وكيل الطرق الصوفية: السيد البدوي من أولياء الله.. والطقوس المنحرفة لا تمت للتصوف بصلة    إيقاف سيارة لمخالفة تعريفة الركوب والحمولة الزائدة بالمنوفية    ويتكوف يزور الشرق الأوسط الأحد لمتابعة تنفيذ اتفاق غزة    أكسيوس: المبعوث الأمريكى ويتكوف سيزور مصر وإسرائيل ومن المرجح أن يزور غزة    التعادل السلبى يحسم الشوط الأول بين غزل المحلة وكهرباء الإسماعيلية فى الدورى    الدوري المصري، المقاون يتعادل 1-1 أمام إنبي في الشوط الأول    الأرصاد الجوية: توقعات سقوط أمطار على بعض المناطق خلال الساعات القادمة    إخلاء سبيل نجل رئيس حزب شعب مصر و11 آخرين على خلفية مشاجرة في مقر الحزب    جيهان الشماشرجي ونجلاء بدر أبرز الحاضرات لعرض "عيد ميلاد سعيد" بالجونة السينمائي (صور)    شبكة عالمية: محمد صلاح ضمن أفضل 5 صفقات في تاريخ الدوري الإنجليزي    ينافس نفسه.. على نور المرشح الوحيد بدائرة حلايب وشلاتين    وزارة النقل تناشد المواطنين للمشاركة في توعية ركاب السكة الحديد من السلوكيات السلبية    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    جندى روسى يقتل زميله وينتحر داخل قاعدة عسكرية قرب موسكو.. اعرف التفاصيل    حسين عبد البصير لإكسترا نيوز: المتحف المصرى الكبير هدية مصر للعالم والإنسانية    ريم أحمد تكشف عن تحديات الأمومة في ستات ستات: ابنتي أقوى مني    وكيل المخابرات العامة المصرية السابق: حاولنا ربط الإفراج عن شاليط بمروان البرغوثى    جومانا مراد: بقدم شخصية جديدة ومختلفة في مسلسل خلايا رمادية    توزيع 1000 سماعة طبية بالأقصر ضمن حملة "نرعاك تسمع".. صور    مستشار رئيس الجمهورية يشهد انطلاق فعاليات مهرجان التعامد بأسوان    الأردن: هبوط اضطرارى آمن لطائرة متجهة من عمّان إلى حلب بعد عطل فنى بسيط    الأوقاف تطلق قوافل دعوية موسعة بجميع المحافظات لتصحيح المفاهيم الخاطئة    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية ورقم الناخب    بنزيما يقود تشكيل الاتحاد ضد الفيحاء في الدوري السعودي    مبابي جاهز لقيادة ريال مدريد أمام خيتافي بعد التعافي من إصابة الكاحل    تعاون بين الآثاريين العرب والسياحة.. رؤية جديدة لإحياء الإنسان والحجر    قبرص: تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر والجهات الإقليمية الفاعلة أساسي لتعزيز السلام والأمن الإقليميين    طريقة طاجن السبانخ باللحمة.. أكلة مصرية بطعم الدفا مع اقتراب أجواء الشتاء (المكونات بالتفصيل)    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا توعويًا لمحاربة العنف في المجتمع    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-10-2025 في محافظة الأقصر    أهم أخبار السعودية اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025.. منصة "نت زيرو" توقع مذكرة تفاهم مع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة    ضبط دجال يروّج للشعوذة على السوشيال ميديا في الإسكندرية    لمدة 14 ساعة.. ضعف وانقطاع المياه غدًا السبت عن 3 مناطق بالإسكندرية    الخطيب: ميزانية الأهلي وصلت إلى 8.5 مليار جنيه بفضل الاستثمار والابتكار المالي    المؤسسات الرياضية فى مخاطبات رسمية: التجنيس أحد أنواع الهجرة غير الشرعية    الصحة تنظم ورشة عمل تدريب مدربين لمسئولي التثقيف الصحي    الأقصر أرض التاريخ المصرى القديم تستضيف 100 مغامر أجنبى من 15 دولة بفعاليات رياضية الباراموتور.. بهجة وفرحة بين الأجانب بالتحليق المظلى فوق