«الوطنية للانتخابات» تبدأ استقبال الطعون على مرشحي مجلس الشيوخ 2025    استعدادات جامعة القاهرة لتشغيل مكتب تنسيق القبول بالجامعات لاستقبال طلاب الثانوية العامة    الري: مصر أطلقت آلية تمويلية ب100 مليون دولار لتنفيذ مشروعات بحوض النيل    «متحدث الزراعة»: 5.8 مليون طن صادرات زراعية حتى منتصف العام    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 12 يوليو2025    وزير العمل: 1.143 مليار جنيه رعاية صحية وتعويضات ومنح خلال عام    مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة تواجه «تعثرا» بسبب خطط الانسحاب الإسرائيلية    الاحتلال ينسف منازل بخان يونس ويقصف غزة    الرئيس يتوجه إلى مالابو للمشاركة في اجتماع القمة التنسيقي للاتحاد الأفريقي    موريتانيا عن لقاء بين الغزواني ونتنياهو في واشنطن: كذب    حكم مباراة الأهلي وإنتر ميامي يدير نهائي مونديال الأندية    بسبب مونديال الأندية.. الهلال يدرس الانسحاب من كأس السوبر السعودي    الأرصاد: طقس اليوم شديد الحرارة.. ورطوبة مرتفعة    رفع 25 سيارة ودراجة نارية متهالكة خلال حملات مكثفة بالمحافظات    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهمين بقتل طالب المعهد التكنولوجي بالعاشر من رمضان    بالأسماء| مصرع شخص وإصابة 12 آخرين في انقلاب ميكروباص بطريق مطروح    أول تعليق من منى الشاذلي على أزمة اللوحات المسروقة ومها الصغير    غادة عبد الرازق على كرسي متحرك في أحدث ظهور لها    حسام موافي يكشف تأثير تناول القهوة على القلب    5 أطعمة تعزز صحة القلب    «الصحة تكشف».. 3 أسباب لحدوث الولادة المبكرة    الحكومة تنفي مخطط بيع سنترال رمسيس بإعادة تأهيله    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحتفل بعيد الرسل    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات بولاية "تكساس" الأمريكية إلى 129 قتيلا    حظك اليوم السبت 12 يوليو وتوقعات الأبراج    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    سعر الحديد في مستهل تعاملات اليوم السبت    موقف عقد الإيجار القديم للعين المؤجرة لغرض غير سكني حال وفاة المستأجر الأصلي أو الوريث قبل انتهاء مدة ال5 سنوات    دفن سائق لقي مصرعه في حادث اصطدام بالمرج    حريق هائل يلتهم محل تجارى ببنى سويف    واشنطن تنفي دعمها إقامة كيان منفصل لقوات سوريا الديمقراطية    بالذكاء الاصطناعي.. أول صورة أعلنت بها زوجة النني الثانية ارتباطهما    نجيب جبرائيل: الزواج العرفي لا يُعد زواجًا بل «زنا صريح» في المسيحية (فيديو)    سعر الذهب اليوم السبت 12 يوليو 2025 بعد الارتفاع العالمي وعيار 21 بالمصنعية    قرار جديد بشأن مادة التربية الدينية.. رفع نسبة النجاح وتعديل عدد الحصص في العام الدراسي المقبل    «كشف أسرار الزمالك».. أيمن عبد العريز يفتح النار على وائل القباني    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    مواعيد مباريات اليوم السبت 12-7-2025 والقنوات الناقلة    كل ما يخص نتيجة الدبلوم الصناعي 2025.. رابط مباشر وأسماء الكليات والمعاهد المتاحة للطلاب    نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. الموعد الرسمي وطرق الاستعلام لجميع التخصصات بنظامي 3 و5 سنوات    التضامن ترد على تصريحات منسوبة للوزيرة مايا مرسي بشأن إعادة إحياء التكية    شقيقه: حامد حمدان يحلم بالانتقال للزمالك    هشام عباس يشارك فى افتتاح المسرح الرومانى بدويتو مع الشاعرى    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    تامر حسني يُشعل الرياض في أضخم حفل على هامش كأس العالم للألعاب الإلكترونية.. وأغنية "السح الدح امبوه" مفاجأة تثير الجدل!    