العبور الثانى للدولة المصرية    تغيير الاستراتيجيات وتطوير الجيش المصرى    السيسى حامى الثورة و مؤسس الجمهورية الجديدة    مصطفى فتحي راتب…. وجه جديد فى قيادة الجبهة الوطنية بالمنيا.    تنفيذ قافلة بيطرية مجانية بعزبة نظيف في طنطا    هبوط جماعي لأسواق الأسهم الأوروبية مع ترقب الاتفاق التجاري بين أمريكا والصين    تسليم مساعدات مالية وعينية ل 70 حالة من الأسر الأولى بالرعاية في المنوفية    «التعليم العالي»: 21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب البحثي الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    الاحتلال يطلق النار على منتظري المساعدات في غزة ويسقط مئات الشهداء    التشكيل الرسمي لمواجهة صن داونز وفلومينينسي في كأس العالم للأندية    شوبير: رحيل أفشة عن الأهلي «كلام مش قرار»    لجنة التعاقدات في غزل المحلة تواصل عملها لضم أفضل العناصر المرشحة من عبد العال    فوز رجال الطائرة الشاطئية على النيجر في بطولة أفريقيا    رغم ارتفاع الحرارة.. إقبال متوسط على شواطئ الإسكندرية    مصطفى كامل يطرح خامس أغانى ألبومه بعنوان "ناقصة سكر"    مينا مسعود يخطف الأنظار ب "في عز الضهر".. والإيرادات تقترب من 3 ملايين في أسبوعه الأول    هل شريكتك منهن؟.. نساء هذه الأبراج مسيطرة وقوية    تليفزيون اليوم السابع يرصد لحظة فك كسوة الكعبة لتركيب الجديدة (فيديو)    أستاذ علاقات دولية: إيران وإسرائيل وأمريكا يرون وقف إطلاق النار انتصارا    خالد الجندي يوضح الفرق بين «إن شاء الله» و«بإذن الله»    ما حكم الزواج العرفي؟ أمين الفتوى يجيب    هيئة الشراء الموحد توقع اتفاقية مع شركات فرنسية لإنشاء مصنع لتحديد فصائل الدم    علاج 686 شخصًا مجانًا في قنا.. وحملة توعية لتحذير المواطنين من خطورة الإدمان    رئيس الوزراء: مصر نجحت في إنتاج وتصنيع أجهزة السونار محليًا لأول مرة    محافظ بورسعيد: هذه إنجازات الدولة المصرية على أرض المحافظة خلال عام    مصدر من اتحاد الكرة ل في الجول: إقامة كأس مصر خلال تحضيرات المنتخب لكأس الأمم    الزمالك يستعيد أرض مرسى مطروح بحكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا    الصين: مستعدون للعمل مع "بريكس" لإحلال السلام في الشرق الأوسط ودعم الأمن الإقليمي    أيمن سليم: "عبلة كامل حالة استثنائية وهتفضل في القلب"    مصرع طفل غرقا في بحر يوسف ببني سويف    أجمل عبارات ورسائل التهاني بمناسبة رأس السنة الهجرية الجديدة 1447ه    بعد قليل.. الإفتاء تعلن موعد أول أيام العام الهجري 1447    الإفتاء تكشف عن حكم التهنئة بقدوم العام الهجري    صلاة البراكليسي من أجل شفاء المرضى وتعزية المحزونين    محافظ الغربية يتابع سير العمل بمشروع الصرف الصحي في عزبة الناموس بسمنود    الاتحاد العربي للفنادق والسياحة يُكلف محمد العجلان سفيرًا للاتحاد.. ويُشكل الهيئة العليا للمكتب بالسعودية    شرب الماء أثناء الأكل يزيد الوزن- هل هذا صحيح؟    