قتلت جماعة بوكو حرام 30 جنديا في النيجر الأسبوع الماضي ثم أعلنت المسؤولية عن الهجوم باسم داعش - ولاية غرب أفريقيا وكأنما تريد للعالم أن يعرف أنها ذراع للتنظيم المتشدد الذي يتخذ من سوريا قاعدة له. غير أن مسؤولين أمريكيين قالوا إنهم لا يرون دليلا على أن بوكو حرام تلقت دعما ميدانيا أو تمويلا كبيرا من داعش بعد أكثر من عام من مبايعة الجماعة للتنظيم. ويشير هذا التقييم الذي شرحه بالتفصيل عدد من المسؤولين الأمريكيين الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم إلى أن مبايعة بوكو حرام لداعش لم تكن سوى محاولة لإلصاق نفسها باسم التنظيم الشهير بغرض تعزيز وضعها على المستوى الدولي وجذب عناصر جديدة والتودد لزعماء التنظيم للحصول على دعم. وترى الولاياتالمتحدة في بوكو حرام- التي ذاع صيتها في 2014 حين اختطفت 276 تلميذة - جماعة مسلحة محلية تركز على الداخل وهي رؤية ستبعد هذه الجماعة على الأرجح عن بؤرة اهتمام الولاياتالمتحدة في معركتها ضد الدولة الإسلامية بأفريقيا. ويتركز معظم اهتمام الجيش الأمريكي بشكل على ليبيا وفيها أقوى أذرع الدولة الإسلامية خارج العراقوسوريا وتستهدفه الولاياتالمتحدة بضربات جوية في البلدين. ويقول المسؤولون إن الولاياتالمتحدة لا تدرس في الوقت الحالي التدخل المباشر ضد بوكو حرام. وقال أحد المسؤولين الأمريكيين "إذا لم تكن هناك صلة حقيقية بين الدولة الإسلامية وبوكو حرام- ونحن لم نجد هذه الصلة حتى الآن - فلن يكون هناك أي أساس لتدخل عسكري أمريكي في غرب أفريقيا بخلاف تقديم المساعدة والتدريب." وأضاف "هذه معركة الأفارقة ويمكنها مساعدتهم لكنها معركتهم." وفي تعليقات علنية قال مسؤولون أمريكيون كبار إنهم يراقبون عن كثب أي تزايد في تهديد بوكو حرام للأمريكيين وأي تأكيد لتقارير إعلامية تتحدث عن تعزيز علاقات الجماعة بداعش. وعلى الرغم من تعرضها لسلسة من الانتكاسات فإن بوكو حرام لا تزال شديدة الخطورة. وشنت الجماعة الأسبوع الماضي أكثر هجماتها دموية خلال أكثر من عام بقتلها 30 جنديا وإجبار 50 ألف شخص على النزوح حين سيطرت على بلدة بوسو في النيجر، وقال مصدران عسكريان بارزان إن تشاد أرسلت ألفين من جنودها إلى النيجر استعدادا لهجوم مضاد على الجماعة. ويقوم الجيش الأمريكي بعملياته ضد داعش في كل من العراقوسوريا بموجب قانون وافق عليه الكونجرس بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، ويمنح هذا القانون للجيش الأمريكي حق استخدام القوة ضد "المسؤولين" عن تلك الهجمات. وقال المسؤول الأمريكي إن إدارة الرئيس باراك أوباما اعتبرت أن ذلك يشمل الدولة الإسلامية بوصفها جيلا ثالثا من تنظيم القاعدة الأصلي الذي أسسه أسامة بن لادن لكنه لا يشمل بوكو حرام. ويقر المسؤولون الأمريكيون بأن معلوماتهم عن الهيكل الداخلي لبوكو حرام وقيادتها غير كافية. لكن الولاياتالمتحدة تعقبت بدقة قيادة الدولة الإسلامية ومصادر تمويلها وأنشطتها الأخرى بما في ذلك التعاون مع جماعات أخرى مثل فرعها الموجود في ليبيا والذي أرسلت له قيادة التنظيم المقاتلين والقادة وقدمت له أشكالا أخرى من الدعم. وقال العديد من المسؤولين الأمريكيين إنه لا يتوفر أي دليل على قيام قيادات داعش في العراقوسوريا بإرسال كميات كبيرة من المال والسلاح أو إيفاد ممثلين رفيعي المستوى إلى نيجيريا. ويأتي غياب مثل هذا الدليل بينما تبحث إدارة أوباما كيف يمكن لواشنطن وحلفائها تقديم أفضل دعم لنيجيريا وجاراتها. واعترض بعض أعضاء الكونجرس الأمريكي بالفعل على أن القسط الأكبر من المساعدات الأمريكية للمنطقة ركز على الشق الأمني. ويشير تقرير لخدمة الأبحاث التابعة للكونجرس صدر مؤخرا إلى زيادة الدعم الأمني الأمريكي لأربع دول أفريقية تعاني من بوكو حرام هي نيجيرياوالنيجروتشاد والكاميرون