معابد ومقابر الملوك وشريط نهر النيل.. ومغامر فلسطينى يشيد بسحر المشهد    الإسكندرية تبدأ توسعة طريق الحرية.. مشاريع لتحسين الحركة المرورية لمدة شهر كامل    عبد الرحيم كمال ينعي الفنان أشرف بوزيشن: كان رجلا طيبا وجميلا ربنا يرحمه    الضفة.. إصابة 4 فلسطينيين باعتداء مستوطنين على موسم جني الزيتون    عالِم أزهري: «ادفع بالتي هي أحسن» قانون إلهي في تربية النفوس ونشر الخير    محافظ أسيوط: نشر الوعي بمخاطر الإدمان مسؤولية مجتمعية    وزارة العمل تعلن عن 2914 فرصة عمل جديدة في 13 محافظة ضمن نشرة التوظيف نصف الشهرية    مصر تتأهل إلى نصف نهائي كأس العالم للكرة الطائرة جلوس في أمريكا    الصحة: رؤية إنسانية جديدة في المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية    كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟.. أخصائية تخاطب توضح    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    تعرف على الحالة المرورية اليوم الجمعة 17-10-2025    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    شروط قرض الموتوسيكلات من بنك مصر 2025    8 قرارات جمهورية مهمة ورسائل حاسمة من السيسي بشأن أضرار سد النهضة الأخيرة    نيوزيلندا تعيد فرض عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيرين هلال تكتب: بعد إذن دكاترتنا وأساتذتنا الكرام


هذا الكلام موجه لأشخاص لا تحترم العلم والعلماء
أرجو أن تسمحوا لي بفسحة في الالفاظ وان تتغاضوا عن ما سأقدم من علقة ساخنة او مد على الرجلين لسفهاء الأحلام.
إهداء لكل منظرين الفاكهة والخضار،
توجيه لكل من يرى في نفسه محلل سياسي بالفطرة،
إعلان لكل من يظن أن علم السياسة مجرد أهواء شخصية،
إنذار لكل من سولت له نفسه الافتاء بغير علم،
ضربة على نافوخ كل (انفلونسر)ظن نفسه جهبذا.
أطرح لكم وجهة نظر عجوز السياسة وعراب العلاقات الدولية الامريكية الأكبر ومهندس ماكيفيلية العالم الحديث صاحب ال98 عام على وجه الارض، لأنه تنبأ بما نمر به اليوم من حرب ضروس ووضع سيناريوهات لو اتبعها الاطراف المعنية، ما كان العالم الان يقف في هذا المأزق الكبير.
ولمن لا يعلم من هو هنري كيسنجر؛ هو سياسي ودبلوماسي امريكي شغل منصب مستشار الأمن القومي ووزير خارجية بلاده منذ عام 1969 حتى 1977 في عهد الرؤوساء ريتشارد نيكسون وجيرالد فوكس. التحق كيسنجر بجامعة هارفارد حصل على البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1950 ، وحصل على درجة الماجستير عام 1952 ودرجة الدكتوراه في 1954.
تميز هنري كيسنجر بممارسته سياسة بأسلوب الريالبوليتيك باعتبارها مفهوما عمليا يمثل الواقعية السياسية الذي تطبقه الدول الكبرى في مواجهتها للكثير من صراعاتها السياسية، أو مناقشتها الدبلوماسية مع دول أخرى، كما يعد مفهوما يستند في أساسه على دوافع عملية تخضع لاعتبارات المصالح العليا للدولة بعيدا عن حساباتالمفاهيم الأخلاقية. من أهم القضايا التي ظهرت فيها لمسات أو طعنات كيسنجر:
هندسة الانفراج مع الاتحاد السوفيتي، وصاغ انطلاق العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية، كذلك ممارسة ما يعرف بدبلوماسية المكوك في الشرق الأوسط لإنهاء حرب أكتوبر بين مصر وإسرائيل، والتفاوض على اتفاقات السلام في باريس، كذلك السعي لإنهاء المشاركة الأمريكية في حرب فيتنام. وبالإضافة للكثير من العمليات السياسية شديدة التعقيد في التاريخ الحديث.قام بتأليف 18 كتاب منشور بالإضافةلعدد لا حصر له من الحلقات المسجلة.
