«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيرين هلال تكتب: بعد إذن دكاترتنا وأساتذتنا الكرام


هذا الكلام موجه لأشخاص لا تحترم العلم والعلماء
أرجو أن تسمحوا لي بفسحة في الالفاظ وان تتغاضوا عن ما سأقدم من علقة ساخنة او مد على الرجلين لسفهاء الأحلام.
إهداء لكل منظرين الفاكهة والخضار،
توجيه لكل من يرى في نفسه محلل سياسي بالفطرة،
إعلان لكل من يظن أن علم السياسة مجرد أهواء شخصية،
إنذار لكل من سولت له نفسه الافتاء بغير علم،
ضربة على نافوخ كل (انفلونسر)ظن نفسه جهبذا.
أطرح لكم وجهة نظر عجوز السياسة وعراب العلاقات الدولية الامريكية الأكبر ومهندس ماكيفيلية العالم الحديث صاحب ال98 عام على وجه الارض، لأنه تنبأ بما نمر به اليوم من حرب ضروس ووضع سيناريوهات لو اتبعها الاطراف المعنية، ما كان العالم الان يقف في هذا المأزق الكبير.
ولمن لا يعلم من هو هنري كيسنجر؛ هو سياسي ودبلوماسي امريكي شغل منصب مستشار الأمن القومي ووزير خارجية بلاده منذ عام 1969 حتى 1977 في عهد الرؤوساء ريتشارد نيكسون وجيرالد فوكس. التحق كيسنجر بجامعة هارفارد حصل على البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1950 ، وحصل على درجة الماجستير عام 1952 ودرجة الدكتوراه في 1954.
تميز هنري كيسنجر بممارسته سياسة بأسلوب الريالبوليتيك باعتبارها مفهوما عمليا يمثل الواقعية السياسية الذي تطبقه الدول الكبرى في مواجهتها للكثير من صراعاتها السياسية، أو مناقشتها الدبلوماسية مع دول أخرى، كما يعد مفهوما يستند في أساسه على دوافع عملية تخضع لاعتبارات المصالح العليا للدولة بعيدا عن حساباتالمفاهيم الأخلاقية. من أهم القضايا التي ظهرت فيها لمسات أو طعنات كيسنجر:
هندسة الانفراج مع الاتحاد السوفيتي، وصاغ انطلاق العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية، كذلك ممارسة ما يعرف بدبلوماسية المكوك في الشرق الأوسط لإنهاء حرب أكتوبر بين مصر وإسرائيل، والتفاوض على اتفاقات السلام في باريس، كذلك السعي لإنهاء المشاركة الأمريكية في حرب فيتنام. وبالإضافة للكثير من العمليات السياسية شديدة التعقيد في التاريخ الحديث.قام بتأليف 18 كتاب منشور بالإضافةلعدد لا حصر له من الحلقات المسجلة.
وبما أننا في خضم الحرب الروسية الأوكرانية، لم يكن المُنَظر السياسي الأجش بعيدا عن الحدث بإسهام سابقللوقوعه كالعادة بزمن طويل،أترككم مع كلام السيد هنري وأعود بعدها للتعليق:
نبوءة هنري كيسنجر قبل 8 سنوات
هنري . أ . كيسنجر
ترجمة: غانية ملحيس
صحيفة واشنطن بوست 6 مارس 2014
كيف تنتهي الأزمة الأوكرانية؟
النقاش العام المتعلق بأوكرانيا يدور كله حول المواجهة. لكن هل نعرف الى اين نحن ذاهبون؟
في حياتي، رأيت اربعة حروب بدأت بحماس وتأييد شعبي كبير. لم نكن نعرف كيف تنتهي، وفي ثلاثة منها انسحبنا من جانب واحد. اختبار السياسة يكون بالكيفية التي تنتهي بها، وليس كيف تبدأ.
في كثير من الأحيان يتم طرح القضية الأوكرانية باعتبارها عرضا: ما اذا كانت اوكرانيا تنضم إلى الشرق ام الغرب. ولكن اذا كان لأوكرانيا ان تعيش وتزدهر، فلا يجب ان تكون البؤرة الأمامية لأي من الجانبين ضد الآخر – بل ينبغي لها ان تعمل كجسر بينهما.
