محاكمة إسرائيل

شىء من الأمل

رغم أن بلينكن وزير الخارجية الأمريكية طالب علنا الإسرائيليين بعدم الإفراط فى استهداف المدنيين فى غزة وقال إن مأساة وائل الدحدوح لا يمكن تصورها إلا أنه مع ذلك استنكر قيام جنوب إفريقيا برفع دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية لأنها تُمارس جريمة الإبادة الجماعية فى غزة، وقال إنها قضية بلا أساس!
لكن هده القضية التى يراها بلينكن بلا أساس أصابت إسرائيل بالقلق لأنها المرة الأولى منذ قيامها قبل 76 عامًا التى تحاكم فيها دوليًا لارتكابها جريمة الإبادة الجماعية بعد أن امتلكت دولة جنوب أفريقيا رغم الضغوط العلنية والمستترة شجاعة رفع دعواها ضد إسرائيل.
لقد كان فى مقدور الحكومة الإسرائيلية أن تتجاهل تلك القضية كما تفعل دومًا مع قرارات الأمم المتحدة فى ظل الحماية الدولية الكاملة التى تحظى بها من أمريكا، ولكنها خشيت أن فعلت ذلك أن تنتهى القضية التى بدأت المحكمة الجنائية الدولية بنظرها أمس بإدارتها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية لأهل غزة، خاصة أن جنوب إفريقيا أعدت عريضة دعوى حافلة بالأدلة الواضحة التى تؤكد ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية عمدًا ومع سبق الإصرار باعتراف قادتها السياسيين والعسكريين، وبما سجلته تقارير منظمات دولية على مدى أكثر من ثلاثة أشهر من العدوان الوحشى الإسرائيلى ضد قطاع غزة.. ولذلك اختارت الحكومة الإسرائيلية أن تحضر هذه المحاكمة، خاصة وأن أمريكا التى تحميها دوليًا لن تقدر على استخدام الفيتو لإنقاذها من الإدانة كما تفعل فى مجلس الأمن.. واختارت الحكومة الإسرائيلية أحد القضاة البارزين فى إسرائيل ليمثلها فى هيئة المحكمة وفريق دفاع دولى ليدافع عنها.
إن إسرائيل لا تخشى فقط أن تقبل المحكمة نظر هذه القضية بعد سماع اتهامات جنوب إفريقيا أمس والدفاع الإسرائيلى اليوم، ولا تخشى فقط أيضًا أن تصدر المحكمة بعد ذلك قرارًا بوقف إطلاق النار، لأنها تعرف أنه لا توجد آلية دولية لتنفيذ قرارات المحكمة وأن الدعاوى القضائية التى تنظرها تستغرق سنوات، ولكنها تخشى أن توصم إسرائيل بارتكاب جريمة شنعاء هى جريمة الإبادة الجماعية وأن تظل هذه الجريمة تلاحقها بالعار خلال سنوات المحاكمة، خاصة أن هناك مطالبات شعبية فى عدة دول لانضمامها لجنوب أفريقيا فى دعواها، لتصير الدعوى دولية.