تعيين عبد الناصر عبد الحميد عميدًا لكلية التربية بجامعة المنوفية    اتباع نهج الانتظار والترقب.. لماذا قررت لجنة السياسة النقدية الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير؟    سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار في بنك الخرطوم المركزي (آخر تحديث)    وزير الخارجية يؤكد لنظيرته البريطانية رفض مصر لأية محاولات لتقسيم قطاع غزة    الاتحاد الأوروبى: فرض عقوبات على شقيق قائد الدعم السريع على عبد الرحيم دقلو    سر توقف مفاوضات الزمالك لضم حامد حمدان من بتروجت    القبض على صاحب فيديو البلطجة يكشف ملابسات الواقعة في الجيزة    الأعلى للإعلام منع ظهور بسمة وهبة وياسمين الخطيب لمدة ثلاثة أشهر    «سمات روايات الأطفال.. مؤتمر مركز بحوث أدب الطفل تناقش آفاق فهم البنية السردية وصور الفقد والبطل والفتاة في أدب اليافع    عضو الحزب الجمهورى: إسرائيل لا تعترف بأى قرار ولا تحترم أى قرار دولى    في اليوم العالمي للطفل، تعلمي طرق دعم ثقة طفلك بنفسه    وكالة الطاقة الذرية تدعو إلى مزيد من عمليات التفتيش على المواقع النووية الإيرانية    محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل غدا الجمعة    رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    الشيخ رمضان عبد المعز: العمل الصالح هو قرين الإيمان وبرهان صدقه    جينارو جاتوزو: منتخب إيطاليا لا يزال هشا    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    وزير الرياضة: نمتلك 55 محترفاً في دوري كرة السلة الأمريكي NBA    الموسيقار عمر خيرت يتعافى ويغادر المستشفى    ارتفاع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 20 نوفمبر 2025    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات النواب وعدد المرشحين بها    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    وزير الصحة يبحث مع سفير المملكة المتحدة تعزيز السياحة العلاجية بمصر    من زيورخ إلى المكسيك.. ملحق مونديال 2026 على الأبواب    الإثنين المقبل.. انطلاق القمة السابعة للاتحاد الأوروبي و الإفريقي في أنجولا    دوري أبطال أفريقيا.. تغيير حكام مباراة الأهلي والجيش الملكي المغربي    الزراعة: تحصين 6.5 مليون جرعة ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    صحة الإسكندرية: 14 وحدة و5 مستشفيات حاصلة على الاعتماد من هيئة الرقابة الصحية    يوم الطفل العالمى.. كتب عن الطفولة الإيجابية    لتصحيح الأوضاع.. السد يبدأ حقبة مانشيني بمواجهة في المتناول    حل الأحزاب السياسية في مصر.. نظرة تاريخية    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    إيقاف إبراهيم صلاح 8 مباريات    حكم صلاة الجنازة والقيام بالدفن فى أوقات الكراهة.. دار الإفتاء توضح    رئيس أزهر سوهاج يتفقد فعاليات التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    إيمان كريم: المجلس يضع حقوق الطفل ذوي الإعاقة في قلب برامجه وخطط عمله    الغرفة التجارية بالقاهرة تنعى والدة وزير التموين    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    تأثير الطقس البارد على الصحة النفسية وكيفية التكيف مع الشتاء    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    جنايات سوهاج تقضى بإعدام قاتل شقيقه بمركز البلينا بسبب خلافات بينهما    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    وزارة «التضامن» تقر قيد جمعيتين في محافظة الغربية    د. شريف حلمى رئيس هيئة المحطات النووية فى حوار ل«روزاليوسف»: الضبعة توفر 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا والمحطة تنتقل إلى أهم مرحلة فى تاريخها    مواجهات قوية في دوري المحترفين المصري اليوم الخميس    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراما المخابرات .. عطر يبقى
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 02 - 10 - 2021


محمد ‬كمال
رغم مرور 29 عاما، يظل مسلسل «رأفت الهجان» من أهم المسلسلات في تاريخ الدراما المصرية وخصوصا دراما الجاسوسية حتى مع ظهور العديد من الأعمال التليفزيونية التي فتحت ملفات الجاسوسية لكن يبقى هذا المسلسل هو «نمبر وان» لدى الجماهير، لدرجة ان كل مسلسل يتم انتاجه من هذه النوعية يدخل في مقارنة مع رأفت الهجان وبالطبع المقارنة لا تكون لصالح المسلسلات الأحدث حتى تحول المسلسل لمتلازمة لدى المصريين.. تسمى متلازمة رأفت الهجان.
