بدء التقديم بمدارس التمريض في الإسماعيلية    تأثير محدود على حركة السياحة الوافدة لمصر من حريق سنترال رمسيس    توجيه وزاري بتيسير مشاركة صاحبات الحرف اليدوية في المعارض الدائمة بالمحافظات    وزير الصناعة يفتتح مصنع جديد للثلاجات بمجموعة العربي باستثمارات 108ملايين دولار    الضرائب: تحميل الفواتير الإلكترونية مجاناً.. ولا علاقة للمصلحة بأي تطبيقات خارجية    أوكرانيا: روسيا هاجمتنا الليلة الماضية ب597 مسيّرة    ردا على مزاعم واشنطن حول المفاوضات..طهران : الأمم المتحدة ومجلس الأمن "مسرح للتهريج والسخرية" وترامب يعيش فى أوهام    الزمالك يترقب.. هل يعيد حمدان قصة انتقال وليد سليمان إلى الأهلي؟ (صور وفيديو)    تقارير: لاعب برشلونة على رادار مانشستر يونايتد    ميلان يرتب أوراقه.. محاولات لبيع بن ناصر وعدلي إلى الدوري السعودي    منتخب المواي تاي يبدأ الاستعداد للمشاركة في بطولة العالم للشباب ب أبوظبي    «الجو هيقلب».. إنذار جوى بشأن حالة الطقس: 4 مناطق تحت سيطرة الأمطار الرعدية    الأجيال في الرواية" ندوة بمعرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب    «السياحة» تنفي نشوب حريق بمتحف ركن فاروق بحلوان    مها الصغير مُهددة بالحبس 3 سنوات| عضو ب المحامين العرب يعلن مفاجأة    "فستان قصير وحذاء رياضي".. نادية الجندي تتألق في أحدث ظهور    الصحة: توفير فحص ال"كوانتيفيرون" ب7 مستشفيات للكشف المبكر عن الدرن الكامن    محافظ أسيوط يتفقد وحدة طب الأسرة بكودية الإسلام    الوصل الإماراتي يضم بديل وسام أبو علي    بعد 6 سنوات.. ستيفانو بيولي يعود لتدريب فيورنتينا    7 شهداء على الأقل ونحو 40 مصابا فى غارتين إسرائيليتين على مخيم الشاطئ    رائحة الجثة فضحته.. خفير خصوصي يقتل زوجته ويدفنها في مزرعة بالشرقية    كلاكيت تاني مرة.. الإعدام لتاجر مواشٍ قتل ابنه غدرًا ودفنه ببرميل فى سوهاج    التحالف الدولي: 7 آلاف مواطن عراقي عادوا إلى قراهم من مخيم الهول السوري    حريق في مصنع للبلاستيك في أثينا    جامعة المنيا تبدأ استقبال أوراق مرشحي عمادة 7 كليات    تكريم عمال النظافة تقديرًا لجهودهم بالزرقا في دمياط    غادة عبدالرازق تظهر على كرسي متحرك بعد إصابتها في قدمها (صور وفيديو)    بث تجريبي.. إطلاق الموقع الإلكتروني لوزارة الثقافة المصرية    خبير استراتيجي: إسرائيل عاجزة عن تحقيق أهدافها وتلجأ للتطبيع لتثبيت وجودها    رئيس جامعة الأزهر: آية الدعاء في عرفة تقسم الناس إلى فريقين.. وأقوال المفسرين تكشف دقة التوجيه القرآني    البابا تواضروس يصلي قداس عيد الرسل مع شباب أسبوع الخدمة العالمي    صدمة| 3 سنين حبش لسارقي التيار الكهربائي فى هذه الحالات    حالة الطقس غدا الأحد 13-7-2025 في محافظة الفيوم    الصحة: إجراء اختبارات الكشف المبكر عن الدرن الكامن    5 طرق بسيطة لترطيب الجسم في الصيف    شيخ الأزهر ينعى الدكتور رفعت العوضي عضو مجمع البحوث الإسلامية أبرز علماء الاقتصاد الإسلامي    وكيل تضامن الغربية تزور مصابى حادث طريق المحلة كفر الشيخ الدولى    يوفنتوس يفتح الباب لرحيل نيكو جونزاليس فى الصيف    حصاد أسبوعي لنشاط وزير الشئون النيابية.. شارك في جلسات برلمانية حاسمة وأكد أهمية دعم الشباب والحوار المؤسسي    عام من الشراكات الثقافية.. بروتوكولات واتفاقيات تعزز حضور مصر الفني محليًا ودوليًا    استراتيجية عربية مشتركة للتعاون الجمركي والإداري    تأييد حكم المؤبد ل«ميكانيكي» بتهمة قتل والدته في الشرقية    سحب على 10 تذاكر.. تامر عبدالمنعم يفاجيء جمهور الإسكندرية    موعد مباراة ليفربول ضد بريستون والقنوات الناقلة.. ليلة تكريم جوتا بتواجد محمد صلاح    وزير الإسكان يتفقد محاور الطرق ومحطة تنقية مياه الشرب الجديدة بمدينة السادات    ضبط 5444 قضية بمجال الأمن الاقتصادي خلال 24 ساعة    وزيرة البيئة تبحث مع سفيرة المكسيك بمصر سبل التعاون    وزير الري يشارك فى الاحتفال بالذكرى الحادية والثلاثين لعيد التحرير الوطني لدولة رواندا    نتيجة الثانوية العامة 2025.. جار تصحيح المواد لتجهيز النتيجة    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 التجارة والزراعة والتمريض والصنايع والسياحة فور ظهوره (رابط)    القبض على تشكيلات عصابية تخصصت في السرقة بالقاهرة    دار الإفتاء توضح مسؤولية الوالدين شرعًا تجاه أولادهم فيما يتعلق بالعبادات    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    الرئيس السيسي يتوجه إلى غينيا الاستوائية للمشاركة في القمة التنسيقية للاتحاد الأفريقي    نجم تشيلسي: قادرون على تحقيق المفاجأة أمام ريال مدريد    بائع مصري يدفع غرامة 50 دولارًا يوميا بسبب تشغيل القرآن في تايمز سكوير نيويورك.. ومشاري راشد يعلق (فيديو)    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالحليم قنديل يكتب: عائدون من النسيان

إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا ، تظل الأمة فى هوانها ، وانقلاب معايير حكامها ، الذين يقف أغلبهم سندا لكيان الاحتلال الإسرائيلى ، ويواصلون سيرة التطبيع والاستخذاء الفاجر ، الذى تتدافع أماراته بلون الفجيعة المقبضة ، كلما قامت قوات العدو باقتحام باحات المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، وعاثوا فسادا واعتقالا وضربا بالرصاص وتنكيلا همجيا بالمصلين والمصليات شيوخا وشبابا وأطفالا ، وقادوا قطعان المستوطنين وجماعات "الهيكل" لتدنيس المسجد بصلوات البغى ، وهو ما صار يحدث كل صباح تقريبا منذ عام 2014 ، وتحت عنوان "التقسيم الزمانى" للحرم القدسى ، وسعيا لتقسيم مكانى ، تجرى بعده إعادة بناء ما يسمى "هيكل سليمان" ، الذى لم تثبت كل الحفريات وجود أثر له ، اللهم إلا فى مرويات منسوبة للتوراة ، لا يؤمن بها حتى كثير من حاخامات اليهود أنفسهم ، وإن كانت "إسرائيل" تتخفى بها ، وتريد استخدام الأساطير المكذوبة كتكئة لهدم المسجد الأقصى و"قبة الصخرة" بالذات ، وفرض تقسيم "المسجد الأقصى" بين المسلمين واليهود ، وعلى نحو ما فعلوا قبلها فى "الحرم الإبراهيمى" بمدينة "الخليل" ، ومنح مساحة 60% من المسجد لليهود ، ومنع رفع الأذان فيه .