يتعين على روسيا ان تتقبل ان محاولة ارغام اوكرانيا على التبعية، وبالتالي نقل حدود روسيا مرة اخرى، من شأنه ان يحكم على موسكو بتكرار تاريخها من دورات الانجراف الذاتي للضغوط المتبادلة مع اوروبا والولايات المتحدة.
ويتعين على الغرب ايضا، ان يدرك ان اوكرانيا بالنسبة لروسيا، لا يمكن ابداً ان تكون مجرد دولة اجنبية.
بدأ التاريخ الروسي فيما كان يسمى كييفان – روس. ومن هناك انتشرت الديانة الروسية. كانت اوكرانيا جزءاً من روسيا لعدة قرون، وكان تاريخهما متشابكا قبل ذلك. بعض اهم المعارك من اجل الحرية الروسية، بدءاً من معركة بولتافا عام 1709 تم خوضها على الأراضي الاوكرانية. اسطول البحر الأسود – وسيلة روسيا لإبراز قوتها في البحر الأبيض المتوسط - يستند الى عقد ايجار طويل الأجل في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم. حتى المنشقين المشهورين مثل الكسندر سولجينتسين وجوزيف برودسكي كانوا يصرون على ان اوكرانيا كانت جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الروسي، بل ومن روسيا.
يتعين على الاتحاد الاوروبي ان يُدرك ان تشبثه البيروقراطي واخضاعه الإعتبارات الإستراتيجية للسياسة المحلية عند التفاوض حول علاقة اوكرانيا باوروبا، وقد ساهم في تحويل المفاوضات الى ازمة. فالسياسة الخارجية هي فن تحديد الأولويات.
ان الاوكرانيين هم العنصر الحاسم، وانهم يعيشون في بلد له تاريخ معقد ومكونات متعددة. تم دمج الجزء الغربي في الإتحاد السوفيتي في العام 1939، عندما تقاسم ستالين وهتلر الغنائم.
شبه جزيرة القرم، حيث 60 % من سكانها روس، اصبحت جزءاً من اوكرانيا فقط في العام 1954، عندما منحها لها نيكيتا خروتشوف - الأوكراني المولد – كجزء من الإحتفال بمرور 300 عام على اتفاقية روسيا مع القوقاز.
الجزء الغربي من اوكرانيا كاثوليكي الى حد كبير، فيما الجزء الشرقي يدين بالأرثوذكسية الروسية الى حد كبير. الجزء الغربي يتكلم الاوكرانية، والشرقي يتحدث اغلبه الروسية. اية محاولة من جانب احد اجنحة اوكرانيا للهيمنة على الآخر – كما كان النمط – ستؤدي في النهاية الى حرب اهلية او تفكك.
ان التعامل مع اوكرانيا كجزء من المواجهة بين الشرق والغرب من شأنه ان يُفسد لعقود اي إحتمال لإدخال روسيا والغرب عموما – وروسيا واوروبا خصوصا – في نظام دولي تعاوني.
اوكرانيا حظيت بالإستقلال لمدة 23 عاماً فقط، كانت في السابق ومنذ القرن الرابع عشر تحت نوع من الحكم الأجنبي.
وعليه، ليس من المستغرب ان قادتها لم يتعلموا فن التسويات، ولا حتى من المنظور التاريخي. تُظهر سياسات اوكرانيا ما بعد الإستقلال بوضوح ان جذر المشكلة يكمن في جهود السياسيين الأوكرانيين لفرض ارادتهم على اجزاء متمردة من البلاد. اولا من قبل فصيل واحد، ثم من قبل الفصيل الآخر. هذا هو جوهر الصراع بين فيكتور يانوكوفيتش ومنافسته السياسية الرئيسية يوليا تيموشينكو. انهم يمثلون جناحي اوكرانيا، ولم يكونوا على استعداد لتقاسم السلطة.
السياسة الأمريكية الحكيمة تجاه اوكرانيا من شأنها إيجاد طريقة يتعاون بها شطرا البلاد مع بعضهما البعض. يجب ان نسعى للمصالحة وليس الى سيطرة فصيل على آخر.