مع ‬التكرار ‬المتتالي ‬لعرضه ‬على ‬مدار ‬كل ‬هذه ‬الأعوام ‬يصر ‬المصريون ‬على ‬مشاهدته ‬وكأنها ‬المرة ‬الأولى، ‬كانت ‬العملية ‬‮«‬313‮»‬ ‬من ‬أنجح ‬عمليات ‬المخابرات ‬المصرية ‬في ‬اختراق ‬العدو ‬الإسرائيلي ‬وأيضا ‬مسلسل ‬‮«‬رأفت ‬الهجان‮»‬ ‬يعد ‬من ‬أهم ‬المسلسلات ‬في ‬تاريخ ‬الدراما ‬المصرية، ‬ولم ‬يحصل ‬مسلسل ‬اخر ‬على ‬هذا ‬النجاح ‬وقت ‬عرضه ‬واستمرارية ‬النجاح ‬حتى ‬الآن، ‬دراما ‬مصرية ‬تكونت ‬من ‬ثلاث ‬أجزاء ‬خطفت ‬قلوب ‬المصريين ‬أبدع ‬في ‬تأليفها ‬الراحل ‬صالح ‬مرسي ‬وأخرجها ‬الراحل ‬يحيى ‬العلمي ‬وتصدر ‬بطولتها ‬النجم ‬الراحل ‬الساحر ‬محمود ‬عبد ‬العزيز ‬الذي ‬أصر ‬على ‬المغامرة ‬في ‬خوض ‬تلك ‬التجربة ‬التي ‬كانت ‬في ‬البداية ‬وضعت ‬في ‬طريق ‬الزعيم ‬عادل ‬إمام ‬بعد ‬نجاحه ‬في ‬مسلسل ‬‮«‬دموع ‬في ‬عيون ‬وقحة‮»‬ ‬مع ‬العلمي ‬وصالح ‬مرسي ‬أيضا ‬عام ‬1980 ‬والذي ‬كان ‬من ‬أوائل ‬الأعمال ‬الدرامية ‬التي ‬طرحت ‬ملف ‬الجاسوسية، ‬لكن ‬النصيب ‬والقدر ‬جعلا ‬المشروع ‬في ‬طريق ‬محمود ‬عبد ‬العزيز ‬ليسرد ‬معه ‬واحد ‬من ‬أهم ‬الادوار ‬في ‬مسيرته.‬
مسلسل ‬تعلق ‬به ‬المصريون ‬أصبح ‬أيقونة ‬للجاسوسية ‬بل ‬عندما ‬يذكر ‬اسم ‬إسرائيل، ‬التقط ‬الجمهور ‬المصري ‬الكلمات ‬العبرية ‬منه ‬مثل ‬‮«‬بوكر ‬توف‮»‬، ‬‮«‬أدون ‬سمحون‮»‬، ‬‮«‬جفرت ‬موردخاي‮»‬ ‬و»شالوم‮»‬ ‬أصبح ‬أسماء ‬‮«‬ديفيد ‬شارل ‬سمحون‮»‬ ‬و»ليفي ‬كوهين‮»‬ ‬تدخل ‬ضمن ‬قفشات ‬المصريين ‬رغم ‬انها ‬لم ‬تكن ‬الأسماء ‬الحقيقية ‬للشخصية، ‬ويبقى ‬السؤال ‬الأهم ‬لماذا ‬تحول ‬رأفت ‬الهجان ‬إلى ‬أيقونة ‬وأصبح ‬متلازمة ‬عشق ‬لدى ‬المصريين ‬؟ .. ‬هناك ‬عوامل ‬كثيرة ‬لكن ‬هناك ‬أربعة ‬منها ‬تحمل ‬الركيزة ‬الأساسية.‬
الأول..‬‮ ‬ ‬رفعت ‬الجمال ‬أو ‬جاك ‬بيتون‮ ‬
