الآثار المصرية وما تحويه من كنوز لا مثيل لها ظلت مطمعا لكل من يراها أو يقرأ عنها البعض يتمنى أن يزورها ليتعرف عليها باعتبارها أعظم حضارة عرفها الإنسان والآخر جذبته المهارة والضخامة التي أنشئت بها وتفوقها في العمارة والفنون بصورة أعجزت أعظم البنائيين في العصر الحديث وثالث استهوته رسومها ونقوشها التي لا تزال تحتفظ بألوانها لأكثر من خمسه آلاف عاما و كأنها قد نقشت بالأمس. صنف آخر عشق الآثار المصرية بطريقه تختلف عن الآخرين عندما تصور أنها السبيل الوحيد للثراء السريع فأراد ان يستحوذ عليها بكل السبل سواء الشرعية منها أو بالسرقة والنصب. في البداية كان باستغلال القانون الذي لم يكن يحمى الآثار قديما كما يجب وبعدها تعددت السبل حتى أصبحت جرائم سرقات الآثار من أهم الجرائم التي تستحوذ على اهتمام العالم ومن أهم جرائم الآثار هي الحفر والتنقيب عن الآثار جريمة حفر يوميا. وهذه الجرائم تنتشر في ربوع مصر المحروسة شمالها وجنوبها شرقها وغربها حتى أصبح لا يكاد أن يمر يوم واحد دون أن تحدث فيه تلك الجريمة كما يقول العميد أبو الحجاج كمال مفتش مباحث السياحة والآثار بجنوب الصعيد فالإحصائيات تؤكد أن إجمالي عدد القضايا من بداية عام 2014 بلغت 265 قضية 100 منهم في محافظة الأقصر والباقي في محافظة أسوان إلا أن الإحصائيات تؤكد أيضا أن ما أسفرت عنه تلك الجرائم هي 5 اكتشافات فقط 4 منها في أسوان وواحد منها في الأقصر. وأضاف أن هذه الإحصائية تخص القضايا التي ضبطتها شرطة السياحة والثأر والتي يمكن أن تضاف لها إحصاءات الأمن العام في نفس الجرائم ولكنها ضبطت من خلال أقسام ومراكز الشرطة، ومعنى هذه الإحصائية أن الجرائم كثيرة ولا يمكن أن يمر علينا شهر إلا وتكون حصيلة الجرائم كثيرة رغم أن نتائج عمليات الحفر نادره يكفى أن من بين 265 قضية لم يعثر على آثار إلا فى 5 قضايا فقط !! الغريب في الكلام لا يزال على لسان العميد أبو الحجاج كمال مفتش مباحث السياحة والآثار بجنوب الصعيد أن بعض من هذه القضايا يقع في مناطق خالية من أي آثار مثل نجع حمادي وفرشوط ودشنا. دجل وشعوذة وقرابين الجن!! أما انتشار الخرافات بظهور عصابات لخطف الأطفال لتقديمهم ك "قربان" للبحث عن الآثار حيث تقوم تلك العصابات بذبح الطفل وتقديمه قربانا لحارس المقبرة الجنى الأسود حتى تظهر المقبرة أو الأثر فهذا جهل لا يمكن تخيله، كما يقول العميد أبو الحجاج كمال ومن غير المعقول أن نردد كلام ونعتبره حقيقه لا غبار عليها ولا ندرى من أين يأتي الجهالة بهذه المعلومات التى تثير الرعب في نفوس الأهالي والمواطنين خوفا على أبنائهم وسجلات الشرطة لم تسجل محاضر اختفاء لأطفال ولكن الحقيقة تؤكد انتشار أعمال الحفر والتنقيب فى كل محافظات مصر حتى في المواقع غير المسجلة وغير المعروفة وهي كثيرة خاصة أن الشعب المصري يعيش علي نفس المساحة التي كان يعيش عليها المصري القديم مما يؤكد أن أي مواطن يمكن أن يعثر علي تلك الكنوز خاصة في المدن القديمة التي عاصرت العهود الفرعونية والقبطية و الإسلامية ومنها أخميم والمنشأة وأبيدوس بسوهاج والقرنة واسنا وأرمنت والكرنك بالأقصر وادفو وكوم أمبو والنوبة بأسوان وغيرها من البلاد. الجديد بالذكر أن عمليات التنقيب عن الآثار، غالبا ما تعتمد على دجال يطلق عليه الراغبين فى الثراء السريع شيخ حيث يأتي إليهم بائعا الوهم محملا بكتب السحر الأسود ذات الطلاسم المعقدة و التعاويذ تصبح له الكلمة العليا فيحدد لهم المنطقة يخبرهم ان الكنوز على بعد أمتار فيتم الحفر، وغالبا لا تظهر الكنوز فتطفوا المياه الجوفية فيستعين الراغبون بماكينات سحب المياه و يتم السحب فيعاود الذكر والتعاويذ يتم الحفر مرة ثانية تتبعها مرات وفى النهاية لا يجدون الا الشرطة أمامهم يتم القبض عليهم و غالبا ما