يعد قطاع غزة إقليم تحت الاحتلال الحربى للجيش الإسرائيلى، ومن ثم؛ تسرى عليه اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب الموقعة سنة 1949، وتفرض هذه الاتفاقية فى المادة (55) منها على دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، علي تزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية، ومن واجبها علي الأخص أن تستورد ما يلزم من الأغذية والمهمات الطبية وغيرها إذا كانت موارد الأراضي المحتلة غير كافية. وقد أكدت المادة (60) من الاتفاقية أنه لا تخلي رسالات الإغاثة بأي حال دولة الاحتلال من المسؤوليات التي تفرضها عليها المواد 55 و56 و59. كما ألزمت المادة (56) دولة الاحتلال أن تعمل، علي صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات وكذلك الصحة العامة والشروط الصحية في الأراضي المحتلة، وذلك بوجه خاص عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة. ويسمح لجميع أفراد الخدمات الطبية بكل فئاتهم بأداء مهامهم. وحظرت المادة (57) على دولة الاحتلال أن تستولي علي المستشفيات المدنية إلا بصفة مؤقتة وفي حالات الضرورة العاجلة للعناية بالجرحى والمرضي العسكريين، وشريطة أن تتخذ التدابير المناسبة وفي الوقت الملائم لرعاية وعلاج الأشخاص الذين يعالجون فيها وتدبير احتياجات السكان المدنيين. ثم جاءت المادة (59) لتنص صراحة على التزام دولة الاحتلال بأن تسمح بعمليات الإغاثة لمصلحة سكان الأراضى المحتلة. وتشمل مواد الإغاثة : الأغذية والإمدادات الطبية والملابس وغيرها . ويجب أن تسمح بمرور هذه الرسالات بحرية وأن تكفل لها الحماية. كذلك نص البروتوكول الأول الإضافي إلى اتفاقيات جنيف، 1977 فى المادة (54) تحت عنوان (حماية الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين (على حظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب. وحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان والمواد التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومثالها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتجها والمحاصيل والماشية ومرافق مياه الشرب وشبكاتها وأشغال الري، إذا تحدد القصد من ذلك في منعها عن السكان المدنيين أو الخصم لقيمتها الحيوية مهما كان الباعث سواء كان بقصد تجويع المدنيين أم لحملهم على النزوح أم لأي باعث آخر. فضلاً عن حظر استهداف هذه الأعيان والمواد وكونها محلاً لهجمات الردع. وأعاد البروتوكول التأكيد على ما تضمنته الاتفاقية الرابعة فى المادة (55) منها وذلك فى المادة 69 منه والتى تحمل عنوان (الحاجات الجوهرية في الأقاليم المحتلة ( وهى عبارة معبرة الاحتاجات الأساسية لسكات الاراضى المحتلة، فقد نص على أنه: "يجب على سلطة الاحتلال، فضلاً على الالتزامات التي حددتها المادة 55 من الاتفاقية الرابعة بشأن المدد الغذائي والطبي، أن تؤمن، بغاية ما تملك من إمكانيات وبدون أي تمييز مجحف، توفير الكساء والفراش ووسائل للإيواء وغيرها من المدد الجوهري لبقاء سكان الأقاليم المحتلة المدنيين على الحياة وكذلك ما يلزم للعبادة". ولا شك أن مخالفة الالتزمات التى تضمنها القانون الدولى الإنسانى فى المواد سالفة الذكر يشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية لانتهاكها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة ، كما نصت عليها المادة (8/25) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في روما سنة 1998 بنصها على أن من جرائم الحرب": تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم ، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف." فضلاً عن أنها تشكل أيضاً جريمة الإبادة الجماعية طبقا للمادة (7) من نظام روما التى عرفت فى البند (ب) منها الإبادة بأنها تشمل: "تعمد فرض أحوال معيشية، من بينها الحرمان من الحصول على الطعام والدواء ، بقصد إهلاك جزء من السكان."