عاجلًا أم آجلًا ستعود الحياة إلى طبيعتها بعد أن يفرغ العالم من حربه ضد فيروس كورونا، الذي قطف أرواح ما يقرب من مائة وخمسين ألفًا من سكان الأرض، علاوةً على إصابة أكثر من مليونين ومائتي ألف شخصٍ من مختلف بقاع الأرض. ورغم أن فيروس كورونا أدخل كثير من سكان العالم في عزلةٍ جبريةٍ، كإجراء احترازي للتغلب على انتشار الوباء، وفي محاولةٍ لانحصار تفشي الوباء الجائح، لكنها كانت محاولة بائسة نوعًا ما فلم يسهم ذلك في تقليل أعداد الإصابات بكورونا، بل على العكس تسارعت وتيرة انتشار الفيروس وزاد معدل إصاباته عالميًا. وبعد أكثر من أربعة أشهر على تفشي وباء كورونا، بدأت عددًا من الدول الأوروبية في تخفيف الحظر المفروض في أراضيها على حركة الناس، وبدأت الشوارع تعود لتعج بالأشخاص مجددًا ليدخل الجميع إلى مرحلة التأقلم الإجباري مع الفيروس. النرويج البداية مع النرويج، التي أعلنت في وقتٍ سابقٍ من شهر أبريل الجاري أنها تمكنت من السيطرة على فيروس كورونا في البلاد، مع تراجع معدلات الإصابة والوفاة بالفيروس بصورةٍ كبيرةٍ هناك. حكومة أوسلو قررت البدء في تقليص إجراءات الغلق مع حلول العشرين من شهر أبريل الجاري، على أن تكون البداية بالمدارس التي تم إغلاقها منتصف مارس الماضي، في محاولة كبح جماح انتشار فيروس كورونا. وقالت رئيسة الوزراء النرويجية إرنا سولبرج، إنه ستبدأ مدارس رياض الأطفال في إعادة فتح أبوابها، مضيفةً "وبعد أسبوع، سيعاد فتح المدارس للتلاميذ في الصفوف من الأول إلى الرابع". وأشارت رئيسة الوزراء النرويجية إلى أن الحكومة تعتقد أن أحدث الإحصائيات توفر أساسًا "للتفاؤل الحذر"، منوهةً إلى أن معدل الإصابة قد استقر. وسجلت النرويج 6 آلاف و937 حالة إصابة بفيروس كورونا، من بينها 161 حالة وفاة، بيد أن معدل الإصابات تراجع بشكلٍ كبيرٍ في البلاد، وتم تسجيل 32 حالة إصابة جديدة فقط خلال آخر 24 ساعة، مع 9 حالات وفاة جديدة. وتراجعت النرويج بشكلٍ ملحوظٍ على سلم ترتيب مؤشر الخطر بفيروس كورونا، فبعدما كانت ضمن قائمة أكثر عشرة بلدان في العالم موبوءة بفيروس كورونا لفترةٍ في شهر مارس المنصرم، صارت الآن في الترتيب الثاني والثلاثين عالميًا، مما يؤشر على أن البلاد نجحت بشكلٍ كبيرٍ في اجتياز اختبار كورونا الصعب. الدنمارك وليس بعيدًا عن النرويج في دولة اسكندنافية أخرى هي الدنمارك، فقد بدأت البلاد في تخفيف القيود المشددة، التي اتخذتها في شهر مارس الفائت ضمن إجراءاتها الصارمة لتخطي عقبة فيروس كورونا. والدنمارك من أولى الدول الأوروبية التي أغلقت حدودها في 13 مارس الماضي، كما أغلقت المدارس والمقاهي والمحلات التجارية، ومنعت التجمعات لأكثر من عشرة أشخاص في ذلك الوقت. ومع استقرار معدلات الإصابة والوفيات بفيروس كورونا، بدأت كوبنهاجن في تخفيف حدة هذه القيود، بدءًا من الخامس عشر من شهر أبريل الجاري ومع ذلك أبقت الدنمارك حدودها مغلقة، وقالت رئيسة الوزراء مته فريدريكسن إن جميع المهرجانات والتجمعات الكبيرة ستظل محظورة حتى أغسطس، وستبقى حدود الدنمارك مغلقة. وسجلت الدنمارك إلى حد الآن 7 آلاف و73 حالة إصابة بفيروس كورونا، من بينها 336 حالة وفاة، لتحتل بذلك المرتبة الثلاثين عالميًا من حيث تفشي وباء كورونا. التشيك وفي التشيك، قررت حكومة براج يوم الاثنين الماضي تخفيف القيود المفروضة في البلاد، وذلك على الرغم من استمرار تسجيل حالات الإصابة بفيروس كورونا، وإن كانت بمعدلٍ أقل في الأيام الأخيرة. وسجلت التشيك إلى حد الآن 6 آلاف و499 حالة إصابة بفيروس كورونا، من بينها 66 حالة إصابة جديدة، في حين بلغ عدد الوفيات بسبب كورونا في البلاد 173 شخصًا، لتحتل المرتبة الرابعة والثلاثين عالميًا من حيث تفشي وباء كورونا. وسارعت التشيك في 12 مارس المنصرم إلى فرض قيودٍ على السفر، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد، كما حظرت التجمعات والمناسبات غير الضرورية، وأغلقت الشركات غير الضرورية، لتبدأ هذه القيود في التراجع إلى حدٍ ما بعد نحو شهرٍ من مكافحة تفشي الوباء. النمسا وإلى النمسا، حيث قرر المستشار النمساوي سباستيان كورتس إعادة فتح بعض المحلات التجارية ومتاجر الأجهزة والحدائق، اعتبارًا من الرابع من أبريل الجاري. واعتبارًا من الأول من مايو المقبل، سيتم فتح جميع المتاجر ومراكز التسوق ومصففي الشعر. وفي منتصف مايو، سيتم إعادة فتح المطاعم والفنادق، وقال كورتس "إن هذا سيحدث في ظل ظروف أمنية صارمة بالطبع". وتعتبر النمسا أكثر البلدان الأربعة وباءً بكورونا، فهي تتواجد في المرتبة السابعة عشر عالميًا لأكثر البلدان وباءً بالفيروس التاجي، وقد سجلت إلى حد الآن 14 ألفًا و570 حالة إصابة بالفيروس، من بينها 410 حالات وفاة. وتطرح هذه الإجراءات المتبعة في عدة بلدان أوروبية لم تنتهِ بصورةٍ نهائيةٍ من محاربة وباء كورونا سؤالًا حول ما إذا كانت دول العالم قد بدأت مرحلة جديدة في التأقلم مع وجود فيروس كورونا، خاصةً في ظل عدم اكتشاف أي لقاحٍ معالجٍ للفيروس المستجد حتى الآن.