يتم إخلاء سبيلهم. عته وسفه إعلامي !! وأضاف أن الدجل لا يتوقف على الدجالين فقط بل يمتد إلى وسائل الإعلام التي تساهم في انتشار تلك الخزعبلات بنشرها بعض الأكاذيب حتى صارت هذه الأكاذيب و كأنها حقائق فهل يعقل ان يتدعى أحد أن هناك جنى أو عبد اسود يطلب الدم حيث يقوم الراغبون فى خطف طفل صغير و ذبحه و تقديمه قربانا للجني الأسود حتى يفتح له المقبرة و هناك من يتداعى أن الجني يطلب فتاة و يشترط ان تكون بكرا و ثالث يتداعى أن مقابر البر الشرقي الجني فيها ديك أو دجاجة أو حتى هدهد و انه يخرج ليطوف بالمكان ليلا و من يشاهده عليه بقتله والإمساك له فتفتح له خزائن الأرض ومن الوهم ما قتل تلك الخرافات وذلك الوهم سمعنا عنهما منذ ما يزيد عن 50 عاما و لم نر يوما مقبرة تفتح بالديك أو بالرصد أو بالجن ولكن الغريب أننا نرى نقرأ هذه الأيام في وسائل الإعلام مثل هذه الخرافات التي لا تفعل شيء إلا إثارة الرعب الذعر بين الأهالي بتناقلهم السفه الذي تنشره الصحافة الصفراء. وهو ما اعتبره العميد أبو الحجاج كمال مفتش مباحث السياحة والآثار بجنوب الصعيد بأنه يمثل قمة الاستفزاز ومقززة حتى أن هذه الإشاعات تثير البلبلة و الخوف في نفوس الاهالى و تقود المجتمع إلى هوة سحيقة لا يعلم مداها إلا الله. الغريب أن هناك من يصدق هذه الخزعبلات بالرغم من انه لم تظهر حالات اختفاء ولا قتل ولا سحق ولا دماء ولا حتى أمنا الغولة والأغرب ان أعمال الحفر للتنقيب عن الآثار أصبحت تتم فى أماكن ليس بها أي اثر مثل مراكز دشنا و نجع حمادي و مركز قنا ، ومع ذلك هناك من يقوم بالحفر و النزول إلى القاع و بمجرد ان يجد حجرا بتصور انه وجد أثار وكنوز فرعونية بالرغم من ان هذه المناطق السكنية كانت مأهولة بالسكان قبل ذلك وساعد فيضان النيل قبل السد فى تكوين كتل رسوبية من الطين فوق المنازل التي هجرها أهلها بارتفاع المناسيب التي وصلت الى 4 ادوار تقريبا بدا ان الأحجار التى تم بناء المنازل القديمة عليها وهى عبارة عن كتل حجرية او جدار فيعتقد اصحاب الهوى انها اثار سألت اللواء حسنى حسين مساعد مدير شرطة السياحة والآثار لمنطقة جنوب الصعيد عن كيفية التصدي لمافيا التنقيب عن الآثار فأجابني بقوله أن الإدارة لا تكل ولا تمل ابدا من مطاردة هؤلاء الخارجون عن القانون وأن تعليمات اللواء أحمد مصطفى شاهين مساعد وزير الداخلية مدير شرطة السياحة والآثار بإعداد حملات مكبرة بين الحين والحين من اجل الحفاظ على الآثار ومنع عمليات التنقيب التى باتت تحدث فى كل مكان فى ربوع مصر المحروسة و فى اى وقت. كما تتحرك أجهزة البحث بإشراف اللواء علاء السباعي مدير الإدارة العامة لمباحث شرطة السياحة بالآثار لفحص تحقيق أي معلومة ترد إلى أقسام شرطة النقل والمواصلات بمجرد وصولها ليس في الحفر والتنقيب فقط و لكن في كل حوادث وقضايا الآثار بشتى صورها والتي تعد قضايا الحفر والتنقيب إحداها. واستطرد اللواء حسنى حسين بقوله الغريب ان كل فئات المجتمع تستهويهم قضية الحفر و لتنقيب عن الاثار و كثيرا ما القينا القبض على فئات لم يتخيل أحد انه يقبلون أو يفكرون فى ارتكاب هذه الجريمة و الاغرب انهم يمثلون كل فئات المجتمع ولكنم يتفقن فى أنهم من أصحاب النفوس الضعيفه أو الراغبون فى الثراء السريع سواء كانوا اطباء او مهندسون أو صيادلة. وتابع: هناك رجال قانون جالس وواقف ورجال ضبط ورجال دفاع حتى المدرسين الى ان تصل الى فئة من العمال والموظفين، وكلهم تسول له نفسه تجريف تاريخ و حضارة وطنه بعد أن يحلم بالثراء السريع ولعل السبب الوحيد الذى يساعد على زيادة هذه الجرائم هو قلة الردع فالقانون مطاط فى مثل هذه الجرائم و يجب تغليظ العقوبة حتى نحافظ على اثار مصر وكنوزها وصدق الشاعر القديم الذى قال " من صان تاريخ قومه فقد صان عرضه"