وقد لا نريد هنا الاستطراد فى مناقشات دينية ، أو فى تاريخ تعاقب الأديان والأنبياء ، فليس لدى أحد من المسلمين أدنى رغبة فى التنكر لدين سماوى ، وهم يؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله جميعا ، لا يفرقون بين أحد منهم ، وليست القصة فى ديانة اليهود ، وقصة فلسطين ليست نزاعا دينيا ، ولا مباريات فى رفع الصلوات ، بل قضية احتلال واستعمار استيطانى إحلالى ، وأيا ما كانت الهوية الدينية للمحتلين الغاصبين ، وقد أتوا فى غالبهم من بلدان أوروبا الشرقية بالذات ، ومن دون أدنى رابطة تجمعهم سلاليا مع اليهود الأولين من "بنى إسرائيل" ، وكان مؤسس الكيان "بن جوريون" بولنديا وملحدا ، لا تعنيه اليهودية وأساطير التوراة ، إلا بقدر ما تنفع فى دعم الحركة الصهيونية ، التى نزعت عن اليهودية كونها دينا ، واصطنعت دعوى القومية اليهودية بدلا عن الدين اليهودى ، وقامت على أكتاف أحفاد يهود "مملكة الخزر" مكان وبالقرب من "أوكرانيا" الحالية ، وهم "متهودون" بأمر ملكى وليسوا يهودا ، فى ديانة ليس فيها دعوة ولا تبشيرولا إضافة ، وهو ما يفسر قدوم أغلب قادة إسرائيل الأوائل من "بولندا" و"أوكرانيا" ، واستخدامهم النفعى تماما لأساطير التوراة وأرض الميعاد ، بينما الهدف كان مرتبطا تماما بالإمبريالية الاستعمارية ، وبدعم عواصم الغرب الكبرى حتى اليوم ، وبادعاء أن فلسطين خالية وأرض بلا شعب ، وأن قضية فلسطين ستذوى من تلقاء نفسها ، وبأقوال "جولدا مائير" الأوكرانية الأصل ، فإن طرد الفلسطينيين من أراضيهم سيكون بلا عواقب ، وأن الكبار سيموتون والصغار سينسون ، وهو ما حدث عكسه بالضبط ، فقد جرى بعث الفلسطينيين من عوالم النسيان الموهوم ، برغم طرد ثلثى الشعب الفلسطينى من أرضه فى نكبة 1948 ، وبرغم مرور نحو 75 سنة إلى اليوم ، وموت وتعاقب أجيال ، وتوالى جولات الذبح والنفى والتهجير ، فإن المنسيين عادوا بهويتهم الأصلية إلى منصات الحضور الباهر ، وصار الفلسطينيون أكثرية فى بلادهم المحتلة بكاملها ، وبعزم أشد على استعادة أرضهم المغتصبة بكاملها ، وتحرير 27 ألف كيلومتر مربع هى كل مساحة فلسطين التاريخية ، وليس فقط الستة آلاف كيلومتر مربع فى غزة والضفة والقدس ، وبدت "القدس" المحتلة بكاملها فى قلب تيار العودة ، وتواصلت قيامات "القدس" فى السنوات الأخيرة بالذات ، وخصوصا فى المدينة القديمة ، التى تقل مساحتها عن كيلومتر مربع واحد ، يجمع رموز التوهج الفلسطينى الكبرى ، وفى قلبها "المسجد الأقصى" ، الذى ترفع الصلوات فيه ، وفى "كنيسة القيامة" القريبة ، وعلى رجاء استعادة الوطن الفلسطينى ، وليس لمجرد أداء طقوس فى طاعة الله ، فلسنا بصدد ضمان حرية عبادة فحسب ، بل بكون حرية العبادة طريقا لكسب حرية الوطن الأسير .
ليست القصة إذن فى حرية العبادة وحدها ، ولا فى تأكيد حرية المصلين المسلمين بالوصول إلى مسجدهم المقدس ، ولا فى الحفاظ على ما يسمونه "الوضع القائم" فى الحرم القدسى الشريف ، واستمرار "الوصاية الأردنية" التى اتفق عليها كيان الاحتلال نفسه ، ولا فى وجود صورى منتهك لهيئة الأوقاف الفلسطينية ، ولا فى الحصار الإسرائيلى المسلح لجماعات المرابطين والمرابطات فى المسجد المبارك ، ولا حتى فى تحرير المدينة المقدسة ذات الكيلومتر الواحد وأقل ، بل فى المغزى الوطنى المقدس لحركة المقدسيين من حول المسجد ، فالقدس عاصمة الروح هى عاصمة الوطن الفلسطينى فى الوقت ذاته ، وترمومتر حرارة الحوادث من حول الحرم المقدس ، هو ذاته ترمومتر حرارة الكفاح الفلسطينى لاستعادة الوطن من محتليه ، والمرابطون دفاعا عن الأقصى يأتون من شتى نواحى الجغرافيا الفلسطينية ، والصوت الذى ينطلق من باحات المسجد العتيق ، يتردد صداه فى مدن