وبما أننا في خضم الحرب الروسية الأوكرانية، لم يكن المُنَظر السياسي الأجش بعيدا عن الحدث بإسهام سابقللوقوعه كالعادة بزمن طويل،أترككم مع كلام السيد هنري وأعود بعدها للتعليق:
نبوءة هنري كيسنجر قبل 8 سنوات
هنري . أ . كيسنجر
ترجمة: غانية ملحيس
صحيفة واشنطن بوست 6 مارس 2014
كيف تنتهي الأزمة الأوكرانية؟
النقاش العام المتعلق بأوكرانيا يدور كله حول المواجهة. لكن هل نعرف الى اين نحن ذاهبون؟
في حياتي، رأيت اربعة حروب بدأت بحماس وتأييد شعبي كبير. لم نكن نعرف كيف تنتهي، وفي ثلاثة منها انسحبنا من جانب واحد. اختبار السياسة يكون بالكيفية التي تنتهي بها، وليس كيف تبدأ.
في كثير من الأحيان يتم طرح القضية الأوكرانية باعتبارها عرضا: ما اذا كانت اوكرانيا تنضم إلى الشرق ام الغرب. ولكن اذا كان لأوكرانيا ان تعيش وتزدهر، فلا يجب ان تكون البؤرة الأمامية لأي من الجانبين ضد الآخر – بل ينبغي لها ان تعمل كجسر بينهما.
يتعين على روسيا ان تتقبل ان محاولة ارغام اوكرانيا على التبعية، وبالتالي نقل حدود روسيا مرة اخرى، من شأنه ان يحكم على موسكو بتكرار تاريخها من دورات الانجراف الذاتي للضغوط المتبادلة مع اوروبا والولايات المتحدة.
ويتعين على الغرب ايضا، ان يدرك ان اوكرانيا بالنسبة لروسيا، لا يمكن ابداً ان تكون مجرد دولة اجنبية.
بدأ التاريخ الروسي فيما كان يسمى كييفان – روس. ومن هناك انتشرت الديانة الروسية. كانت اوكرانيا جزءاً من روسيا لعدة قرون، وكان تاريخهما متشابكا قبل ذلك. بعض اهم المعارك من اجل الحرية الروسية، بدءاً من معركة بولتافا عام 1709 تم خوضها على الأراضي الاوكرانية. اسطول البحر الأسود – وسيلة روسيا لإبراز قوتها في البحر الأبيض المتوسط - يستند الى عقد ايجار طويل الأجل في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم. حتى المنشقين المشهورين مثل الكسندر سولجينتسين وجوزيف برودسكي كانوا يصرون على ان اوكرانيا كانت جزءاً لا يتجزأ من التاريخ الروسي، بل ومن روسيا.
يتعين على الاتحاد الاوروبي ان يُدرك ان تشبثه البيروقراطي واخضاعه الإعتبارات الإستراتيجية للسياسة المحلية عند التفاوض حول علاقة اوكرانيا باوروبا، وقد ساهم في تحويل المفاوضات الى ازمة. فالسياسة الخارجية هي فن تحديد الأولويات.
ان الاوكرانيين هم العنصر الحاسم، وانهم يعيشون في بلد له تاريخ معقد ومكونات متعددة. تم دمج الجزء الغربي في الإتحاد السوفيتي في العام 1939، عندما تقاسم ستالين وهتلر الغنائم.
شبه جزيرة القرم، حيث 60 % من سكانها روس، اصبحت جزءاً من اوكرانيا فقط في العام 1954، عندما منحها لها نيكيتا خروتشوف - الأوكراني المولد – كجزء من الإحتفال بمرور 300 عام على اتفاقية روسيا مع القوقاز.
الجزء الغربي من اوكرانيا كاثوليكي الى حد كبير، فيما الجزء الشرقي يدين بالأرثوذكسية الروسية الى حد كبير. الجزء الغربي يتكلم الاوكرانية، والشرقي يتحدث اغلبه الروسية. اية محاولة من جانب احد اجنحة اوكرانيا للهيمنة على الآخر – كما كان النمط – ستؤدي في النهاية الى حرب اهلية او تفكك.
ان التعامل مع اوكرانيا كجزء من المواجهة بين الشرق والغرب من شأنه ان يُفسد لعقود اي إحتمال لإدخال روسيا والغرب عموما – وروسيا واوروبا خصوصا – في نظام دولي تعاوني.
اوكرانيا حظيت بالإستقلال لمدة 23 عاماً فقط، كانت في السابق ومنذ القرن الرابع عشر تحت نوع من الحكم الأجنبي.
