أكد الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، وإستشاري الأطفال، وزميل كلية الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، أن الأمومة عاطفة وكيمياء ودواء، وأن علوم الأمومة البيولوجية والنفسية، مازالت لغز يحير العلماء رغم تعمق الأبحاث وتقدمها في دراسة بيولوجيتها في الإنسان والحيوان. وأضاف أن أسرارها ستظل كامنة عاجزة عن التفسير لتعقدها فهي غريزة أقوى من غريزة الحب ذاته، وعلاقة سامية تربط الأم بأبنائها، مشددا على أن تعزيز الأمومة له دور جوهري في تغذية الأجيال، والحد من الأمراض ورفع المناعة. وقال إن صوت الأم عند المصريين امتداد لصوت الوطن، وأن كيمياء الأمومة تتضمن رائحتها التي تحسن مزاج الأبناء وتشعرهم بالسعادة والطمأنينة والراحة النفسية، وتجيش عواطفهم وتدغدغ أحاسيسهم، كما تتضمن صوت الأم الذي يعد أكثر الأصوات عذوبة عند الرضيع، إذ يمده بأول شحنة من جرعات الأمومة الحانية، ويغذيه بأعذب الأصوات وأغنى الكلمات، وسماعة هام لنمو وتطور الجنين والوليد والرضيع، حيث ينشط نظام المكافأة في مخ الرضيع، ومن الممكن استخدامه لرفع المناعة وخفض التوتر وإنقاذ الأطفال المبتسرين من مخاطر كثيرة، وطبقا للأبحاث العلمية الصادرة في شهر ديسمبر الماضي، فإن صوت الأم يسهل السلوكيات الحركية المختلفة في حديثي الولادة، وينشط معدلات ضربات القلب في غضون عشر ثوان، ويهدئ معدلات التنفس، وينشط الانتباه عند حديثي الولادة والرضع. وأشار بدران في حديث خاص اليوم - لوكالة أنباء الشرق الأوسط - بمناسبة إحتفال مصر بعيد الأم، أن صوت الأم كبسولة السعادة لأبنائها إذ يقلل من كيمياء الغضب التي تعقب التوتر، وأن له دور فعال في مساعدة الأطفال على تنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية والتحليلية، لذا من الأهمية أن تمكث الأمهات لبعض الوقت مع أطفالها، وأن تشترك معهم في أنشطة هادفة بدلا من تركهم فريسة للشاشات الإليكترونية كالتليفزيون أو أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة التي ربما تحرم الأطفال من التواصل مع الأم وتضر النمو العاطفي والإجتماعي والنفسي للطفل. وأضاف بدران، أن صوت الأم مصدر للراحة والأمان والألفة العاطفية للأطفال، وهذه الألفة مطمئنة للنفس و تقلل من التوتر ، وترفع المناعة، منوها إلى أن الجنين يتعرف على صوت الأم فى أقل من ثانية ، حيث يبحث الوليد الذى يبلغ من العمر ثوان معدوة عن صوت أمه، ويستطيع سماع صوتها داخل الرحم من الأسبوع العشرين من الحمل, و يتذكره بعد الولاده، ولهذا فإنه يتعرف على صوت الأم في أقل من ثانية، ويصبح صوتها هو المفضل لديه، منوها إلى إمكانية العلاج بصوت الأم، حيث أن هناك إستخدامات حديثة لصوت الأم تفتح المجال للعلاج بصوت الأم، ومنها أن تعرض المولود المبتسر لصوت الام يزيد من التقارب بين الأم و المولود.
وتابع أن دراسات حديثة أفادت بحدوث انخفاض في المضاعفات الحرجة التى قد يتعرض لها الوليد مثل انقطاع النفس (توقفه )، أوبطء معدلات نبضات القلب، مشيرا إلى أن صوت الأم بالنسبة للمبتسرين وناقصي النمو في وحدات العناية المركزة والحضانات، يعد دواء طبيعيا غير مكلف، حيث يصبح التدخل بصوت الأم في العلاج متوافقا مع الرعاية التنموية للوليد، ويمكن تضمينه في استراتيجيات الرعاية التنموية . وقال إن أجنة الأمهات الذين يعانون من تسمم الحمل، لا يستطيعون استقبال صوت الأم بنفس الكفاءة التى يتمتع بها أجنة الحمل الطبيعي، وبسبب المعالجة السمعية غير النمطية مع صوت الأم يتعرض بالجنين لمشاكل مثل تأخر نضج النظام السمعي، وفقدان السمع الحسى العصبي، وانخفاض هرمون الغدة الدرقية، وأن مرض سكر الحمل يؤدي إلى قلة الاستجابة لصوت الأم، وتأخر نضج جهاز الجنين العصبي أو الجهاز السمعي للجنين، فقدان السمع الحسى العصبي، وانخفاض إفراز هرمون الغدة الدرقية، إلى جانب نقص الحديد. وأكد أن، هناك أدلة على تعاظم احتضان الأم للوليد، وأن التلامس الجسدي بينهما يرفع مناعة الوليد ويهدئ من روعه بعد صدمة الخروج من الرحم ومواجهته للعالم الجديد، لكن مازال العلم قاصرا عن تفسير ذلك، لافتا إلى أن حديث الأم مع رضيعها أثناء الرضاعة يحسن من قدرته في الحصول على اللبن، حيث وجد أن سماع تسجيلات صوت الأم يحسن مهارات الرضاعة عند الأطفال المبتسرين، ويقلل من فترة بقائهم في المستشفى. وتابع استشاري الأطفال، أن صوت الأم يكشف مشاعرها، حيث يستطيع الرضيع من الشهر السابع من العمر أن يميز المشاعر العاطفية للأم عن طريق تحليل نغمات صوتها، ويفهم مشاعرها ويعرف إنها في حالة سعادة أو غضب أو حزن أو دهشة، مطالبا بضرورة الرفق بالحوامل وتوفير الأجواء الهادئة الآمنة للأجنة لنشأة أجيال جديدة صحيحة جسديا ونفسيا . وأشار إلى أهمية العناق والرضاعة الطبيعية للطفل، موضحا أن هرمون الاوكسيتوجين هو هورمون العناق وهو الذي يدفع الإنسان ليحتضن من يحب، و يساعد فى ادرار اللبن من ثدى الأم المرضع ، و يجعل الجنسين أكثر رقه ووداعه معا ، و يساعد علي تنمية المشاعر الودية والحب والعطف على الآخرين ، مشيرا إلى أهمية الرضاعه الطبيعية ، فهى أسمى أنواع الحب الذى يوهب الحياه ، وأن ضربات قلب الأم موسيقى تصويرية حالمة يتمتع بها الجنين وتعد أساس الإستمرارية فى الحياة ولو توقفت لثوانى لتهددت حياته. وأكد استشارى الأطفال في ختام حديثه، أن الإهمال العاطفي للأطفال يسبب التوتر مما يزيد من حالات الربو، يسبب التوتر والكبت العاطفي الأزمات التنفسية وزيادة شدة النوبات المتكررة التي يعانى منها الأطفال المصابون بحساسية الصدر، ومن عواقب الإهمال العاطفي من الأم لطفلها التخلف العقلي، والتأخر الدراسي وسوء التغذية، والأنيميا وقصر القامة، وسقوط الشعر، وبطء النمو، والسلوكيات العدوانية، والوقوع في براثن الإدمان.