ليصل لأكثر من 400 مليون دولار منذ 2014 متجاوزا حجم المساعدات المخصصة لمجالات مثل الحكم الرشيد وحقوق الإنسان والتعليم وإعادة إعمار البنية التحتية. وكانت وكالة رويترز للأنباء قد أشارت الشهر الماضي أن إدارة أوباما في طريقها للموافقة على بيع 12 طائرة هجومية إلى نيجيريا. وعرضت الولاياتالمتحدة كذلك إرسال فريق من العمليات الخاصة لتقديم المشورة للوحدات النيجيرية وخصصت المزيد من إمكانات المخابرات والمراقبة لمساعدة القوات الأفريقية التي تحارب بوكو حرام. لكن خبراء بالحكومة الأمريكية يحذرون من أن هزيمة بوكو حرام تتطلب من نيجيريا تعزيز حفظ الأمن ورفع مستوى التعليم والتنمية في شمال شرق البلاد الذي تسكنه أغلبية مسلمة بالإضافة للتصدي للفساد. ويقول مسؤولون بالإدارة الأمريكية إن الحصول على موافقة الكونجرس على منح مساعدات عسكرية لقتال تنظيمات متطرفة خاصة إذا تضمنت عقودا عسكرية يكون عادة أسهل من طلب دعم لخطوات تتعلق بمهاجمة التطرف من جذوره. وتشير تقديرات إلى أن بوكو حرام قتلت أكثر من 15 ألف شخص منذ 2009 لكنها لم تهاجم أي مصالح أمريكية ولعبت دورا كبيرا في الشقاق بين المسيحيين والمسلمين في نيجيريا وهو أمر حدث قبل فترة طويلة من ظهور الدولة الإسلامية في العراقوسوريا. وأذكت تلك الحالة من الغموض التوتر بشأن الطريقة المثلى للتصدي لبوكو حرام بل وكيفية توصيفها. ففي العلن يندر أن يصف المسؤولون الأمريكيون الجماعة باسم "الدولة الإسلامية-ولاية غرب أفريقيا" وهو الاسم الذي اعتمدته بوكو حرام لنفسها منذ مارس 2015. وتصدر بين الحين والآخر تقارير عن تعاون بين بوكو حرام وفرع داعش في ليبيا، ففي أبريل الماضي نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن جنرال أمريكي تعليقا في أحد تقاريرها يفيد باعتراض قافلة تحمل أسلحة في تشاد يعتقد أنها كانت في الطريق من ليبيا إلى بوكو حرام فيما يمثل أحد أول الأمثلة الواضحة على التعاون. لكن أحد المسؤولين الأمريكيين عن مكافحة الإرهاب قال إن المخابرات الأمريكية لا تملك أي دليل يدعم ذلك التقرير. وقال هذا المسؤول إن المنطقة تزخر بالأسلحة ومن شبه المستحيل تحديد الطرف المرسل وماذا يرسل وإلى من. وقدر مسؤولون أمريكيون أن مقاطع الفيديو الخاصة ببوكو حرام والتي تظهر فيها شعارات الدولة الإسلامية من إنتاج عناصر من داعش خارج المنطقة. وقال أحد المسؤولين "كان واضحا لنا أن من أعدوا تلك المقاطع لم يكونوا أشخاصا يجلسون إلى أجهزة كمبيوتر محمول في نيجيريا." وقال مسؤرول بارز بالمخابرات الأمريكية إن عددا من مقاتلي بوكو حرام قد سافروا إلى ليبيا "للعمل مع عناصر الدولة الإسلامية" وإن زعيمها أبو بكر شيكاو المختفي عن الأنظار قد أقام علاقات مع فرع داعش الليبي. لكن مسؤولا أمريكيا آخر رأى أن مبايعة شيكاو لزعيم داعش أبو بكر البغدادي "كانت بالأساس عملية لتغيير الاسم" الهدف منها تعزيز وضع جماعته التي قال زعماء سابقون لها إنهم يصطفون مع تنظيم القاعدة. ويقول مسؤولون من الأممالمتحدة وخبراء إنهم يخشون أن يتسبب تكثيف الضغط العسكري الأفريقي في تحول المتشددين من حملة إقليمية تقوم على تنفيذ تفجيرات انتحارية وعمليات اغتصاب ونهب إلى مهاجمة أهداف دولية. وقال مسؤول آخر "موارد داعش ونواياها لمهاجمة أهداف غربية بالإضافة إلى قدرة بوكو حرام وقوتها في ذلك الجزء من أفريقيا يصنع مزيجا يثير الكثير من القلق." وقال السناتور كريس ميرفي عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي إنه بغض النظر عن أوجه التعاون لبوكو حرام مع داعش فإن الجماعة تنتهج نهجا عنيفا للغاية وه و ما يستوجب حصول نيجيريا وجاراتها على مساعدة من الولاياتالمتحدة لسحقها. وأضاف "أعتقد أننا أصحاب مصلحة في التصدي لتلك الجماعة بغض النظر عن صلاتها بالدولة الإسلامية."