لم تتصرف روسيا والغرب، ولا حتى مختلف الفصائل في اوكرانيا على الأقل ، وفقًا لهذا المبدأ. كل واحد جعل الوضع اسوء. ولتكون روسيا قادرة على فرض حل عسكري دون عزل نفسها، في وقت تكون فيه العديد من حدودها غير مستقرة بالفعل. وبالنسبة للغرب، فإن شيطنة فلاديمير بوتين ليست سياسة.
انها حجة لعدم وجود سياسة.
يتعين على بوتين ان يدرك ان سياسة الضغط العسكري – بغض النظر عن مظالمه - ستؤدي الى حرب باردة اخرى. ومن جانبها، تحتاج الولايات المتحدة الى تجنب معاملة روسيا كطرف ينبغي تعليمه بتأن قواعد السلوك التي وضعتها واشنطن.
بوتين هو استراتيجي جاد – وفقا للتاريخ الروسي، ولا يناسبه كثيراً فهم قيم الولايات المتحدة واهوائها. كما لم يكن فهم التاريخ والأهواء الروسية مثار اهتمام لصانعي السياسة في الولايات المتحدة.
يجب على القادة من جميع الأطراف العودة الى فحص النتائج، وليس التنافس في المواقف. اليكم مفهومي للنتائج التي تتوافق مع القيم والمصالح الأمنية لجميع الأطراف:
1. يجب ان يكون لأوكرانيا الحق في حرية إختيار المؤسسات الإقتصادية والسياسية، بما في ذلك مع اوروبا.
2. لا ينبغي ان تنضم اوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو الموقف الذي اتخذته قبل سبع سنوات عندما طرح آخر مرة.
3. يجب ان تكون لأوكرانيا الحرية في إنشاء اية حكومة تتوافق مع الإرادة المعلنة لشعبها، وعندئذ يختار القادة الأوكرانيون الحكماء سياسة المصالحة بين مختلف أجزاء بلدهم.
وعلى الصعيد الدولي، ينبغي عليهم اتباع وضع مماثل لوضع فنلندا. فلا تترك تلك الدولة ادنى شك في استقلالها التام، وتتعاون مع الغرب في معظم المجالات، لكنها تتجنب بعناية العداء المؤسسي لروسيا.
4. يتعارض ضم روسيا لشبه جزيرة القرم مع قواعد النظام العالمي القائم. غير انه ينبغي ان يكون بالإمكان تنظيم علاقة شبه جزيرة القرم باوكرانيا على اساس اقل تشدداً.
ولهذه الغاية، يتعيَّن على روسيا الإعتراف بسيادة اوكرانيا على شبه جزيرة القرم. ويتعيَّن على اوكرانيا تعزيز الحكم الذاتي لشبه جزيرة القرم في الإنتخابات التي تجري بحضور مراقبين دوليين. ستشمل العملية ازالة اي غموض حول وضع اسطول البحر الأسود في سيفاستوبول.
هذه مبادئ وليست وصفات.
سيدرك الأشخاص العارفون بالمنطقة انه لن يكون كل منها مقبولاً من جميع الأطراف. الإختبار ليس الرضا المطلق، بل عدم الرضا المتوازن. واذا لم يتم التوصل الى حل قائم على هذه العناصر او العناصر المماثلة، فسوف يتسارعا للإنجراف نحو المواجهة.
سيأتي وقت ذلك قريباً.
التعليق والتلخيص لطرح كيسنجر من جانبي:
الرجل أقر بأن حرفية السياسة تحدث عندما تعرف كيف تخرج من الحرب وليس كيف تشعلها، فهو لا يرى الحرب القائمة مجدية ولا يكترث كثيرا لمكاسب كلا الطرفين. حدد أيضا مبدأ جوهري في السياسة الخارجية لأي كيان أو دولة وهو" تحديد الأوليات". والأولوية في رهان على أمن الإتحاد الروسي القومي في مقابل إسالة لعاب طرفي السلطة في أوكرانيا حديثة العهد بالحكم المحلي، والبيت الأوكراني غير المدرب على عقد التسويات السياسية من أجل إدخاله حظيرة الناتو في غفلة من الدب النائم هو بالنسبة لكسنجر، فهو رهان خاسر حتما، كما الدخول في حرب شعواء لا طائل منها سوا إحداث خلل بتوازن النظام الأوروبي وإهدار فرصة للأمن التعاوني بين الشرق والغرب.
