حكايات| «الذهب الأحمر» بقرش للكيلو.. أسرار من أول قرية زرعت «الفراولة البلدي»

من لونها الأحمر الناصع منحت أبناء «الدير» قُبلة واسعة لحياة، لتصبح الفراولة البلدي «وش الخير» لهذه القرية الشهيرة بمحافظة القليوبية.
«الدير» ليست مجرد قرية على خريطة مصر؛ بل من أرضها نبتت أول شتلة للفراولة البلدي، حين أحضرها المهندس الراحل حسن فج النور من الخارج، أثناء دراسته منذ أكثر من 85 عامًا.
في مثل هذه الأيام، تستقيظ الدير على لمعة الفراولة «الذهب الأحمر»؛ حيث يحل موسم الحصاد، لتصبح عيدًا قوميًا للقرية و6 عزب محيطة بها، تعتمد جميعًا على المحصول كمصدر دخل رئيسي لهم منذ 60 عامًا.
مع احتفاظها قديمًا بتربة صحراوية كان طبيعًا أن يختار «فج النور» قرية الدير موقعًا لزراعة الفراولة؛ حيث يقول ابن شقيقه الحاج فتحي فج النور: «بداية الفراولة كانت عام 1935 وكان وجودها بواسطة عمي حسن، وأول مرة تنزل مصر، وبدأت في قرية الدير».
ويضيف: «كان عمي يسافر بشكل كبير إلى أوروبا، وأحضر شتلات الفراولة من هناك وبدأ في زراعتها، وكان لها مواصفات ورائحة وطعم، غير الموجود حاليًا، فكان للإنسان أن يشم رائحتها من على بعد أكثر من 2 كيلو».
ويوصل حديثه: «كان لا يوجد سوى نوع واحد منها وهي الفراولة البلدي، التي لم تعد موجودة حاليًا، لكن الآن لم يعد الفلاحون يزرعونها لقلة المحصول الناتج عنها».
بدأ الحاج حسن فج النور مشواره كطالب في مدرسة مشتول الزراعية، ثم التحق بجامعة القاهرة وتدرج في الوظائف بها، حتى وصل إلى مراقب، وكان محبا للسفر للخارج، وإحضار نباتات وشتلات جديدة، لم تكن موجودة في مصر، فكان سعر أول كيلو فروالة تم بيعها في مصر بقرش واحد للكيلو».
حين دخلت الفراولة إلى مصر تربت الفراولة «على الغالي» فكان سعرها قرش للكيلو ثمنًا باهظًا لا يقدر عليه أي شخص، فيما كان الفدان ينتج من 2 إلى 3 أطنان.
وفي نهاية الستينات ظهرت أصناف جديدة فتم استيراد الشتلات من أمريكا وإيطاليا، فنقرضت الأصناف القديمة «البلدي»، وظهرت الأنواع الجديدة التي يتم زراعتها فينتج الفدان منها من 20 إلى 30 طنًا، ومن ثم ضاع رائحة الفاكهة الجميلة.
بكل ثقة يتحدث الحاج فتحي عن أن هناك أنواع عديدة من شتلات الفراولة منها الترتوتا والفستيفال والبيوتي وصن سيشن، وكل شتلة لها مميزاتها من حيث التصدير أو التعبئة والتجميد، وجميع تلك الأنواع بعضها يتم تصديره للخارج، ومنها ما يتم بيعه للإستهلاك المحلي.