الضفة وغزة ، وفى مدن وقرى الداخل المحتل منذ عام 1948 ، فى تطور بات ملموسا متصلا فى السنوات الأخيرة ، فقبل أكثر من عشرين سنة ، كانت فلسطين تتقدم إلى انتفاضتها الكبرى الحديثة الثانية ، على وقع اقتحامات "شارون" لأبواب المسجد الأقصى ، وكانت معارك الانتفاضة المسلحة تتوالى ، من "غزة" إلى معركة "جنين" عام 2002 ، ومع كل اقتحام إسرائيلى تكرر ، كان صوت القدس ومسجدها يوقظ الهمم ، من المواجهة الدامية عند أبواب الأقصى عام 2017 ، وإلى التطورات الساخنة فى عام 2021 ، حين قاد صوت وبسالة المقدسيين حركة قيامة فلسطينية شاملة ، ودارت حرب "سيف القدس" ، التى عجزت فيها إسرائيل عن إحراز أى نصر ، برغم التفاوت الهائل فى قدرات السلاح لصالح كيان الاحتلال ، وزحفت المواجهات بأكثر من أى وقت مضى إلى وراء ما يسمونه "الخط الأخضر" وجدار الفصل العنصرى ، وصارت "حيفا" و"يافا" و"اللد" و"أم الفحم" على خط الجبهة الأمامى ، تماما كغزة ونابلس ورام الله وجنين ، وكان وحى القدس وقيامتها ، هو الذى وحد حركة الشعب الفلسطينى على كامل أرضه التاريخية ، كانت لذلك مقدمات وتباشير سبقت فى الانتفاضة الثانية ، التى تداعت حوادثها فى الخمس سنوات الأولى من القرن الجارى ، وارتقى فيها شهداء من الداخل الفلسطينى ، وعلى ذات خطوط المواجهة فى غزة والضفة ، لكن جرى الذهاب إلى أفق مختلف فى العام الأخير بالذات ، فلم تعد "غزة" تحارب وحدها ، كما فى مواجهات 2008 و2009 و2012 و2014 ، بل صارت "غزة" مددا مباشرا لحروب المجموع الفلسطينى ، وهو ما فرض إيقاعا جديدا ، لم تصنعه صواريخ غزة وحدها ، بقدر ما صنعته قيامة القدس ورمزيتها الجامعة ، فالنور الذى ينبعث من كيلومتر واحد فى المدينة المقدسة ، راح يضئ قضية المصير الفلسطينى فى عموم السبعة والعشرين كيلومترا ، وعلى نحو ما أنبأتنا به ملاحم توالت بعد "سيف القدس" ، من هروب الأسرى من "جلبوع" أكثر سجون الاحتلال تحصينا ، وحتى عمليات المقاومة الفردية الجريئة فى قلب أكبر مدن الكيان ، من عملية "بئر السبع" إلى "الخضيرة" إلى "بنى براك" إلى "شارع ديزنجوف" فى قلب "تل أبيب" ، وقبلها فى صحوة بدو منطقة "النقب" ، التى تشكل أكثر من نصف مساحة فلسطين ، وبعدها فى عودة ملاحم "جنين" ، أقرب مناطق الضفة إلى مدن وقرى ومروج الداخل ، وإلى حد جعل "جنين" ولادة الأبطال ، كما لو كانت عاصمة ميدان للمقاومة الفلسطينية الموحدة الجديدة ، وجعل قادة الكيان لا ينامون فزعا من "جنين" وأهلها وشبابها ، ودفعهم لحصار "جنين" ، وبأقسى مما تحاصر به "غزة" ، وبرغم تواتر إشارات على دور لفصائل "فتح" و"الجهاد" وغيرها فى "جنين" ، إلا أن الطابع الشعبى المباشر للمقاومة الجديدة ، يبدو فى الصدارة ، فإلهام المقاومة الجديدة ، لا يبدو بأوامر تنظيم بعينه ، بقدر ما يبدو انتقالا للقدوة والشعلة من مكان إلى مكان ، صمود شبان وشابات القدس يظل فى مركز دائرة الإلهام ، ومبادرات شباب "النقب" و"أم الفحم" يجرى تداولها وتكريسها عند أبطال "جنين" ، و"غزة" المنفصلة البعيدة مكانيا عن القدس ، تبدو كدرع جاهز لحماية الأسوار وصون المقدسات ، فلا يعبأ قادة كيان الاحتلال بشئ ، قدر ما يحسبون الحساب لكل تهديد بالرد يصدر من غزة ، وتظن أن هذه المعادلة الجديدة ، سوف تلقى بظلالها على تطورات الوضع الفلسطينى فى قابل الأيام والسنوات ، برغم اتصال التشتت المهلك فى الصف الأمامى الظاهر لحركة السياسة الفلسطينية ، وضياعها فى دوائر انقسام مفرغة ، وطلبها لمدد لا يجئ من خذلان دولى وعربى وإسلامى ، بينما تبدو حركة الشعب الفلسطينى فى مدار آخر ، يحتفل بقداسة وشجاعة وبطولة ووحدة العائدين من النسيان .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.