ندى محسن رغم زخم وتنوع الموسم الغنائي لهذا العام بطرح عدد كبير من الأغنيات التي وصلت إلى أكثر من 150 أغنية لكبار مطربي مصر والوطن العربي، إلا إنه جاء مُخيباً لأمال الجمهور والنقاد، فليس هناك عملاً مختلفاً أو جديداً على مستوى الكلمة أو اللحن أو التوزيع، باستثناء عدد قليل من التجارب الفنية، وهذا ما أكده عدد من الموسيقيين خلال السطور التالية.. شهد عام 2022 عدد من الظواهر الموسيقية أبرزها تألق مؤدو الراب، في مقدمتهم ويجز، الذي صُنف بالفنان الأكثر استماعاً خلال العام عبر تطبيق "Spotify"، ومروان موسى ومروان بابلو، كما تصدرت الموسيقى التصويرية المشهد من جديد، ونال مُؤلفيها الدعم والتقدير الذي يستحقونه حيث استحدثت الأوبرا سلسلة من الحفلات لأهم مبدعي هذا المجال منهم خالد حماد، مودي الإمام، تامر كروان، شادي مؤنس وغيرهم، وغابت الأصوات النسائية المصرية عن التواجد خلال هذا العام باستثناء المطربة أنغام التي حفظت ماء الوجه. في البداية يقول الموسيقار صلاح الشرنوبي: "رغم تنوع وزخم السوق الغنائي هذا العام إلا أنه لا يوجد أعمال تستحق الذكر سوى القليل منها، وأيضاً نفس الشئ بالنسبة للنجوم بإستثناء القليل منهم وفي مقدمتهم أحمد سعد الذي أعتبره من أنجح مطربي هذا العام بخلاف إنه قادر على التنوع بين الشعبيات، الرومانسي، والدرامي بكل احترافية ونجاح كبير، إلى جانب أنه من أفضل المُلحنين في جيله أيضاً، وما زال محافظاَ على الجملة اللحنية الشرقية التي إندثرت مؤخراً". ويضيف: "اًسجل إعجابي بذكاء سميرة سعيد ووعيها بمتطلبات كل عصر ومرحلة، ورغم نجاحها في التجديد واللون الذي اعتمدته في السنوات الأخيرة، إلا إنني أتمنى أن تعود إلى الطرب من جديد بتقديم جملة لحنية طربية، أما عمرو دياب رغم نجوميته واستمراريته على الساحة بنجاح لسنوات طويلة إلا إنني لدي بعض التحفظات على أغنياته التي قدمها في السنوات الأخيرة، فالأغنيات جميعها تُشبه بعضها من حيث التوزيع الموسيقي والجملة اللحنية وحتى الكلمات، وأتمنى أن يُعيد النظر بالمحتوى الموسيقي الذي يقدمه، هذا العام أيضاً شهدنا خسارة أهم مطربات في مصر هن شيرين وأمال ماهر بسبب أزماتهما الشخصية، الحزن الأكبر على شيرين التي تُدمر نفسها وستتسبب في ضياع مستقبلها وتاريخها، ولا ألوم إلا عليها، وأتمنى أن تجد لها طريق للعودة مرة أخرى إلى جمهورها وفنها". وعن سر تفرد لون الراب والمهرجانات يقول: "ينجذب جيل الشباب لهذه النوعية من الموسيقى كثورة منهم ضد الأعمال التقليدية، لذلك يجب على نجوم الغناء التفكير بإستراتيجية جديدة خارج الصندوق لإن العمل المختلف والفريد هو الذي يجد طريقه للنجاح في الوقت الحالي رغم تحفظي على بعض الكلمات الخارجة عن النص التي يقدمها مؤدو المهرجانات إلا أن موسيقاهم تنال إعجابي". أما الناقد أحمد السماحي فيقول: "شهد هذا العام طرح عدد لا بأس به من الألبومات على الرغم من إتجاه أغلب النجوم للأغنية السينجل، وكانت في مقدمة هذه الألبومات (شايفة فيك) للمطربة السورية أصالة، فقد