الواحات البحرية واحدة من أهم الواحات المصرية الواقعة فى الصحراء الغربية وبها مواقع أثرية عديدة ترجع لعصور مصرية قديمة مختلفة وكان من أوائل الأثريين الذين عملوا فى الكشف عن آثارها القديمة الدكتور أحمد فخري والذي كشف فيها عن العديد من المقابر والمعابد والمقاصير ومن بينها اثنين من المواقع الأثرية التى اكتشفها وهى ( مقاصير عين المفتلة). ويكشف عنها الخبير الأثرى منصور بريك، مؤكدا أنها عبارة عن مجموعة من المقاصير المشيدة بالحجر الرملى وعليها نقوش ملونه بألوان زاهية لآلهة ومعبودات مصرية قديمة وفيها مقصورة تقع إلى اليمين من مدخل هذه المقاصير شيدها حكام الواحات البحرية فى عصر الأسرة 26 وعليها مناظر لحاكم الواحات "جدخونسو ايوف عنخ" وزوجته وكذلك مكتوب اسم أخيه "شبن خونسو" والذي تولى حكم الواحة من بعده. ومن الكتابات على جدران تلك المقصورة تمكنا من معرفة شجرة عائلة حكام الواحات البحرية فى ذلك العصر .. والموقع الثانى الذي اكتشفه احمد فخري كانت مجموعة من المقابر الصخرية فى منطقة تسمى الشيخ سوبي فى الباويطي وفيها كشف احمد فخري مقابر (ثاتى وبادي عشتار) وغيرها الى جانب مجموعة مقابر فى موقع يسمى يوسف سليم وفيه كشف عن مقابر (باننتيو وجد امون )..وللأسف بعد وفاة أحمد فخري أهملت تلك الاكتشافات بل واختفى معظم ما كشف عنه تحت الرمال ولم يعد يعرف مكانه. وينوه منصور بريك عن ثلاثة من الأثريين من أبناء الواحات البحرية الذين كان لهم الفضل فى اعادة الكشف والحفاظ على ما كشفه احمد فخري وهم عشري شاكر ضيف ومحمد عيادي بربري ومحمد الطيب عبدالفتاح ومعهم الاثري فرج وانشأوا تفتيش للاثار فى الواحات وبدأوا فى إجراء حفائر عديدة بطول الواحات واكتشفوا الكثير من المناطق والقطع الاثرية.. اقرأ ايضا :- «السياحة» تستضيف اثنين من أهم الطهاة ومدوني الطعام بالشرق الأوسط وحول ما كتبه أحمد فخري عن اثار الوحات فقد كتب انه كان يحلم طوال فترة عمله ان يكشف عن مقابر حكام الواحات البحرية فى عصر الاسرة 26 ولكنه لم ينجح فى ذلك وكان موقع الشيخ سوبي الذي كشف به احمد فخري عن مجموعة من مقابر صخرية ترجع لهذا العصر قد اختفت بعد ان شيد الاهالى منازل فوقها الى ان استطاع عشري شاكر مدير آثار الواحات من اعادة اكتشاف تلك المقابر مرة أخري. ويضيف الأثرى منصور بريك قائلا" فى الفترة من 1995م وحتى 2002م اشتركت فى اعمال التنقيب فى الواحات البحرية ضمن فريق كبير من منطقة اثار الهرم ومن تفتيش اثار الواحات البحرية تحت اشراف دكتور زاهى حواس مدير عام اثار الجيزة فى ذلك الوقت وفى عام 2000 و 2001 م بدات مع زميلى ودفعتى المرحوم محمد الطيب عبدالفتاح العمل فى منطقة الشيخ سوبي وكان يتناوب معى فى العمل عند نزولى للقاهرة فى اجازة الزميل الدكتور محمود عفيفي والذي كان يشرف على العمل فى وادي المومياوات .. وبعد ان نجح عشري شاكر فى توفير ارض بديلة لبعض الاهالى استطاع ازالة مجموعة من المنازل. وبدأنا فى اعادة حفر المقابر التى كشف عنها احمد فخري واستطعنا الكشف عن العديد من المقابر الصخرية والتى تحوي توابيت حجرية وكشفنا العديد من القطع الأثرية وكانت المقابر عبارة عن مجموعة من الأنفاق متصلة ببعضها البعض تم حفرها فى العصر الرومانى لسرقة المقابر واعادة استخدامها للدفن و استخدمها الاهالي حديثا كخزانات للصرف الصحى وكنا نعمل فى ظروف صعبه جدا وفى جو خانق من الرائحة الكريهة ومعنا مجموعة من المصابيح الكهربائية الموصلة بسلك من احد المنازل وعثر محمد الطيب على ممر ضيق يؤدى الى حجرة مقبية مشيدة من الحجر الرملى ومنقوشة بنقوش غائرة جميله ودخلت معه ووجدنا فى أحد الجدران جزء منهار من أسفل ونادي محمد الطيب احد العمال واسمه هلال قائلا ،، هات البروة يا هلال بسرعة.. وكلمة البروة فى الواحات البحرية تعنى الفاس... وحفر الطيب قليلا أسفل هذا الجدار ودخل اسفله وسمعته يصرخ بأعلى صوته.. تابوت كبير تابوت كبير تعالى شوف بسرعه..