جاك ‬بيتون ‬هو ‬الاسم ‬الحركي ‬الحقيقي ‬لديفيد ‬شارل ‬سمحون ‬الذي ‬اختارته ‬المخابرات ‬المصرية ‬للعملية ‬313 ‬التي ‬نفذها ‬رفعت ‬الجمال ‬وهو ‬أيضا ‬الاسم ‬الحقيقي ‬لرأفت ‬الهجان، ‬رفعت ‬الجمال ‬عاش ‬في ‬إسرائيل ‬لما ‬يقرب ‬من ‬عشرين ‬عاما ‬كمواطن ‬إسرائيل ‬يهودي ‬من ‬أصول ‬مصرية، ‬وهي ‬مدة ‬طويلة ‬في ‬عالم ‬المخابرات ‬ان ‬تستمر ‬فترة ‬عمل ‬جاسوس ‬دون ‬ان ‬يكشف ‬أو ‬يتراجع ‬نشاطه ‬ومن ‬هنا ‬جاء ‬العامل ‬الأول ‬لعظمة ‬المسلسل ‬النابع ‬من ‬زخم ‬الشخصية ‬التي ‬بالتأكيد ‬على ‬مدار ‬عشرين ‬عاما ‬تحتوي ‬على ‬تفاصيل ‬ومعلومات ‬تاريخية ‬يمكن ‬تطويعها ‬دراميا ‬عكس ‬شخصيات ‬في ‬مسلسلات ‬أخرى ‬كانت ‬عمليتها ‬قصيرة ‬ومحدودة ‬على ‬سبيل ‬المثال ‬احمد ‬الهوان ‬الاسم ‬الحقيقي ‬لجمعة ‬الشوان، ‬وهي ‬الشخصية ‬التي ‬قدمها ‬عادل ‬إمام ‬في ‬مسلسل ‬‮«‬دموع ‬في ‬عيون ‬وقحة‮»‬ ‬فقد ‬كانت ‬عمليته ‬محددة ‬المدة ‬ولها ‬هدف ‬معين ‬وفي ‬الحقيقة ‬الهوان ‬لم ‬يسافر ‬إلى ‬إسرائيل ‬وكان ‬تعامله ‬مع ‬الموساد ‬من ‬خلال ‬عدد ‬من ‬الدول ‬الأوروبية ‬في ‬مقدمتها ‬اليونان.‬
جاك ‬بيتون ‬أيضا ‬تدرج ‬في ‬الحياة ‬داخل ‬المجتمع ‬الإسرائيلي ‬وبمرو ‬الوقت ‬وصل ‬بعلاقاته ‬إلى ‬أشخاص ‬من ‬أصحاب ‬مناصب ‬رفيعة ‬على ‬رأسهم ‬ديفيد ‬بن ‬جوريون ‬أول ‬رئيس ‬وزراء ‬لإسرائيل ‬والذي ‬يعتبر ‬الأهم ‬لديهم ‬حول ‬الأشخاص ‬المؤسسين ‬وبن ‬جوريون ‬أيضا ‬قبل ‬العام ‬الماضي ‬كان ‬اطول ‬من ‬مكث ‬في ‬منصب ‬رئيس ‬الحكومة ‬قبل ‬ان ‬يتجاوزه ‬بنيامين ‬نتنياهو ‬مؤخرا، ‬والجمال ‬او ‬بيتون ‬كان ‬صديق ‬شخصي ‬لبن ‬جوريون ‬وهو ‬على ‬رأس ‬السلطة ‬أي ‬ان ‬الجمال ‬كان ‬شخص ‬ذو ‬شأن ‬رفيع ‬المستوى ‬داخل ‬المجتمع ‬الإسرائيلي ‬وهذا ‬جعل ‬منه ‬شخصية ‬ثرية ‬دراميا.‬
الثاني .. ‬عبقرية ‬صالح ‬مرسي‮ ‬
وجود ‬كاتب ‬ومؤلف ‬بقيمة ‬وموهبة ‬وقدرات ‬صالح ‬مرسي ‬أسهم ‬بشكل ‬كبير ‬في ‬النجاح ‬الساحق ‬لهذا ‬المسلسل، ‬فصالح ‬مرسي ‬هو ‬الأب ‬الشرعي ‬لدراما ‬الجاسوسية ‬في ‬مصر، ‬وكانت ‬تجاربه ‬الأولى ‬في ‬اختراق ‬عالم ‬الجاسوسية ‬مجرد ‬تمهيد ‬لتحفة ‬رأفت ‬الهجان، ‬فهو ‬أول ‬سيناريست ‬يقدم ‬تلك ‬النوعية ‬على ‬الشاشة ‬فقد ‬كانت ‬البداية ‬مع ‬فيلم ‬‮«‬الصعود ‬إلى ‬الهاوية‮»‬ ‬مع ‬المخرج ‬كمال ‬الشيخ ‬عام ‬1978 ‬من ‬خلال ‬الجاسوسة ‬عبلة ‬كامل ‬التي ‬نجحت ‬المخابرات ‬المصرية ‬في ‬الإيقاع ‬بها ‬وإعادتها ‬إلى ‬مصر، ‬ثم ‬جاءت ‬تجربة ‬مسلسل ‬‮«‬دموع ‬في ‬عيون ‬وقحة‮»‬ ‬عام ‬1980 ‬مع ‬المخرج ‬يحيى ‬العلمي.‬
لم ‬يكن ‬‮«‬رأفت ‬الهجان‮»‬ ‬مجرد ‬مسلسل ‬عن ‬جاسوس ‬مصري ‬له ‬بطولات ‬خارقة ‬في ‬إسرائيل ‬بل ‬تطرق ‬صالح ‬مرسي ‬إلى ‬تلك ‬الحقبة ‬التاريخية ‬بكل ‬تفاصيلها ‬على ‬المستوى ‬السياسي ‬بعد ‬ثورة ‬يوليو ‬1952 ‬والالتفاف ‬المجتمعي ‬وراء ‬أحلام ‬وطموحات ‬الرئيس ‬جمال ‬عبد ‬الناصر، ‬ووضع ‬اليهود ‬المصريين ‬داخل ‬المجتمع ‬المصري ‬في ‬تلك ‬الفترة، ‬وعلى ‬مستوى ‬تأسيس ‬جهاز ‬المخابرات ‬العامة ‬المصرية ‬في ‬منتصف ‬الخمسينيات ‬وكيفية ‬تعامل ‬هذا ‬الجهاز ‬الوليد ‬مع ‬الازمات ‬مرورا ‬بهزيمة ‬1967 ‬وحال ‬الدولة ‬المصرية ‬وقتها.‬
الثالث .. ‬تشريح ‬المجتمع ‬الإسرائيلي‮ ‬
أكثر ‬عمل‮ ‬ ‬مصري ‬عن ‬الجاسوسية ‬برع ‬في ‬تقديم ‬الشخصية ‬الإسرائيلية ‬في ‬عمل ‬فني ‬بعيدا ‬عن ‬الصورة ‬النمطية ‬التي ‬ظهرت‮ ‬ ‬في ‬أعمال ‬قديمة ‬سواء ‬صوزة ‬اليهودي ‬في ‬الأفلام ‬القديمة ‬حيث ‬الشخص ‬البخيل ‬ذو ‬الأنف ‬الطويل ‬‮«‬الأخنف‮»‬ ‬الذي ‬ينظر ‬إلى ‬الآخرين ‬من ‬تحت ‬نظارته ‬المنزلقة ‬قليلا ‬من ‬على ‬عينه، ‬تلك ‬الصورة ‬تعاملت ‬معها ‬قديما ‬معظم ‬الأفلام ‬المصرية ‬لتقديم ‬صورة ‬اليهودي، ‬وفي ‬مرحلة ‬تالية ‬وبعد ‬انتشار ‬أعمال ‬الجاسوسية ‬سواء ‬كانت ‬قد ‬عرضت‮ ‬ ‬قبل ‬أو ‬بعد ‬رأفت ‬الهجان ‬وضعوا ‬الضابط ‬الإسرائيلي ‬في ‬صورة ‬نمطية ‬جديدة ‬وهو ‬قبيح ‬الوجه ‬الحاد ‬الطباع ‬صاحب ‬النظرات ‬الشيطانية، ‬المسلسل ‬الوحيد ‬الذي ‬كسر ‬تابوه ‬اليهودي ‬الإسرائيلي ‬في ‬الدراما ‬المصرية ‬كان ‬‮«‬رأفت ‬الهجان‮»‬ ‬الذي ‬تعامل ‬معهم ‬كأشخاص ‬عاديين ‬من ‬لحم ‬ودم ‬يحملون ‬مقدرات ‬الخير ‬ونوازع ‬الشر، ‬تعامل ‬صالح ‬مرسي ‬مع ‬المجتمع ‬الإسرائيلي ‬كأي ‬مجتمع ‬من ‬خلال ‬شخصيات ‬لها ‬أبعاد ‬متباينة ‬مختلفين ‬في ‬الطباع ‬والأفكار ‬والأحلام.‬
