كان يوم ال 17 من أبريل 1963 يوما تاريخيا في حياة الأمة العربية ، فهو اليوم الذي تحققت فيه الوحدة بين مصر وسورياوالعراق ، والتي وصفت بالقوة الثالثة في العالم التي سيزداد نفوذها ويكون لها ثقل على مسرح السياسة العالمية . خرجت الجماهير في بغداد ودمشق ومصر تعبر عن فرحتها بمولد الدولة الكبرى وتعالت هتافاتهم بحياة الوحدة العربية والحرية والاشتراكية . وتباينت ردود الأفعال العالمية على الوحدة ففي واشنطن خصصت الصحف الأمريكية جانبا كبيرا من صفحاتها للتحدث عن الدولة الاتحادية الجديدة ، معتبرين أن هذه الدولة ستغير من ميزان القوى في الشرق الأوسط وقد تغير الموقف السياسي كله في هذه المنطقة الحساسة في العالم . ونشرت الصحف البريطانية صفحات كاملة عن أثر الوحدة العربية على المسرح السياسي الدولي والتي وصفتها بالقوة الثالثة في العالم التي يجب أن يحسب لها حساب على مسرح السياسة العالمية ، واهتمت بريطانيا بنبأ الوحدة أكثر من أي دولة أخرى لما له من تأثير على مصالحها في المنطقة ، فهي لم تكن ترغب في قيام أي وحدة في الدول العربية ولكنها وجدت نفسها عاجزة عن القيام بأي عمل قد يؤثر على هذه الوحدة . وجاء خبر الوحدة بمثابة الصدمة للكيان الصهيوني ، فأصيب المؤيدون لإسرائيل بجرح شديد بعد قيام الجمهورية الجديدة بعد أن هللوا بعد انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة في سنة 1961 . ووصف دبلوماسيون اختيار القاهرة عاصمة للدولة الجديدة ، واختيار علم الجمهورية العربية المتحدة لتمثيل الاتحاد الجديد نصرا شخصيا للرئيس جمال عبدالناصر الذي صمم على الاحتفاظ بالاسم والعلم بعد انفصال سوريا . واعتمدت وثيقة الاتحاد الجديدة على مبدأ الاحتياط الشديد ، وفي الوقت التي اقتصرت فيه الوحدة الأولى على سوريا ومصر جاءت وثيقة الوحدة الثانية لتجعل دخول أقطار عربية جديدة إلى الوحدة أمرا ممكنا ومنتظرا ، كما استعدت بمواجهة الخطر الداخلي الذي كان سببا في انتكاسة الوحدة في العراقوسوريا .