مانشستر سيتي: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد    وكالة أنباء كوريا الشمالية: وزير خارجية روسيا يصل إلى بيونج يانج    "مثل كولر".. عضو مجلس إدارة الزمالك يعلق على تولي فيريرا مهمة القيادة الفنية للفريق    بالنقاط، الترتيب المتوقع للمرشحين بالفوز بالكرة الذهبية 2025، وهذا موقف صلاح وحكيمي    أمين الفتوى: يجوز الصلاة أثناء الأذان لكن الأفضل انتظاره والاقتداء بسنة النبي    رسميًا خلال أيام.. صرف زيادة المرتبات الجديدة 2025 بعد قرار وزارة المالية (تفاصيل)    بوتين يوجه بإعداد خطة لإعمار المناطق الحدودية المتضررة من القصف الأوكرانى    محمد سلام يتصدر تريند جوجل بسبب خلافه مع بيومي فؤاد.. وتصريحات نارية من المخرج أحمد الجندي!    محمد عبلة: لوحاتي تعرضت للسرقة والتزوير.. وشككت في عمل ليس من رسمي    عاجزة عن مواكبة العصر.. البياضي: لوائح الأحوال الشخصية للمسيحيين تعود ل 1904    إنقاذ حياة سيدة وجنينها في سوهاج من انسداد كامل بضفيرة القلب    قد يبدأ بصداع وينتشر أحيانًا لأجزاء أخرى بالجسم.. أعراض وأسباب الإصابة ب ورم في المخ بعد معاناة إجلال زكي    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحليم قنديل يكتب: «رمضان» الفلسطيني بامتياز

الذى تابع ما جرى ويجرى فى "رمضان" فلسطين هذا العام، بات يدرك أن اجنماعات التهدئة إياها قبل حلول الشهر الكريم ، كانت خارج مجرى الحوادث بالجملة ، اللهم إلا من وساطات عابرة لبعض أطرافها ، فى صورة نقل رسائل بين أطراف المعركة الأصليين على أرض فلسطين التاريخية ، والتى يعد موسمها الرمضانى واحدا من أعلى ذراها ، فقد تضاعفت وتيرة الصدامات ، بدءا من "المسجد الأقصى" المبارك وما حوله.
توحشت اقتحامات المستوطنين الأكثر تطرفا وهمجية ، وصلواتهم التلمودية ، وخططهم لهدم المسجد وإقامة الهيكل المزعوم ، وفى حماية شرطة وجيش الاحتلال ، الذى حول باحات المسجد العتيق ومصلياته إلى ميادين حرب ، وأمطر المصلين والمصليات بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطى، ودهس سجاجيد الصلاة بالأحذية ، وقد ووجه العدوان على "الأقصى" كالعادة ، ببسالة المقدسيين والمرابطين والمرابطات وأيديهم الفارغة إلا من دعاء.
ومن دون أن يكون من صدى يذكر عند أطراف اتفاقات التهدئة إياها ومن فى حكمهم ، اللهم إلا فى استنكارات باهتة ومناشدات عاجزة ، تطالب بالحفاظ على الوصاية الأردنية ، وعلى "الوضع الراهن" فى المقدسات الإسلامية والمسيحية ، مع ترك الشعب الفلسطينى وحده ، يواجه البلطجة الإسرائيلية ، وترديد المعزوفات البالية ، التى تدعو واشنطن لردع تصرفات حكومة الإجرام الإسرائيلية ، وكأن من طبع "الحدأة" أن ترمى الكتاكيت .
والنظرة للوهلة الأولى على سطح الحوادث ، قد توحى بالانقباض وزوال الأمل ، فأمة المليارى مسلم ، لا تغضب للأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، وتكاد لا تبالى بما يجرى من عدوان متصل ومتصاعد على وجوده وحرماته ، وصرخات المرابطات الفلسطينيات تحت هراوات التنكيل ، لا تجد غيرة ولا مجيبا ، اللهم إلا من الشعب الفلسطينى نفسه ، وهو ما يحيى الأمل ويدفع للتفاؤل على الجانب الآخر ، صحيح أن الوحشية والعدوانية الإسرائيلية بلغت طورا غير مسبوق.
صحيح أن الاستيطان والتهويد فى القدس والضفة الغربية ، يمضى بخطوات أسرع ، وإلى حد تنظيم مسيرة بعشرات الآلاف لدعم الاستيطان جنوب "نابلس" ، شارك بها عشرون عضوا من "الكنيست" وسبعة وزراء فى حكومة "بنيامين نتنياهو" ، وصحيح أن قطعان التهجم على الأقصى تتزايد وتصخب ، وصحيح أن جيش العدو وشرطته وحرس حدوده ، يمعنون فى دهس الفلسطينيين وقتلهم واعتقالهم ، ومنذ بداية العام الجارى ، ارتقى أكثر من مئة شهيد فلسطينى وجرح وأسر عشرات الآلاف، وهدمت مئات منازل الفلسطينيين.