الحرية المصرى: 30 يونيو استردت هوية الدولة المصرية.. والاصطفاف الوطني "ضرورة"    زد يضع الرتوش النهائية على صفقة ضم خالد عبد الفتاح من الأهلي    جيش الاحتلال يعلن اعتراض مسيرة أطلقت من اليمن قبل دخولها المجال الجوي    «يومين في يوليو».. «المحامين» تعلن موعد الإضراب العام اعتراضًا على الرسوم القضائية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 1447    الرقابة الإدارية تنفى صدور أى تكليفات لها بضبط عضو نيابة عامة أو ضباط    عاطل يقتل شقيقه السائق بعيار ناري خلال مشاجرة بسبب خلافات بشبرا الخيمة    الرقابة الإدارية توكد عدم صحة ما تداول بشأن ضبط أحد أعضاء الهيئات القضائية    «النداهة».. عرض مسرحي في «ثقافة القصر» بالوادي الجديد    من البحر إلى الموقد.. كيف تؤمن سفن التغويز احتياجات مصر من الغاز؟    الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران فرصة لتفادي تصعيد كارثي    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    المشاط تبحث مع المنتدى الاقتصادي العالمي تفعيل خطاب نوايا «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»    الأونروا: نواجه وضعا مروّعا يعيشه الفلسطينيون بقطاع غزة    "طموحي بلا حدود".. وزير الرياضة يشهد تقديم المدرب الجديد لمنتخب اليد    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    تطور قضائي بشأن السيدة المتسببة في حادث دهس "النرجس"    خالد عبد الغفار يوجه بضرورة تطوير التقنيات الحديثة في مجال الصحة الرقمية    صور جديدة تظهر الأضرار اللاحقة بمنشآت فوردو وأصفهان ونطنز    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أشرف الفقى: لقاح كورونا لن يصل للمواطن قبل منتصف 2021
الباحث المصرى السابق بهيئة سلامة الدواء الأمريكية ل «الأخبار»
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 18 - 06 - 2020

» إنتاج اللقاحات قبل انتهاء التجارب السريرية مخاطرة مالية غير مسبوقة
» ندير الأزمة بأسلوب «إطفاء الحرائق».. واحتمالات فشل مشروعات اللقاح واردة
» الأكشاك الطبية فكرة مبتكرة لاحتواء الوباء بأسلوب «إلقاء الشبكة»
هل تصبغ أى مهنة شخصية أبنائها بسمات تميزهم عن الآخرين؟.. تتباين الإجابة على هذا السؤال من حالة إلى أخرى، فهناك شخصيات تستطيع أن تخلع رداء مهنتها، وهى تعيش خارج أسوار المؤسسة التى تعمل بها، وهناك آخرون تستطيع أن تقول إن سمات مهنتهم تظهر على وجوههم وسلوكهم، بل وفى حديثهم.. الدكتور أشرف الفقى، الباحث السابق بهيئة سلامة الدواء الأمريكية، وأحد الأسماء المشهورة عالميا فى مجال اللقاحات، ينتمى بشكل واضح إلى الفريق الثانى، وهو ما ظهر بشكل واضح خلال حواره مع «الأخبار» الذى امتد قرابة الساعة، من مقر إقامته بالعاصمة الأمريكية واشنطن عبر تطبيق (زووم).
فالرجل أفكاره منظمة تسلم بعضها البعض، وكلماته موزونة بميزان دقيق، وصبور فى تحمل الأسئلة المتلاحقة، وحريص على الإجابة عليها بالتفصيل، وهى مزايا شخصية باحث طبى متمرس، يؤمن بأن السعى إلى اكتشاف المشكلة أفضل من انتظار حدوثها، وهى السياسة التى يرى أن مصر لاتزال قادرة على تنفيذها لإدارة أزمة فيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض (كوفيد-19).
وخلال الحوار يكشف د.الفقى عن تفاصيل هذه السياسة، وكيفية تنفيذها، والإمكانيات المطلوبة لذلك، كما يقدم الرجل الذى كان أحد أعضاء الفريق البحثى لتطوير لقاح (إيبولا)، عرضا لأبرز لقاحات (كوفيد-19)، ويقدم رؤيته العلمية لأفضل الأنواع، والموعد الذى يتوقعه لوصول أحد أنواع هذه اللقاحات إلى جسم المواطن المصرى.. وإلى نص الحوار.
