أبو سفيان بن حرب.. الذكاء والحكمة والفخر والزعامة

كان في جاهليته زعيم أكبر قوة تحارب المسلمين ، ولكنه بعد إسلامه جاهد في سبيل اللَّه حقّ جهاده ، وقدم شيئًا غاليًا للإسلام فقد قدم عينيه الاثنتين في سبيل اللَّه .
العين الأولى في "حُنين" عندما كان يدافع عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم .
والعين الثانية في "اليرموك" عندما أوكل إليه خالد بن الوليد مهمة نشر روح الجهاد بين الجنود ، فكان أبو سفيان يمشي هو وامرأته (هند بنت عتبة) يحمسان الجنود كان في جاهليته زعيم أكبر قوة في الأرض تحارب المسلمين ، ولكنه بعد إسلامه جاهد في سبيل اللَّه حقّ جهاده.
مؤسس الدولة الأموية:
هو أبو سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف صحابي من سادات قريش قبل الإسلام وهو والد معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية وكان تاجراً واسع الثراء ولد في مكة قبل عام الفيل بعشر سنين، أمه صفية بنت حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر.
ما جعله النبي لأبي سفيان بعد إسلامه:
كان أبو سفيان رضي الله عنه معروفاً بحبّ الفخر كثيراً، فلمّا أسلم سأل العبّاس رضي الله عنه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أن يجعل له شيئاً حتى يجبر انكساره ويرفع منزلته بين قومه بعدما رأى من نفسيته بعد إسلامه، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : "مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمنٌ"، وأعطى الأمان لسائر أهل مكة ولكن بشرط استسلامهم.
ابوسفيان بن حرب وابنته ام حبيبة:
الصحابي الجليل ابوسفيان ، والرجل الذي تزوج رسول اللَّه صل اللَّه عليه وسلم ابنته أم المؤمنين السيدة أم حبيبة رضي اللَّه عنها ؛ وربما سبب إغفال كتب التاريخ لفضله هو عداؤه الشديد لرسول اللَّه قبل الإسلام ؛ وهذا شيءٌ لا يستقيم أبدًا فالإسلام يجب ما قبله .
حارب المسلمين أكثر من عشرون عاما:
بل ان سنوات كفره تلك التي كان فيها العدو الأول للإسلام ، كفيله بأدارج اسمه في قائمة الأقوياء ، فهذا الرجل حارب الإسلام لما يزيد عن عشرين عامًا قضاها في الكفر، إلّا أنه بعد كل هذه السنين أسلم وجهه للَّه سبحانه وتعالى .
ابوسفيان وعداءه للروم:
فضاق الروم ذرعًا بهذا الرجل الذي يحمس شباب المسلمين بكلماته التي تخرج من قلبه لتحولهم إلى سهامٍ مشتعلة تحرق جحافلهم ، فصوَّبوا نبالهم نحوه ليصيبوا عينه الثانية بسهم فقأها ، فسالت الدماء شلّالا من عين أبي سفيان ، فأصبح أعمى البصر بشكلٍ كلي ، إلا أن هذا الشيخ البطل استجمع قواه وربط عينيه بلفافة بيضاء ، ليمشي بين كتائب المسلمين يذكرهم بالجنة ويدعوهم إلى الثبات ، عندها انطلقت كتائب التوحيد الإسلامية لتقتحم صفوف الأعداء وتزلزل حصونهم .
اقتحام الجيش الروماني:
وفي معمعة المعركة سمع المسلمون أبا سفيان ينادي بصوت هز أرجاء وادي اليرموك وكأن هذا الشيخ الأعمى يرى ببصيرته شيئًا لا يراه المبصرون بأعينهم وهو يردد بصوت ملؤه الإيمان باللَّه : يا نصر اللَّه اقترب ، يا نصر اللَّه اقترب ، يا نصر اللَّه اقترب وفعلًا جاء نصر اللَّه فقد استطاع رجل من المسلمين اقتحام قلب الجيش الروماني الضخم ، وبضربة سيف واحدة من يمينه قطع رأس (باهان) وزير حربية الإمبراطورية الرومانية ، ثم نادى بصوت عالي : اللَّه أكبر ، فتعالت صيحات المسلمين بالتكبير ، فألقى اللَّه الرعب في قلوب الرومان وصيحات اللَّه أكبر تطاردهم ، فرجعوا القهقرة أمام تقدم كتائب التوحيد الإسلامية ، فألقوا بأنفسهم من وادٍ سحيق يسمى ب (الواقوصة)، فقتل في يومٍ واحد 120 ألف رومي، وانتصر المسلمون في معركة اليرموك الخالدة على قوات بيزنطة المتحالفة التي قدمت من مختلف أصقاع تلك الإمبراطورية الكبيرة.
موقعة اليرموك:
وبانتصار المسلمين في اليرموك انهارت القوة الرومانية فعليًا ، وأصبحت الشام دارًا للإسلام ؛ فرحم الله ابا سفيان وجزاه اللَّه خيرًا لما قدمه للإسلام والمسلمين.
ملامح من شخصية أبي سفيان:
تميز ابو سفيان بالذكاء والفِطنة والحكمة وشجاعته وإقدامه وقوته، كما في يوم حُنين حينما ثبت فيها ولم يفرّ من أرض المعركة وحبّ الفخر والزعامة.