لكن حيوية الشعب الفلسطينى بالمقابل ، تواصل صحوتها وتصميمها ، وتدافع عن وجودها وحقوقها ووطنها ومقدساتها بكل ما أوتيت من قوة ، ودونما انتظار عون لا يأتى من سلطة أو من حكومات عربية وإسلامية ، وتوالى نهوضها فى حرب الدم الذى سيهزم السيف حتما ، ويتقدم فدائيوها لتنفيذ أجرأ العمليات ، وبما ملكت الأيدى من حجارة ورصاص ومفاجآت الدهس المقابل ، وعلى نحو ما جرى من "الحمرا" بالأغوار إلى قلب "تل أبيب" ، وكان لافتا وإن لم يكن جديدا ، أن منفذ عملية الدهس فى "تل أبيب" ، كان فلسطينيا من قرية "كفر قاسم" ، نفس القرية التى شهدت مجزرة شهيرة لأهلها قبل نحو سبعين سنة ، كان فدائى "كفر قاسم" الجديد.
يستلهم المدد من صمود وعذاب المرابطين والمرابطات فى المسجد الأقصى والقدس المحتلة ، فالمسجد الأقصى معلم دينى مقدس نعم ، لكن المسجد والقدس صارا عنوانا للهوية الفلسطينية الجامعة الجديدة ، التى وحدت الشعب الفلسطينى فى الميدان ، وأزالت الحواجز الافتراضية بين فلسطين المحتلة قبل 1967 وبعدها ، ومزجت الساحات عبورا لما أسمته "إسرائيل" بالخط الأخضر ، وأعادت قضية الشعب الفلسطينى إلى مداراتها الأصلية ، ولم يعد مقطع النزاع والصراع محصورا فى "غزة والضفة" ، ولا فى كلام بلا معنى عن إقامة كيان فلسطينى على الأراضى المحتلة بعد عدوان 1967 ، أى بالحد الأقصى على 22% من جغرافيا فلسطين التاريخية ، بل عاد الهدف إلى اتساعه الأصلى ، أى إلى تحرير فلسطين كلها من النهر إلى البحر ، وإقامة دولة ديمقراطية جامعة ، فلسطينية الهوية بأغلبيتها السكانية المطردة ، البالغة إلى غايتها قبل أواسط القرن الجارى بإذنه تعالى.
ولم يأت التحول فى سيرة الكفاح الفلسطينى الحاضر من فراغ ، بل من تغيرات تراكمت ، وصنعت الروح الجديدة ، بينها أنه لم يعد من أفق لفكرة إقامة دولتين على أرض فلسطين التاريخية ، ولا حتى لإقامة مفاوضات أو تسويات قريبة مع كيان الاحتلال ، بعد تضاعف نفوذ اليمين الفاشى الصريح فى تكوينه ، وسيادة الأوهام "المسيحانية" والتوارتية فى صفوفه ، والرغبة فى خوض معركة شاملة لطرد الفلسطينيين جميعا من ديارهم جميعا ، وإقامة ما تسمى "إسرائيل الكبرى" ، التى تضم فلسطين والأردن وأجزاء من سوريا ولبنان والسعودية ، على نحو ما أظهرته خريطة قدمها "بتسلئيل سموتيريتش" زعيم "الصهيونية الدينية" ، وعلى نحو ما يجاهر به رفيقه البلطجى "إيتمار بن غفير" زعيم حزب "العظمة اليهودية" ، والإثنان وزيران هما الأقوى فى حكومة "نتنياهو" الراهنة ، ودفعا الأخير إلى الموافقة على إنشاء قوة "الحرس الوطنى" الجديدة.