» بداية: ما هو تقييمك لحالة جائحة كورونا فى مصر والعالم؟
- يأخذ نفسا عميقا قبل أن يقول: موضوع كورونا بشكل عام ينقسم إلى أربعة ملفات، وهى اللقاحات والدواء والتحاليل والسياسات المحلية لإدارة الأزمة، فعن أى الملفات تريد أن أتحدث.
» دعنا نبدأ من اللقاحات، حيث يوجد بحسب منظمة الصحة العالمية 108 لقاحات قيد التطوير، ودخلت 10 لقاحات مرحلة التجارب السريرية، فهل توجد اختلافات واضحة بين المدارس المختلفة للإنتاج؟
- يومئ بالموافقة قبل أن يقول: دعنا نبدأ القصة من بدايتها، فحتى تتم إجازة لقاح ما، لابد أن يمر أولا بالتجارب المعملية، ثم تجرى ثلاث تجارب سريرية، وهناك لقاحات لا تنجح فى تجاوز التجارب المعملية، وهناك لقاحات أخرى تتجاوز التجارب المعملية ولا تنجح فى التجارب السريرية، وهناك لقاحات قد تنجح فى المراحل الأولى من التجارب السريرية، ثم لا تستطيع تجاوز المراحل التالية، ولنا فى فيروس نقص المناعة المسبب لمرض الإيدز ومتلازمة الإلتهاب التنفسى الحاد (سارس) خير مثال، فكثير من المشروعات التى عملت عليهما، لم تنجح فى تجاوز تلك المراحل، رغم أن الأول ظهر قبل 30 عاما، والثانى، وهو من نفس عائلة الفيروسات التاجية التى ينتمى لها الفيروس الحالى ظهر قبل 17 عاما.
والتقنيات التى تستخدم لإنتاج اللقاحات مختلفة، فهناك لقاح يستخدم فيروسا خاملا أو ضعيفا، مثل لقاح الإنفلونزا، بحيث لا يصيبك هذا الفيروس بالعدوى، ولكنه قادر على استنفار خلايا المناعة، ويتولد عن استخدامه خلايا للذاكرة تحمل بصمة الفيروس، وبالتالى عندما تتعرض للفيروس الحقيقى، يكون لديك الأجسام المضادة.
وهناك فلسفة ثانية، تتجاوز مشكلة التقنية السابقة، والتى تحتاج لكمية كبيرة من الفيروس من أجل الإنتاج، وتقوم تلك الفلسفة على استخدام جزء صغير من البصمة الجينية للفيروس حتى تؤدى إلى استنفار جهاز المناعة.
مراحل اختبارات اللقاح
» وما الذى يجعل لقاحات تنجح معمليا ثم تفشل سريريا أو لقاحات تنجح فى مرحلة سريرية ثم تفشل فى مراحل تالية؟
- تخرج الكلمات من فمه سريعة، قائلا: للإجابة على السؤال يجب معرفة الهدف من المراحل المختلفة لاختبار اللقاح، فيجب أن ينجح اللقاح معمليا، حتى يكون مهيئا لمراحل التجارب السريرية الثلاث، حيث تستكشف المرحلة الأولى السلامة للتأكد من أن اللقاح لن يسبب أضرارا لمن يتناوله، وتستكشف هذه المرحلة أى الجرعات مناسبة للتحصين، وتستبين المرحلة الثانية كفاءة اللقاح وهل جرعة واحدة تكفى، أم يجب تناول أكثر من جرعة، وهل الأفضل تناول اللقاح عن طريق نقاط الفم أم الحقن، وتقيم المرحلة الثالثة التغير المناعى فى أجسام المتطوعين.
ووفقا لهذه الوظائف للتجارب السريرية، فيمكن للقاح اجتياز التجارب المعملية، ثم تثبت المرحلة من التجارب السريرية أنه غير آمن، ويمكن للقاح اجتياز المرحلة الأولى ثم يتبين عدم كفاءته فى المرحلة الثانية.
