شهدت الفترة الماضية، إثارة العديد من الشائعات والادعاءات المغرضة عن الاقتصاد المصري والوضع المالي للبلاد. وقامت الحكومة بالرد على شائعات التي تم تداولتها بأن مصر معرضة للإفلاس بسبب ارتفاع حجم الديون. وأوضحت الحكومة أنه في ظل الأزمات الاقتصادية المتعاقبة التي شهدها العالم خلال الفترات السابقة، اتجهت حكومات دول العالم إلى تبني سياسات اقتصادية توسعية؛ للتخفيف من تبعات الآثار السلبية لتلك الأزمات االقتصادية على الأسر والشركات، وهو ما أدى إلى ارتفاع ملموس في مستويات المديونية العالمية،والتي ارتفعت لتسجل نحو 350 % من الناتج اإلجمالي العالمي بنهاية الربع الثاني من عام 2022. بدورها تبنت الحكومة المصرية خال السنوات السابقة وتحديدا خلال الفترة )2014-2022 )العديد من الإجراءات؛ لتنشيط أداء الاقتصادي ودفع النمو الاقتصادي، وتوفير المزيد من فرص العمل المنتج، وتعزيز الاستثمارات في مستويات البنية التحتية. كما ركزت خال الأعوام الثلاثة الماضية على تحفيز الإنفاق العام؛ لمواجهة التداعيات الناتجة عن أزمة" كوفيد-19 ،"والأزمة الروسية الأوكرانيةتتبنى ، مصر منذ عام 2016 نهجا متكاملا لا ا للإصلاح المالي؛ بهدف تبني تدابير وسياسات وإجراءات من شأنها تحقيق الانضباط المالي والتحرك باتجاه مستويات أكثر استدامة للدين العام، وهو ما أسفر عن تراجع مستويات الدين العام المحلي، والتي تراجعت من مستويات تفوق 100% من الناتج خلال عامي 2016/2015 و2017/2016 إلى 87٪ خلال العام المالي 2022/2021، وهو ما يقل كثيرا عن النسبة المسجلة على مستوى العالم، وينخفض كذلك بالقياس بالنسبة المثيلة المسجلة في العديد من الاقتصادات النامية والمتقدمة والتي تجاوزت 100٪. وفق المعيار الاقتصادي الأساسي لاستدامة الدين، يسهم عدد من العوامل في ضمان تحرك الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في مسارات آمنة، ومن أهمها مواصلة الاقتصاد المصري لتحقيق فائض أولي في الموازنة العامة للدولة بلغت نسبة 1.3٪ في العام المالي 2021/2020، والارتفاع الكبير المسجل في معدلات نمو الاقتصاد المصري والتي بلغت 6.6% خلال العام المالي ذاته . وأحرزت مصر تقدما مقارنة بعدد من الدول المناظرة لها في الفائض الأولي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2022/2021 بنسبة 1,3٪؛ حيث بلغت هذه النسبة في باكستان (0.4%) وسجلت هذه النسبة انخفاضا ملحوظا في عدد من الدول المناظرة لمصر لتسجل عجز في الميزان الأولى كما في (الجزائر (-11,5٪)، والصين (-7,8٪)، والهند (-3.6%)، والمغرب (-3٫3٪)، وجنوب إفريقيا (-2٫9٪)، وإندونيسيا (-2,4٪)، والبرازيل (-2٫1٪)، وتركيا (-0,9)، وكولومبيا (-0.5)كما انخفضت النسبة للناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات الناشئة خلال العام المالي 2022/2021 لتسجل عجز بنسبة 4,7%، وبلغت النسبة للاقتصادات المتقدمة 3.6% من الناتج المحلي الإجمالي.تستهدف الدولة المصرية خلال الفترة المقبلة الحفاظ على الانضباط المالي، وخفض عجز الموازنة إلى %5.6 من الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق فائض أولي في الموازنة العامة للدولة بصورة دائمة بنسبة 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بما يساهم في خفض المديونية، وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي للموازنة العامة للدولة، وضمان الأمان للأجيال الحالية والمستقبلية، إضافة إلى عودة المسار النزولي لنسبة المديونية الحكومية لتصل إلى 82٫5٪ بنهاية يونيو من عام 2025، وخفض فاتورة خدمة دين أجهزة الموازنة إلى 5.6% من الناتج