وعليه، ليس من المستغرب ان قادتها لم يتعلموا فن التسويات، ولا حتى من المنظور التاريخي. تُظهر سياسات اوكرانيا ما بعد الإستقلال بوضوح ان جذر المشكلة يكمن في جهود السياسيين الأوكرانيين لفرض ارادتهم على اجزاء متمردة من البلاد. اولا من قبل فصيل واحد، ثم من قبل الفصيل الآخر. هذا هو جوهر الصراع بين فيكتور يانوكوفيتش ومنافسته السياسية الرئيسية يوليا تيموشينكو. انهم يمثلون جناحي اوكرانيا، ولم يكونوا على استعداد لتقاسم السلطة.
السياسة الأمريكية الحكيمة تجاه اوكرانيا من شأنها إيجاد طريقة يتعاون بها شطرا البلاد مع بعضهما البعض. يجب ان نسعى للمصالحة وليس الى سيطرة فصيل على آخر.
لم تتصرف روسيا والغرب، ولا حتى مختلف الفصائل في اوكرانيا على الأقل ، وفقًا لهذا المبدأ. كل واحد جعل الوضع اسوء. ولتكون روسيا قادرة على فرض حل عسكري دون عزل نفسها، في وقت تكون فيه العديد من حدودها غير مستقرة بالفعل. وبالنسبة للغرب، فإن شيطنة فلاديمير بوتين ليست سياسة.
انها حجة لعدم وجود سياسة.
يتعين على بوتين ان يدرك ان سياسة الضغط العسكري – بغض النظر عن مظالمه - ستؤدي الى حرب باردة اخرى. ومن جانبها، تحتاج الولايات المتحدة الى تجنب معاملة روسيا كطرف ينبغي تعليمه بتأن قواعد السلوك التي وضعتها واشنطن.
بوتين هو استراتيجي جاد – وفقا للتاريخ الروسي، ولا يناسبه كثيراً فهم قيم الولايات المتحدة واهوائها. كما لم يكن فهم التاريخ والأهواء الروسية مثار اهتمام لصانعي السياسة في الولايات المتحدة.
يجب على القادة من جميع الأطراف العودة الى فحص النتائج، وليس التنافس في المواقف. اليكم مفهومي للنتائج التي تتوافق مع القيم والمصالح الأمنية لجميع الأطراف:
1. يجب ان يكون لأوكرانيا الحق في حرية إختيار المؤسسات الإقتصادية والسياسية، بما في ذلك مع اوروبا.
2. لا ينبغي ان تنضم اوكرانيا الى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو الموقف الذي اتخذته قبل سبع سنوات عندما طرح آخر مرة.
3. يجب ان تكون لأوكرانيا الحرية في إنشاء اية حكومة تتوافق مع الإرادة المعلنة لشعبها، وعندئذ يختار القادة الأوكرانيون الحكماء سياسة المصالحة بين مختلف أجزاء بلدهم.
وعلى الصعيد الدولي، ينبغي عليهم اتباع وضع مماثل لوضع فنلندا. فلا تترك تلك الدولة ادنى شك في استقلالها التام، وتتعاون مع الغرب في معظم المجالات، لكنها تتجنب بعناية العداء المؤسسي لروسيا.
4. يتعارض ضم روسيا لشبه جزيرة القرم مع قواعد النظام العالمي القائم. غير انه ينبغي ان يكون بالإمكان تنظيم علاقة شبه جزيرة القرم باوكرانيا على اساس اقل تشدداً.
ولهذه الغاية، يتعيَّن على روسيا الإعتراف بسيادة اوكرانيا على شبه جزيرة القرم. ويتعيَّن على اوكرانيا تعزيز الحكم الذاتي لشبه جزيرة القرم في الإنتخابات التي تجري بحضور مراقبين دوليين. ستشمل العملية ازالة اي غموض حول وضع اسطول البحر الأسود في سيفاستوبول.
هذه مبادئ وليست وصفات.
سيدرك الأشخاص العارفون بالمنطقة انه لن يكون كل منها مقبولاً من جميع الأطراف. الإختبار ليس الرضا المطلق، بل عدم الرضا المتوازن. واذا لم يتم التوصل الى حل قائم على هذه العناصر او العناصر المماثلة، فسوف يتسارعا للإنجراف نحو المواجهة.
سيأتي وقت ذلك قريباً.
