"كن جميلًا تر الوجود جميلًا" وحرمة التعدي على الجار، موضوعات خطبة الجمعة القادمة    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    استقرار سعر الريال السعودي في ختام التعاملات اليوم 15 نوفمبر 2025    ارتفاع أسعار اللحوم المجمدة بالمجمعات الاستهلاكية بنحو 55 جنيها    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    برلمانى: الصفقات الاستثمارية رفعت محفظة القطاع السياحي لأكثر من 70 مليار دولار    الأونروا: آلاف الخيام في غزة مهددة مع سقوط الأمطار    إعلام دارفور: المواقف الدولية بعد مجزرة الفاشر أيقظت ضمير العالم    موندو: برشلونة يراقب ثنائي الدوري الألماني لتدعيم الدفاع    الزمالك يقرر ضم نجلي محمد صبري من السكة الحديد    ضبط المتهمين بقيادة مركبات «الاسكوتر» بطريقة خطرة ببني سويف| فيديو    القبض على أنصار نائب لقيامهم بإطلاق النار احتفالا بفوزه في الانتخابات    آخر تطورات حالة أحمد سعد على لسان شقيقه سامح    خبير أسري: الشك في الحياة الزوجية "حرام" ونابع من شخصية غير سوية    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    20 مصابا بانفجار في منطقة صناعية بمدينة إيزيزا الأرجنتينية    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    اليابان تحتج على تحذيرات السفر الصينية وتدعو إلى علاقات أكثر استقرارًا    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    تعرض الفنان هاني مهنى لوعكة صحية شديدة.. اعرف التفاصيل    جيراسي وهاري كين على رادار برشلونة لتعويض ليفاندوفيسكي    المصارعة تشارك ب 13 لاعب ولاعبة في دورة التضامن الإسلامي بالرياض    المجمع الطبى للقوات المسلحة بالمعادى يستضيف خبيرا عالميا فى جراحة وزراعة الكبد    بعد قلق أولياء الأمور.. استشاري أمراض صدرية تكشف حقيقة انتشار الفيروس المخلوي    أسامة ربيع: عبور سفن عملاقة من باب المندب لقناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    أبو الغيط يبدأ زيارة رسمية إلى الصين لتعزيز الحوار العربي الصيني    التعليم العالي ترفع الأعباء عن طلاب المعاهد الفنية وتلغي الرسوم الدراسية    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    تقرير: مدرب شبيبة القبائل يستعد لإجراء تغييرات كثيرة أمام الأهلي    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    انطلاق الأسبوع التدريبي ال 15 بقطاع التدريب وبمركز سقارة غدًا    البط والأرانب بكام؟.. أسعار الطيور البلدى اليوم فى أسواق الإسكندرية    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    هشام حنفي: محمد صبري عاشق للزمالك وعشرة 40 عاما    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سأخبر الله عن أشقائى
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 13 - 05 - 2021

لم أر الدنيا منذ ولدت، أنا فقيد النظر، لا أعرف شكل البيوت، ولا محتوياتها، اعتدت على الظلام، فلا أخاف من شىء لم أره، لذلك سكنت الحوارى والأزقة وأسفل الكبارى، حتى استقر جسدى فى هذه السيارة التى تشبهنى، فلا هى تتحرك ولا تنطق، بل مستسلمه مثلى.. يأكلها الصدأ يوميًا كما يأكلنى الإهمال..وأعتقد أن حياتنا ستنتهى معاً.
أنا مستسلم لكل العواقب، منذ صغرى وأنا أعانى، لم أجد من يحمينى من إخوتى، كانوا قساة معى، يتركوننى هائمًا فى الشوارع ولا يبحثون عنى، تتخطفنى الحياة، تارة يمسك بيدى شاب ليرشدنى إلى بيتى، وتارة أخرى أجلس فى الشوارع وتتساقط علىّ ثمرات العطف من أبناء القرى المجاورة.. كان الجميع يتحدث عن أمل فى علاجى وعودتى للإبصار، إلا أشقائى، زرعوا بداخلى فقدان الأمل وعدم المحاولة، عايرونى وأبناؤهم بعماى، حبسونى فى حجرة داخل أرض زراعية لا يرتادها سوى الكلاب والقطط، ويسكنها الفئران تارة والزواحف بأشكالها المختلفة تارة أخرى. لم أستطع الصبر..حاولت الخروج وعندما كنت أصل إلى الباب أجده مغلقا بمقابض كثيرة، فى هذه اللحظة كنت أبكى، وأتساءل عن أى جرم ارتكبته ليفعل أشقائى هذا بى، هل المال سبب فى كل ما أنا فيه ؟، لا أريده، ما أتمناه هو أن أعيش حرًا طليقًا، فأنا أخاف من العيش فى ظلام داخل ظلام، أريد أن أتنفس، أتحسس خطواتى بين الحقول، لكن كل هذا كان حلمًا وما كان على سوى أن استسلم للحياة التى رسموها لى، فأنا فى نظرهم فقط حيوان عليهم إطعامه حتى يبقى على قيد الحياة، لكننى لم أستسلم وقررت العودة إلى المنزل.
