابات ، عبر صور من الحروب "السيبرانية" الموازية لحروب السلاح بين روسيا والغرب فى الميدان الأوكرانى.
وكانت نجاحات "بوتين" فيها ، هى كلمة السر فى صعود نجمه الشعبى ، فلم تختلف خرائط منافسيه الانتخابيين الجديين هذه المرة عن سابقاتها ، لكن حظه كان الأفضل بما لا يقاس ، بينما كانت الحظوظ الأقل من نصيب مرشحى أحزاب معارضة ، أظهرها "الحزب الشيوعى" ، الذى أسسه قائد الثورة البلشفية المنشئة للاتحاد السوفيتى "فلاديمير إليتش لينين" ، لكن "فلاديمير بوتين" بدا تكوينا مختلفا عن "فلاديمير لينين" ، الأخير كان شيوعيا حالما على طريقته ، بينما "فلاديمير بوتين" قومى روسى ويحظى بتأييد هائل من الكنيسة الأرثوذكسية ، وبديلا عن صيغة الاتحاد السوفيتى الأيديولوجية ، راح "بوتين" يصوغ هدفه فى صورة "الاتحاد الروسى" الجديد ، الذى يعطى أولوية للعمل وتمتين الصلات فى الفضاء السوفيتى السابق آسيويا ، ولكن مع منح الامتياز للفضاء السوفيتى السابق أوروبيا ، فجعل العلاقة مع "بيلاروسيا" المستقلة فى مقام الوحدة العضوية ، وخاض حربا خاطفة مع "جورجيا" المستقلة ، وانتزع منها إقليمين عام 2008 ، ومنع انضمام "جورجيا" إلى حلف شمال الأطلنطى "الناتو" حتى تاريخه ، ووضع نصب عينيه وضع أوكرانيا وحدودها الطويلة وتداخلاتها العميقة مع التاريخ والنسيج الروسى ، وشن ضربة خاطفة ، استعاد بها لروسيا شبه جزيرة "القرم" عام 2014 ، وكان القائد السوفيتى أوكرانى المولد "نيكيتا خرتشوف" ، قد نزع تبعية "القرم" لروسيا الاتحادية عام 1956 ، وأضافها لأراضى أوكرانيا السوفيتية ، تماما كما جرى ضم منطقة "الدونباس" الصناعية لأوكرانيا فى بداية الحقبة السوفيتية.
ومن هنا نفهم دواعى "العملية العسكرية الروسية الخاصة" فى أوكرانيا ، التى دخلت حربها عامها الثالث ، وعانت روسيا فى أولى سنواتها من ضعف ظاهر ، ربما دفع إليه استهتار الجنرالات الروس ، ومصاعب قواتهم اللوجيستية ، لكن "بوتين" الذى كان يراقب ما يجرى فى هدوء أعصاب حديدية ، راح يراجع ما يجرى ، ويستقى الدروس بسرعة ، على طريقة ما جرى فى حروب روسيا الوجودية الكبرى ، من حملة "نابليون" على روسيا أوائل القرن التاسع عشر ، وإلى حملة "بارباروسا" التى شنها "هتلر" على روسيا بأكثر من أربعة ملايين مقاتل ، وفى الحالتين ، كان الروس يهزمون فيهزمون ، لكنهم ينتصرون أخيرا على نحو ساحق ، وقد لا تكون الحملة الحالية على روسيا أقل وطأة ، فكل دول "الناتو" تشارك بها ، إضافة لآخرين من توابع الغرب وسباياه ، و54 دولة بقيادة أمريكا تحارب روسيا "البوتينية".
وقد دفعت للميدان الأوكرانى بفيضان عارم من أكثر الأسلحة تطورا ، وقدموا الدعم بمئات المليارات من الدولارات ، وبالمشاركة المباشرة من وراء قناع الجيش الأوكرانى ، وبهدف جهير هو هزيمة روسيا وتفكيكها ، وخنق اقتصادها بعقوبات غير مسبوقة فى التاريخ ، بلغت فى جملتها نحو 18 ألف عقوبة ، كان الهدف هو اعتصار روسيا ، وجعل أوكرانيا "أفغانستان ثانية" للروس ، يكون أثرها كما كان أثر "حرب أفغانستان" فى تسريع تفكيك الاتحاد السوفيتى السابق ، وعبر 25 شهرا من الصدام الكونى ، كانت النتائج حتى اليوم ، أن "أوكرانيا" كادت تتحول إلى "أفغانستان ثانية" للأمريكيين والغرب كله لا للروس ، ونجحت موسكو فى إنهاك خصومها ، وساقتهم من خيبة إلى خيبة ، فلا هم نجحوا فى عزل روسيا عالميا بدعوى اعتدائها على أراضى جارتها أوكرانيا ، ولا هم فازوا فى حرب خنق الاقتصاد الروسى.