ويلزم التنوية هنا أن نجاح اللقاح فى الأبحاث المعملية والسريرية ليست التحدى الوحيد، فهناك تحديان مهمان، الأول تحدى الإنتاج، إذ يلزم إنتاج مئات الملايين من اللقاح، والثانى تحدى التوزيع، إذ يلزم توفير مواصفات خاصة جدا فى الحاويات التى ستنقل اللقاحات، حتى يصل بأمان إلى 7 مليارات نسمة حول العالم، ناهيك طبعا عن أن الدولة التى ستنتج اللقاح ستحصل على العدد الكافى لمواطنيها، وبالتالى عندما تتحدث دولة ما عن أنها ستنتج اللقاح بحلول شهر سبتمبر القادم، فلا يعنى ذلك أن المشكلة حلت عند المواطن المصرى.
» ومتى تتوقع وصول اللقاح إلى جسم المواطن المصرى؟
- يصمت لوهلة قبل أن يقول: سؤالك هو الشغل الشاغل للمواطن المصرى، الذى لا يهمه نوعية اللقاح، ولكن يهمه متى يصل إلى ذراعه وذراع نجله، وعندما نتحدث فى هذا الإطار عن منتصف عام 2021، فهذا تقدير متفائل جدا، مع الوضع فى الاعتبار أن سيناريو الفشل يبقى احتمالا قائما، كما حدث مع سارس والإيدز.
الفشل وارد
» الفشل فى الوصول للقاح لسارس بالذات هو أكثر ما يثير القلق، لأنه فيروس سارس من نفس نوعية فيروس كورونا المستجد؟
- يرد على الفور: الأبحاث جارية على لقاح سارس لم تتوقف إلى الآن، ولكن ضغط جائحة كورونا، دفع العالم إلى التركيز أكثر مع لقاح كورونا، لكن من الوارد جدا أن يفشل المجتمع العلمى الدولى فى الوصول للقاح، ولا يجرؤ أحد فى مجال إنتاج اللقاحات على قول عكس ذلك.
» تقول ذلك بالرغم من أن اللقاحات التى بدأت التجارب السريرية أعلنت نجاحا فى المرحلة الأولى؟
- المرحلة الأولى كما قلنا سابقا تبحث فى مدى أمان اللقاح، ولكن من الممكن أن يكون آمنا، ويرسب فى اختبار الفاعلية فى المراحل التالية.
» وما هى المدرسة الأفضل فى إنتاج لقاحات كورونا من وجهة نظرك؟
- واحد من اللقاحات الواعدة هو لقاح شركة موديرنا الأمريكية الذى يستخدم الحمض النووى الريبوزى (RNA)، حيث تحقن قطعة من هذه المادة الوراثية بالفيروس فى الخلايا البشرية لتحفيز المناعة، وأعلنت الشركة فى 18 مايو نتائج إيجابية واعدة فى المرحلة الأولى من التجارب السريرية، وميزة هذه التقنية أنها أسرع وأسهل فى الإنتاج.
لقاح اكسفورد
» كنت أتوقع أن تذكر لقاح الناقلات الفيروسية الخاص بجامعة اكسفورد؟
- لقاح جامعة إكسفورد من اللقاحات الواعدة أيضا، والتى تستخدم تقنية مختلفة لتحفيز الاستجابة المناعية للجسم.
» ولكن بعض العلماء الأمريكيين كان لهم رأى أن نتائج لقاح إكسفورد على القرود كانت مضللة، هل توافقهم هذا الرأى؟
- يومئ بالرفض قبل أن يقول: لا أستطيع أن أقول مضللة، ففريق إكسفورد محترف، ويعمل على اللقاحات منذ فترة ويتعاون فى لقاح كورونا مع إحدى شركات الدواء الكبرى، وقد يكون لدينا أكثر من لقاح، فشركة واحدة لن تستطيع تغطية العالم كله.
» وما رأيك فى إنتاج اللقاح قبل الانتهاء من التجارب السريرية، كما تفعل الشركة المنتجة للقاح جامعة إكسفورد؟
- ليست الشركة المنتجة للقاح إكسفورد فقط، فأغلب الشركات اتفقت مع حكوماتها فى خطوة غير مسبوقة على البدء فى الإنتاج قبل انتهاء التجارب السريرية، اعتمادا على ظهور نتائج واعدة فى التجارب السريرية بالمرحلة الأولى والثانية، وهذه مخاطرة مالية كبيرة.