ضم أعمالاً متنوعة بمستوى جيد، إلى جانب النجاح الجماهيري الكبير لأغنيات (غلبان، اللي مضايق يفارق)، والمطربة التونسية لطيفة أيضاً قدمت ألبوماً أكثر من رائع، وحقق نسب مشاهدة عالية على موقع (يوتيوب)، أما المطرب تامر حسني كان موفق إلى حد كبير بألبوم (عشأنجي)، خاصة في أغنيات (سوحنا، بُعد مؤقت، ليه طلة، أحلى كلام)، ورامي جمال أيضاً قدم ألبوماً على مستوى جيد، لكنه يفتقد كاريزما النجومية". ويضيف: "شهد عام 2022 عودة بهاء سلطان للساحة الغنائية بقوة من خلال عدد من الأغنيات التي حققت نجاحاً كبيراً، منها (تعالى أدلعك، أنا غلطان، دلوقتي عجبناكو)، أما أحمد سعد هو الرابح لهذا العام بعدد كبير من الأغنيات الناجحة منها أغنية إعلان زين العيد، (اليوم الحلو ده، وسع وسع، عليكي عيون) التي أعتبرها من أفضل الأغنيات الرومانسية التي قدمها سعد في مشواره، وتألق أيضاً رامي صبري بقوة من خلال 3 أغنيات بمستوى عالِ هما (إنتي جنان، لسه ياما، هي)، وبعيداً عن تهمة الاقتباس أو السرقة التي لاحقت محمد منير وصناع أغنية (للي) إلا إنها من أنجح أغنيات العام وأكثرها تميزاً، وقدمت أنغام واحدة من أفضل أغنياتها (لوحة باهتة)، وأيضاً (عارفة قيمتي) التي ظهرت من خلالها بلون جديد عليها". ويستطرد: "قدم راغب علامة أغنيتين، هما (تعاليلي) التي لم تلق رواج أو نجاح كبير بسبب كلماتها الإستهلاكية المعتادة، لكنه تدارك الأمر سريعاً بطرح أغنية (استمارة 6) التي كانت بمثابة لون جديد على راغب يقدمه لأول مرة، وهو اللون الشعبي، وأعتبر اللبناني زياد برجي هو مفاجأة العام بأغنيته (وبطير)، التي قدمتها اللبنانية إليسا بصوتها أيضاً، لكنه تفوق عليها بإحساسه، وعاد اللبناني عاصي اللحلاني إلى لونه الغنائي الذي أشتهر به في بداياته من خلال أغنية (أربعين خمسين) التي جاءت بمستوى جيد، أيضاً أغنية (من أول دقيقة) لإليسا والمغربي سعد لمجرد من أنجح أغنيات العام بنسبة مشاهدة تخطت 300 مليون، وقدم التونسي صابر الرباعي أفضل أغنياته لهذه العام (يا بنات الحلال)". وبالحديث عن الخاسرين هذا العام، يقول: "أثار عمرو دياب الجدل ب(اللوك) الجديد الذي ظهر به، أما على المستوى الفني فجاءت الأغنيات التي طرحها على مستوى ضعيف مقارنة بمشوار دياب خلال الأعوام الأخيرة، ورغم أن المطرب الإماراتي حسين الجسمي طرح عدد من الأغنيات السينجل، إلا أنها لم تلق الرواج نفسه لأغنياته التي طرحها العام الماضي، وأيضاً جاءت أغنيات سميرة سعيد (الوقت الحلو، مستريحتش، كرباج، يامي) على مستوى أقل بأعمالها السابقة، أما شيرين عبد الوهاب فقد فقدت أسهمها وثقتها، وتراجعت جماهيريتها بشكل كبير، وستكون عودتها للساحة صعبة للغاية". وفسر السماحي تصدر أغنيات الراب والمهرجانات للمشهد الغنائي كونها الأغنيات التي تلمس شريحة كبيرة من الشباب والمراهقين، قائلاً: "تواجد مؤديي الراب والمهرجانات بقوة في 2022، على رأسهم ويجز الذي قدم مجموعة من الأغنيات التي حققت نجاحاً كبيراً مع جيل الشباب، وأثبت وجوده على الساحة