وقد انكمش قليلا فى أوائل أعوام الحرب ، ثم عاد إلى نمو مفاجئ فى عام 2023 ، واعترفت المؤسسات المالية الغربية نفسها بنمو الاقتصاد الروسى ، وقدر "البنك الدولى" فى يناير 2024 ، أن الاقتصاد الروسى مرشح للنمو هذا العام بنسبة 1.3% ، وفى العام المقبل 2025 بنسبة 9.% ، وإن بدت الأرقام أقل مما يعلنه الروس بكثير ، فقد نجح "بوتين" فى إعادة صياغة الاقتصاد الروسى ، وقاد خطة اكتفاء ذاتى شامل فى الزراعة والطاقة والابتكار والصناعات التقنية ، ولم تكن إصلاحات "بوتين" محصورة بحدودها ، ولا بثروات بلده الطبيعية السخية فى مجال الطاقة بالذات ، بل استثمر "بوتين" فى حقائق العالم المتغيرة ، واستغنى عن العلاقة المدمرة مع الغرب بعلاقات أوثق مع الشرق ، ومع الصين بالذات ، ومع حيتان "أوبك" فى منطقة الخليج العربى ، وضاعف حجم العلاقات التجارية مع دول الشرق والجنوب العالميين ، وقاد مع الرئيس الصينى حملة توسيع منظمة "بريكس" وكسر هيمنة الدولار الأمريكى ، واستوعب مغزى "حرب أوكرانيا" على خرائط التطور العالمى ، فقد جرت تحولات كبرى قبلها فى موازين الاقتصاد والسلاح والتكنولوجيا ، جعلت تفكيك الهيمنة الأمريكية الأحادية هدفا واردا ، وجاءت حرب أوكرانيا لتكشف لا لتنشئ ما يجرى ، وهو ما وعاه "بوتين" بعلاقة بلا ضفاف مع الصين الصاعدة اقتصاديا إلى عرش العالم الجديد متعدد الأقطاب.
ودمج "بوتين" طموحه "الروسى" فى قلب الدراما العالمية الجارية ، مدركا أن نجاح التحول مرتبط بمصائر حربه ، وواصل عملية إعادة تنظيم واسعة للجيش ، وعدم الاكتفاء بالتفوق الروسى الحاسم فى الأسلحة النووية والصواريخ بعيدة المدى فرط الصوتية ، بل الاتجاه لتطوير وتحديث مقدرات روسيا فى الأسلحة التقليدية وتحت النووية ، وقفز بالصناعات العسكرية إلى حدود مخيفة ، جعلت روسيا كما تقول المراجع الغربية تفوز فى سباق إنتاج الأسلحة ، فروسيا تنتج وحدها نحو 3.5 مليون قذيفة حربية سنويا ، بينما لا ينتج الغرب كله سوى 1.2مليون قذيفة ، كذا فى سباق إنتاج الطائرات والصواريخ والسفن والطائرات المسيرة الانتحارية ، وهو ما كان له أثره المباشر فى الميدان الأوكرانى ، وقلب المعادلات كليا ، ليس فقط بإفشال ومحو آثار الهجوم الغربى المضاد من وراء القناع الأوكرانى ، بل فى التقدم الروسى بعده إلى قضم تدريجى نشيط للمدن والبلدات فى مناطق "الدونباس" و"زاباروجيا" و"خيرسون" ، ربما على سبيل التمهيد لهجوم روسى شامل فى الشهور المقبلة ، وهو ما دفع أصواتا غربية إلى التحذير من عواقب الانتصار الاستراتيجى للروس ، وإلى إعلان الرئيس الفرنسى "ليونيل ماكرون" عن ضرورة إرسال قوات "الناتو" إلى أوكرانيا لتوقى الهزيمة الشاملة للغرب ، وهو ما بدا مشهدا كوميديا بائسا ، تهزأ به روسيا وتتعهد بتدميره ، بينما تعارضه دول الغرب الأكبر ، ربما لأنها صارت تدرك جيدا ، أن اللعبة انتهت أو كادت ، وهو ما يعترف به تقرير أجهزة المخابرات الأمريكية السنوى الأخير لعام 2024 ، الذى يصف روسيا بأنها "خصم مرن" قادر على تقويض مصالح أمريكا والغرب .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.