» ولماذا تسميها مخاطرة، أليس من الوارد أن تبيع الشركة اللقاح فور الانتهاء من الإنتاج؟
- يشير بعلامة الرفض، قبل أن يقول: لا طبعا لا تستطيع التوزيع قبل انتهاء التجارب وتحقيق النجاح خلالها، ولكن الهدف من تلك الخطوة هو كسب الوقت، حيث تنتج بالتوازى مع إجراء التجارب، وعندما تنتهى التجارب وتنجح تقوم بالتوزيع مباشرة، وهذا يوفر بعض الوقت.
الطفاية أم الإنذار؟
» ننتقل من إنتاج اللقاح إلى إدارة أزمة جائحة كورونا فى مصر، وأود معرفة رأيك فى أسلوب إدارة الأزمة من الناحية الصحية؟
- دعنا نتفق فى البداية أن الإدارة المصرية تفعل ما بوسعها للتعامل مع الأزمة، وهناك طريقتان للتعامل مع أزمة كهذه، يمكن تشبيههما بمن يريد وقاية منزله من الحريق، فإما أن يشترى طفاية، للتعامل مع الحريق فور اندلاعه، وإما أن يشترى جهاز إنذار ينبه لحدوث الحريق قبل اندلاعه، قد يكون الخيار الثانى مكلفا ماديا، لكنه على المدى البعيد سيكون أوفر، بينما الخيار الأول أقل فى التكلفة المادية، لكنه على المدى البعيد قد يكلفك الكثير.
» تريد من هذا التشبيه أن تقول إننا نتعامل بأسلوب إطفاء الحريق؟
- بالضبط، فالفلسفة التى نعتمدها هو أنه عندما يشعر المواطن بالأعراض، وتستدعى حالته الذهاب للمستشفى، يتم اكتشاف حالته واتخاذ ما يلزم من علاج، ونحن فى هذا الإطار نبذل جهدا كبيرا ومحسوسا، أما لو كان الهدف هو أنك تجهض ظهور الحالات، وتجهض المرض من منبعه، وتسبق الفيروس قبل أن يسبقك، فيجب انتهاج آلية «الإنذار المبكر»، أو ما يطلق عليها آليات التنبؤ الذكى، والتى تعتمد على سياسات عنيفة جدا فى التحاليل التى تجرى للمواطنين، وحتى لو جادل البعض وقال إن التحاليل التى تستخدم فى مثل هذا التوجه ليست حساسة بالدرجة الكافية، مثل الاختبار التشخيصى السريع «rapid test» المستخدم فى المطارات، والذى يعتمد على أخذه عينة دم بسيطة عبر وخزة فى الإصبع، فإنه على الأقل يعطى فرصة للفرز، فمن تثبت إيجابيته عبر هذا الاختبار، يمكن أن نجرى له اختيارا أكثر حساسية، وهو اختبار ال «بى سى آر»، ومن ثم أستطيع تتبع حالات الإصابة ومخالطيها قبل أن تظهر عليهم الأعراض التى تستدعى قدومهم للمستشفى، وهذا يوفر لفرق الاستقصاء الوبائى الفرصة لعمل خرائط بألوان حمراء وصفراء وخضراء، تشير إلى المناطق الأكثر خطورة والمحتملة والهادئة، وبالتالى تستطيع أن تتنبأ قبل أسبوعين بما سيحدث فى محافظة مثل سوهاج، فتأخذ قرارا بعزلها، ولكن الأسلوب الآخر فى إدارة الأزمة يسمح للمريض فى سوهاج الذى تنتظر أن يأتى للمستشفى بعد أن تظهر عليه الأعراض أن ينتقل لعمله فى محافظة أخرى وينشر الوباء.
