تعرف الولاياتالمتحدة قبل غيرها أن ما أصابها من ضرر بسبب تأييدها اللاأخلاقى لحرب الإبادة الإسرائيلية على شعب فلسطين لا يمكن إصلاحه ببعض الحديث عن المساعدات الإنسانية، ولا ببعض «النصائح» التى تقول إنها أعطتها لإسرائيل لكى يكون قتل الفلسطينيين بطريقة أقل بشاعة.. وهى نصائح نرى نتائجها «الحقيقية» مع المزيد من استشهاد آلاف الأطفال الفلسطينيين (!!) ونعرف فاعليتها مع تدفق أطنان الأسلحة الأمريكية التى تؤكد أن استمرار المذبحة هو القرار الأمريكى الحقيقى حتى الآن!! يحدث ذلك.. رغم أن كل الرهانات الأمريكية التى جعلتها شريكة فاعلة فى حرب الإبادة قد سقطت.. فلا الحرب انتهت بسرعة كما كان مخططاً لها، ولا إسرائيل قادرة على تحملها عبء استمرار الحرب وتعطل الاقتصاد لفترات أطول، ولا الحشد العسكرى والسياسى الأمريكى الداعم لإسرائيل أصبح كافياً لمواجهة احتمالات توسع الحرب التى يزداد خطرها يوما بعد يوم، والتى لا يمكن أن تغامر الولاياتالمتحدة بتصعيدها وهى على أبواب عام الانتخابات، ثم وباعتراف الرئيس بايدن نفسه وهى تقف وحدها مهددة بالسقوط الأخلاقى أمام العالم بسبب دعمها لإسرائيل التى لم تترك شيئاً من جرائم الحرب إلا وطبقته فى حرب الإبادة ضد شعب فلسطين. خطر اشتعال المنطقة لم يعد ممكناً تجاهله.. ولم يعد ممكناً لأمريكا بالذات أن تتمسك باستمرار حرب الإبادة التى تقوم بها إسرائيل أكثر من ذلك، الخطر لم يعد يمكن حصره داخل فلسطين ولو جاءت كل حاملات الطائرات الأمريكية وفتحت كل مخازن السلاح أمام إسرائيل، اجتماع مجلس الأمن الأخير كان فرصة أمام أمريكا لفتح باب الخروج من الأزمة لكنها أضاعتها، مشروع القرار الأساسى (قبل التعديلات) والذى صاغته مصر وتبنته المجموعة العربية وتقدمت به ممثلتها فى مجلس الأمن «دولة الامارات» كان ينطلق من الحقيقة الثابتة فى الموقف وهى أن الوقف الفورى والشامل والدائم لإطلاق النار هو مدخل الحل قبل تفاقم الكارثة . ربما تكون أمريكا قد نجحت فى إجهاض مشروع القرار العربى وتفريغه من محتواه الأساسى، لكنها تدرك أكثر من غيرها أنه لا طريق إلا وقف الحرب قبل أن تنفجر الأوضاع فى المنطقة، وقبل أن تتورط أمريكا بصورة لا يمكن علاجها، وقبل أن تفلت الأوضاع على كل الجبهات وعلى امتداد المنطقة من الخليج إلى المتوسط . الاختيار أمام أمريكا الآن هو أن تنقذ ما تبقى من سمعتها الأخلاقية ونفوذها السياسى وتوقف هذه المذبحة الصهيونية. أو أن تترك الأمر فى يد نتنياهو وعصابة المهاويس من زعماء عصابات الإرهاب الصهيونى الذين يعرفون أن إيقاف الحرب يعنى دخولهم السجون أو المحاكمة دولياً كمجرمى حرب أثبتوا بدماء أطفال فلسطين الشهداء أنهم النسخة الأكثر بشاعة وانحطاطاً من النازية!!