فاعطيته الكاميرا وقولت له صوره صور كتير وصمم الطيب ان ادخل الحجرة ودخلت من أسفل الجدار وبدأنا ننقل النقوش الموجودة على التابوت. وكتبتها فى ورقه وأتذكر عندما بدأنا فى قراءة الإسم وقلت "جد خونسو" ليكمل الدكتور أيمن وهبي أستاذ الاثار حاليآ .."أيوف عنخ".. وكانت فرحة كبيرة حيث تمكن محمد الطيب رحمه الله عليه من كشف مقبرة "جدخونسو ايوف عنخ" حاكم الواحات البحرية والتى كان يحلم احمد فخري بالكشف عنها. ويلفت الباحث الأثرى منصور بريك أنه عند الحفر أعلى مقبرة حاكم الواحات اكتشفنا البئر الذي كان يؤدى إليها وهذا البئر بعمق 7 متر تقريبآ واتضح فى أسفله مدخلين الأول يؤدى إلى مقبرة جدخونسو ايوف عنخ ومدخل آخر يقابله يؤدى الى مقبرة أخري ونظرا لأننى كنا مضطرا للذهاب للقاهرة لظرف عائلى فقد طلبت من الزميل الدكتور محمود عفيفي ان يكمل مع المرحوم محمد الطيب العمل فى الكشف عنها وبعد عشرة أيام اتصلت بالدكتور محمود فقال انه اكتشف ان المقبرة الأخري لاتحوي سوى تابوت من الحجر الجيري غير مكتمل النحت ومفتوح مما يعنى انه تمت سرقة ما فيه فى العصر الرومانى وعثر كذلك على رأس غطاء لإناء كانوبي من الألباستر وجرة كبيرة من الفخار وانه بسبب انه سيذهب للقاهرة فسيقوم بتسليم التابوت لفريق الترميم لتنظيفه وتقويته..والواقع ان الغطاء المصنوع من الألباستر شد انتباهي فطلبت من الدكتور محمود ألا يسلم المقبرة للترميم لأننى سأقوم بتنظيفها بنفسى وعدت من القاهرة وبدأت العمل فى المقبرة مع المرحوم محمد الطيب واتنين من شباب الاثريين وهم راضي عوض حاليآ كبير مفتشين الواحات و وليد صميده حاليآ كبير مفتشين مرسي مطروح حاليآ.. وبدأت بالعمل فى منطقة ضيقة جدا بجوار رأس التابوت لأكتشف 402 تمثال أوشابتي من الفاينس لنكتشف أن الاسم المكتوب عليها هو.. "ناعس" زوجة "جدخونسو ايوف عنخ" حاكم الوحات وكانت مفاجأة جميلة جدا واذكر ان المرحوم الطيب قال اكتشفنا مقبرة ناعسه تيمنا بالقصة الشعبية.. ايوب وناعسه.. وبدانا العمل فى تنظيف التابوت وعثرنا في داخله على بقايا هيكل عظمي وكانت كبري المفاجئات اننى اكتشف ان فى فمها لسان ذهب وحول أظافر يديها ورجليها أظافر ذهب وفى أصبعها خاتم من الذهب الخالص وعلى صدرها قطعة ذهبية نادره عبارة عن قلب من الذهب يعلوه قرص الشمس ربما كتمثيل لاسم الملك "واح ايب رع".. وبلغ إجمالي القطع الذهبية المكتشفة معها 102 قطعة وبدأ وليد وراضي فى تنظيف التابوت وأنا أوثق ما يكتشف لنتكشف أكثر من 45 قطعة أثرية مصنوعة من أحجار كريمة وشبه كريمة من أهمها جعران القلب وتمائم من العقيق الأحمر والاماتيست وجلست فى الخيمة أسجل القطع المكتشفة وكانت الساعه قد تجاوزت الرابعة عصرا ونسينا الأكل وبعدها حملنا هذه القطع وركبت خلف محمد الطيب رحمة الله عليه على الموتوسيكل الخاص به الى المخزن المتحفى ليتم إخطار مدير المنطقة ويحضر الجميع ليشاهد هذا الكنز الخاص بناعس ويتم تسجيله فى السجلات .ويعزمنا محمد الطيب على العشاء فى بيته ولا زلت أتذكر المرحوم محمد الطيب وهو يقول كشفنا مقبرة زد خونسو .. يقصد جد خونسو لأنهم فى الواحات البحرية ينطقون الجيم زين؟؟؟؟.. ومقبرة ناعسه ولسه ابوه وامه واخوه.. وبعدها ذهبت للفندق مع الطيب ولكن وفى الثانية والنصف صباحا يوقظنى الطيب رحمة الله عليه ويقول لى ان... عشري شاكر ورئيس المباحث عاوزينا فى الشرطة حالا. وذهبت معه لنكتشف ان ثلاثة أشخاص بعدما علم الجميع بما كشفنا عنه قاموا بالتنقيب فى المنزل المجاور للحفر وتم إلقاء القبض عليهم ونزلت انا والطيب ومحمد عيادي لمكان الحفر واتضح أنهم لم يتوصلوا لشيئ ولكن وكما قال الطيب.. اصابتهم لعنة ناعس.