التعليق والتلخيص لطرح كيسنجر من جانبي:
الرجل أقر بأن حرفية السياسة تحدث عندما تعرف كيف تخرج من الحرب وليس كيف تشعلها، فهو لا يرى الحرب القائمة مجدية ولا يكترث كثيرا لمكاسب كلا الطرفين. حدد أيضا مبدأ جوهري في السياسة الخارجية لأي كيان أو دولة وهو" تحديد الأوليات". والأولوية في رهان على أمن الإتحاد الروسي القومي في مقابل إسالة لعاب طرفي السلطة في أوكرانيا حديثة العهد بالحكم المحلي، والبيت الأوكراني غير المدرب على عقد التسويات السياسية من أجل إدخاله حظيرة الناتو في غفلة من الدب النائم هو بالنسبة لكسنجر، فهو رهان خاسر حتما، كما الدخول في حرب شعواء لا طائل منها سوا إحداث خلل بتوازن النظام الأوروبي وإهدار فرصة للأمن التعاوني بين الشرق والغرب.
قدَر كيسنجر حساسية الجغرافيا الجيوسياسية لأوكرانيا والتي تؤهلها لدور في الخريطة الدولية خطيربوسطيته، فأسماها ب"جسر بين الشرق والغرب". ولذلك يتعين على الأوكران أن يتفهموا مدى خطورة موقعهم ويتقبلوا تلك الحتمية بمزيدا من الإدراك السياسي لفرصتهم الكبرى التي يصرون على إغفالها. تلك الفرصة تكمن في حفاظهم على أمن دائم يكرس لبقاءه المعسكر الشرقي القديم (الروس) ويضمنه المعسكر الغربي الجديد (الولايات المتحدة والناتو) بمنحها منطقة دافئة أمنيا. بمعتى أخر هو يري أوكرانيا ممنوحة لأمن مجاني بشروط إبقاءها على تخدير مفاصل صراعها الداخلي وإستفاقة لمحادثات سلام مع روسيا.الأمر الذي من شأنه أن يجعلها مدللة من الشرق أمنيا ومرغوبة من الغرب إقتصاديا.
كما حذر ثعلب التنظير رجل الكرملين من مغبة استحضار أمجاد القياصرة السابقين بالدخول في حرب بعد أن وضع يده على جزيرة القرم بما يؤمن مصالحه بشكل لا يتعارض مع مبادئ القانون الدولي ولا يفسد عليه الوجود في الموانئ الدافئة. بمعنى أخر نصحه بأن يلعب طبقا لقواعد اللعبة الدولية، كأن يسعى لتخفيف حدة الخطاب الإستقطابي بما يخيف حديثوا العهد بالسياسة القابعين على رأس السلطة في أوكرانيا، أو أن يتقبل منح الحكم الذاتي للإقليم بالإتفاق مع كييف. ووضع له سُماً في عسل بأن نصحه بالقبول بدخول قوات دولية في الإقليم!
حذر العارف ببواطن الشأن السياسي الغربي وخصوصا الأمريكي، القائمين عليه من مغبة إشعال فتيل حرب لا يعرف أحد مداها، يقوم بإشعالها كل من يظن أن الدب سيظل يوهمهم بثباته غير العميق وستكون أوكرانيا فيها الحطب وعدد من الدول المجاورة عن طريق إسالة لعاب كييف للدخول في حلف الناتو.كما رفض كليا السياسات الخارجية التي من شأنها التدخل بإشعال فتيل الأزمات بالداخل الأوكراني بدعم غربي من شأنه إحلال مزيدا من الدمار في البنية السياسية المتهالكة. إستعاض عن كل تلك الممارسات (التآمرية) بطرح بديلا لإستمرار النفوذ الأمريكي الناعم في حديقة الروس الخلفية وهو إعطاء مزيدا من الحرية السياسية في الفضاء الدولي (قولا)لأوكرانيا وضمها لمؤسسات سياسية وإقتصادية تميل للمعسكر الغربي (فعلا) من شأنها عدم إثارة موسكو وشواغلها الأمنية.
بقى اخروأهم تعقيب على كلام السيد هنري كيسنجر؛ حدد الرجل البيئة السياسية الداخلية والخارجية وطبيعتها التاريخية والديموغرافية والسياسية لأطراف النزاع في المسألة المطروحة في روسيا و أوكرانيا، لكي يتسنى له أن يضع حلولا واخرى بديلة، شارحا أسباب تبنيه لذلك الحل وإستبعاده لتلك الفرضية وتخوفه من هذا وتقبله لهؤلاء. لم يُسقط ذلك المُعمرالإشارة إلى هوة الخلاف الأيديولوجي العميقة التي ما زالت قائمة بين المنظور الغربي و نظيره الروسي. وكمتمرس للشأن السياسي حلل ملامح الجدية والصلابة التي يتفوق بها بوتين كصانع لسياسة روسيا و تعدد الجبهات بالمعسكر الغربي في المقابل. مارس جانب من التحليل السلوكي لشخص رجل الكرملين وحكم قطعا بأنه من المستحيل أن يردعه أحد عن تأمين مصالح بلاده وأولها الحفاظ على الكرامة الروسية العتيدة.