نعم.. كان والدى هو الوحيد الذى يبحث عنى، فكان يدرك مأساتى، وجبروت إخوتى، لذلك عانيت بعد وفاته، طردنى أشقائى من المنزل بعد أن رفضت العيش كحيوان داخل الحجرة المظلمة، حيث لم تردعهم تحذيرات ووصايا أبى قبل مماته..حرمونى حتى من الغطاء، لذلك ألقيت بجسدى فى إحدى السيارات المغادرة من بلدى الفيوم إلى القاهرة هربا من بطشهم.. جئت إلى العاصمة،وأنا لا أعرف اسم شارع أو زقاق، ولاأستطيع أن أتحرك خطوة واحدة دون مرشد يقودنى.
تاهت أقدامى فى حوارى العاصمة، صاحبنى المرض، فلم أعد قادرا على السير على قدمى، بعد أن تآكلت بسبب جرح تحول نتيجة الإهمال إلى سم ينخر فى جسدى.
استسلمت للموت، وحاولت العودة إلى بلدى الفيوم لكننى كنت أخشى أشقائى، قد يقتلوننى بسبب الميراث وغيره من الأسباب الأخرى، قررت أن أجلس هنا، حتى تخطفتنى قدماى إلى منطقة فيصل وبالتحديد شارع العشرين، جلست هناك بجوار إحدى المدارس الخاصة.
تحولت فى ليلة وضحاها إلى متسول شهير فى المنطقة، أنا لم أطلب من أحد معونة او مساعدة، لكن نومى بجوار السيارات وفقدان النظر كان دافعا لتعاطف البشر معى، وحصلت على مساعدات مالية، وأحاطتنى الأغطية من كل اتجاه، لكن السؤال الذى كان يؤرقنى أين السكن الذى يحمينى من برد الشتاء ؟.
ظللت 12 عامًا أهيم فى الشوارع، لا أعرف أين أنا وإلى أين تقودنى قدماى، فقط اسم موقف السيارات الذى أجلس بجواره، كان هو المكان الذى أذهب وأعود إليه، حتى أرشدنى ابن حلال إلى سيارة متهالكة مركونة بجوار أحد القصور القديمة، وقد جار عليها الزمن فتآكلت عجلاتها وسرقت محتوياتها ولم يتبق منها سوى القليل، لكن مقاعدها بحالة جيدة كما أخبرنى الشاب.
نجح ابن الحلال فى فتح أبوابها، وأدخل غطائى بداخلها، وأزاح كرسيها الأمامى وأراح كرسيها الخلفى حتى تحول إلى سرير مصغر، ألقيت عليه ظهرى وأغلقت بابى،و بعدها حمدت الله على ستره لى.
أنا أعيش هنا بداخل هذه السيارة منذ 18 عاما، أسمع تشققاتها وتآكلها وصداها يوميا، وهى تسمع أنينى وتعبى وآهاتى، كلانا منتظر اللحظة التى نغادر فيها الدنيا، فقصتها تشبهنى، لقد مات مالكها وتشاجر الورثة على ملكيتها حتى تركها وحيدة، وعندما وجدت من يسكنها كانت نهايتها قد اقتربت،وأنا كذك أصبح الموت قريبا منى بعد أن لوثت قدمى جسدى بسبب الجرح الذى أصابنى وأهملته.
أحمد الله أننى لم أتزوج، ولم تكن لى شريكة، فلن يستطيع أحد مهما كان أن يتحمل الآلام التى عانيتها منذ ولادتى حتى الآن، وأعلم اننى سأتزوج فى الجنة، فرغم فقدان النظر إلا أننى كنت حريصا داخل سكنى المؤقت على المواظبة على الصلاة، أما أشقائى، فقد علمت بوفاة اثنين منهم بعد أن تشاجرا على الميراث مع أقارب لنا..فحمدت الله أننى هربت من حياتهم، فمصيرى كان سيكون مقتولاً على دنيا زائلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.