وعلى نشر السلاح بين 500 ألف مستوطن فى القدس والضفة الغربية ، وعلى خطط للقفز بعدد المستوطنين إلى المليون على الأقل ، وتهيئة المسرح لحرب "خلاصية" أخيرة ، يدفعهم إليها الفزع من تكاثر ملايين الفلسطينيين فوق أرضهم التاريخية ، وتخطى أعداد الفلسطينيين لأعداد اليهود المجلوبين إلى الكيان ، فوق انتشار الحضور الفلسطينى على الخرائط ، ووحدته الكفاحية النامية على الصعيد الشعبى ، والتقارب المتزايد فى الحس اليومى والتحركات العفوية ، وعلى نحو جعل "أم الفحم" و"اللد" و"الناصرة" و"سخنين" و"كفر قاسم" و"بير سبع" وغيرها ، كأنها أخوات توائم فى الهم اليومى نفسه ، لنفس ما يجرى فى "نابلس" و"أريحا" و"جنين" و"الخليل" و"غزة" و"طولكرم" وغيرها ، وعناوين تجمعها نشرة الأخبار اليومية نفسها ، وعلى طريقة ما جرى ويجرى متصاعدا متكاثفا فى السنوات الأخيرة بالذات ، ومنذ أن اجتمع الفلسطينيون فى يوميات حرب "سيف القدس" عام 2021 ، التى جرت على إيقاع القدس ومسجدها الأقصى ، ولم تكن مفاجئة أبدا هذه التطورات ، بل سبقتها تمهيدات توالت عبر العشرين سنة الأخيرة.
بعد توالى أمارات فشل اتفاقية "أوسلو" وأخواتها ، وتفجر الانتفاضة الثانية على إيقاع اقتحام "لشارون" للمسجد الأقصى ، والطفرات فى معدلات الاختلاط والتوازى الكفاحى الشعبى الفلسطينى على جانبى "الخط الأخضر" إياه ، ثم توارى سيرة المفاوضات كلها ، وتباعد الشقة بين "سلطة أوسلو" وشعبها الفلسطينى الجديد ، وتدافع مواسم الصحوة الذاتية لأجيال الفلسطينيين الجديدة ، وتنامى مشاعر الخيبة والتمزق فى قلب الكيان الإسرائيلى ، وعجزه برغم التفوق العسكرى عن ضمان الأمن ، أو عن تشكيل حكومات تحظى برضا واسع ، وحلول حكومات المدى القصير العابر ، وإجراء خمس دورات انتخاب مبكر فى أربعة أعوام ، ثم الهروب للأمام بتشكيل الحكومة الراهنة ، الأشبه بتشكيل عصابى من أرباب السوابق ، الذين يخوضون حربا مع شعب تستحيل هزيمته ، هو الشعب الفلسطينى فى طبعته الجديدة ، الموحد الراسخ فوق أرضه ، المتعلم من تجاربه وحتى من نكباته ، المبدع المجدد فى أساليب كفاحه ، القادر على ردع إسرائيل برغم فوارق السلاح الهائلة ، وهو ما بدا ظاهرا فى "رمضان" الفلسطينى بامتياز هذا العام .
وتأملوا ما جرى فى الصدام الأخير ، فقد واصلت قوات الاحتلال ومستوطنوها ومتطرفوها حروبهم الهمجية على المسجد الأقصى ، وضاعفوا مظاهر البطش والعصف ، وإخراج المصلين والمصليات من باحاته ومساجده ، لكن شباب فلسطين مع النساء والشيوخ والأطفال ، كانوا يعودون بعد كل هجمة إلى صلوات الفجر والجمعات ، وبحشود جبارة من كل نواحى فلسطين كل صباح ومساء ، وإلى أن أرغموا العدو على وقف اقتحامات الأقصى فى العشر الأواخر من رمضان ، ورد الفلسطينيون فى "غزة" بقصفات الصواريخ ، وردوا من الجنوب اللبنانى بعشرات الصواريخ على مستوطنات شمال فلسطين المحتلة ، واستنفرت إسرائيل قواتها كالعادة ، وعقدت اجتماعات مجالسها الوزارية الأمنية المصغرة والمكبرة ، وبدأ تنفيذ الردع الإسرائيلى المفترض ، وسط مخاوف من حرب مضافة لتدمير "غزة" ، وكانت المفاجأة ، أن الرد الإسرائيلى جاء هزيلا ، وفى صورة غارات ضالة على أراضى فارغة غالبا ، فى "غزة" وفى جنوب "صور" اللبنانية ، لم تسفر عن شهيد فلسطينى أو لبنانى واحد ، ليس لأن "إسرائيل" فاجأها مخاض الرحمة من تحت جذع نخلة ، بل لأنها تخاف من قسوة رد معاكس ، لم تعد تعرف من أين يجيئها على جبهات أربع متناغمة ، جبهة القدس والضفة ، وجبهة الداخل الفلسطينى ، وجبهة الشمال الفلسطينى من جنوب لبنان ، وجبهة غزة فى الجنوب ، فقد تآكلت قوة الردع الإسرائيلى كما لم يحدث أبدا من قبل ، وأصابها الشلل والخرس الجبرى حتى إشعار آخر .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.