نشرت صحيفة الوطن القطرية الصادرة، 28أغسطس، مقالا بعنوان " مصر وإيران وبحث جديد عن معنى عدم الانحياز". وكانت بداية المقال انه أخيرا وبعد أكثر من ثلاثين سنة يزور رئيس مصر جمهورية إيران الإسلامية فيشارك الدكتور محمد مرسي في القمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحياز التي تستضيفها إيران على مدى يومين. ولم يكن خافيا ترحاب طهران بهذه المشاركة على وجه التحديد. وقال البرلماني الإيراني محمد كوثري على سبيل المثال إن حضور مرسي إلى طهران يعد هزيمة كبرى لأميركا. وعلقت صحيفة "طهران تايمز" من جانبها على الزيارة بأنها مفاجأة لن تستطيع الولاياتالمتحدة وإسرائيل هضمها باعتبارها مقدمة لإعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط. وذكرت الصحيفة إنه لا شك في أهمية الزيارة التي سيقوم بها الرئيس المصري لإيران لكنها يجب أن توضع في سياقها الصحيح فلا تحمل بأكثر مما ينبغي أو يقلل من أهمية ما يمكن أن يترتب عليها من نتائج فهناك مساحة مشتركة بين مصر وإيران يمكن أن يلتقيا فيها بعد أن باعد بينهما خط التبعية الخانع الذي اتبعه الرئيس المصري السابق حسني مبارك وخط الهيمنة الإقليمية الزاعق الذي تتبعه القيادة الإيرانية، وإذا كانت السياسة المصرية الجديدة بدأت في السعي إلى التخلص من ارث تلك التبعية، فإن السياسة الإيرانية ما زالت مطالبة بأن تقنع جوارها القريب والبعيد بأن نشاطها الخارجي ليس من أجل الهيمنة والاستحواذ. وستكون قمة طهران مناسبة يمكن للقيادتين المصرية والإيرانية من خلالها أن تثبتا، وواحدة منهما تسلم رئاسة الحركة للأخرى، أنهما مستعدتان للالتزام من جديد بمعنى عدم الانحياز. وأوضحت أن مصر طيلة ثلاثة عقود كانت منحازة للمعسكر الأميركي ولم تكن تتخذ موقفاً من طهران إلا والولاياتالمتحدة في صلب تفكيرها. ولو كان نظام الحكم القديم ما زال في موقعه لما جاءت مشاركة مصر في تلك القمة على هذا المستوى الرفيع، لكن الرئيس مرسي بدأ في تصحيح وضع الميزان الذي قلبه مبارك ساعياً أن يستعيد بزيارته إلى إيران ومن قبلها إلى أثيوبيا انفتاح مصر على كافة الاتجاهات ولا يبعد كثيراً عن هذا المسعى اقتراحه في القمة الإسلامية الاستثنائية في مكةالمكرمة تشكيل لجنة رباعية تضم مصر والسعودية وتركيا وإيران لحل الأزمة السورية وعديد من المشكلات العالقة في المنطقة. وهو اقتراح يظهر حرص السياسة المصرية الجديدة على ممارسة استقلاليتها في القرار والتنسيق مع أصحاب الشأن مباشرةً بعيداً عن التدخلات الخارجية. وتسألت الصحيفة "هل إيران وهي على عتبة رئاسة حركة عدم الانحياز مستعدة للتصرف كدولة غير منحازة؟"، لكن مواقفها ما زال يشوبها كثير من الغموض. فقد اختارت في الأزمة السورية أن تنحاز بمنتهى الوضوح ضد الشعب السوري. كما أن سياساتها في العراق لا تعبر عن استعدادها لتبني موقف غير منحاز وإنما تكشف عن توجه يعمق الاستقطاب والعداء بين العراقيين. وأشارت إلى أن زيارة الرئيس مرسي إلى طهران تتيح للجانبين المصري والإيراني فرصة للتفكير من جديد في معنى وأهمية عدم الانحياز خاصةً وأن المنطقة هلكت من كثرة محاولات الاستقطاب فيها. فمن مصلحة مصر أن تفتح خطوط اتصال مع جميع القوى والأطراف دون التقيد بسياسة هذا القطب الدولي أو ذاك فقد جربت ذلك لثلاثين سنة وتبين أنه قزمها وأضر بمصالحها ومن مصلحة إيران أيضاً أن تنفتح على مصر لتكسب شريكاً إقليميا هاماً وصاعداً من جديد بشرط ألا تضللها الأحلام بأن مصر قد تنحاز إليها أو تصطف لتدعم تصوراتها الإستراتيجية في المنطقة فمصر لديها ثوابت إستراتيجية بعضها يمكن أن يتلاقى مع إيران والآخر يحتاج من إيران إلى إعادة نظر، فتحسن العلاقات المصرية الإيرانية لن يصل مثلا إلى بناء محور مصري إيراني أو يدفع القاهرة لأن تغض الطرف عن سياسة إيران في العراق أو تجاه منطقة الخليج فقد وضح أكثر من مرة على لسان مسؤولين مصريين أبرزهم الدكتور مرسي نفسه أن أمن الخليج بالنسبة لمصر خط أحمر ووضح كذلك أن موقف مصر مما يجري في سوريا لا ينسجم مع السياسة الإيرانية.