بحلول عام 2026/2025، وإطالة عمر دين أجهزة الموازنة ليقترب من 5 سنوات في المدى المتوسط؛ لتخفيض الحاجة إلى التمويل السريع . بالنسبة للدين الخارجي، ما زالت مصر ضمن الحدود الآمنة فيما يتعلق بمؤشر نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي؛ حيث وصلت تلك النسبة إلى 34.1٪، في حين أن حدود المخاطر القصوى (50%). هناك العديد من المؤشرات الإيجابية فيما يتعلق بهيكل الدين الخارجي لمصر لعل من أبرزها : تنوع أدوات الدين الخارجي ما بين: قروض، وودائع، وسندات مصدرة، وتسهيلات ائتمانية قصيرة الأجل، ومخصصات مصر لدى صندوق النقد الدولي. -تنوع مصادر تمويل الدين الخارجي ما بين مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية، ودول عربية، وسندات مصدرة بالخارج، وقروض مقدمة من تحالفات البنوك الأجنبية، ودولة الصين. وهو أمر له مميزات عديدة بما يضمن توسيع قاعدة الدائنين وتفادي تركز المديونية. تأتي المؤسسات الدولية على رأس مصادر التمويل للدين الخارجي، وتتميز تلك المؤسسات بتقديم أغلب فروضها في شكل قروض طويلة الأجل بفوائد منخفضة. ترتب على الاعتماد في مصادر تمويل الدين الخارجي على مؤسسات التمويل الدولية ومصادر التمويل الثنائية، بلوغ متوسط سعر الفائدة المرجح والمطبق على محفظة الدين الخارجي 3.58٪، وهو معدل جيد. معظم المديونية الخارجية الخاصة بمصر هي ديون متوسطة وطويلة الأجل بنسبة 82٪، فيما بلغ متوسط عمر محفظة الدين الخارجي في نهاية يونيو 2022 نحو 6.41 أعوام. تشكل نسبة المديونية التي تطبق سعر فائدة ثابتا نحو ثلثي إجمالي الدين (62٪)، وهو أمر جيد؛ لأنه يخفف من وطأه مخاطر الارتفاعات المتتالية في أسعار الفائدة على المستوى العالمي حاليا . فيما يتعلق بالادعاء بأن مصر مهددة بعدم قدرتها على سداد ديونها، فإن مصر ملتزمة، ولعقود طويلة بسداد مديونياتها الخارجية، وهناك العديد من المؤشرات الاقتصادية التي تعزز من قدرة مصر خلال الفترة المقبلة على سداد مديونياتها، ولعل من أبرزها تحسن العديد من مصادر النقد الأجنبي، والتي يأتي على رأسها ارتفاع معدل نمو الصادرات المصرية بنسبة 53.1% خلال العام المالي 2022/2021 لتسجل 4309 مليار دولار، والزيادة في إيرادات السياحة بنسبة 121 لترتفع إلى 10.7 مليارات دولار، إضافة إلى الارتفاع الكبير المسجل في عائدات قناة السويس، والتي بلغت نحو 7 مليارات دولار في الفترة نفسها، وارتفاع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إلى ما يقارب 4 مليارات دولار في العام نفسه. في ظل الإعلان عن عدد من القرارات الاقتصادية التي من شأنها المزيد من تمكين القطاع الخاص ومن بينها تحرير سياسة سعر الصرف والتوجه نحو تبني كل السياسات لحل المشكلات التي تواجه المستثمرين والمصنعين انخفضت بشكل كبير احتمالات تعثر مصر عن سداد ديونها . الأمر ذاته أكدته وكالة بلومبرج" التي قامت في ظل تعرض الأسواق الناشئة لضغوط ناجمة عن ارتفاع الديون، وتراجع النمو الاقتصادي والتنويه بتخلف تاريخي عن سداد الديون بإعداد نموذج لتقدير مخاطر عدم السداد في 41 دولة ناشئة على مدار العام القادم . وأشارت وكالة بلومبرج إلى أنه باستثناء الدول التي تخلفت عن السداد بالفعل، هناك 11 دولة أخرى لديها احتمال عدم القدرة على السداد بنسبة 10% أو أعلى في العام المقبل ليست من بينها مصر؛ حيث أشارت المؤسسة في المقابل إلى أن مصر من المتوقع أن تستفيد خلال الفترة المقبلة من الدعم الناتج عن سياسة تحرير سعر الصرف في جذب المزيد من التدفقات من النقد الأجنبي اقرأ أيضا مدبولي: توفير العملة الصعبة التحدي الأكبر للدولة