اعتبرت وسائل الإعلام العالمية أن قمة عدم الانحياز الأخيرة لم تحقق لإيران الاستفادة المرجوة منها خاصة بعد خطاب الرئيس المصري محمد مرسى الذي وضع النظام الإيراني الداعم لنظيره السوري في حرج عالمي من هذا الدعم خاصة أن الجميع لم يتوقع مثل هذا الخطاب . فمن جانبها علقت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية على زيارة مرسي لإيران وكلمته التي ألقاها أمام قمة عدم الانحياز، بأنها أصابت الإيرانيين بصدمة كبيرة حيث ظهر مرسي بالشكل والصورة التي لم يتوقعونها على الإطلاق. وكانت الصحف ووسائل الإعلام الإيرانية سارعت في الحديث عن الزيارة وأهميتها إقليميا واستراتيجيا واقتصاديا لإيران، ورسمت صورة وردية للشعب الإيراني حول نتائج الزيارة وقمة عدم الانحياز بصورة عامة، وتأثيرها الإيجابي على مستقبل إيران وانتصارها على الغرب الذي حاصرها وفرض عليها عقوبات اقتصادية. وحاول النظام الإيراني أن يثبت لشعبه ولشعوب المنطقة أنه نظام ناجح وقوى وصامد، وأنه انتصر في النهاية على الجميع وكسر العزلة المفروضة عليها، بل واستطاع استعادة علاقات إيران بدول هامة ومؤثرة في المنطقة مثل مصر. تبددت كل هذه الأحلام تماما أثناء وبعد الكلمة التي ألقاها الرئيس محمد مرسي، حيث تبدل الموقف إلى حد بعيد بعد الانتقادات القاسية التي وجهها الرئيس مرسي إلى النظام السوري أكبر حلفاء إيران وأهمها في المنطقة، ووصفه بالمستبد والقمعي وفاقد الشرعية، فضلا عن مطالبته بالتدخل العاجل لإنقاذ الشعب السوري من القتل. وكانت الصدمة الثانية لإيران أن الرئيس مرسي لم يتحدث أو حتى يلمح برغبته في تطوير العلاقات مع طهران في المستقبل وإقامة علاقات طبيعية ودبلوماسية عالية المستوى مع الجمهورية الإسلامية، وهي الخطوة التي كان ينتظرها الإيرانيون بشدة. ووصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، كلمة الرئيس محمد مرسي أمام قمة عدم الانحياز بأنها توبيخ علني وقاسي لطهران، ودورها الذي تلعبه في الأزمة السورية. وقالت الصحيفة إن كلمة الرئيس أمام أول تجمع دولي يشارك فيه، كشفت عن الخطوط العريضة للسياسة الخارجية المصرية خلال الفترة القادمة، والتي أثارت اهتمام العالم أجمع. و ذكرت أن أبرز تلك الخطوط أن مصر ستتعاون مع الجميع وستنفتح على العالم أجمع، لكنها في الوقت ذاته ستعمل على دعم الثورات في الشرق الأوسط بشكل كبير، وهو ما شكل مفاجأة كبيرة لإيران التي اعتقدت أن قمة عدم الانحياز التي أعدت لها جديدا ستكون بمثابة وسيلة لتحقيق نجاح دبلوماسي عالمي، خاصة مع حضور وفود من 120 دولة، في محاولة من جانب طهران لإثبات قدراتها على استضافة فعاليات عالمية ضخمة على الرغم من العقوبات والحصار الدولي المفروض عليها. وذكرت صحيفة "كريستيان ساينس مونتور" الأمريكية أن الرئيس محمد مرسي أعطى دفعة قوية للشعوب العربية التي لم تقم بثورات بعد من أجل الثورة، وذلك بعد أن أعلن من طهران دعمه للثورة السورية، وثناءه على التحول الكبير الذي أحدثته ثورات الربيع العربي بالمنطقة. وأشارت الصحيفة في تقرير مطول حول افتتاح مؤتمر قمة عدم الانحياز الذي استضافته إيران، أن الجميع توقع أن تكون القمة منبرا لدعم إيران في صراعها مع الغرب، وأنها لن تشهد أي هجوم أو نقد لنظم بشار السد الحليف المقرب لإيران، وأنه لو كان هناك نقد سيكون بطريقة دبلوماسية وغير مباشرة، لكن الرئيس مرسي قلب الطاولة على الجميع وخالف كل التوقعات بكلمته النارية التي استهل بها أعمال القمة، والتي هاجم فيها نظام السد بضراوة ووصفه بالقمعي. وقطع مرسي الطريق على إيران لتحقيق أية مكاسب سياسية في القمة عندما تحدث أيضا عن القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين، وطالب العالم بأن تكون قضيتهم هي الأولوية الأولى. ووضع مرسي إيران في موقف صعب وأن جميع خياراتها أصبحت صعبة للغاية في الوقت الحالي، فإما أن تواصل دعمها لنظام الأسد وستظل عندها تعاني من عزلة دولية وإقليمية كبيرة، أو أن تختار التخلي عن الأسد، والذي يمثل سقوطه ضياع حليف استراتيجي هام تعول عليه ايران في تحقيق مكاسب سياسية وعسكرية واقتصادية أيضا. ورأي راديو "صوت أمريكا" ، أن خطاب الرئيس المصري محمد مرسي أمام قمة عدم الانحياز قد زاد بشكل كبير من الضغوط والعزلة الإقليمية على نظام بشار الأسد، بعد الهجوم الضاري