السرد ‬المختلف ‬الذي ‬قدمه ‬صالح ‬مرسي ‬عن ‬إسرائيل ‬بدأ ‬من ‬خلال ‬تواجد ‬رأفت ‬في ‬مصر ‬حول ‬تعامله ‬مع ‬اليهود ‬المصريين ‬في ‬ذلك ‬التوقيت ‬فقد ‬وجدنا ‬اليهود ‬انواع ‬صحيح ‬معظمهم ‬يعيش ‬داخل ‬حدود ‬الجيتو ‬‮«‬حارة ‬اليهود‮»‬ ‬ويخضعوا ‬للعمل ‬تحت ‬تنظيم ‬سري ‬لكن ‬وجدناهم ‬شخصيات ‬مختلفة ‬بداية ‬من ‬الخواجة ‬صروف ‬‮«‬نبيل ‬الدسوقي‮»‬ ‬وهو ‬الأقرب ‬للشخصية ‬النمطية ‬القديمة ‬ونفس ‬الحال ‬عيزرا ‬‮«‬عادل ‬امين‮»‬ ‬ونجد ‬أيضا ‬افرام ‬‮«‬شوقي ‬شامخ‮»‬ ‬اليهودي ‬ضعيف ‬الشخصية ‬الذي ‬لا ‬يكره ‬مصر ‬لكنه ‬مضطر ‬للمضي ‬قدما ‬مثل ‬شقيقه، ‬وسارة ‬‮«‬تيسير ‬فهمي‮»‬ ‬التي ‬كانت ‬على ‬استعداد ‬للتخلي ‬عن ‬حلم ‬السفر ‬لإسرائيل ‬لأنها ‬أحبت ‬ياكوف، ‬وعلى ‬النقيض ‬نجد ‬الخواجة ‬شارل ‬سمحون ‬‮«‬حسن ‬عبد ‬الحميد‮»‬ ‬وبناته ‬ماجي ‬وايفيت ‬وهم ‬أسرة ‬يهودية ‬ثرية ‬تدعم ‬التنظيم ‬اليهودي ‬ماليا ‬لكنهم ‬غير ‬مقتنعون ‬بفكرة ‬إسرائيل ‬وانها ‬أرض ‬الميعاد، ‬اما ‬عن ‬اليهود ‬في ‬إسرائيل ‬فقد ‬أبدع ‬صالح ‬مرسي ‬في ‬رسم ‬شخصياتهم ‬فنجد ‬أن ‬شخصية ‬إيزاك ‬غير ‬دان ‬غير ‬اورلو ‬غير ‬يوسف ‬الأزرع ‬لكل ‬منهم ‬صفاته ‬وأفكاره، ‬ونجد ‬أيضا ‬شخصية ‬سيرينا ‬اهاروني ‬التي ‬قدمتها ‬‮«‬تهاني ‬راشد‮»‬ ‬السياسية ‬وعضوة ‬الهستدروت ‬المؤمنة ‬بدولة ‬إسرائيل ‬لكنها ‬في ‬نفس ‬الوقت ‬ناقمة ‬على ‬الفساد ‬وتحارب ‬من ‬اجل ‬التخلص ‬منه.‬
لم ‬يقف ‬صالح ‬مرسي ‬عند ‬براعة ‬رسم ‬الشخصيات ‬لكنه ‬قدم ‬صورة ‬التحولات ‬التي ‬شهدها ‬المجتمع ‬الإسرائيلي ‬منذ ‬نهاية ‬الخمسينيات ‬حيث ‬الشك ‬والريبة ‬والوحدة ‬والحياة ‬الاشتراكية ‬داخل ‬الكيبوتس ‬‮«‬المستوطنات ‬الزراعية‮»‬ ‬ومرورا ‬لمرحلة ‬الستينيات ‬حيث ‬التفرقة ‬الكبيرة ‬بين ‬الأشكنازيم ‬‮«‬يهود ‬أوروبا‮»‬ ‬والسفارديم ‬‮«‬اليهود ‬الشرقيين‮»‬ ‬ثم ‬المواجهة ‬المباشرة ‬مع ‬الدول ‬العربية ‬خلال ‬حرب ‬1967، ‬ثم ‬في ‬بداية ‬السبعينيات ‬وانتصار ‬أكتوبر ‬وسيطرة ‬اليمين ‬الإسرائيلي ‬بعد ‬صعود ‬حزب ‬الليكود ‬للحكم ‬للمرة ‬الأولى ‬بقيادة ‬مناحم ‬بيجن.‬