الغنائية، ونجح في الوصول كأول مصري يُشارك في حدث عالمي بالغناء في نهائي كأس العالم بتقديم أغنية (عز العرب)، لكن كنت أتمنى أن تكون كلمات الأغنية مُعبرة عن الحدث الكروي فقط دون التطرق إلى موضوعات إجتماعية أو سياسية، والراب لون غنائي مهم، لكن لو تم توظيفه بشكل صحيح ومناقشة قضية مُعينة من خلاله، لكن للآسف معظم مؤديي الراب يقدمون كلمات عشوائية دون توصيل معنى محدد". واختتم قائلاً: "شهد هذا العام أيضاً تألق ونجاح باهر لعدد من المهرجانات الموسيقية سواء في مصر أو الدول العربية، والتي أفتقدنا تواجدها خلال الأعوام الماضية بسبب جائحة (كورونا)، منها مهرجان قرطاج الدولي، وحققت الدورة الأخيرة من مهرجان جرش للثقافة والفنون نجاحاً غير مسبوقاً وإقبال جماهيري كبير، خاصة في حفلتي المطربين تامر حسني واللبناني زياد برجي، أيضاً لا يُمكنا أن نغفل عن النجاح الكبير الذي حققته الدورة الأخيرة من مهرجان القلعة للموسيقى والغناء، إذ شهدت تواجد جماهيري ضخم في جميع الحفلات بلا استثناء، وهذا يرجع للتغطية الحية والمباشرة التي قدمتها قناة (الحياة)، والتي بثت قُبلة الحياة للمهرجان من جديد، وكعادته مازال مهرجان الموسيقى العربية من أقوى وأرقى المهرجانات التي تُقام في مصر رغم تحفظي على بعض النقاط". ويقول الموسيقار منير الوسيمي: "الفن المصري في إنحدار دائم سواء بالغناء أو السينما أو الدراما أو المسرح، بإستثناء عدد قليل من الأعمال التي تُصيب الهدف، وتُحقق معها الجودة والتفرد"، وبالحديث عن مستوى الأعمال الغنائية التي طرحت هذا العام فحدث ولا حرج، لأن الأغنية العربية فقدت هويتها، وانحرفت عن مسارها، إذ أن جميع الأعمال التي تُقدم حالياً عبارة عن "مسخ" بموضوعات سطحية، بإستثناء الأعمال التي يقدمها المطربون علي الحجار، مدحت صالح، محمد ثروت، محمد الحلو ومحمد منير". وعن تصدر أغاني الراب والمهرجانات للمشهد الغنائي يقول: "هذه الأعمال ليس لها أصول شرقية، ولا جذور في المجتمع المصري، وما هي إلا تقليد أعمى للغرب عن جهل وعدم فهم بالاستعانة بمصطلحات وكلمات شاذة عن المجتمع المصري رغم أن هناك مَن يمتلكن أصوات واعدة، لكن تحتاج هذه الأصوات الشابة إلى رعاية وتوجيه نحو الطريق الصحيح بتقديم موضوعات هادفة". وذكر الوسيمي أن نقطة الضوء الوحيدة هذا العام هي عودة الموسيقى التصويرية لتصدر المشهد والواجهة من جديد، وأثنى على عدد من المؤلفات الموسيقية التي تم تقديمها من خلال الأعمال الدرامية والسينمائية بتوقيع جيل الشباب من المُبدعين هشام نزيه، خالد حماد، تامر كروان، خالد الكمار وغيرهم. واختتم الوسيمي قائلاً: "الاهتمام بالقوى الناعمة هو سبيلنا نحو مستقبل فني أفضل، وأتمنى عودة قطاع إنتاج الإذاعة والتليفزيون والقيام بمهامه وتصحيح مسار الإنتاج في مصر ووضعه على الطريق الصحيح، وأتمنى أيضاً إلقاء الضوء على الجيل القديم من المُبدعين في جميع التخصصات، وإعطائهم صلاحية الاشراف على الإنتاج الفني في مصر". أقرأ أيضأ :خريطة الحفلات الغنائية ليلة رأس السنة