لمرسي عليه في طهران. وأوضح الموقع الرسمي لراديو صوت امريكا أن كلمة مرسي كانت بمثابة صدمة كبيرة لسوريا وحلفاءها في إيران، وهو ما دفع الوفد السوري بالكامل للانسحاب من قاعة المؤتمر فور سماع الانتقادات الحادة التي وجهها الرئيس المصري لبشار الأسد، ومطالبته بنقل السلطة إلى نظام جديد ينتخبه الشعب السوري. ومما زاد من تأثير خطاب مرسي إقليميا ودوليا ليست الكلمات القوية التي استخدمها في وصف نظام السد مثل "القمعي" ولكن أيضا أن هذا الخطاب كان في طهران التي تمثل الحليف الكبر والأقوى للنظام السوري في المنطقة، وأمام حوالي 118 دولة حضرت قمة عدم الانحياز. وقد حاولت كل من سوريا وإيران تدارك الموقف فيما بعد، وأكد مسئولو البلدين أن ما يحدث في سوريا ليس جزءا من الربيع العربي والثورات التي حدثت في العديد من دول المنطقة، مثلما أشار مرسي، بل الموقف مختلف تماما فهي حرب بين الجيش السوري والجماعات الإرهابية المسلحة المدعومة من الغرب. وقد تأثر العديد من المشاركين في القمة بكلمة مرسي، ومنهم رئيس الوزراء الهندي "ممنوهان سنج" والذي طالب دول عدم الانحياز بضرورة العمل من اجل المساعدة على حل الصراع الدائر في سوريا حاليا. كما أعلن مجلس الأمن أنه سينعقد لمناقشة الأزمة الإنسانية في سوريا حاليا، واتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة الموقف المتدهور وذلك بعد التحركات الروسية الصينية من أجل إيقاف ثلاث قرارات تسعى لفرض عقوبات على نظام الأسد. كما كتبت صحيفة الجارديان البريطانية، إن إيران سعيدة بأن ينظر لها على أنها ترحب بكل هؤلاء الحلفاء فى قمة حركة عدم الانحياز التي بدأت، أمس الخميس، في طهران لكن التواجد المصري هو أهم ما يلفت الأنظار أكثر من أى شيء آخر. وتابعت الصحيفة أن الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي هو أهم زائر فى هذه القمة فوصوله إلي طهران يعد عاملًا له تأثير أساسي، حيث إنه أول رئيس مصري يزور طهران منذ الثورة الإيرانية، كما أن وصوله إلى طهران يملأ الفراغ الذي تستغله إيران في لبنان والأراضي الفلسطينية والعراق، على حد قول الصحيفة. يذكر أن طهران ترمي من وراء هذا المؤتمر إلي بلورة مبادرة لحل الأزمة السورية بشكل سلمي، وتكون مصر، ممثلة برئيسها محمد مرسي، القوة الفاعلة وراء هذه الخطوة التي يرغب الإيرانيون من خلالها فى كسر حاجز الجليد مع القاهرة بعد عقود من انقطاع العلاقات بين البلدين. وتناولت صحيفة "لوتن" السويسرية في مقال لمراسلتها "دلفين مينوي" زيارة الرئيس محمد مرسى، لإيران تحت عنوان: "تطبيع غامض مع إيران" أشارت فيه إلى أن زيارة الرئيس المصرى- الرمزية- لإيران تأتى بعد نحو 30 عامًا من ثورة آيات الله الخوميني، وأنه بهذه الزيارة يفتح مرسي ثغرة في جدار الجليد الذى يفصل بلاده من إيران منذ استيلاء آيات الله على السلطة. أكدت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أن اقتراح الرئيس المصري محمد مرسي الذي طرحه مؤخرا، والذي وصفته الصحيفة ب"المبادرة الإقليمية"، بشأن إجراء حوار مع تركيا والسعودية وإيران حول سبل وقف إراقة الدماء في سوريا، ومنح موسكو وبكين وسيلة لحفظ "ماء الوجه" للتخلي عن دعمهم للرئيس السوري بشار الأسد وممارسة ضغوطهما عليه حتى يتخلى عن السلطة، سيؤتي ثماره على المدى البعيد. ومن ناحية أخرى أبدى موقع (ديبكا) الاستخباري الإسرائيلي انزعاجه من الدورة ال16 لقمة عدم الانحياز، عندما تبادل الرئيس "محمد مرسي" في نهاية كلمته العناق الطويل والقبلات مع الرئيس الإيراني "محمود أحمدي نجاد"، الذي يحظي بعداوة هائلة مع الكيان الصهيوني. وأشار الموقع الإسرائيلي إلى كلمة مرسي أمام مؤتمر القمة في طهران، وخاصة فى الجزء المتعلق بانتقاده الشديد لإسرائيل ووعده بدعم التحركات الفلسطينية من جانب واحد للحصول على اعتراف الأممالمتحدة، فقال مرسى إن للفلسطينيين الحق في تقرير المصير متهمًا إسرائيل بإخضاع الفلسطينيين المسجونين لظروف قاسية. وسلط الموقع الضوء على خطاب مرسى فيما يتعلق بالشأن السوري، حيث قال مرسي إن الرئيس السوري الطاغية "بشار الأسد" قد فقد شرعيته بالفعل، وردد طلب الزعيم الإيراني "آية الله علي خامنئي" بضرورة فتح مجلس الأمن الدولي الباب أمام استقبال أعضاء جدد، وانتقد استخدام الأعضاء الدائمين حق النقض الخاص بهم.