الرابع .. ‬الإنتاج
العامل ‬الرابع ‬في ‬نجاح ‬مسلسل ‬‮«‬رأفت ‬الهجان‮»‬ ‬هو ‬اختلاف ‬طريقة ‬وشكل ‬الإنتاج ‬في ‬تلك ‬الفترة ‬حيث ‬كان ‬يتم ‬من ‬خلال ‬قطاع ‬الإنتاج ‬في ‬التليفزيون ‬المصري ‬فقط ‬الذي ‬كان ‬بدوره ‬يقوم ‬بإنتاج ‬مسلسلين ‬أو ‬ثلاثة ‬كحد ‬أقصى ‬في ‬شهر ‬رمضان ‬مما ‬يتسنى ‬الفرصة ‬الأكبر ‬لقطاع ‬عريض ‬من ‬الجماهير ‬مشاهدة ‬الأعمال ‬بأريحية ‬عكس ‬الأعوام ‬الأخيرة ‬التي ‬ارتفع ‬عدد ‬المسلسلات ‬المنتجة ‬والمعروضة ‬في ‬شهر ‬رمضان ‬إلى ‬50 ‬مسلسلا ‬وهو ‬كان ‬يتسبب ‬في ‬صعوبة ‬متابعة ‬هذا ‬الكم ‬بالتالي ‬النجاح ‬كان ‬يقتصر ‬على ‬مسلسلين ‬ليس ‬اكثر ‬والبقية ‬لا ‬يشاهدها ‬أحد.‬
لكن ‬في ‬الماضي ‬كانت ‬حلقات ‬‮«‬رأفت ‬الهجان‮»‬ ‬حدث، ‬حلقات ‬‮«‬ليالي ‬الحلمية‮»‬ ‬حدث .. ‬تنتظرها ‬الجماهير ‬بفارغ ‬الصبر، ‬وقت ‬عرض ‬هذين ‬المسلسلين ‬تحديدا ‬كانت ‬الشوارع ‬خالية ‬فالجميع ‬أمام ‬شاشات ‬التليفزيون ‬في ‬انتظار ‬الحلقة ‬الجديدة ‬فلم ‬يكن ‬وقتها ‬يتواجد ‬إعادة ‬للحلقات ‬بشكل ‬يومي ‬أو ‬أن ‬أحد ‬يمكن ‬أن ‬يقوم ‬بتجميع ‬خمس ‬حلقات ‬لمشاهدتهم ‬مرة ‬واحدة، ‬وهذا ‬الشكل ‬من ‬الإنتاج ‬الذي ‬كان ‬بعيدا ‬عن ‬وسائل ‬التواصل ‬الحديثة ‬كان ‬يضفي ‬على ‬الأعمال ‬الدرامية ‬قدر ‬من ‬القيمة ‬والثقل.‬
عوامل ‬أخرى‮ ‬
بالتأكيد ‬يتصدر ‬المخرج ‬يحيى ‬العلمي ‬الذي ‬قاد ‬المسلسل ‬على ‬مدار ‬ثلاثة ‬أجزاء ‬نجح ‬خلاله ‬أن ‬يخرج ‬بهذه ‬الصورة ‬المبهرة ‬والحفاظ ‬على ‬تماسك ‬الحبكة ‬وعدم ‬شعور ‬المشاهدين ‬بالملل ‬الذي ‬يشعرون ‬به ‬في ‬مسلسلات ‬اليوم ‬بعد ‬الحلقة ‬العاشرة ‬وأحيانا ‬الخامسة ‬واللجوء ‬إلى ‬المط ‬والتطويل ‬للوصول ‬إلى ‬الحلقة ‬28 ‬ثم ‬تعود ‬الدراما ‬من ‬جديد ‬في ‬اخر ‬حلقتين، ‬أما ‬مسلسل ‬‮«‬رأفت ‬الهجان‮»‬ ‬بأجزائه ‬الثلاث ‬من ‬الصعب ‬أن ‬يتواجد ‬مشهد ‬ليس ‬له ‬تأثير ‬أو ‬مقحم ‬على ‬الاحداث ‬أو ‬بهدف ‬التطويل ‬أو ‬حشو ‬تفاصيل ‬ليس ‬لها ‬علاقة ‬لملئ ‬ساعات ‬البث، ‬وبرع ‬العلمي ‬في ‬قيادة ‬الممثلين ‬الذين ‬أخرجوا ‬أفضل ‬ما ‬لديهم ‬على ‬الشاشة ‬وأداء ‬الممثلين ‬كان ‬عاملا ‬مهما ‬في ‬نجاح ‬المسلسل ‬ويأتي ‬في ‬مقدمتهم ‬محمود ‬عبد ‬العزيز ‬الذي ‬قدم ‬واحد ‬من ‬أفضل ‬الادوار ‬في ‬مسيرته ‬بشكل ‬عام ‬والأفضل ‬في ‬الدراما ‬التليفزيونية ‬بشكل ‬خاص، ‬رغم ‬انه ‬سبق ‬وان ‬قدم ‬دور ‬الجاسوس ‬من ‬قبل ‬في ‬فيلم ‬‮«‬إعدام ‬ميت‮»‬ ‬لكن ‬مع ‬ديفيدي ‬شارل ‬سمحون ‬كان ‬الأمر ‬مختلف.‬
ونفس ‬الحال ‬بقية ‬الأبطال ‬فهناك ‬العديد ‬من ‬الممثلين ‬معروفين ‬حتى ‬الأن ‬بأسماء ‬شخصياتهم ‬في ‬مسلسل ‬رأفت ‬الهجان ‬على ‬سبيل ‬المثال، ‬عزيز ‬الجبالي ‬‮«‬محمد ‬وفيق‮»‬، ‬استير ‬بولانسكي ‬‮«‬إيمان ‬الطوخي‮»‬، ‬يهوديت ‬موردخاي ‬‮«‬فايزة ‬كمال‮»‬،‮ ‬سوسو ‬ليفي ‬‮«‬نبيل ‬بدر‮»‬، ‬افرايم ‬سلمون ‬‮«‬شوقي ‬شامخ‮»‬ ‬وغيرهم، ‬وهناك ‬ممثلين ‬يعتبرهم ‬الجمهور ‬والنقاد ‬قدموا ‬أفضل ‬اداء ‬لهم ‬خلال ‬المسلسل ‬على ‬سبيل ‬المثال ‬يوسف ‬شعبان ‬‮«‬محسن ‬ممتاز‮»‬، ‬نبيل ‬الحلفاوي ‬‮«‬نديم ‬هاشم‮»‬، ‬عفاف ‬شعيب ‬‮«‬شريفة ‬الهجان‮»‬ ‬وصبري ‬عبد ‬المنعم ‬‮«‬الصاغ ‬محمد ‬رفيق»و ‬تهاني ‬راشد ‬‮«‬سيرينا ‬اهاروني‮»‬، ‬صفاء ‬السبع ‬‮«‬مونيكا‮»‬ ‬وغيرهم ‬أيضا.‬
ولا ‬يستطيع ‬أحد ‬أن ‬يتطرق ‬إلى ‬الحديث ‬عن ‬مسلسل ‬رأفت ‬الهجان ‬دون ‬الجنوح ‬في ‬الحديث ‬إلى ‬الموسيقيى ‬التصويرية ‬التي ‬أبدعها ‬الراحل ‬عمار ‬الشريعي، ‬في ‬واحدة ‬من ‬أهم ‬الموسيقي ‬التصويرية ‬في ‬تاريخ ‬الدراما ‬المصرية ‬المصرية ‬بشكل ‬عام ‬وللشريعي ‬بكل ‬خاص، ‬تلك ‬الموسيقى ‬التي ‬قام ‬بعزفها ‬العديد ‬من ‬الموسيقيين ‬العالميين ‬في ‬أوبرات ‬أوروبية ‬مختلفة ‬فمحبو ‬الموسيقى ‬الأوروربين ‬أحبوا ‬المسلسل ‬من ‬أجل ‬موسيقاه.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.