تعديل السياسة
» وهل لازال بالإمكان تعديل السياسة؟
- تخرج الكلمات من فمة سريعة قائلا: بالطبع لازال بالإمكان، فطريقة إطفاء الحريق المتبعة حاليا، كانت ملائمة عندما كان عدد الحالات فى حدود الألف حالة، حيث كان النظام الصحى قادرا على استيعاب هذا العدد، أما الآن بعد أن تجاوزت الأربعين ألفا، لم يعد من المجدى انتظار الحالات حتى تأتيك، لأن بعض الحالات التى تشعر بالأعراض وتخشى زحام المستشفيات وتخشى الوصم المجتمعى السلبى، ربما تحجم عن الذهاب للمستشفى، وبالتالى فإن عددا كبيرا من الحالات المصابة بالفعل والتى ستنقل العدوى للآخرين لن تأتى لك، وفى المقابل لو قرر كل شخص يشعر بأعراض شبيهة بالمرض مثل الكحة وارتفاع درجة الحرارة الذهاب إلى المستشفى، فلن يستطيع النظام الصحى التعامل مع الأعداد الكبيرة التى تذهب للمستشفيات، وقد يؤدى هذا الوضع إلى إهدار الموارد وإغلاق الطريق أمام المريض الحقيقى.
إجراء عملى
» وكيف يمكن ترجمة هذه الأفكار لإجراء عملى؟
- كنت قد اقترحت عبر صفحتى على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» مقترح «الأكشاك الطبية»، والفكرة باختصار هى تجهيز عشرة آلاف كشك طبى بالتعاون بين الإنتاج الحربى ووزارة الصحة، بواقع كشك واحد لمسح كل عشرة آلاف مواطن، وتكون هذه الأكشاك مجهزة بحقيبة تتضمن «كاشف حرارة (ترمومتر جيب)، كاشف لنسبة الأوكسجين فى الدم (جهاز اوكسيميتر حجم جيب)، أشعة صدر (جهاز أشعة محمول متنقل)، وتحليل الدم السريع لفيروس كورونا عن طريق وخزة الإصبع، كالذى يستخدم فى المطارات المصرية للقادمين من الخارج (Rapid test)».
وخلال شهر تستطيع هذه الأكشاك مسح مصر كلها وتكون قادرة على توجيه العلاج لمن يستحقه ونوفر موارد المستشفيات وجهد الأطقم الطبية بها لمن يستحق فقط.. وهذه السياسة يطلق عليها «الشبكة»، فأنت مثل الصياد ترمى شباكك، لاصطياد أكبر عدد من الحالات.
» قد يرد عليك البعض ويقول كيف تضمن أن شبكتك سليمة وتصيد بنسبة نجاح 100 %؟
- ترتفع نبرة صوته قليلا وهو يقول: الأدوات الأربع مجتمعة الموجودة بحقيبة الكشك الطبى تحقق نسبة نجاح مرتفعة جدا، وتكون فرصة أن شخصا تظهر نتيجته سلبية رغم أنه إيجابى ضعيفة جدا.. فأنت مثل الصياد تلقى الشبكة، ولن تصيد كل السمك، ولكن ستصيد على الأقل 90% منه.
» أظن أن تجربة مشروع 100 مليون صحة قريبة من هذه الفكرة، فالدولة هى التى كانت تذهب لفحص الناس واكتشاف المرضى؟
- بالضبط، ويمكن الاستفادة من الخبرات التى تشكلت من خلال هذا المشروع لتنفيذ هذه الفكرة.
» وماذا عن تكلفتها؟
- الأجهزة المستخدمة فى الأكشاك بسيطة وليست مرتفعة الثمن، وكما اتفقنا فى البداية أن إدارة الأزمة بهذه الطريقة مكلفة على المدى القريب، لكنها موفرة على المدى البعيد والمتوسط، وعلى النقيض، فإن إدارتها بالطريقة الحالية ليست مكلفة على المدى القريب، ولكنها مكلفة جدا على المدى المتوسط والبعيد، وهو ما نشعر به حاليا.
» أعلم أن لك أصدقاء من الوزراء فى الحكومة المصرية، فهل طرحت عليهم هذه الفكرة؟
- طرحتها من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، ولا يهمنى أن يقال إن أشرف الفقى هو صاحبها، ولكن يهمنى تطبيقها.
» وهل لايزال الوقت مناسبا للتطبيق، رغم انتهاجنا لسياسة إطفاء الحرائق كما قلت فى البداية؟
- بالطبع كلما تم تنفيذها مبكرا، كان ذلك أفضل، ولكن لاتزال هناك فرصة للتطبيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.