قدَر كيسنجر حساسية الجغرافيا الجيوسياسية لأوكرانيا والتي تؤهلها لدور في الخريطة الدولية خطيربوسطيته، فأسماها ب"جسر بين الشرق والغرب". ولذلك يتعين على الأوكران أن يتفهموا مدى خطورة موقعهم ويتقبلوا تلك الحتمية بمزيدا من الإدراك السياسي لفرصتهم الكبرى التي يصرون على إغفالها. تلك الفرصة تكمن في حفاظهم على أمن دائم يكرس لبقاءه المعسكر الشرقي القديم (الروس) ويضمنه المعسكر الغربي الجديد (الولايات المتحدة والناتو) بمنحها منطقة دافئة أمنيا. بمعتى أخر هو يري أوكرانيا ممنوحة لأمن مجاني بشروط إبقاءها على تخدير مفاصل صراعها الداخلي وإستفاقة لمحادثات سلام مع روسيا.الأمر الذي من شأنه أن يجعلها مدللة من الشرق أمنيا ومرغوبة من الغرب إقتصاديا.
كما حذر ثعلب التنظير رجل الكرملين من مغبة استحضار أمجاد القياصرة السابقين بالدخول في حرب بعد أن وضع يده على جزيرة القرم بما يؤمن مصالحه بشكل لا يتعارض مع مبادئ القانون الدولي ولا يفسد عليه الوجود في الموانئ الدافئة. بمعنى أخر نصحه بأن يلعب طبقا لقواعد اللعبة الدولية، كأن يسعى لتخفيف حدة الخطاب الإستقطابي بما يخيف حديثوا العهد بالسياسة القابعين على رأس السلطة في أوكرانيا، أو أن يتقبل منح الحكم الذاتي للإقليم بالإتفاق مع كييف. ووضع له سُماً في عسل بأن نصحه بالقبول بدخول قوات دولية في الإقليم!
حذر العارف ببواطن الشأن السياسي الغربي وخصوصا الأمريكي، القائمين عليه من مغبة إشعال فتيل حرب لا يعرف أحد مداها، يقوم بإشعالها كل من يظن أن الدب سيظل يوهمهم بثباته غير العميق وستكون أوكرانيا فيها الحطب وعدد من الدول المجاورة عن طريق إسالة لعاب كييف للدخول في حلف الناتو.كما رفض كليا السياسات الخارجية التي من شأنها التدخل بإشعال فتيل الأزمات بالداخل الأوكراني بدعم غربي من شأنه إحلال مزيدا من الدمار في البنية السياسية المتهالكة. إستعاض عن كل تلك الممارسات (التآمرية) بطرح بديلا لإستمرار النفوذ الأمريكي الناعم في حديقة الروس الخلفية وهو إعطاء مزيدا من الحرية السياسية في الفضاء الدولي (قولا)لأوكرانيا وضمها لمؤسسات سياسية وإقتصادية تميل للمعسكر الغربي (فعلا) من شأنها عدم إثارة موسكو وشواغلها الأمنية.
بقى اخروأهم تعقيب على كلام السيد هنري كيسنجر؛ حدد الرجل البيئة السياسية الداخلية والخارجية وطبيعتها التاريخية والديموغرافية والسياسية لأطراف النزاع في المسألة المطروحة في روسيا و أوكرانيا، لكي يتسنى له أن يضع حلولا واخرى بديلة، شارحا أسباب تبنيه لذلك الحل وإستبعاده لتلك الفرضية وتخوفه من هذا وتقبله لهؤلاء. لم يُسقط ذلك المُعمرالإشارة إلى هوة الخلاف الأيديولوجي العميقة التي ما زالت قائمة بين المنظور الغربي و نظيره الروسي. وكمتمرس للشأن السياسي حلل ملامح الجدية والصلابة التي يتفوق بها بوتين كصانع لسياسة روسيا و تعدد الجبهات بالمعسكر الغربي في المقابل. مارس جانب من التحليل السلوكي لشخص رجل الكرملين وحكم قطعا بأنه من المستحيل أن يردعه أحد عن تأمين مصالح بلاده وأولها الحفاظ على الكرامة الروسية العتيدة.
