الدكتورة نهلة راحيل، واحدة من شباب النقاد الذين فرضوا وجودهم مؤخرًا فى الساحة الأدبية بفضل دراساتهم وأعمالهم الجادة والرصينة، وقد جاء فوزها بجائزة الدولة التشجيعية (فرع الآداب- مجال الدراسات الأدبية واللغوية) بمثابة «اعتراف رسمى بوجود كوادر مجتهدة يمكن أن تشجعها الدولة وترعاها وتدعمها». كما تقول: «الفوز بجائزة تحمل اسم مصر، ويقوم عليها أساتذة كبار وعلماء أجلاء، هو بلا شك إشارة على صحة المسار النقدى الذى أحاول، أنا وغيرى من الباحثين الشباب، أن نسلكه مُسلحين فقط بأدوات علمية ومناهج موضوعية دون الخضوع لأى مسلمات سابقة أو قوالب جاهزة». حصلت نهلة راحيل على الدكتوراه من كلية الألسن جامعة عين شمس عن رسالتها عن مقارنة بين النكبة الفلسطينية والهولوكوست اليهودى، وترى أن «دراسة الأدبيات العبرية ومقارنتها بالرواية الفلسطينية من المجالات المهمة فى وقتنا الحالى، الذى لا نملك فيه سوى المقاومة الفكرية، فدراسة الأدب تهدف فى المقام الأول إلى المعرفة بعيدًا عن محاولة إقامة علاقات صداقة مع الآخر؛ كما أن كشف روايته هو فى النهاية اكتشاف للذات العربية نفسها التى لن تتشكل -بطبيعة الحال- بمعزل عن الذوات الأخرى بكافة أنواعها». تواصل: «من المعروف أن هذا النوع من الدراسات متواجد بشكل كبير على المستوى الأكاديمى داخل مصر، وفى العديد من البلدان العربية، وأعتقد أنه من المهم إطلاع المتلقى عليه –عن طريق الترجمة أو المقالات النقدية وغيرها- وكشف زيفها؛ ففى النهاية الترجمة عن أى لغة هى فعل تمثيل وعن طريقها يمكننا الرد والتعقيب وكذلك التصحيح. ولذلك فإن قراءة الأدب العبرى فى هذه الحالة أو ترجمته ضرورة ملحة، خاصة وأن المجتمعات التى تقوم على الديمقراطية الظاهرة وادعاء قبول الاختلاف –كالمجتمع الإسرائيلى- يكون فيها إقصاء الآخر أكثر نجاحًا، لأنه يقوم على وسائل خفية، وبالتالى تكون مهمة الكشف صعبة وشاقة للغاية». وعن رؤيتها للأدب العبرى، تقول إنه كغيره من الآداب يجسد أنماطًا فكرية عديدة داخل المجتمع، منها ما يكون موجهًا لخدمة أهداف إسرائيل، ومنها ما يعارض سياسات الحكومات وينتقد الممارسات الصهيونية ضد الفلسطينين، أو حتى من يهود البلدان العربية أو يهود أفريقيا المصنفين داخل إسرائيل بوصفهم مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة. فمن الصعب حصر مساراته داخل إيديولوجيا محددة أو إطار معين. كما توضح أن اصطلاح الأدب الإسرائيلى «يُقصد به الأدب الذى كُتب فى فلسطين بعد قيام «الدولة» ويعالج فى مجمله مشاكل المجتمع الإسرائيلى ومكتوب فى معظمه باللغة العبرية، فيما عدا استثناءات مكتوبة بلغات أخرى. ولكن التسميات المختلفة ك «أدب عبرى أو إسرائيلى» أو غيرها تجعلنا نقف أمام تساؤلات لم تحسم إجابتها بعد مثل: هل يسمى الأدب باسم اللغة المكتوب بها، أم باسم الجماعات التى دونته، أم باسم المكان الذى كتب فيه؟ وهو أمر محل جدال حتى الوقت الحاضر». وقد فازت الدكتورة نهلة راحيل بالجائزة عن كتابها «الرهان الصهيونى وتحطيم الأساطير»، الصادر عن دار خطوط وظلال فى الأردن، والذى يهتم فى الأساس بالكشف عن الأسباب المتعددة التى صنعت شروط انتصار المشروع الصهيونى فى البداية، ثم تسببت فى انتكاسه، ولذلك تراوحت فصوله، كما يتضح من العنوان بين اتجاهين: أولهما يسلط الضوء على الجهود المبذولة لتنمية قيم الشعور القومى، والترويج لضرورة الصهيونية وسط اليهود، والآخر ينشغل بنزع السحر عن أفكار تلك الحركة وبيان فشل ادعاءاتها وتفكيك فرضياتها خاصة فى وجود خطاب فلسطينى مضاد يرفض قبول الأمر الواقع ويقاوم روايات العدو. اقرأ ايضا | «ثقافة المنيا» تناقش «حرب أكتوبر في الأدب الأسرائيلي» بديرمواس