وقفت الزوجة ابنة ال ٢٥ عامًا داخل محكمة الأسرة بزنانيري، تترقرق دموع اليأس في عينيها، يشوبها صرامة حزينة، وتصميم رهيب، فملامح وجهها وقوامها الفارع يعطيان تقديرًا أكبر لسنها، بسبب تصرفات زوجها الخراط وبحسب وصفها بأنه جعلها امرأة من زجاج. وبخطوات مثقلة يصحبها وقار، توجهت إلى مكنب تسوية المنازعات الأسرية لتروي مأساتها بكلمات تفيض أسى، وبصوت خافت قالت: «لقد تزوجت منذ ٣ سنوات تحملت فيها تصرفات زوجي الذي يعمل خراطا، وعشت على أمل بأن الأيام كفيلة أن تغيره لكن فاض بي الكيل، واسودت الدنيا أمام عيني».
تنفست الزوجة الصعداء، تتساءل بحثا عن اجابة لهذه التصرفات، حيث تعاظمت الدهشة على وجهها في يوم زفافها عندما أخذ الزوج يحدثها عن الموت والحياة وعذاب القبر بدلا من أن يزرع بداخلها الأمل ويخطط لحياة سعيدة بينهما، فما كان منها إلا أن تستمع إليه ولنصائحه.
غمرتها سعادة بالغة لشدة إيمانه وحثها على العمل للآخرة، وأن الدنيا زائلة، وبعد أن رزقت بمولودة أصبحت كل شئ في حياتها، وباتت كل ليلة تثقل رأسها التساؤلات خاصة بعد كل نزهة يصطحبها ويذهبا إلى المقابر، التي أصبحت نزهته المفضلة معللا ذلك لها كي تتعظ وتعمل لآخرتها، لم تمانع أو ترفض مرة واحدة املا في أن الأيام كفيلة بأنه سوف يتغير، ويصحبها في نزهة بعيدا عن المقابر.
وكانت الطامة الكبرى بعدما اكتشفت بخله الشديد، وادعائه بالزهد، واتخاذه تلك التصرفات كستار كي يخفي وراءه بخله الشديد، وبابتسامة يشوبها مسحة حزن تقول: لقد كان يقوم بجمع الصدقات ،المأكولات المتمثلة في بعض من حبات التمر، والكحك، والقرص، كي يدخر من مصروف المنزل معتبرا تلك المأكولات هي وجبة الغذاء، والعشاء المفضلة، والخفيفة على المعدة.
باءت كل محاولاتها معه بالفشل، وطلبت منه الطلاق، حيث أنها لم تقوى على العيش معه إلا أنه رفض خشية أن تطالبه بحقوقها، رغم طمأنتها له بأنها ستتنازل له عن كل شئ.
فما كان منها إلا أن اتخذت القرار وتقدمت برفع دعوى خلع منه كي تنجو بطفلتها من حياة التسول التي يعيشها، واحساسها بالموت وهي على قيد الحياة.
وتم إعلان الزوج بالحضور لمحكمة الأسرة لسماع أقواله.