قدم تحليلا متكاملا ومتوازنا للمشهد في سطور بسيطة، يستطيع صانع القرار بناء عليه شكل سياسته الخارجية تجاه منطقة تشهد تصعيدا عنيفا غير مسبوق هذه الأيام.
تخيلوا معي ماذا كان سيحدث لنا جميعا لو استمع المعسكرين الشرقي والغربي لكلام كسينجر أو حتى أخذوا ببعض منه؟ دعونا نرجع بخيالنا للوراء اسبوعا واحدا، ألم يكن هذا العالم في حاجة للإسترشاد بتلك الروشتة؟ هل نستطيع رصد قيمة مادية ملموسة لما يستحقه من تقدير مثل ذلك المحلل السياسي أو غيره في إنقاذ حياة الآلاف وقد يكون الملايين؟ وهل نستطيع بالمقابل تحديد عقوبة يستحقها كل من أفتوا بوجوب الذهاب إلى تلك الحرب؟
انتهى كلام كسينجر وسواء اتفقنااو اختلفنا فيما أتى به الرجل من طرح فعليناالتأصيللاشياء هامة:
*أن نتعلم قبل أن نتكلم في شأن أبعد ما يكون عن حدود علمنا في مجال يتعلق بسياسة دول لها طبيعتها الخاصة في وقت حروب شرسة أول ميادينها هو الوعي الجمعي لمجتمعنا قبل ميدانها الأصلي.
*أن السياسة ليست نزهة ولا يؤهلنا للحديث فيها عدد المتابعين أو كثرة الفانز على تلك التطبيقات ولا نسعى خلف الظهور امام كاميرات الإعلام للتنظير في ما لم نأتي به خُبرا، فنحن لسنا في معرض استديو تحليل لمباراة كرة قدم أو حلبة مصارعة حرة، نحن في ميدان حرب وجيوش وأسلحة دمار شامل واطلاق قاذفات سيبرانية، تطولنا جميعا لا محالة.
*علم السياسة من الخطورة بما كان ان يصنع عالُما مثالي وان يشعل في الوقت ذاته حربا لا تضع أوزارها. فلا ننظر وندافع و نشجب و نتحيز في حرب لا ناقة لنا فيها ولا عنزة، لأن تجييش الرأي العام أو استمالته عن طريق تبني المواقف أو شيطنة الأطراف ما هو إلا عمل عبثي لا يقدم عليه إلا كل ما كان بداخل عقله آنية فارغة فيحدث جلبة تؤنس خواء تلك الرأس.
*نتأكد ان هناك دولاً ترصد لدراسة هذا العلم ملايين الدولارات على باحثين وعلماء في مراكز بحثية مرصود لها إمكانيات خيالية من سياسيين وعلماء علوم مختلفة وعلماء حاسوب وعسكريين وغيرهم من أجل محاكاة كل ما نراه اليوم على الساحة من رد وما يقابله من ردود أفعال. كل هذا يحدث من اجل التاثيرعلى جموع الناس من امثال من نراهم هواة التنظير المجاني لكي يكتبوا ترهات مستوحاه من ما يسربون لهم على الميديا ليقوم الفئران باللهث خلفها كفأر يلهث خلف جبن مسموم.
*لابد أن نكون على يقين بان الإفتاء في السياسة لا يأتي من قراءة الكتب وليس مسألة حسابية يساوي فيه الجمع ما جمعناه من حديقة برتقال ، العكس هو الصحيح قد تجمع البرتقال ويظهر معك الرقم "صفر" وقد تطرح الأعداد فيظهر معك الرقم "تريليون". إنه علم الممكن نعم وعلم الغير ممكن أيضا.
وأترككم مع تعريف أحد أهم علماء السياسة لهذا التخصص وهو دايفيد إيستون والذي يعرف السياسة في ثلاث كلمات و ما أخطرهم، بأنها:
"التوزيع السلطوي للقيم" !
هل علم الأن من يتغولون على ذلك العلم مبلغ جرمهم؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.