لا يمكن أن يشعر أحد بما يعانيه سكان هذا الشارع الذى كان هادئا ذات يوم ومزينا بالأشجار الوارفة بجوار حديقة المنتزه فى حي مصر الجديدة، والذى تحول فجأة إلى ساحة لانتظار السيارات وأنتزعت أشجاره بلا رحمة كما انتزعت أرصفته وحديقته الوسطى لمضاعفة توسعة الشارع عدة مرات، رغم أن حركة المرور المعتادة بالشارع لا تستدعى ذلك، ودون وجود مطب واحد لتهدئة سرعة السيارات والدراجات البخارية التى تتسابق طوال الليل وتعرض حياة الماره للخطر ، بخلاف ماتسببه من أصوات و «فرقعات» شديدة الإزعاج للمئات من السكان، والتى تجعل النوم ليلا أحد الأشياء المستحيلة، ولعل محافظ القاهرة الذى يقطن قريبا من هذا الشارع يقدر حق جيرانه فى الإنزعاج مما يحدث فى شارعهم الذى كان جميلا وهادئا، ويعيد إليهم بعض الأمان والنظام الذى إفتقدوه. وإذا كان حق الإنزعاج مكفولا من بعض التصرفات التى لاتليق بما تقوم به إدارات الأحياء من تطوير فى القاهرة، فإن مراجعة مايحدث فى موضوع «الأكشاك» التى تنتشر على معظم الأرصفة يحتاج الى إعادة النظر فيه، إذ يتحول بعضها إلى مقاه وتحتل المقاعد والمناضد جزءا من الرصيف ونهر الطريق، ليصبح إستعمال الرصيف للسير غير متاح للمارة بأى حال، ويجبرهم على السير فى وسط الشارع ،وهو مشهد متكرر فى مناطق عديدة، سواء كانت هادئة أو مزدحمة، رغم أن الوظيفة الأساسية للرصيف هى لاستخدام السائرين على الأقدام وتوفير الأمان وتنظيم المرور فى الشارع للمركبات فقط. بالتأكيد مازالت المدن الجديدة حول القاهرة أفضل حالا منها حتى الآن ، ومازال ممكنا ضبطها وإعادة تخطيط أجزاء منها كلما اقتضت الضرورة ذلك ، ونتمنى ألا تنتقل معاناة القاهرة المزدحمة بسكانها إلى المدن حولها، فالتجربة أثبتت أن بعض مصادر الإزعاج فى المدن القديمة تنتقل بسرعة البرق للمدن الجديدة إذا تم السكوت عنها فى بدايتها.