قدم تحليلا متكاملا ومتوازنا للمشهد في سطور بسيطة، يستطيع صانع القرار بناء عليه شكل سياسته الخارجية تجاه منطقة تشهد تصعيدا عنيفا غير مسبوق هذه الأيام.
تخيلوا معي ماذا كان سيحدث لنا جميعا لو استمع المعسكرين الشرقي والغربي لكلام كسينجر أو حتى أخذوا ببعض منه؟ دعونا نرجع بخيالنا للوراء اسبوعا واحدا، ألم يكن هذا العالم في حاجة للإسترشاد بتلك الروشتة؟ هل نستطيع رصد قيمة مادية ملموسة لما يستحقه من تقدير مثل ذلك المحلل السياسي أو غيره في إنقاذ حياة الآلاف وقد يكون الملايين؟ وهل نستطيع بالمقابل تحديد عقوبة يستحقها كل من أفتوا بوجوب الذهاب إلى تلك الحرب؟
انتهى كلام كسينجر وسواء اتفقنااو اختلفنا فيما أتى به الرجل من طرح فعليناالتأصيللاشياء هامة:
*أن نتعلم قبل أن نتكلم في شأن أبعد ما يكون عن حدود علمنا في مجال يتعلق بسياسة دول لها طبيعتها الخاصة في وقت حروب شرسة أول ميادينها هو الوعي الجمعي لمجتمعنا قبل ميدانها الأصلي.
*أن السياسة ليست نزهة ولا يؤهلنا للحديث فيها عدد المتابعين أو كثرة الفانز على تلك التطبيقات ولا نسعى خلف الظهور امام كاميرات الإعلام للتنظير في ما لم نأتي به خُبرا، فنحن لسنا في معرض استديو تحليل لمباراة كرة قدم أو حلبة مصارعة حرة، نحن في ميدان حرب وجيوش وأسلحة دمار شامل واطلاق قاذفات سيبرانية، تطولنا جميعا لا محالة.
*علم السياسة من الخطورة بما كان ان يصنع عالُما مثالي وان يشعل في الوقت ذاته حربا لا تضع أوزارها. فلا ننظر وندافع و نشجب و نتحيز في حرب لا ناقة لنا فيها ولا عنزة، لأن تجييش الرأي العام أو استمالته عن طريق تبني المواقف أو شيطنة الأطراف ما هو إلا عمل عبثي لا يقدم عليه إلا كل ما كان بداخل عقله آنية فارغة فيحدث جلبة تؤنس خواء تلك الرأس.
*نتأكد ان هناك دولاً ترصد لدراسة هذا العلم ملايين الدولارات على باحثين وعلماء في مراكز بحثية مرصود لها إمكانيات خيالية من سياسيين وعلماء علوم مختلفة وعلماء حاسوب وعسكريين وغيرهم من أجل محاكاة كل ما نراه اليوم على الساحة من رد وما يقابله من ردود أفعال. كل هذا يحدث من اجل التاثيرعلى جموع الناس من امثال من نراهم هواة التنظير المجاني لكي يكتبوا ترهات مستوحاه من ما يسربون لهم على الميديا ليقوم الفئران باللهث خلفها كفأر يلهث خلف جبن مسموم.
*لابد أن نكون على يقين بان الإفتاء في السياسة لا يأتي من قراءة الكتب وليس مسألة حسابية يساوي فيه الجمع ما جمعناه من حديقة برتقال ، العكس هو الصحيح قد تجمع البرتقال ويظهر معك الرقم "صفر" وقد تطرح الأعداد فيظهر معك الرقم "تريليون". إنه علم الممكن نعم وعلم الغير ممكن أيضا.
وأترككم مع تعريف أحد أهم علماء السياسة لهذا التخصص وهو دايفيد إيستون والذي يعرف السياسة في ثلاث كلمات و ما أخطرهم، بأنها:
"التوزيع السلطوي للقيم" !
هل علم الأن من يتغولون على ذلك العلم مبلغ جرمهم؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.